شبكة ذي قار
عـاجـل










يحاول البعض أن يوهمنا كما هو واهم أن الصراع على الارض السورية هو صراع تحرر وطني بين مشروعين ، مشروع وطني يقوده النظام وتحالفه مع الروس والفرس ، ومشروع امبريالي تقوده امريكا وحلفائها ، بعيداً عن أن طرفي الصراع يتناغمان مع الاهداف الصهيونية ، فالروس بقيادة نتنياهو ينسقون بوضوح مع نتنياهو، والفرس يلعبون لعبة زواج المتعة مع الكيان الصهيوني ومع الامريكان ، فكلا المشروعين لا علاقة لهما بمفهوم التحرر الوطني .

التحرر الوطني خلاص الوطن من النفوذ الاجنبي ، فلو أن اي من الطرفين إنتصر على الآخر فهل يتحقق التحرر الوطني ، ولنفترض أن النظام هو المنتصر في معركة القتل وتدمير سوريا ، فهل أن إنتصاره تحرر وطني في ظل القواعد الروسية التي تتحالف مع " اسرائيل " ، أو في ظل النفوذ الفارسي الذي يعتبر حربه في سوريا لتوسيع نفوذه والهيمنة على المنطقة ، وهو من يعلن ذلك بكل وضوح .

لاندري كيف يتحول نظام الدبابة الامريكية في المنطقة الخضراء إلى نظام ممانعة؟ ، وكيف يتحول نظام ملالي الفرس إلى ممانعة ومقاومة ، وهو من يعلن أنه يحتل اربع عواصم عربية ، ومن بينها دمشق التي يدافع عنها في المشروع التحرري للنظام ، ولا ندري كيف ينسق الروس والامريكان لتجنب الصدام فيما بينهما على الارض السورية ، بمعنى أن كل واحد منهما يحترم خيارات الطرف الآخر .

الصراع على الارض السورية ليس من قريب أو بعيد له علاقة بالتحرر الوطني، فالنظام يريد أن يستمر في السلطة على جماجم من بقي من السوريين بعد هجرة نصف سكان سوريا ، وقتل نصف مليون مواطن ، ودمار البنية التحتية كاملة على امتداد الارض السورية ، وارتهان سوريا للنفوذ الروسي والفارسي .

من يحب سوريا ويتباكى عليها عليه أن لا يتخندق في خندق أي طرف يحمل السلاح يقتل به المواطن ، ويشرد الإنسان السوري الذي بنى سوريا، ويعمل على طمس التاريخ العروبي لسوريا من خلال تمزيقها ، وتحويلها إلى قطع نفوذ للروس واالفرس والامريكان ، ناهيك عما تحتله " اسرائيل" وتركيا .

يتحدث من يتخندق في خندق النضال الوطني المتلون حسب الحاجة أن الامبريالية سقطت على اسوار دمشق ، فهل الرفيق بوتن أقل امبريالية من امريكا ؟ ، وإذا كان كذلك فهل تحالفه مع نتنياهو يصب في خانة النضال الاممي لصالح سوريا ، وهل ملالي الفرس المجوس الذين يتبجحون باحتلال العواصم العربية هم محررون وحلفاء تحرر وطني ؟ ، فاقرأوا جيداً يا سادة حجم العلاقة التجارية بين الملالي والكيان الصهيوني من خلال حاخامات اليهود الايرانيين الذين يتمتعون بنفوذ واسع في طهران ، فهل غابت البوصلة ، أم أن التومان الفارسي أعمى البصر والبصيرة .

سوريا خيار تحررها الوطني بعيداً عن جميع القتلة الذين يحملون السلاح سواء من طرف النظام وحلفائه ، أو من طرف امريكا وحلفائها ، فالخيار هو المواطن السوري أن يختار الشعب السوري قياداته ، بعيداً عن أن يتقاتل الطرفان لصالح هذا أو ذاك ، فلا الروس والفرس يشكلان حالة وطنية ، ولا الامريكان وحلفائهما يشكلان الحالة الوطنية ، من يشكل الحالة الوطنية هو الشعب دون الارتماء في حضن كل الطامعين الذين يستهدفون سوريا لتحقيق النفوذ الذي يلهثون وراءه .

حالة الصراع على الارض السورية لا يقف في مواجهتها إلا الشعب السوري ، لا للقتل والاجرام ، ولا للتهجير والتدمير ، ونعم لوحدة الاراضي السورية ، والف نعم للخيار السلمي الديمقراطي ، بعيداً عن كل الايادي التي اصطبغت بدماء المواطنين الابرياء ، هؤلاء المواطنين الذين قتلوا لا ذنب لهم ، اللهم إلا لشفاء غليل كل الحاقدين على سوريا ومسيرتها وتاريخها العروبي القومي .

الكل يتآمر على سوريا ، وحدهم الذين يطرحون خيار الشعب السوري صاحب الحق الذي يقرر حكامه ، من لم يستخدم سلاحه للاجهاز على المواطن السوري أينما كان على الارض السورية ، وهو من يتخندق في خندق سوريا ، أما مناضلو الصالونات السياسية والخطب الرنانة ، فهؤلاء يقبضون ثمن مواقفهم في المهرجانات الخطابية، وقد بدلوا مواقفهم عدة مرات ، حسبما تقتضي حاجة الارتزاق ، ولأن مادة الارتزاق متوفرة لمن يطلبها ، خاصة ومخابرات الملالي يطوفون الارض العربية ولا يجدون صعوبة في لقاء زبائنهم ، فقد باتت الارض العربية وللاسف مشبعة بتجار المواقف ، الذين يبدلون مواقفهم حسب المصالح والاهواء والميول الشخصية ، بعيدة كل البعد عن الموقف الوطني أو القومي أو الديني وحتى الإنساني .

dr_fraijat45@yahoo.com





الخميس ١٧ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة