شبكة ذي قار
عـاجـل










في الأول من كانون أول / ديسمبر 2016 عقد المؤتمر الثالث على التوالي الذي يعقده حزب حميد مجيد موسى في ظل خيمة العملية السياسية ومشاركتها، وتحت ظلال الاحتلال الأمريكي والهيمنة الصفوية بعنوان " المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي" .

ولعل من أهم مظاهره المسجلة مع انتهاء يومه الثالث هو خروج حميد مجيد موسى، الأمين العام للحزب بمكاسبه وتقاعده، مسجلاً منته على " جماعته" وعلى من استخلفه الأمين العام الجديد السيد رائد فهمي، وسجل المؤتمر وصول أول امرأة إلى عضوية المكتب السياسي للحزب في تاريخه الطويل، ورفعت عضوية اللجنة المركزية بنسبة متواضعة بعدد من الشباب والنساء. صاحبت ذلك حفلة استعراضية وإعلامية أقامتها بنات بعض الرفاق القادمات برفقة آبائهن من مندوبي المؤتمر من الخارج والبلدان البعيدة وهم من مزدوجي الجنسية لتقديم عرض بمسيرة استعراضية بالدراجات الهوائية حيث شوهدت عدد من الفتيات وهن ينطلقن بحماية الشرطة من جوار تمثال أبي نؤاس ليمررن راكبات دراجاتهن الجدد عبر شارع أبي نؤاس والسعدون، حيث وصف المشهد عبر الإعلام بتعليقات ما بين الرضا والسخرية، وقال عنه بعض " التقدميين" و" أنصار حقوق المرأة" انه يعبر عن حالة تحدي للفتاة العراقية وجرأتها بركوب الدراجة ببغداد، وكأنها المرة الأولى التي يشاهد العراقيون مظهر النساء راكبات البيسكل" الدراجة الهوائية".

ان رمزية حفل لافتتاح أيضا تشير إلى آفاق هذا المؤتمر ونتائجه ومستوى التحضير والإعداد له، عندما يتوالى على تنشيطه كل من مفيد الجزائري، الوزير الأسبق للثقافة في عهد حكومة الاحتلال الثالثة، والإعلامي عماد الخفاجي أحد صحافيي قناة الحرة الأمريكية ببغداد، وما عدا ذلك من الحضور ، لا يستحق التنويه والذكر التفصيلي عنه، طالما ان الحاضر الوحيد من أعيان السلطات الثلاث، وعرابوا العملية السياسية هو سليم الجبوري ، الذي يعتبر أفسد رئيس برلمان في تاريخ العراق، وهو من قيادات الحزب الإسلامي، والشريك الأول لحزب الدعوة ألظلامي، وأحد أدوات هادي العامري وعصابات بدر في تنفيذ الجرائم والمجازر في محافظة ديالى ومحيطها عبر سنوات العشرية الدموية الأخيرة.

لم يقول الحزب وضيوفه في الكلمات والنشرات المحدودة عن المؤتمر العاشر شيئا جديدا سوى تكرار ذات الاسطوانة المستهلكة حول إصلاح العملية السياسية ومكافحة الإرهاب وتصحيح الأخطاء والأمل في تقويم العملية السياسية مجدداً ، بعد كل هذا الانحراف الكبير؛ وأكثر المتفائلين من تحدث عن "السعي إلى بناء دولة المؤسسات والمواطنة" بعد خراب العراق ، في الوقت الذي كان الفاسدون والطائفيون وحراس المليشيات وحماياتهم سواء من " الشيوعيين" أو بقية ضيوفهم ممن يملئون قاعة افتتاح المؤتمر العاشر، وهم ينشدون نشيدا أمميا جديدا بطبعته الأمريكية في التحرير صارخين : " هبوا ضحايا الاضطهاد" .

اكتفى د. فؤاد معصوم كرئيس نائم للجمهورية ، وممثلي حزبه الاتحاد الوطني الكردستاني من ذباحي الشيوعيين في مجزرة " بشت أشان" بإرسال مستشاره الأقدم د. عبد اللطيف رشيد ، بإلقاء الوصايا العشر ، ومشيدا بدور رفيقه في العملية السياسية حميد مجيد موسى داعيا إلى " إعادة بناء مؤسسات الدولة، وفق مبدأ المواطنة بعيدا، عن عقلية المحاصصة الضيقة، وكأنه يذكر حميد مجيد موسى نفسه، انه كان بيضة ألقبان لتكريس ما سمي بالأغلبية الشيعية حينما قبل دخول مجلس الحكم، باعتباره الرقم الثالث عشر ، محسوبا على الشيعة وجلوسه الصاغر في مجلس بول بريمر ؟؟.

أما حيدر ألعبادي فاكتفى بإرسال مستشاره د. وليد الحلي، ليلقي كلمة بالنيابة عنه لم نسمع من مضمونها حتى جملة واحدة مفيدة، كما ورد ذلك في نشرات المؤتمر ، وكأنه لم يقل شيئا. ويقيننا : إنها ذات الكلمات المكررة التي ألقاها د. سليم الجبوري ود. عبد اللطيف رشيد بعدها وكما ورد في تلك النشرات : وجاء في الأخبار أيضا انه : ( استمع الحضور بعدها إلى كلمة أخرى ألقاها رجل الدين الشيخ بشير اللامي ) ، ولم يعرف، لا الحضور داخل القاعة ولا خارجها ما هي وظيفة ومهمة وموقع رجل الدين هذا وتمايزه عن آلاف العمائم الأخرى بإلقاء كلمة في محفل لحزب شيوعي لازالت الحوزات الاحتلالية ترى فيه شرا وإلحادا وكفرا منذ الفتوى السوداء التي أصدرها السيد محسن الحكيم ، جد رئيس التحالف الوطني الحاكم، عمار الحكيم، ومفادها : ( الشيوعية كفر والحاد ) ، وبرر على ضوئها ذبح وقتل ومطاردة الشيوعيين آنذاك والى اليوم.

والجدير بالذكر أن حفل افتتاح المؤتمر حظي باهتمام إعلامي محدود ، شاركت به قنوات الحكومة : كالعراقية، وقناة الحزب الخاصة " المدى" ، وبجوارها الرشيد وnrt العربية. وفي اليومين التاليين لم ينقل الإعلام ما كان يجري في كواليس المؤتمر ونقاشاته، وما أفاض به المندوبون من آراء وملاحظات، وكأن المؤتمر جاء ليقدم الشكر والعرفان لحميد مجيد موسى بعد ان سلم " المقاولة" الحزبية منذ استلامها من عزيز محمد، لشريك آخر من أتباعه من دون محاسبة عن جرمه الكبير للحزب وللوطن، وخيانته للمبادئ التي رفعها الحزب عبر سنوات طويلة من انه " حزب ثوري عمالي ، يقاتل الاستعمار والرجعية والاستبداد ويدافع عن حقوق العمال والفلاحين والمواطنة ... الخ. " ، في حين ان حميد مجيد موسى ورهطه سار بالضد تماما من جميع تلك الشعارات وأصبح جزءا هاما من ديكور مجلس حكم بول بريمر، وانخرط في صفوف المحاصصة الطائفية والسياسية المشبوهة، وجر البلاد مع شركائه إلى كل هذا الخراب الشامل.

لو كان هناك صوت واحد لشيوعي حقيقي وثوري من مندوبي المؤتمر لسمعنا صرخته عبر الإعلام على الأقل مطالباً بمحاكمة حميد مجيد موسى ومكتبه السياسي كله؟ . وهذا لم يتم مما يجعلنا لا ننتظر خيرا بسلفه، وبمن اختارته أجهزة حميد مجيد موسى ووكلته على قيادة الحزب، وبما افرزه المؤتمر العاشر من قرارات باهتة .

ان قراءة مسبقة للصفحة الرسمية للسيد رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية الجديد للحزب تعترف ضمنيا ان الوثائق المقدمة للمؤتمر حجبها الإعلام الحزبي ومنعها من النشر في الإعلام الالكتروني ، لذا لم تحظ تلك الوثائق بمناقشات ذات عمق ، ولم نقرأ قبل وبعد المؤتمر ( مقالات سياسية تتناول الواقع السياسي اليومي في البلد، وهذا يحسب كنقطة ضعف في أداء الإعلام الحزبي الذي علينا شحنه بالقوة الكافية ليكون أكثر جرأة وشعبنا ووطننا يواجهان مؤامرة كبيرة لتمزيقهما ) ، هكذا كتب رائد فهمي في صفحته الخاصة قبل المؤتمر العاشر لحزبه.

و يعترف رائد فهمي أيضا ان هناك أخطاء فادحة ارتكبت ، بإشارته حول وثائق المؤتمر : ( ... لقد طرح الحزب، كما المؤتمرات السابقة، وثائق المؤتمر العاشر للنقاش العلني لإغنائها وتشذيبها، وهذا يعني أن هناك آراء ستكون مع ، وأخرى ضد بعض النقاط والفقرات التي جاءت بالوثائق، وهذه حالة صحية جدا وجديدة في الحياة السياسية العراقية. لكن أن يقوم الإعلام الحزبي بنشر الأفكار والآراء التي تتوافق وسياسة الحزب فقط مهملا تلك التي تتقاطع وبعض سياساته هي الحالة غير الصحية والمرضية بالأحرى. ) .

نكتفي بهذا القدر حول طبخة المؤتمر المعدة مسبقا، والقاضية بعدم الخروج على ما قرره حميد مجيد موسى وما كتب بما سمي بوثائق المؤتمر العاشر ، وتم كتم أنفاس " الديمقراطية " بالإفراط بفرض المركزية المطلقة داخل مؤتمر الحزب ومرحلة اختيار وانتخاب المندوبين للمؤتمر؛ كي يخرج المؤتمر وفق مقاسات ورغبة حميد مجيد موسى ، من دون محاسبة أو نقد أو إدانة، فكان له ما أراد ؟؟، وبهذا سقط المؤتمر العاشر عن أداء مهمة تاريخية كان عليه التوقف عندها بمراجعة تاريخية جريئة للمسار الخاطئ للحزب، وتصحيح المسار الذي ذهبت به مجموعة حميد مجيد موسى نحو مستنقع الخيانة الوطنية.

ان رفاق الحزب ، سواء من ظلوا يدورون منذ سنوات تائهين برواقه كأعضاء يسددون اشتراكاتهم من دون نضال وصراع حقيقي ، أو الذين خرجوا منه، وهم ممتلئون بالغيظ والحسرة لما جرى لهذا الحزب وتشويه تاريخه النضالي، ومعهم تشاركهم الرؤى كثير من القوى الوطنية العراقية، وخاصة مجموعات اليسار، في السؤال :

( إن كان العراق بحاجة إلى الحزب الشيوعي العراقي في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعقّدة اليوم؟ ) .

هذا السؤال المركزي الهام لم يطرح في قاعة المؤتمر، ولم يحاول أي من المندوبين طرحه أو الإجابة عليه؟؟ رغم انه احتل مقابلة صحفية كاملة مع رائد فهمي ، سبقت المؤتمر بأيام مع المرشح الوحيد المستخلف لحميد مجيد موسى .

يعترف السكرتير العام الجديد للحزب رائد فهمي، بأهمية هذا السؤال ، ويرد بإجابة عرضية عليه في صفحته للتواصل الاجتماعي، قبل المؤتمر، ولكنه يبدو أنه لم يتجرأ بيطرحه داخل قاعة المؤتمر العاشر؟؟ :

( ... ، سؤال نطرحه أمام المؤتمرين الذين انتخبتهم منظماتهم الحزبية، داخل وخارج الوطن، أولئك الذين يحملون معهم ثقة رفاقهم الذين انتخبوهم ، محمّلين بمسؤولية تاريخية لتغيير نهج الحزب وسياسته التي أبعدته عن التأثير بالقرار السياسي لينزوي بعيدا عن مسرح الأحداث بالساحة السياسية التي أصبح فيها متفرجا لا غير!!. والسؤال أيها الرفاق وفي ظل الظروف الراهنة بكل ما فيها من تعقيد وخطورة على مستقبل بلدنا وشعبنا، ولتعزيز دور الشيوعيين العراقيين في الحياة السياسية هو " أي حزب شيوعي نريد؟". ويضيف :

( يتحمل السكرتير العام للحزب بحكم موقعه وبصفته المسئول الأول عن الحزب وسياسته يليه وفق التراتبية الحزبية أعضاء قيادة الحزب الآخرين، المسؤولية التاريخية والأخلاقية عن أي نجاح أو أخفاق للحزب في فترة ما بين مؤتمرين ... فمن المسئول عن الهزائم المتتالية للحزب والتراجع الواضح والكبير في الخط البياني له على الساحة السياسية؟ ومن هي الجهة التي عليها إعادة الحزب للسكة الصحيحة ليتنفس هواءاً نقيا، وليتعافى من أمراضه؟ ) .

لكن هذا الجواب تبخر واختفى في ضجيج قاعة المؤتمر ومجاملاته الرفاقية الفارغة ، وخرج حميد مجيد موسى ورهطه ، من سكرتارية الحزب العامة ، من دون محاسبة أو إدانة،؛ بل سمعنا كثيرا من كلمات الإطراء والتمجيد الفارغ له، منحته صك المبادرة التاريخية، بالتخلي الطوعي عن قيادة الحزب لرفاقه، ومن دون أنانية أو تمسك بالمنصب ... وبررها هو نفسه بمبررات غير مقنعة لأحد؟ منها " التعب النضالي "؟ وربما " الملل النضالي" ؟ .

كان على مقررات الحزب بعد ان أقرت بعض من وثائق المؤتمر وتصريحات رائد فهمي ان تخبر جمهورها ما الذي ينبغي القيام به بعد التشخيص التالي الذي نشر قبل المؤتمر :

( يعقد الحزب مؤتمره العاشر في ظل " عملية سياسية" أثبتت أحداث سنوات ما بعد الاحتلال لليوم هزالها وكونها ليست إلا أكبر عملية سطو بالتاريخ لثروات شعبنا ووطننا من قبل عصابات الجريمة المنظمة تحت يافطة المحاصصة الطائفية الاثنية، والتي شارك الحزب فيها للأسف الشديد، حالما بتقدمّها شيئا فشيئا لترسيخ نظام ديمقراطي حقيقي بالعراق!! علما من أنّ الحزب كان قد قرأ بدقّة طبيعة الأحزاب الإسلامية التي تتصدر المشهد السياسي في تقريره للمؤتمر الخامس، حينما عرج في موضوعة التحالفات إلى موقف القوى الإسلامية على أنها " تسعى لإقامة نظام تابع للنظام الإيراني وعلى شاكلته" ، فماذا حصل ليغير الحزب موقفه من طبيعة هذه الأحزاب فكريا سياسيا، وهل وصلت الأمّية التي تتسيد مجتمعنا وقواه السياسية إلى حزبنا ليفقد قراءته العلمية لمثل هذه الأحزاب وطبيعة السلطة التي تكون جزء منها خصوصا وأنها عكس الأمس تتسلح بالمال والسلطة والسلاح والإعلام والفتاوى الدينية ونظام ولي الفقيه!!!؟؟؟ ) .

يذكرني هذا النص أعلاه وصراحته بتوصيفات والدتي أطال الله في عمرها للبعض بقولها ( هذا مثل أم عمران ...تعلم أولادها الصلاة وهي لا تصلي ) ، فكل هذا التشخيص المنمق باصطلاحاته لم يمنع قيادة الحزب من التحالف والمشاركة مع اعتى وأتعس القوى الظلامية في العراق ليتشارك معها في العملية السياسية وحتى الحكومة ولا زال متشبثا بها.

عندما أدارت قيادة هذا التنظيم كل المسار المطلوب منها جماهيريا وسياسيا، وارتضت خطف عنوان الحزب الشيوعي العراقي، ، التاريخي، فحملت يافطته الحمراء، وسخرت كل طاقاتها منذ اليوم الأول بقبول الغزو والاحتلال ونتائجه ، ثم سعت واهمة نحو تحقيق شعاره العتيد : [ وطن حر وشعب سعيد]، وهي تدرك أنها متناقضة مع واقع جدلي يكذب ادعاءاتها فلا سعادة لأي شعب يعيش تحت ظل احتلال؟ فكيف لو كان هذا الشعب يعاني تحت احتلالين ، أمريكي وإيراني صفوي؟ ، وكيف تتحقق لممثلي الطبقات الكادحة وللمثقفين الثوريين [كما يدعون] إمكانية التعايش والتحالف مع القوى الظلامية وسلطة الثيوقراط الصاعدة إلى السلطة مندفعة بهدف تحقيق ثاراتها المذهبية والطائفية والطبقية ضد خصومها، كيف يمكن تزكية الفساد بمشاركته بعملية"ديمقراطية" فاسدة ودستور مرفوض شعبيا وقانونيا ، حتى وصل الأمر ان الناس في بلادنا باتوا يتهكمون من مشاركة الحزب الشيوعي العراقي في كل الانتخابات التي أجرتها حكومات الاحتلال، حتى كانت حصيلته الانتخابية ومقاعده البرلمانية والمحلية مجتمعة لا تساوي الصفر المطلق، وهو الصفر الذي لا يتناسب مع حجم تضحياته وأعداد شهدائه. و إذا ما جمعنا، افتراضيا، أصوات عوائلهم واقربائهم لكان بالإمكان تشكيل وعاء انتخابي بهم ومنهم كتلة سياسية قادرة على تحقيق أي شئ ملموس في أي عملية انتخابية، .

يعترف السيد رائد فهمي بما يلي :
( من هنا وكوننا لسنا حزبا انتخابيا" لا نملك المال والإعلام، وهما ركنان أساسيان في أية دعاية انتخابية"؛ كوننا حولنا فشلنا الانتخابي إلى هزيمة انتخابية بعد أن فشلنا ولو بالحصول على مقعد يتيم في برلمان المحاصصة الفاسد والمرتشي [مقعد حميد مجيد موسى]، ولأننا ابتعدنا كثيرا عن هموم الناس نتيجة عدم جرأتنا في نقد مافيات السلطة وهي تعيث ببلدنا فسادا في إعلامنا على فقره، أو كوننا جزء من آلية الفساد السلطوي عندما كنا ممثلين فيها بوزير[مفيد الجزائري]. فعلى المؤتمر العاشر أن يحدد موقفه ممّا يسمى " بالعملية السياسية" معلنا نقده العلني والواضح لها محمّلا إياها كل المصائب والويلات التي تمر ببلادنا بجرأة شيوعية طالما عرفت الجماهير بها خلال عقود الحزب الثمانية من نضالاته المستمرة لليوم ) .

كنت أول المصفقين والمباركين والمرحبين لو خرج المؤتمر العاشر للحزب بمثل هذا الموقف علنيا، وأعلن خروجه التام من العملية السياسية برمتها وانقاذ أتباعه من متاهة مسرحيات وتظاهرات التحالف المدني لجاسم الحلفي، وتنسيقه ألذيلي مع جماعات محسوبة على مقتدى الصدر، وبرلمانيا يتم الاصطفاف مع كتل سياسية أميبية لا لون لها ولا شكل او رائحة سياسية، وهي اقل من أصابع اليد الواحدة، تلعب فيها أدوارا محتشمة فيها الرفيقة شروق العبايجي مع الدعي الفارغ فائق علي و المتصهين مثال الالوسي، ويقترب منها مدا وجزرا أمثال التافه مشعان الجبوري.

هذه هي الحصيلة الانتخابية الديمقراطية التي كسبها الحزب الشيوعي العراقي عبر 13 سنة من الخيانة الوطنية، وهو حزب حميد مجيد موسى بامتياز ؟ فهل لا يستحق كل هذا الإجرام الحساب والقرار بطرده ومحاسبته أيضا ماليا على أموال ومكتسبات خفية ومعلنة استحوذ عليها حميد مجيد موسى وقبله فخري كريم زنكنة صاحب إمبراطورية " المدى " وأخواتها؟.

أعود إلى مطلب رائد فهمي ، السكرتير الأول الجديد للحزب فاذكره بما كتب بنفسه بأيام معدودات عن آماله المرجوة من عقد المؤتمر العاشر :

( وليتخذ المؤتمرون بجرأة، وهم يرون طبيعة الصراع السياسي الاجتماعي وأدواته قرارات تلزم قيادة الحزب بالخروج نهائيا من هذه " العملية السياسية" بعد ان فاح عفنها ليزكم أنوف من لا أنوف لهم. كما وليس هناك أدنى شك في أن قرارا كهذا سيعيد للحزب جزء من عافيته ويعزّز من رصيده بين الجماهير وبين نسبة لا بأس بها من رفاقه الذي تركوه لأسباب تنظيمية وسياسية. كون الحزب حينها سيكون في حلّ من الجرائم التي ترتكب باسم "العملية السياسية"، كما سيكون في منأى من انتداب مسئول حزبي رفيع المستوى فيه للتفاوض مع المتظاهرين ضد الفساد ومعرفة مطالبهم!!!! أيعقل أن لا نعرف كشيوعيين ما هي مطالب الجماهير، وهل يعقل أن نمثل سلطة فاسدة ومرتشية ومجرمة للتفاوض مع أنفسنا؟ أليس بين المتظاهرين في ساحة التحرير قياديين من الحزب!!؟ أنا لا أرى هذا الأمر إلا طعنة في الظهر للمتظاهرين أو طعنة في ظهر الحزب لإبعاده عن ساحة الجماهير ) . هنا اقرار تام بسقوط تجربة ما يسمى " التحالف الديمقراطي المدني" بقيادة عضو المكتب السياسي السيد جاسم الحلفي؟.

من قراءتنا للنتائج الأولية وتكوين القيادة الجديدة ملاحظتنا استمرار بقاء ديناصورات وبقايا أزلام عزيز محمد، من أمثال صالح ياسر حسن وأشباهه، وهو الذي لم يطلب حتى تحقيقا منصفا عن أسرار اختفاء رفيقه المرحوم شاكر الدجيلي وغيره من الرفاق الذين تمت تصفياتهم بأشكال وطرق مختلفة منذ السنة الأولى للغزو الأمريكي والى اليوم.

لا اعتقد ان السكرتير الأول الجديد له ( ... إمكانية كبيرة للحزب في ان يخطو مثل هذه الخطوة إن جدّد الدماء في قيادته وغيّر نهجه السياسي ورسّخ من أواصر بنيته التنظيمية ) ، حسب تصريحاته قبل المؤتمر بأيام؟؟.

نتفق معه أن ( تغيير قيادة الحزب وعلى أعلى المستويات وبعد كل هذه الإخفاقات والتي بالحقيقة هي هزائم، هو الواجب الأول والأساسي أمام المؤتمرين الذين تقع على عاتقهم مهمة تجديد الحزب تنظيميا في المقام الأول وسياسيا برسم خارطة طريق تحدد أوليات حزبنا وطريقة عمله ونشاطه ثانيا ، على المؤتمرين أن يعوا طبيعة العملية السياسية المافيوية بالبلد وطبيعة الصراع الانتخابي التي تنتهجها نفس القوى المهيمنة على السلطة منذ الاحتلال لليوم. ليعلنوا عدم مشاركة حزبنا بالانتخابات المعروفة نتائجها اليوم!! ) .

هذا لا يكفي من أمان مطروحة نسمعها من هذا الرفيق أو ذاك وهي مجرد أضغاث أحلام وأوهام بعيدة عن واقع العراق والعمل السياسي المناضل حقا من أجل التغيير وتحرير العراق، هذه الآمال لن تتحقق بالمطلق؛ ان لم يتم الشروع فوراً وبالخروج كليا وبشجاعة معلنة من كل العملية السياسية وتبعاتها، ولا بد من ممارسة نقد ذاتي حقيقي وصادق تمارسه كل اللجنة المركزية والمكتب السياسي للتنظيم بإدانة خط ومسار وقيادة حميد مجيد موسى السابقة، والشروع في الحوار الجاد مع فصائل اليسار العراقي كلها من دون شروط وفيتوات من ديناصورات الحزب المنقرضة، لتفتح الطريق نحو آفاق المصالحة الوطنية والسياسية مع بقية قوى المقاومة الوطنية والفصائل والشخصيات التي وقفت موقفا معارضا من العملية السياسية الساقطة .





الاثنين ١٢ ربيع الاول ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / كانون الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة