شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يكن الإستعمار الغربي في الوطن العربي حركة قـائـمـة بـذاتـهـا أو سياسة جزئية خـاصـة بـهـذا الـغـرض ولـكـنـه كـان جـزءا مـن حـركـة كـبـيـرة وموضوعا من سياسة عامة وهما حركة التوسع الغـربـي فـي الـعـالـم كـلـه وسياسة السيطرة على كل شعوب آسيا وأفريقية. وبهذه النظـرة الـشـامـلـة نستطيع أن نفهم الإستعمار الحديث على حقيقـتـه وأن نـفـسـر كـثـيـرا مـن حوادثه ومؤامراته ومعاهداته وإجراءاته.

وكانت أوروبا قد انكمشت وراء حدودها منـذ خـرجـت مـن بـلاد الـشـام عقب انتهاء حركة الإستعمار باسم الصليب في القرن الثالث عشروشغل أهلها أنفسهم بدراسة حضارة العرب ونقل علومهم وأحداث نهضتهم المشهورة في القرن الخامس عشر وقد اقترن هذا بانبثاق الدول الأوروبية الحديثة على أسس قومية من ظلام العصور الوسطى وفوضاهاوكانت أول وسيلة رأت هذه الدول أن تعبر بها عن نفـسـهـا هـي الإعـتـداء الإسـتـعـمـاري عـلـى الشرق الأسيوي والإعتداء الإقتصادي على العرب والإعتداء الحربي على مراكزهم التجارية في ذلك الشرق البعيد.

وخلال القرن الثامن عشر والـتـاسـع عـشـر وأوائـل الـقـرن الـعـشـريـن استطاع الإستعمار الأوروبي أن يطبق على الجزء الأكبر من الوطن العربي
ومع تنوع أساليب الإستعمارفإن طبيعته لا تختلف ونتائجه لم تـتـغـيـر فمثلا سياسة إنجلترا في مسألة التعليم في مستعمراتها تختلف جذريا عن سياسة فرنساولكن الحكمة واحدة والنتائـج واحـدة فـإنجـلـتـرا لا تـشـجـع انتشار التعليم الحديث في مستعمراتها وإنما تحصر أهالي المستـعـمـرات في دائرة ثقافتهم العتيقة وفرنسا تقاوم الثقافة القديمة في مستعمراتها وتفرض على أهلها اللغة الفرنسية والتعليم الفرنسي والمدنيـة الـفـرنـسـيـة فبينما كانت إنجلترا تقصر التعليم في مصر أيام الإحتلال على الكتاتـيـب والأزهر أغلقت المدارس الحديثة وقيدت الإلتحـاق بـهـا نجـد أن فـرنـسـا كانت تنسي أهل تونس وأهل الجزائر لغتهم العربية ومع اختلاف الأسلوب فالحكمة واحدة والهدف واحد. فإنجلترا تريـد أن تـضـمـن بـقـاء الـشـعـوب تحت سيطرتها وفي ظل استعمارها عن طريق إبعادهم عن المعرفة والتنور والتيارات الحديثة على حين أن فرنسا تريـد أن تـصـل إلـى نـفـس الـهـدف بجعل أهل مستعمراتها فرنسي لحما ودما حتى يندمجوا فـيـهـا ويـكـونـوا جزءا من فرنسا الكبرى وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية دخلت الولايات المتحدة الأمريـكـيـة- كدولة-ميدان الشرق الأوسط بعد أن شاركت في دحر القوى الفاشية ولم تشأ أن تعود من جديد إلى سياسة العزلة التي اتبعتها في أعقاب الحرب العا;ية الأولى وكانت النتيجة انحسار الإستعمارين الإنجليزي والفرنسي وانفراد الولايات المتحدة بالنفوذ والسيطرة الإقتصادية. وكان لا بد من أن ترث الولايات المتحدة بعض ملامح واتجاهات الإستعمار الغربي في الوقت الذي ورثت فيه المشكلة الفلسطينية التي تفاقمت بمؤازرة النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة.
 





الجمعة ٨ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الثائر العربي عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة