كنت قد قررت إعتزال الكتابة نهائياً لظروف خاصة ، لكني خرجت من عزلتي لأحيي ماجدة عراقية أصيلة تعيش في المهجر منذ سنوات طويلة ، هي لا تتذكر جيداً شوارع بغداد ولا مناطقها ، ولم يتسنى لها ان تختلط كفاية في المجتمع العراقي أو تتعرف على تراثه بشكل جيد ، وعندما تتحدث باللغة العربية تشعر بأنها تستجمع الكلمات وتبحث فيها قبل أن تختار منها ما تريد لتكون جملة ، وهناك كلمات باللهجة العراقية الدارجة لا تعرف معناها ، هذا طبعا بسبب تعاملها اليومي بلغة البلد الذي تعيش فيه ، ومع إنها تجد صعوبة في الكتابة باللغة العربية إلا إن هذا لم يمنعها من أن تكتب ما تريد بكل جراءة وثقة ، فهي مقتنعة بأن مصداقية الموقف أهم من دقة الإملاء والقواعد اللغوية ، وهذا في رأيي المتواضع صحيح مئة في المئة ، ورغم انها اندمجت في المجتمع الغربي وأخذت الصالح منه إلا أن هذه السيدة التي فارقت العراق وهي صغيرة تحمل في داخلها حب وشوق للعراق من النوع النادر ، وإنتماء قومي عربي تحسد عليه ،

هي لا تخفي مواقفها الوطنية ولاتتجنب التصريح بما يجول في خاطرها ، ولا تجامل على حساب القضية التي تؤمن بها ، واضحة وصريحة ، تتواجه وتتصادم مع أصحاب الشذوذ الوطني بكل شجاعة ، وكانها أقسمت أن تحمل على عاتقها مسؤولية الدفاع عن قضية مصيرية دون حساب الوقت والجهد الذي تبذله يوميا ، وجهدها غير مقتصر على مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الألكترونية بل وحتى ميدانياً ، فهي تقتنص الفرص لإيصال الحقائق وآهات المظلومين في وطنها العربي لأبناء البلد الذي تعيش فيه ، مستغلة إتقانها لغتهم لتظهر لهم الحقائق التي يتغافل عن ذكرها الإعلام ، وفي مرة ذكرت لطبيب كان يعالجها وقائع لم يكن على دراية بها ، فكسبت تعاطفه ليكون واحد من عشرات أثرت بمواقفهم ، هذه السيدة خصصت من وقتها الكثير لأجل أن تقوم بواجبها الوطني ، القومي والديني ، وتركت أثرا ايجابيا بنفوس من يتابعونها ، أنها عملة نادرة تستحق كل أحترام وتقدير ... ألف تحية لك أيتها الماجدة العراقية الأصيلة.

بلال الهاشمي
باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي
alhashmi1965@yahoo.com
 ٢٠ / شبــاط / ٢٠١٧