شبكة ذي قار
عـاجـل










ـ ما رأيك بالمستجدات الراهنة على الساحة السورية وما آلت إليه الأوضاع بعد التدخل الروسي؟
لا بد لي في البداية من التأكيد أن تطورات الوضع في سوريا منذ البداية، تصاعد مع الحراك السلمي إلى الثورة المسلحة نتيجة عوامل وتدخلات إقليمية ودولية. النظام في سوريا إستعمل القوة المفرطة جداً لقمع التظاهرات الشعبية والمدنية التي كانت تطالب بالإصلاح، قبل أن تتحول إلى المطالبة بإسقاط النظام.

التدخلات الإقليمية، وخاصة إيران، أدى إلى تفاقم وتعقيد الوضع الداخلي في سوريا، كما أن المعارضة الوطنية السورية لم تستطع أن تتوحد، مما فتح المجال لبروز التنظيمات المتطرفة مثل داعش.

التدخل الروسي ـ كما أعتقد ـ ليس من أجل دعم النظام السوري كما يتوهم الكثيرين، بل من أجل مصالح روسيا الاستراتيجية في المنطقة، خاصة أنها لم تعد تمتلك أي قواعد عسكرية بحرية سوى التي في سوريا (قاعدتي اللاذقية وطرطوس) وكلنا نعرف أن المياه الدافئة ضرورة ملحة لروسيا، وطالما أن النظام السوري أعطى موافقة مطلقة لروسيا في قواعدها، فإن روسيا تحركت لدعم النظام من أجل مصالحها لاغير.

ـ هل تعتقد أن الأزمة السورية قد إنتهت بتحرير حلب؟
من غير الجائز تصوير الأمر بمثل هذا الشكل، ولا يمكن وصف تحقيق تقدم ميداني للنظام وحلفائه وتحت غطاء كثيف من آلاف الغارات الجوية، إنه تحرير لحلب.

حلب مدينة كبيرة والسيطرة على بعض الأحياء لا يعني السيطرة عليها، كما نعرف إنه في حرب الشوارع والمدن، فإن المتغيرات، والكر والفر، قد تأخذ فترات طويلة تمتد أشهراً وسنوات.

أن ما يوصف بتحرير حلب هو نصر إعلامي أكثر مما هو واقعي وفعلي، وحصل نتيجة التدخل العسكري الروسي الواسع خاصة الغارات الجوية، ويمكن القول ان الأهم هو التقدم الميداني الفعلي، وأن تراجع المعارضة السورية من بعض أحياء حلب لا يمكن وصفه إنه إنتصار للنظام وحلفائه، لأن المتغيرات متعددة؟

ـ ما رأيك في الموقف الأمريكي؟
الولايات المتحدة وضعت منذ عدة عقود خطة واضحة ومعلنة بالتوجه لتشكيل ما أسموه "الشرق الأوسط الجديد"، وأن تيار المحافظين الجدد الذي وصل للسلطة مع جورج بوش الأب، لم يخفي أهدافه ضد الدول العربية. بل قالوا: أن اتفاقية سايكس ـ بيكو قد تجاوزها الزمن. وأطلقوا خيارات متعددة لتحقيق أهدافهم من خلال الفوضى الخلاقة والفوضى المنظمة. والادارات الامريكية المتعاقبة منذ زمن ريغان تحدثت عن اعادة تقسيم الدول العربية إلى كيانات طائفية ومذهبية وعرقية.

من هنا يمكن فهم إستهداف امريكا للقوى الوطنية والقومية العربية، لتترك المجال لبروز الحركات الدينية والطائفية والمذهبية الموغلة بالتعصب ورفض الآخر عدا عن مؤشرات كبيرة وواضحة عن دعم غير مباشر مالي وعسكري لهذه المنظمات.

إذن، كل ما يؤدي إلى تفتيت الدول العربية، وبروز القوى الظلامية يخدم الخطة الاستراتيجية الامريكية ضد الدول العربية، كما أن ايران واسرائيل ساهمتا بدعم المشروع الامريكي. ايران من خلال التنظيميات المذهبية التي عملت على تشكيلها في لبنان والعراق واليمن والبحرين، واسرائيل من خلال مظالبتها مؤخرا بالأعتراف بها كدولة يهودية.

ويمكن رؤية ذلك بوضوح ايضا، إذ أن أمريكا قامت باحتلال العراق وسلمته للقوى المؤيدة لإيران. وأطلقت يدهم بالعراق مع دفع المجتمع العراقي نحو أتون الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية. وهنا كان التناغم واضح بين امريكا وايران واسرائيل وان ما يتردد بوسائل الإعلام على معاداة بين امريكا وايران أو بين اسرائيل وايران محض هراء لأن الوقائع والنتائج تؤكد عكس ذلك تماماً.

ـ هل تعتقد أن هناك خلط بين المعارضة وأتباع تنظيم داعش؟
طبعاً هناك خلط مدروس ومتقن. وهناك محاولة لتصوير المعارضة السورية أنها داعش أو النصرة، وهذا غير صحيح بالمطلق، التحرك الشعبي السوري بدأ سلمياً، ولم يكن هناك وجود لداعش أو النصرة. تم قمع التظاهرات السلمية الإصلاحية بوحشية من النظام، ثم برز الجيش السوري الحر كحركة عسكرية للتصدي لوحشية النظام وآلته العسكرية والأمنية، في هذه المرحلة برزت داعش والنصرة من لا شئ، كان لهم دور مدروس، لمصادرة دور قوى المعارضة السورية والجيش السوري الحر، وثم الإيحاء ان من يواجه النظام هو داعش والنصرة. مع أن هناك حقائق ميدانية تؤكد على تنسيق بين النظام السوري وداعش والنصرة، ويحق لنا أن نتساءل من أين ومن الذي قام بتمويل داعش والنصرة مالياً وعسكرياً بهذا الحجم الكبير والهائل؟ لماذا تترك داعش بآلياتها تتحرك بحرية بين سوريا والعراق وفي مناطق صحرواية سهلة الكشف من الطيران دون التصدي لها؟! وكأن هناك مايسترو واحد يقف وراء توزيع الأدوار بين هذه الأطراف والنظام السوري والعراقي.

بالطبع، داعش لعبت نفس الدور في العراق، من خلال استهداف المقاومة الوطنية العراقية، والمناطق التي شكلت البيئة الحاضنة لها مثل الفلوجة والأنبار وتكريت وديالي والموصل وصلاح الدين، وهذا ما يؤكد أن المطلوب هو إبراز هذه القوى الظلامية لضرب قوى المقاومة في العراق، والثورة في سوريا.

ـ ما هي توقعاتك للفترة المقبلة؟
حسب ما أرى، وضمن المدى المنظور لن تكون هناك أي حلول في سوريا، لأن المطلوب تفتيت المجتمع السوري داخلياً. النظام السوري في أضعف حالاته ولولا الدعم العسكري والسياسي الأقليمي والدولي لكان إنتهى منذ سنوات كما أن المعارضة السورية غير موحدة ميدانياً داخل سوريا، و خارجها ساسياً، وهناك الدور المشبوه لداعش.

إذا ما نظرنا إلى سوريا كمثلث له هذه الأضلاع الثلاثة تتأكد استحالة أي حل لا عسكري ولا سياسي ضمن المدى المنظور.

وأن ما أعلن عنه من اتفاق روسي ـ تركي ـ ايراني لوقف إطلاق النار في سوريا لن يتحقق ولن يكتب له النجاح. وهذا الإتفاق إن تم تنفيذه، فإنه يحمل في رحمه بداية تقسيم سوريا من خلال التقسيم الميداني لوقف إطلاق النار، خاصة أن هناك عمليات تطهير مذهبي حدثت في أكثر من منطقة ومدينة سورية كما أن غياب النظام الرسمي العربي وضعفه وخوفه من الآتي، فتح المجال أكثر للتدخلات الأقليمية كايران وتركيا واسرائيل، التي تسعى للسيطرة على الدول العربية وثرواتها لتتحول إلى محميات تابعة لها.

المطلوب، كما أعتقد صحوة عربية شاملة لأن مخاطر ما يجري الآن ستكون له آثار كارثية لعقود طويلة.





الجمعة ٨ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة