شبكة ذي قار
عـاجـل










الحزبان الامريكانيان الديمقراطي والجمهوري المتنافسان دوماً على السلطة في الولايات المتحدة لايختلفان في الاهداف التي تتمثل في هيمنة امريكا وسيطرتها على القرار العالمي ، ونهب ثروات الشعوب ، ولكنهما يختلفان في الاسلوب ، حيث أن الحزب الديمقراطي بما فيه من الاقليات تعمل على دعمه من خلال هذه الاقليات التي تجد فيه منفذاً لتطلعاتها ، في الوقت الذي يمثل الحزب الجمهوري مراكز المال والسلطة واللوبيات ، كاللوبي الصهيوني ، ولوبي النفط ، ولوبي السلاح ...الخ .

الحزب الديمقراطي يرى أن من مصلحة امريكا في الهيمنة على العالم من خلال الاسلوب الحريري عن طريق هيئة الأمم المتحدة وقرارات مجلس الامن ، لاخضاع الدول المارقة في نظر الادارة الامريكية ، وهي الدول التي ترفض الإنصياع للهيمنة الامريكية، وتشكل خطراً على المصالح الامريكية في مناطق تواجدها ، والجمهوريون يرون أن الاسلوب الحديدي هو الذي تستطيع امريكا اخضاع هذه الدول لسياساتها حد شن الحرب عليها بشتى الوسائل والطرق ، ضاربة بعرض الحائط لكل القرارات الدولية ، ورافضة أن تنصاع لما يصدر عن المنظمة الدولية من عدم التدخل في شؤون الآخرين ، وهو ما حصل في كل الحروب التي شنتها امريكا على دول العالم.

لهذا نجد في سياسة الحزب الجمهوري سياسة عدوانية ، من خلال اسلوب القتل والتدمير لكل ما يعترض تحقيق الاهداف الامريكية ، وهو اسلوب لا اخلاقي ويتعارض كلية مع ما تدعيه امريكا من أنها دولة الحرية والديمقراطية ، حيث أن الديمقراطية لا تتجزأ فما تريده لنفسك يجب أن تريده للآخر ، ففي ادارة يوش الابن شن غزو واحتلال افغانستان والعراق ، وما آلت إليه الامور في العراق وصمة عار في جبين امريكا ، وخزي وعار لكل دعاة الحرية والديمقراطية في عموم الدول الغربية التي ساندت هذا الغزو والاحتلال .

الحزبان لا يختلفان في دعم الكيان الصهيوني ، فبالنسبة لكليهما فإن "اسرائيل " بمثابة الشرطي المتقدم الذي يخدم المصالح الامريكية ، وإن كانت نزعة دعم الحزب الجمهوري مغلفة في الهوس الديني الذي يعتنقه المسيحيون الصهاينة ، فهؤلاء يعتنقون الصهيونية ، وهم يقدمون المصالح الصهيونية في أحيان كثيرة على المصالح الامريكية ، وهذا لب الخطورة التي يحملها أعضاء وقيادات هذا الحزب ، على الرغم أن الديمقراطيين لا يقلون نسبة في دعم " اسرائيل" ، ولكن من خلال خدمة مصالح امريكا وبشكل خاص في الشرق الاوسط .

إذن لا يختلف من سيحل في البيت الأبيض سواء أكان من هذا الحزب أو ذاك في التطلع لاهداف الولايات المتحدة ، ولكن دموية الجمهوريين أكثر خطورة على هذا العالم ، وقد اثارت تصريحات ترامب المرشح الجمهوري اثناء مرحلة السباق إلى البيت الابيض مخاوف العديد من الناس ، سواء في داخل امريكا ونظرته للمهاجرين والنساء والسود ، أو نظرته للتعامل مع المشاكل ودول العالم ، ومنها على وجه الخصوص منطقتنا العربية ، ورغم كل هذه الجعجعة الاعلامية التي كان يثيرها فلا يظنن أحداً أن الرئيس الامريكي هو صانع السياسات في الولايات المتحدة الامريكية، فهو محكوم بسلطة الكونقرس وهذا له باع طويل حتى في تحجيم دور الرئيس ، وهناك اللوبيات التي تشكل دوراً كبيراً في التأثير على صناعة القرار، حتى المخابرات الامريكية تلعب دوراً كبيراً في عملية مجريات اتخاذ القرار .

ترامب سيختلف في البيت الابيض عما هو في مراثون السباق الإنتخابي ، وهو إن لم يكن مدعوماً بأغلبية جمهورية فلن يتمكن من إتخاذ أي قرار مصيري ، وخاصة في السياسة الخارجية، لذا فلا يتطير أو يتشفى أحد مسبقاً ، خاصة من هؤلاء الذين لا يفهمون السياسة أبعد من أرنبة أنوفهم ، ولكن على دولنا العربية تحديداً أن لا تركن لما ستصنعه السياسة الامريكية فيما يتعلق بالوطن العربي ، وعلى أطراف النظام العربي الرسمي أن تلجأ إلى شعوبها ، ففي أشد المخاطر لن تجد من تستند إليه إلا الشارع الجماهيري ، وهو ما يعني الإنفتاح على الشعب ، وتقديم المزيد من الحرية والعدالة، فقد صمدت كوبا أكثرمن خمسين عاماً ، ولم تتمكن امريكا من المساس بها، ورغم ما سيقوله البعض فالروس وراءهم ، ولكنه النظام الذي التصق بالجماهير وجد من يحميه ، بعكس من لا يقدم لشعبه أي نوع من الحرية ولا العدالة ، فالدول العربية تحتاج لمزيد من الإنفتاح على شعوبها حتى لا تتمكن امريكا من الإنفراد بها ، والعمل على تدميرها ونهب ثرواتها . سيصدم ترامب والبيت الابيض في العديد من مراكز القوى المحلية أوالاقليمية، وسيواجه مقاومة شعبية كما واجهت امريكا من المقاومة العراقية في العراق ، وولت هاربة ، فلا يظنن أحداً أن الشعوب باتت في قبضة يد حكام البيت الابيض ، فقد ولت نزعة الخنوع والاستسلام، والادارة الامريكية ليست قدراً محتوماً ، لا بل يمكن تحجيمها والوقوف في طريق تعطيل اهدافها .

dr_fraijat45@yahoo.com





السبت ١٢ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة