شبكة ذي قار
عـاجـل










قد تمرّ على المناضلين المجاهدين ظروف صعبة، وليال حالكات، وقد تثقل الكواهل بالأحداث الجسام .. فما يزيدهم ذلك إلا اصرار على التمسك بالمبادئ , فسنة الابتلاء تضع المؤمن على محكِّ الاختبار، كما قال الحق في كتابة العزيز ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ ﴾, سُئل الإمام الشافعي - رحمه الله أيهما أفضل للرجل: أن يمكَّن أو يُبتلى ؟ فقال لا يمكَّن حتى يُبتلى ..

كان اصحاب الرسالة الاولى يدكّون عروش الكفار ويهزمون المشركين، في القادسية واليرموك وحطين وعين جالوت و .. وغيرها، ولكن ما هو سر قوة اصحاب الرسالة الاولى ..؟؟ كان الإيمان المطلق لدى المسلم المؤمن، بأن الله عز وجل سينصره على أعدائه، بغض النظر عن التوازن في القوة المادية ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْاَشْهَادُ ) ,

والقوة الحقيقية هي قوة الله عز وجل، التي يهبها للمؤمنين الصادقين المجاهدين في سبيله: { سيهزم الجمع ويولّون الدّبر، بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ } في غزوة الخندق مرّت على المسلمين المجاهدين في المدينة المنوّرة أيام عصيبة قاسية حالكة رهيبة، وصفها الله عز وجل في محكم تنـزيله وصفا دقيقا مذهلا بقوله { إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنّون باللّه الظّنونا، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا } وفي خضمّ تلك المحنة الرهيبة، لم يتزحزح المؤمنون المجاهدون عن موقفهم الحق، ولم يتراجعوا أمام الباطل، ولم يساوموه على سلامتهم ونجاتهم .. بل لم يفقدوا ثقتهم بنصر الله عز وجل ، الذي لا نصر إلا نصره: { ولمّا رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وصدق اللّه ورسوله وما زادهم إلاّ إيمانا وتسليما }.

 كيف أنتصر المسلمون في بدر وهم القلة القليلة ..؟؟ ففي يوم بدر كان الصف واحداً، وكانت الكلمة واحدة، وكانت النية صالحة ، فلم تدخل الدنيا في القلوب فانتصرت القلة القليلة ..

أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة قال ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها ) اليوم هناك حقيقة يجب أن ندركها وأن لا نطمسها أو نحاول أن ندفنها، فحال العرب يدمي القلب أمة ينهشها المفترسون ، وأصبحت الأمة العربية هزيلة ضعيفة فاقدة التوازن لا تستطيع الوقوف على قدميها ، حبيسة الإرادة الدولية ، لا تستطيع الفكاك عن سطوتها ، جيوشنا نيران صديقة لا تصيب العدو السلاح العربي يصدأ في المخازن ننتظر تصريحات ترامب أو بوتن وهؤلاء مواقفهم تتحدد وفقا لمصالح أمريكيا وروسيا وإسرائيل وايران بدئنا نقرأ بلغة بريل نعيش سنين عجاف تطاولت علينا الامم حتى تبلد لدينا الشعور بالعزة والكرامة , الضعف والذلة والتفرق فأصبحت الأمة العربية رغم كثرتها وامتداد ساحتها ورقعتها ومواردها الطبيعية وقوة اقتصادها أصبحت أضعف الأمم، وأقل الأمم شأناً في هذا العصر، بينما الأمم الأخرى لا يمكن أن يحصل شيء في هذه الأرض إلا بعد أن يؤخذ رأيهم حتى البوذيين في الصين يؤخذ رأيهم، وأما الأمة العربية فإنه لا يؤخذ رأيها حتى في قضاياها هذا هو حقيقة واقع أمتنا وصدق فيها قول الشاعر:

 ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأمرون وهم شهود

 وقفتُ كثيراً قبل أن يختط القلم هذه الأسطر وأنا أنظر إلى السيرة المعطاء لصحابة رسول الله صلى الله علية وسلم التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، لأقارن بينها وبين واقعنا المتخاذل والمنحرف عن مبادئ الإسلام المحمدي ...

 قالها الرفيق القائد المؤسس مشيل عفلق رحمة الله ( كان محمد كل العرب فليكن كل العرب اليوم محمدا ) وكان حينها مسيحيا لكنه كان مستبصرا عندما علم ان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كل العرب بالمنهج السماوي الخالد ...

 في غزوة حنين يقول الحق سبحانه وتعالى ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾ فالأمة العربية اذا كانت تريد أن تنتصر على عدوِّها لابد وأن تتزوَّد بمادة الإعداد وهنا كثير يحاول أن يسأل من أين لنا العدة العسكرية التي تجابه الامريكان والروس وبقية الدول التي تعتدي على الامة .؟؟ الأمة العربية ليست مطالبة بتجهيز عسكري مثلما تجهز القوات المعادية من تكنلوجيا ، الأمة مطالبة بأن تكون مؤمنة، وأن يكون صفها موحداً، وأن تكون قيادتها مؤمنة، ثم أن تُعِدَّ ما تستطيع من الأسباب، وتستعين بالله، وتجاهد في سبيله وستنتصر وتتمكن .. هذا هو الشيء المطلوب ، ولنا في احتلال العراق عبرة لمن أعتبر حيث لم يكن مجاهدي البعث يحملوا إلا أسلحة قليلة ضعيفة بالنسبة لما كان في أيدي الجيش الامريكي من عدة طائرات ومصفحات كتل حديدية تمشي على الارض، ومع ذلك خذل الله الامريكان على أيدي مجاهدي البعث . وعلينا أن ندرك حقيقة مهمة وهي أنه لم يلتق ولم يحصل يوم من الأيام أن كانت قوة المسلمين أقوى من قوة الكافرين، فالكافرون دائماً هم الأكثر، والكافرون دائماً هم الأقوى من ناحية العدة والعتاد، ولكن جانب الإيمان يرجح المسلمين على عدوهم ولذلك كان عمر أبن الخطاب رضي الله عنه إذا استبطأ النصر من قادته كتب لهم إنا لا نقاتل الناس بعدد ولا عدة إنما نقاتلهم بهذا الدين فلعلكم أحدثتم أمراً . يذكرهم لعلكم أحدثتم شيئاً فراجعوا أنفسكم، هل أخللتم بشيء من أسباب النصر ...

اليوم يشعر كثير من العرب بالعجز والإحباط وفقد الثقة بالنفس واليأس من مجرد التفكير في إمكانية عوة هذه الأمة العربية إلى ماضيها التليد ومجدها السليب , ومهما كان واقع أمتنا مرا يفرض على كثير من الناس أقسى الظنون إلا أنه ينبغي ألا يصيب المناضلين والمجاهدين وحملة رسالة الامة اليأس والعجز والهزيمة...وليكن عندنا اليقين بأن أمتنا يمكن أن تمرض ولكنها لا تموت ولن تموت ..

فمهلاً مهلا أيها الصفويين الاوغاد سوف نجعل عاليكم اسفلكم سندك كل عروش الظالمين فإنَّ غَداً لناظرهِ قَريبُ ...

( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ )





السبت ٢١ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحمد مناضل التميمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة