شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

- سياسة القضم التدريجي :

- مسار الصراع في مجال ( Geo – Economic Polarization ) :

- الآيديولوجية الروسية الجديدة، التي تجمع بين ( القومي والديني ) :

1- سياسة القضم التدريجي :

 - تدرك امريكا أن المجال الحيوي الروسي، وحدود هذا المجال ومدى خطورته على الأمن القومي الروسي .. كما تدرك روسيا في الوقت ذاته حدود المصالح الحيوية الأمريكية ومدى خطورتها .. بمعنى أن المجال الحيوي للقوتين العظميين لا أحد يجادل أو يضع مقاربات تمس وضعهما الجيو- إستراتيجي .. فأوكرانيا تقع في المجال الحيوي الروسي، وإن الضغط الأوربي الأمريكي يعمل من اجل جذب أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وأوكرانيا تعتبر- كما أسلفنا في حلقة سابقة- العمود الفقري للمجال الحيوي الروسي، الذي يصعب سلخه من هذا المجال صوب الناتو .. وهي تختلف عن سوريا التي ترى روسيا فيها مصالحها ولم تدخل في مجالها الحيوي .. كما يختلف الأمر حول ( المصالح الحيوية الأمريكية التي يتداخل فيها - حسب مبدأ ريغان - الأمن القومي الأمريكي، والتي يمونه ( American Vital Entrusts ) .

- الأمر الذي يعني، أن نضمام أوكرانيا الى الحلف الأطلسي من الناحية الجيو- إستراتيجية، وإن إقتراب حدود الحلف كثيرًا من العاصمة موسكو .. يشكل خطرًا جيو- استراتيجيًا، وهذا يشكل بدوره مدخلاً لموقف أخطر قد تتخذه موسكو لمنع قضم مجالها الحيوي على الصعيد الأوربي.!!

- وسياسة القضم هذه جاءت بعد تفكك الأتحاد السوفياتي وإنتهاء الحرب الباردة وإنهيار جدار برلين وتوحيد ألمانيا، ثم تفكيك يوغسلافيا وتقسيم تشيكوسلوفاكيا، والعمل يجري لجذب دول المنظومة الأشتراكية - دول حلف وارسو- إلى الأنضمام للحلف وإخضاع دوله لشروطه.!!

- الذي يحكم الفعل الروسي هما عاملان، الأول : الخوف من إشتعال فتيل العنف الطائفي والعرقي في الداخل الروسي وفي الدول التي تقع على خط مجالها الحيوي، وخاصة جمهوريات الأتحاد السوفياتي السابق، التي تعول موسكو على جذبها إلى دائرة تأثيرها .. وإن وقوفها خلف إيران يؤكد هذا المغزى. وثانيًا : يعبر قلق موسكو من تقارب أمريكا من إيران، ووضعها في دائرة الخيار السياسي، إما الملف النووي أو الأبتعاد عن موسكو، لأن أمريكا لن تتخلى عن إيران سواء كان من يحكمها ( شاه أو خميني أو خامنئي أوأي زعيم إيراني قادم ) .. وهذا ربما تدركه موسكو، لماذا؟، لأن إيران تبقى جيو- بوليتيكيًا دولة عازلة ( Buffer State ) ، أمام موسكو تمنعها من الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج العربي حيث منابع النفط وخزين الغاز الطبيعي والموقع الأستراتيجي للمنطقة ، كعامل يغري صانع القرار الروسي بالزحف حيث تستدعي الفرصة المواتية لفرض سياسة الأمر الواقع .. ولكن الواقع الراهن تتضح ملامحه بتقسيم النفوذ في مناطق الأحتقان أو الصراع، ـ فـ ( في اليمن لا وجود روسي على أرضه ) و ( في العراق لا وجود روسي على أرضه ) و ( في سوريا وجود روسي وإيراني عسكري وسياسي كثيف .. ووجود عسكري أمريكي لأدارة الصراع ومنع تداخل الخنادق ومنع الأنسياح الأيراني نحو مياه المتوسط - وهنا الأمر يدخل خانة التنسيق الأمريكي الروسي- ) ، الذي أربك المنطقة وأربك حتى أوربا .

 2- مسار الصراع في مجال الأستقطاب الأقتصادي- الجغرافي :

- إن ملامح الحرب الباردة في خضم هذا الكم الهائل من الأحداث وردود الأفعال، فضلاً عن المتغيرات السريعة، التي شملت مناطق ذات أهمية إقتصادية وإستراتيجية مثل ( الشرق الأوسط ) و ( آسيا الوسطى ) و ( بحر قزوين ) و ( خطوط النفط والغاز ) .. هذه الملامح لا تعبر عن أهم أعمدة الحرب الباردة ألا وهو الأستقطاب الدولي .. والأستقطاب في هذه المرحلة لم يكن إستقطابًا ( آيديولوجيًا ) بمعنى إنقسام العالم أو صيرورته كتلتين تتصارعان عقائديًا ( رأسمالي وإشتراكي ) أو ( معسكر شرقي ومعسكر غربي ) إنما سيأخذ الصراع مساره بين ( شمال صناعي وجنوب نامي ) أو ( عالم ثالث ينتج المواد الأولية وعالم رابع عبرَ خط الأنتاج البدائي ) بمعنى، إستقطاب إقتصادي جغرافي ( Geo- Economic Polarization ) ، وهو الأستقطاب الجيو- سياسي، بمعنى تجمعات نظم ( سياسية- إقتصادية ) تحاول أن تدخل أو تدور في فلك الـ ( Polarization ) ، لتحمي نفسها في إطار تكتل إقتصادي صناعي، طالما بات الكارتل الأقتصادي- العسكري الغربي، يفرض تحكمه في مفاصل وحدات الأنتاج وحتى في وسائل الأنتاج المتطورة، الأمر الذي سيحفز، خاصة الدول التي تخطى انتاجها عتبة العالم الثالث وباتت في وضع التصنيع الأنتاجي، الذي يعتمد خطاً انتاجيًا رابعًا .. والذي يسمونه بالعالم الرابع النامي ( دول النمور الخمس في آسيا ) ، ولكن طبيعة الرأسمالية وهي تغذي دوافع الهيمنة والتسلط ونهب ثروات الشعوب، قد دفعت الدول للدخول في أطر إقتصاد- حمائي، مثل دول مجموعة ( بريكس ) ، وهي الدول التي تحتاج إلى وقت طويل حتى تتخلص من آثار التعامل السلبي الناجمة عن أنماط التعامل الرأسمالي المضرة باقتصاداتها، فضلاً عن التخلص من ثقل المديونية الخارجية من جهة، والقيود الأقتصادية المفروضة عليها من لدن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على حد سواء، وهما من أدوات العولمة .

إذن .. إن حالة الأستقطاب في أفق المستقبل لا تتعدى الأستقطاب الـ ( جيو- إقتصادي ) ، فيما يستمر الصراع والتنافس والفهم المشترك للقضايا ذات المصالح المشتركة قائمًا مع مراعات المسائل ذات الخطوط الحمراء.!!

هل أنتهى النظام الدولي الذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية عام 1945 ؟ :

- تصرفت روسيا خلال مؤتمر الأمن الدولي الأخير في ميونخ بـ ( ألمانيا ) بشيء من الغطرسة الفاضحة جاءت تحمل مغالطات تأسست على ما يلي :

1- إن وضع النظام الدولي الراهن الأقتصادي والعسكري والأمني والدبلوماسي في الساحة الدولية بات مضطربًا ومرتبكًا, على طريق الأنهيار.

2- وإن مؤسسات الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واتفاقية منظمة التجارة العالمية الـ ( كات ) وحتى منظمة حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) وغيرها أصبحت في وضع مرتبك ومشلول- بينما موسكو قد استخدمت الفيتو سبع مرات حول القضية السورية، بحيث شلت مجلس الأمن الدولي ومنعته من أن يلعب دوره وفقًا للميثاق- .

3- وإن المعاهدات والأتفاقيات والمواثيق والبروتوكولات الأوربية والأمريكية باتت مشلولة ومجمدة هي الأخرى، ومنها معاهدة حظر الأسلحة المحظورة – ولكن موسكو تحاول أن تتستر على جريمة إستخدام نظام دمشق أسلحة كيمياوية ولمرات عدة ضد شعبه، لا بل تحميه بالفيتو.!!

4- فيما تعيش العملة الأمريكية ( الدولار ) ، وهي عملة عالمية، الأضطراب وفقدت جزءًا من عالميتها نتيجة لتذبذبها .. ولكن، عملات العالم الصعبة ترتبط عادة بالأحداث السياسية وتتأثر بها صعودًا وهبوطًا، وما يصيب الدولار يصيب اليورو والأسترليني والين وعملات السلة النقدية المعروفة.

5- وان القدرات العسكرية الأمريكية ما تزال عظيمة وقوية، ولكنها يصعب عليها شن عمل عسكري بقدرة ونفس طويل من الزمن في مناطق العالم.

ولكن العالم خلال هذه الحقبة شهد تطورًا هائلا في التكنولوجيا والعلوم وثورة في الأتصالات وبوسائل الأنتاج وتحسن نسبي في واقع التحولات .. وعلى الرغم من الحروب الأقليمية إلا أنه لم يشهد حربًا عالمية ثالثة .. إلا أنه شهد فشل القطبية الأحادية وأثبت عدم قدرة النظام الدولي أن يستعيد نهوضه على أسس نظام القطبية الثنائية .!!

- فأذا كان النظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، رغم مساوئه وإحباطاته وبشاعاته ما يزال قائما يحمل بصمة التحول من حالة ( نوعية ) إلى حالة ( نوعية ) أخرى مغايرة .. ربما تترشق فيها الترهلات والتضخمات التي اصابت بنيته وهياكله النظمية ( السياسية والأقتصادية والثقافية والفكرية والنفسية والأخلاقية ) على اساس التصحيح والترميم وتكريس قاعدة الألتزام والألزام الأخلاقي والقانوني ضمن أطر ذات أبعاد كونية تحفض للأمم المتحدة وجودها ميثاقًا ومبادئ وهياكل قانونية وإلتزامات أمنية وعسكرية، فأن التحول ( النوعي ) سيستقر على تنميط العلاقات الجديدة لنظام دولي جديد .

- ولكن الملاحظ هو أن لا رؤية كونية تطرحها روسيا على أساس المنهج أو المشروع البنيوي لنظام دولي تشارك في صنعه منذ إنهيار الأتحاد السوفياتي نهاية عام 1989 وحتى الوقت الحاضر .. ما الذي قدمته إذن ؟ :

1- يفصح السلوك السياسي الخارجي الروسي عن ( تحالفات ) غير مبررة مع نظام ( يرعى الأرهاب ويمارس إرهاب الدولة ) مثل إيران .. هذه الدولة لها بصمتها في الأرهاب، ليس على مستوى المنطقة الأقليمية إنما على مستوى العالم ومنها على وجه الخصوص الأرهاب الأيراني في العواصم الأوربية.

2- يفصح سلوك روسيا العسكري عن دوافع حماية المجرم الأقليمي ودعم نظامه الذي يستخدم السلاح الكيمياوي ضد شعبه .

3- يفصح التصرف الروسي عن سلوك تنسيقي مع مليشيات إرهابية متعددة تديرها قيادة الحرس الأيراني المصنفة في لآئحة الأرهاب الدولي .

4- تلتزم روسيا بسياسة الصمت حيال الجرائم التي تقترفها المليشيات الأرهابية ذات الطابع الطائفي والعنصري من خلال وسائل التنسيق وغرف العمليات الجارية بين أطراف الجريمة ( طهران بغداد دمشق ) لتنفيذ مشروع التطهير العرقي وبرنامج الأستيطان المذهبي .

5- تعاني روسيا في الوقت الراهن من ارتفاع معدل الفقر الذي بلغ نحو ( 20 ) مليون نهاية عام 2016 أي بنسبة اكثر من 13% من عدد السكان في روسيا، فيما بلغ معدل خط الفقر ( 40 ) مليون بصورة رسمية بناءًا على بيانات هيئة الأحصاء الروسية روستات ( ROSTAT ) الصادرة بتاريخ 5 / 04 / 2017 .. فيما وصلت البطالة معدلات غير مسبوقة بين الشباب وغيرهم ، وتآكل البنية التحتية إلى مستوى من الصعوبة، تبيان نتائجها الوخيمة على الشعب الروسي، الذي يعاني ايضا من المافيات .

6- ثم .. هروب الرساميل الروسية الى مصارف الغرب وامريكا لعدم الأطمئنان للوضع السياسي والأجتماعي في الداخل الروسي .

7- روسيا تراهن في سلوكها الخارجي على ثلاثي ( النفط والغاز وصناعة الأسلحة ) ، وأضيف إلى هذا الثلاثي إرث الأتحاد السوفياتي القائم على الردع النووي .. فهل أن النظام الدولي الذي تريده روسيا الأتحادية يقتصر على هذا الثلاثي والأرث الرادع فقط ليتأسس النظام الدولي الجديد ؟!

8- وهل تستقيم رؤية روسيا لهذا النظام مع الغزو والهيمنة على الدول المجاورة لها ( جورجيا ) و ( أوكرانيا ) وشبه جزيرة ( القرم ) ، ومواروفيا ودول البلطيق على أساس التهديد .. والتحالف مع الطغم الطائفية المتخلفة، والأصطفاف مع التيار اليميني الأوربي المتطرف، والدول التي تمارس إرهاب الدولة مثل ( إيران ) و ( كوريا الشمالية ) و ( نظام دمشق ) .. وهل هذا السلوك يصلح لأن يكون البديل للنظام الدولي، الذي يعيش في أسوء حالات تراجعاته وإنتهاكاته وخاصة خلال العقدين الماضيين اللذين تجسدا في ولآيتي ( بوش الأبن ) و ( أوباما ) ؟!

- روسيا ( الأمبراطورية القومية ) هل تعمل بالآيديولوجيا ؟ :

- الأيديولوجيا الروسية الجديدة، التي تجمع بين ( القومي والديني ) :

يتبـــــــــع ...





الاحد ١٢ رجــب ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة