شبكة ذي قار
عـاجـل










( لا تأمنَنَّ امرأً خانَ امرأً أبداً إِن من الناسِ ذا وجهين خوَّانا )

يبدو واضحا ان هناك توجهان ورؤيتان للدول العربية في كيفية التعامل والتصرف مع إيران كل يعطي أسباب ومبررات توجهه ، فقسم منهم ارتكز على القطرية وانطلق ، والقسم الأخر ارتكز على الأمة وانطلق ، فكانت النتيجة ان قوة الموقف وتأثيره للأمة ضعف وأصبح الطرف الأخر أكثر شراسة وجرأة في المضي بتحقيق إطماعه السياسية والأيدلوجية ، وليس هناك من اعتراض من اي موقف لأي دولة عربية تستطيع ان تحصل على حقوقها وتبعد الضرر عن شعبها بشرط ان هذا العمل والتوجه لا يضر بالأمة ، فيعتبر نصرها وكسبها هما كذلك للأمة كلها ، ليس للأمة العربية إطماع في إيران اعتراف وتصرف ، ولكن لإيران إطماع ومشروع اعتراف وتصرف ، ومن الطبيعي حصول خلاف وإعمال تؤدي الى توتر وقطع العلاقات ، والذين ينادون ويطالبون الى تحسين العلاقة مع إيران مع بقاء نواياها السيئة وتدخلها في الشؤون الداخلية وعدم إعادة حقوق العرب التي استولت عليها والمضي في زرع الفتن وإثارة الطائفية هو مطلب غير واقعي وغير عقلاني ويصيب الأمة بضرر وخسارة كبيرة .

نقول على الذي يطالب ويدعو الى بناء ومد جسور مع إيران اذا كانت دعوتك منطلقة من قوتك لا من ضعفك فسر وتوكل على الله ، لان الأمة العربية قوية ، وإذا كانت دعوتك وتصرفك من ضعف وخوف ، فأن أمتك لها القدرة على حمايتك ولو فقط بالانتساب إليها ، فهذا يكفي من يحاول ان يتجاوز على احد أقطار الأمة يحسب ألف حساب قبل ان يقدم على العدوان فحارسك وحاضنتك الأمة ، ولا تجعل اي جزء انه فوق او قادر ان يستغني عن الأمة في بقائه وديمومته وتطوره ودفع الطامعين ، فهو واقع في شرك وظلم نفسه وشعبه واضر بالأمة ، فالأمة العربية واقع وحقيقة ليس وهم وادعاء وقوتها في وحدتها وعزتها في حفاظها وتمسكها بعروبتها وإسلامها.

أن العاقل والفطن من يأخذ الدرس والعبر من التاريخ فهو ليس للحفظ كالرواية وإنما بوصلة ترشدك كيف تختار الطريق الصحيح وعدم تكرار ما انزلق به الأجداد لكي ترسم طريق مهيأ ومعبد وليس فيه أفخاخ ومكائد كما وردنا من التاريخ الذي يؤكد حقيقة بأن جل مصائب الأمة العربية والانتكاسات التي حدثت لها هو بفعل الفرس ، انا هنا ليس بصدد أثارة الماضي المؤلم ولكن للتذكرة والذكرى تنفع المؤمنين ، اتسمت سياسة وتصرف الفرس على مدى التاريخ بنقض العهود والمواثيق ويتظاهرون بالوفاء والإخلاص ويعملون على الغدر والخيانة ويتباهون بحبهم وسماحتهم ويخفون حقيقة كرههم وحقدهم ، من قتل الخلفاء الراشدين عمر وعثمان وعلي ومن حرض على قتل الإمام الحسين ومن سعى على إنهاء الخلافة الأموية ، وتآمر البرامكة على الخلافة في عهد هارون الرشيد ، وخيانة أبن العلقمي الوزير بتعاونه مع التتار لإسقاط الخلافة في بغداد ، كل هذا للفرس بها ضلع وذلك من خلال التسلل والتصاهر والنفوذ الى قلب الدولة لتبدأ مرحلة الانقضاض والتآمر ، واستمر الحال لحد ألان ، وكلما أحست إيران بأن الدول العربية ضعيفة تهجم وتستولي كما هي تساعد وتأيد وتدعم بل تصطف مع أعداء الأمة في حالة العدوان وتأخذ حصتها ، هذه هي إيران لم تساعد او تقف مع اي قطر عربي الا لها أهداف تسعي لتحقيقها أولها التواجد والحضور القوي بطريقة المصاهرة والتجنس او من خلال الدين وزيارة الأئمة وتشجيع المراجع الدينية الشيعية لتولي الأمور وتصدير العمالة الوافدة منها، ومن هذا استطاعت إيران خلخلة الواقع الاجتماعي والسكاني بحيث تصبح نسبة الفرس الى العرب متساوية أو الأغلبية كما فعلت في بعض دول الخليج العربي وأخطرها في البحرين والتي استمرت بمطالبتها بعائديه البحرين وهي جزء من إيران .

أود ان نستذكر وإياكم مسيرة العلاقات بين الأمة العربية وإيران ونقارن ما الفائدة او الضرر الذي لحق مع من استمر في علاقته ومع من قطعها وعلى شكل نقاط لنختصر ونقرب الفهم :

1- كان العراق مفتوحا امام ايران حتى قيام ثورة 17-30 تموز عام 1968 بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي حيث كان العراق مسرح لكل من شبكات التجسس لتعبث بأمنه وامن الأمة ، كما وان التجاوز والاستيلاء على حقوق العراق سواء في اليابسة او المياه واضح وبصورة صلفة وتحدي وقح ولم يتم إدانة او الاحتجاج والمطالبة بعدم التدخل في شؤونه الداخلية كون الحكومة ضعيفة وقدرات العراق متواضعة وكان الشاه شرطي الخليج وعنصر مهم في حلف السنتو ، وبعد تثبيت ركائز استلام السلطة واجراء تغيرات وإصلاحات في كافة المجالات وخاصة القضاء على شبكات التجسس والتي كانت اغلبها إيرانية ويهودية وحرر ثروته النفطية وإصدار بيان 11 اذار حصل للنظام الإيراني صدمة أفقدته توازنه وأعلن عن عدوانيته للعراق وذلك بإلغاء معاهدة 1937 لترسيم الحدود البرية والنهرية ودعمه للتمرد الكردي وإثارة الفتن الطائفية . واستبشر العراق خيرا عندما حدث تغير في إيران وجاء الخميني ولكن السياسية العدوانية ازدادت أكثر من ذي قبل وأصبحت معلنة واضحي العراق العدو رقم واحد لنظام الملالي من اجل العبور السهل الى باقي أقطار الأمة العربية وخاصة الخليجية وما كان من حكومة البعث بقيادته التاريخية ، الا ان تقف موقف عروبي أصيل وترد على العدوان الإيراني العسكري يوم 4 -9 -1980 ليتكلل بالنصر ويؤجل المشروع ألصفوي الخبيث ضد الأمة العربية الى حين ، الى ان سنحت لها الفرصة في التآمر مع بعض أنظمة المنطقة بدفع المستعمر الأمريكي لغزو العراق وإسقاط النظام الوطني وعندها فتحت له أبواب العراق للمرور الى باقي الدول العربية وحدث ما لم يصدقه القادة العرب ما نبه وحذر منه العراق بان الخطر الفارسي اخطر من الخطر الصهيوني ، وضاع العراق وضاعت اليمن وضاعت سوريا وليبيا وألان العجلة مستمرة على باقي الأقطار .

2- قطعت السعودية علاقتها مع إيران على خلفية إحراق سفارتها بطهران وكان تصريح آخر سفير لإيران في الرياض بقوله ( لقد تضررت إيران ضررا كبيرا ) وعند تقيم الوضع بعد مرور أكثر من سنة على قطع العلاقات لم تستطيع إيران ان تحرك اذرعها وتشيع الإرهاب والتخريب وكما كانت قبل قطع العلاقة .

3- قطعت الجزائر علاقتها بطهران في التسعينيات القرن الماضي بعد ان تطورت بشكل كبيرا وذلك في عهد الرئيس مضياف وشهدت الجزائر إعمال عنف وإرهاب وقد اتضح من التحقيقات إنهم مدعومين من قبل النظام الإيراني .

4- لم تقدم مملكة البحرين على قطع العلاقة مع إيران رغم التدخل السافر والمشين في الشؤون الداخلية وآخرها التأييد والمدح للهجوم على السجن وقتل شرطة وهروب ما لا يقل عن 10 من المجرمين واعتبرت إيران ان هذا العمل بطولي وناجح ، وكان ردة فعل الحكومة البحرانية اتسم بالهدوء والعقلانية والصبر وتروي وأدانت التدخل واعتبرته شان داخلي لا يحق لإيران ان تتدخل كما فعلت مع ما تدعي إيران بمداهمة عيس قاسم وانه رجل دين شيعي ومرجع ويحق لأيران ان تتدخل ، الحلم والصبر والتروي له حدود وإذا زاد واستمر فأنه الضعف بعينه والتخلي المشروط فالأفضل ألان وليس غدا ان يكون هناك موقف حازم وقوي وقطع رأس الأفعى قبل ان تلدغ .

5- مازالت الجزر العربية الثلاث ابو موسى وطنب الكبرى والصغرى والعائدة الى دولة الإمارات تحت الاحتلال الإيراني رغم الدعوات العربية والإقليمية والدولية بحل المشكلة سلميا ، مطلوب من الإمارات اتخاذ موقف أكثر صلابة وقوة في المطالبة والدعوة في كافة المحافل بأحقية وملكية الإمارات للجزر الثلاثة ، وقد استغلت إيران خروج بريطانيا من الخليج وأنزلت قواتها .

إذن نعود ونقول اذا كانت بناء العلاقات أقطار الأمة العربية مع إيران مبنية على أسس وقواعد سليمة وواضحة وان تخلو من أهداف غير مشروعة وعدائية كما اقرها المجتمع الدولي والدين الإسلامي ، فالأمة سباقة وحريصة لهذه الخطوة لأنه التوجه السليم والفائدة سوف تعم على كل أقطار المنطقة وتحافظ على أمنها واستقرارها وتطورها ، وإذا لم تتخلى إيران عن إطماعها وتنفيذ مشروعها ألقصري وتحترم الوعود والاتفاقات ومراعاة حسن الجوار والمصلحة المشتركة والمتبادلة فان الحكم على هكذا علاقات الفشل بل التصعيد الى إحداث أكثر دمار وضياع وفقدان السيطرة واستحالة إيجاد الحل ومن ثم لابد بل يفرض الاصطدام والصراع الحتمي كما حصل للعراق بعد ان استنفذ كافة الوسائل والسبل ولم تغير إيران من نهجها وأهداف العدائية .

اذا كان قيام مجلس التعاون الخليجي خطوة ايجابية ومباركة في توحيد أقطارها فان وضعه الحالي غير كافي ولا يستطيع ان يواجه التحديات ، ففعلوا لجانه وخاصة العسكرية والدفاع واجعلوا الباب مفتوحا للانضمام أقطار عربية من خارج دول الخليج مثل مصر العروبة ذات الإمكانات والقدرات والسودان فأنهم وان استفادوا فهو للشعب العربي فالخير للأمة كلها .
 





الجمعة ٨ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابو نهاد العبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة