الإسلامُ يلتقي مع العروبةِ عِندَ عُمقٍ عالميٍّ يشْمَلُ البشريّةَ جمعاء .. فعالميّةُ الإسلامِ كدينٍ ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) ( الأعراف : 158 ) ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( سـبأ : 28 ) ، تلتقي مع عالميّةِ المُفرداتِ القرآنيّةِ كَلُغةٍ أولى للبشريّةِ نَطَقَ بها أبو البشريّةِ جمعاء ( آدمُ عليه السلام ) ، قبل أنْ تبتعدَ لُغاتُ البشرِ عن اللغةِ الأمِّ ( المفرداتِ القرآنيّة ) ..
فلا بُدَّ أنْ يكونَ الكتابُ الذي أُنزلَ مع الرسولِ محمّدٍ ( ص ) [ القرآن الكريم ] ، بلغةٍ هي أصلُ لسانِ البشريّةِ جمعاء ، تحقيقاً لقولِهِ تعالى .. ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) ( إبراهيم : 4 ) .. فاللغةُ الأمُّ لكلِّ لغاتِ العالمِ هي المفرداتُ القرآنيّةُ ، حيثُ تفرّعتْ لُغاتُ البشرِ عن المفرداتِ القرآنيّةِ وابتعدَتْ عنها مع الزمن ، باستثناءِ العربِ – الأمّيّين لغةً – الذين حافظوا على لُغةِ السماءِ حتى مجيءِ الكتابِ المصوغِ من هذه المفرداتِ ، وهو القرآنُ الكريمُ الذي تولّى اللهُ تعالى من خلالِه عَمَلِيّةَ الحِفظِ هذه ..
وعالميّةُ الإسلامِ تلتقي مع عالميّةِ العروبةِ عند البيتِ الحرام ..
( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ) ( البقرة : 125 )
( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً
لِلْعَالَمِينَ ) ( آل عمران : 96 ) ..
( جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ ) ( المائدة
: 97 ) ..
فالبيتُ الحرامُ الموجودُ على أرضِ العروبةِ ، هو أوّلُ بيتٍ وُضعَ للناسِ دون استثناءٍ ، مثابةً وأمناً وقياماً ، فالبشريّةُ جمعاءَ تلتقي كروحٍ وتاريخٍ عند المقدّساتِ الإسلاميّةِ العربيّة ..
وهكذا نرى أنَّ عالميّةَ رسالةِ الإسلامِ كَلُغَةٍ ( القرآن الكريم بمفرداتِهِ الفطريّة ) ، وكمكانٍ مقدّسٍ (البيت الحرام ) ، تلتقي مع عالميّةِ العروبةِ كلغةٍ وتاريخٍ وثقافة .....