شبكة ذي قار
عـاجـل










في 14 أيلول من العام 2004، عندما اعترف الرئيس الفرنسي جاك شيراك قائلا ( لقد فتحنا أبواب جهنم في العراق، وإننا عاجزون عن إغلاقها ) ، كان يعني المأزق القاتل للاحتلال الأميركي الذي أوقع فيه جورج بوش أميركا أولاً، والعالم ثانياً، في نفق ليس في آخره بصيص من نور الخلاص. وبعد مرور ما يقرب من ثلاثة عشر عاماً ما يزال العالم عاجزاً عن إغلاق أبواب جهنم، ليس في العراق فحسب، وإنما في العالم أيضاً.

أما الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن، عندما اقتنع بأن نار جهنم تحرق أجساد جنوده، وتلتهم البلايين من أرزاق الأميركيين، فقد كان يراهن ليس على إعادة العراق إلى العراقيين، وهذا ما استكمله لاحقه الرئيس أوباما، بأنه كان يراهن على تسليم العراق إلى اللصوص المحترفين ممن سهرت أميركا على تدريبهم وتربيتهم على فنون النهب والسرقة والتشبيح والقتل من دون أن يرف لضميرهم جفن واحد.

حسب الرئيس أوباما، الذي وعد الأميركيين لطمأنتهم على عودة أبنائهم، بأنه سيعيد العراق إلى أهله، وبأنه بقفازاته الناعمة سوف ينجح فيما فشل به سلفه، وذلك عبر ممرين تستطيع أميركا أن تبقي العراق تحت الاحتلال، وهما :

- تأهيل عملية سياسية تتقن فن ( إسرق ودعني أستفيد من سرقاتك ) .
- ومرغمة قامت بتوكيل إيران، بإدارة شؤون تلك العملية على أن يتقاسما نفط العراق بينهما. فإذا بإيران تنكث بوعودها، وتستأثر بثروات العراق عبر ملايين العبيد الذين كبَّلتهم بأغلال الولاء لها، على قاعدة استيفاء أجورهم من سرقة ثروات بلدهم.

ومن أجل ذلك صرَّح دونالد ترامب، الرئيس الأميركي الجديد، أنه كان على أميركا أن تسيطر على نفط العراق، يعني أنها لم تحسن استثمار هذا النفط لمصلحتها، ولكنها بدلاً من ذلك، فقد وقع تحت هيمنة إيران واللصوص الذين يعملون بإمرتها.

لم يعلن ترامب إذن ما صرَّح به عداء لإيران، ولا عداء لعملائها الذين هم بأكثريتهم من عملاء أميركا، بل أعلن معادلته على أنه على أميركا أن تعيد سلطتها على النفط، وهي التي عليها أن تحدد حصة هذا أو ذاك لا أن تنتتظر من إيران أو غيرها، من الثعالب، أن تحدد حصة الأسد من الغنيمة.

هذه الحقيقة، التي أعلنها ترامب بتلقائيته العفوية، تحمل الكثير من الدلالات والمعاني والمقاصد الحقيقية. والتي على أساسها يمكننا الوقوف قليلاً من أجل فك ألغازها، وقراءة لما يمكن أن تحمله الأيام القادمة من احتمالات. وهنا سنقرأ خطاب نرامب ببعض الفرضيات :

- الفرضية الأولى : إذا كان تصريح دونالد ترامب في إعادة الاسئثار بنفط العراق، هو الحقيقة التي يعنيها، ليس أمامنا من بُدٍّ في أنه يريد إعادة تجربة اليمين الأميركي المتطرف، بزعامة جورج بوش الإبن، يعني إعادة احتلال العراق مباشرة وصرف بدل أتعاب لإيران بما يوازي خدماتها، فما عليه إلاَّ أن يحضِّر نفسه لإعادة إغراق الجيش الأميركي في وحول العراق، وإغراق دباباته في رماله. ولا ضير من إعادة التجربة التي سبقه جورج بوش إلى تطبيقها. وفيها إعادة لتجربة أكثر من مُرَّة.

- الفرضية الثانية : إذا كان يقصد من تصريحه إرهاب النظام الإيراني لتحسين حصة أميركا في نفط العراق على أساس البقاء فيه. ولأن النظام الإيراني لن يقدم لترامب خدمات مجانية في حماية قواته في العراق، على ترامب أن يوافق على بقاء النظام الإيراني في العراق أولاً، وأن يدفع فاتورة الحماية له ثانياً، لأنه كما أن لإيران لم تكن تستطيع الدخول إلى العراق من دون حماية أميركا، فإن أميركا لن تستطيع البقاء في العراق من دون حماية إيرانية. وهذا أيضاً سيواجه ترامب بمآزق جديدة، لعلَّ أهمها إبقاء عامل التهديد الإيراني المباشر لأمن دول الخليج العربي. وهذا ما سوف يحول دون استعادة صداقتها كما صرَّح سابقاً.

بين عرض عضلاته لرفع معنويات الأميركيين بتصريحاته التعبوية، وحل مشاكل المنطقة بكبح جموح أحلام النظام الإيراني من أجل رفع نسبة سرقاته من نفط العراق، مسافة فراغ كبيرة على دونالد ترامب أن يملأها بكلام مسؤول، وعليه أن يعود إلى وعوده بتغيير سياسة الإدارات الأميركية التي سبقته، وذلك بإعادة تصحيح أخطائها، ولعلَّ أكبر تلك الأخطاء وأكثرها إلحاحاً للتصحيح هي إعادة العراق لأهله، وإعادة نفط العراق للعراقيين، لأنه ليس ملكاً لأحد غيرهم.

إن استعادة حقوق العراق ليست مِنَّة من أحد، بل سيعود الفضل فيه للمقاومة الوطنية العراقية التي فتحت أبواب جهنم في وجه الاحتلال الأميركي، وهي المقاومة التي ستُبقي تلك النار لاهبة حتى خروج أميركا والنظام الإيراني من العراق. وليعتبر ترامب وخامنئي أن هذه رسالة واضحة لا ريب فيها، وفيها من الوضوح الذي يكفي أن يكون لذة لذوي العقول المنفتحة، ومن دون ذلك فإن أبواب جهنم لم تُقفل بعد. كما على كل عميل وخائن وقاتل وسارق من أولئك العملاء الصغار أن يحضَّر حقائبه للهرب، وأن يقلع عن أوهامه في البقاء على كراسي ( العملية السياسية ) تحت ذريعة حماية أميركا وإيران له.





الاربعاء ١١ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر الأسبوعي طليعة لبنان الواحد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة