شبكة ذي قار
عـاجـل










تأثر الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة حظر النفط العربي ، إذ انتشرت طوابير طويلة للسيارات، تنتظر أمام المحطات لملء الوقود، بعد أن كانت في الماضي المحطات تتنافس على منح خصم لجلب الزبائن، كما تأثر الجيش الأمريكي بالحظر، وبالذات الأسطول السادس ، وأعاقت نتائج الحرب طرق وصول الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت محدودة بالفعل، إلى موانئ الخليج العربي والمحيط الهندي، في وقت كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج خلالها إلى زيادة وجودها البحري في المنطقة .

بالغت الولايات المتحدة الأمريكية بأثر الأزمة عليها، ومدى حاجتها للإمدادات النفطية الخارجية؛ لتمويل أسطولها في ذلك الوقت، ومما يؤكد مدى المبالغة الأمريكية في تهويل الأزمة ما يلي :

1 -إنه طبقاً لدراسات اللجنة الوزارية التي شكلها الرئيس نيكسون في عام1969م؛ لدراسة مسألة واردات النفط الأجنبية، فإنها افترضت حدوث توقف للنفط العربي في عامي1975 أو 1980، وذلك لمدة شهور أو سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات، وكان من نتيجة دراستها أن توقف النفط العربي، لن يؤثر على الإمدادات اللازمة للنشاط العسكري الأمريكي، وأنه يمكن التغلب على مشكلة وقف الواردات عن طريق السحب من أرصدة المخزون والتوسع في الإنتاج من المصادر المتاحة، أو تخفيض الاستهلاك عن طريق فرض قيود عليه .

2 - ذكرت الأرقام المعلنة عن تلك المرحلة : أن الإمدادات النفطية العربية إلى أسواقها في الغرب، انخفضت ولمدة قصيرة جداً خلال المعارك بنسبة لم تتجاوز ( 20% ) عن المعدل الاعتيادي، وأن المخزون النفطي الأمريكي والأوروبي الغربي، كان يصل في تلك الأيام إلى ما مقداره أضعاف، أي ما يمكن للمستهلكين الغربيين استهلاكه في ستة أشهر، وأنه لو كانت هناك أزمة حقاً، فهي في المسائل السعرية، التي لا تنعكس على الشركات الموردة والمسوقة للنفط، بل على نمط الاستهلاك ذاته .

3 - إن الحملات الإعلامية الأمريكية بأن الموارد النفطية الأمريكية في طريقها للنضوب، وأن أمنه القومي واقتصاده ورفاهيته معرضة للخطر، ثبت بعد ذلك أن احتياطات النفط لم تنضب، بل سارت في طريق الزيادة المطردة، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد استغلت تلك الحملات الدعائية؛ لإشراك الشركات الأمريكية في استغلال النفط الواقع تحت السيطرة البريطانية .

4 -إن سلاح النفط بالشكل والحدودالذياستخدمبها حسب أقوال هنري كيسنجر ( Kissinger Henry ) أثناء أزمة حرب 1973م : "يوجع الولايات المتحدة، ولكنه لا يجرحها أو يقتلها" ولكن القلق الأمريكي كان سببه تأثيرات الأزمة على المدى البعيد، أو في حال تكرارها مرة أخرى؛ لأن ذلك من شأنه أن يؤثر على الشركات الأمريكية، ومدى استفادتها من خلال الاستثمار النفطي.

كذلك أعادت حرب عام1973م ترتيب أولويات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، ذلك أن المقاطعة لفتت نظر الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا إلى المنطقة؛ لأنها تحتوي أكبر احتياطي نفطي في العالم يحتاج إليه الغرب واليابان؛ لاستمرار تقدمهم الصناعي، ولفتت نظرهم إلى ضعف نظام الأمن الغربي في المنطقة، الذي لم يمنع دولاً صغيرة من وقف النفط، وتم لأول مرة وضع النفط والمصالح الاقتصادية في مرتبة واحدة مع الأمور الإستراتيجية، التي كانت طاغية على الفكر الاستراتيجي الأمريكي، لأن الخليج لم يكن إلا الجناح الجنوبي للحزام الشمالي لوقف السوفييت ، مما اضطر الولايات المتحدة الأمريكية إلى التلويح بتهديد احتلال منابع النفط كما كانت هناك داخل الإدارة الأمريكية أوساطاً نافذة- خصوصاً في الكونجرس - دعمت فكرة استخدام إيران ضمن فكرة التدخل العسكري في الخليج وفق مبدأ شرطي الخليج، ففي تقرير صدر في كانون أول ( ديسمبر ) عام1977م، ورفع إلى هنري جاكسون أنه : "إذا طلب من إيران التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة خليجية، فعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تعترف مسبقاً، بأن هذا هو الدور الذي تهيأ من أجله، وأن اللوم لا يقع على إيران إذا نفذت مهمتها الضمنية" بينما عد البعض أن عملية التهديد الأمريكي بالتدخل العسكري، كانت أحد مؤشرات التراجع الجزئي عن ( مبدأ نيكسون )، وعن الاعتماد على الشاه فقط، لأن ذلك الحدث فرض على المسئولين الأمريكيين تطوير إستراتيجية مبدأ نيكسون القائم على عدم التدخل إلى إستراتيجية ردع وتطويق .

وبذلك فإن حرب عام1973م أضافت مبادئ جديدة إلى مبدأ الدعامتين، الذي أقامه نيكسون في الخليج، منها سهولة الوصول إلى منابع النفط، وبقاء الأسعار معتدلة، ووصوله بكميات وافية، ثم توظيف عائداته ضمن الاقتصاد الغربي .

كما كشفت أسس ونوايا السياسة الأمريكية في المنطقة الاستعمارية، التي ارتكزت على حماية مصالحها النفطية، وتهيئة استراتيجيات أي سياسة أمريكية لخدمة ذلك الهدف.





الخميس ١٥ ربيع الاول ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / كانون الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الثائر العربي عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة