شبكة ذي قار
عـاجـل










يبدو أن علي كمواطن عربي وأنا أتدخل بين رجلين عربيين أن أوضح نقطة يبدو أنها غائبة أو غير واضحة وضاع جوهرها تحت ركام الإبهام في التوصيف أو التعمد في الإشارة السلبية لها والإيغال في طعنها ومخالفة جواهرها ألا وهي القومية.

القومية ليست حزب ولا تيار سياسي وليست مؤتمر ولا توجه ولا أيديولوجية ولا تكتيك. فلو كانت أياً من هذه وتلك لقبلنا الاختلاف في أطنابها ورضينا التغايرات في تعريفها وجاز لنا التناحر في موالاتها من عدمه.

القومية شعب. القومية أمة. القومية كينونة وهوية. القومية ثقافة وحضارة وإرث مشترك. القومية لغة مشتركة.

وعليه: فإن الوقوف والتناغم والانسجام مع الذات ليست خياراً بين عدة خيارات وليست مفاضلة بين ضفتين وليست اجتهاد في التعبير عن الحق كموقف ولا عن الباطل كموقف بل هو خيار واحد لا غير طوبى لمن تمسك به وعار على من تلاعب به أو بخسه.

القومية لا تحتمل المناورة ولا التذاكي لأنها ذات الإنسان وعنوانه وهويته فمن ذا يناور على نفسه؟.

والقومية ليست سعودي وعراقي وجزائري وعماني وسوري ومصري ولبناني وفلسطيني وأحوازي ولا قطري أو إماراتي أو بحريني أو سوداني أو يمني أو موريتاني ولا مغربي أو تونسي.. بل هي الإنسان الذي يسكن كل هذه البقاع الحبيبة التي هي أرض العرب (القومية) وعليه واجب الانتماء والولاء والاشتغال والدراسة والبحث والخدمة والحماية لها ليس استثناءً من باقي خلق الله من هنود وصينيين وإنجليز وفرنسيين مثلاً بل تشابهاً وتماثلاً بسيطاً عفوياً بديهياً.

ومن هنا ينبثق واجب وحق الولاء والدفاع عن العروبة كذات وهوية من قبل كل العرب وينتفي ويرفض ويدان أي اجتهاد يخالف هذا. والإنسان العربي الذي يمثل القومية طبقاً لفهمنا المتواضع هذا لا يحق له شرعاً وقانوناً أن يوزع ولاءه الاجتماعي أو السياسي (فيصير موتوراً حاشى العرب) بل هو حصري لا يتعدد قط ولأن العرب شأنهم شأن باقي الأمم يتعددون في عقائدهم الدينية بين يهود ومسيح وصابئة ومسلمين ويتفرع عند الكثيرين الولاء الديني إلى انتماء وولاء مذهبي وإلى فرق داخل المذاهب صار لزاماً أن يكون قاسم الصلة المشترك هو القومية وأن تكون باقي الانتماءات قائمة تحت الخيمة القومية وتتفاعل ضمن أفياء هذه الخيمة بمفاهيم الحرية والديمقراطية كتعبيرات معاصرة للحياة وتصريفاتها السياسية وما يرتبط بالسياسية.

لا أظن أن ما قلته يثير جدلاً عند أي عربي. للعربي أن يوالي ذاته في مصر أو العراق أو عمان فيستقتل في الدفاع عنها مادياً واعتبارياً. لكن ليس للعربي حق الاجتهاد في موالاة إيران أو تركيا أو روسيا أو أمريكا على حساب الأمة أو أي من أقطارها. وهنا يحصل وحصل التقاطع مع معن بشور ومن معه في جماعة المؤتمر اللاقومي. وأقولها بملء الفم (لا قومي) ليس بنية العدوان أو الانتقاص لا سمح الله فأخلاقنا لا تسمح بل لأنها الحقيقة المرة التي سيلعن العرب (القومية) ويركنون بشور وجماعته في زوايا مظلمة من صفحات سفرهم. وبشور ومؤتمره الفارسي يدركون تماماً هذه الحقيقة (النتيجة).

لقد أجاد الأخ خالد بل أبدع في محاججة بشور ولن نكرر ما ارتكز عليه برسوخ من حقائق وأدلة تضاهي بإشراقها أنوار الشمس. ذلك لأننا قد تصدينا للبشور وزملاءه في المؤتمر الفارسي وكتبنا عديد المقالات التي استخدمت المنطق القومي السليم الذي أوصل قناعاتنا إلى ملايين العرب قبل أكثر من سنتين وبشكل دوري ومتواصل.

القيمة المهمة (بالنسبة لنا) في الرد المفحم للأخ خالد الدخيل على ارتجاف بشور وتيهه في العمق الاستراتيجي واللقاء الديني والحضاري المزعوم مع الفرس أو إيران عموماً هو أن الأخ خالد ليس بعثي على ما أظن وقد يكون على خلاف مع البعث وهذا حقه. وهذا اللقاء لا يسعدنا لأنه يعزز ويعضد موقفنا نحن فحسب بل لأنه هو الموقف (القومي) الذي نتمنى أن يتعاطى به آلاف الكتاب العرب بل ملايين العرب من عموم شعبنا العربي على امتداد جغرافية أمتنا المباركة من المنامة إلى نواكشوط عل بشور يرعوي هو وشلته ويرتدع عن ما ركبه من باطل بحق نفسه وأمته.

وليعلم الأخ معن بشور أننا لا نعاديه ولا نستهدفه بل أننا لولا معزتنا له كإنسان عربي هو ومن معه في مؤتمرهم لما أقدمنا على نقده وبقسوة ونصيحته بترفع وسمو. نحن نتعامل مع موقفه كقضية عربية ذات جذور وتداعيات بدأت منذ يوم الردة التشرينية السوداء وتجاسر (المرحوم) حافظ الأسد على شرعية البعث والتي كان الأخ البشور يشاركنا بها قبل أن يشح رطب نخلة العراق ويجف ماء فراته البعثي بسبب الغزو والاحتلال. ونرى بصدق أن بشور كان عليه أن يموت ثابتاً على موقفه أيام كانت بغداد ساحة تحتضنه وعطر سمكها المسقوف على ضفاف دجلة يملأ أنفه وأن يبقى معنا في محنتنا لا أن يعدل بوصلته ليصير تشرينياً طائفياً فارسي الهوى والفعل الضار المؤذي للقومية التي يتوهم أنه ينتمي لها لمجرد القول المموه الفارغ ويتجاهل أنها ولاء مطلق وحب مقدس.

نحن نمتلك ملايين الأدلة التي يمكن أن نضيفها لما تفضل الأخ خالد من محاججة علمية في مقاله القيم الرصين. العراقيون ومنهم البعثيون بالذات أفواههم مليئة بالدم المراق بأذرع إيران وأزلامها الذين كانوا يقاتلوننا معها في القادسية وكان بشور يومها يقف إلى صفنا ويخون ويجرم أزلام إيران وبديهي أن موقفه ذاك يخون ويجرم حافظ الأسد الذي تحالف في الحرب مع إيران لأنه طائفي وليس قومي عربي. هادي العامري ونوري المالكي وحزب الدعوة وعمار الحكيم وأبوه وعمه والمجلس ومن لف لفهم ومعن يعرفهم أكثر منا هم من كان يقاتل العراق مع الجيش الإيراني وهم من جلبهم الاحتلال الأمريكي من طهران وقم وصاروا حلفاء الآن لنظام الأسد وبشور معهم وهم يعبثون بالعراق سيادة وشعباً وأرضاً وممتلكات وبشهادة العالم كله ما عدا إيران التي تحتل العراق بهم وبحرسها. ألا يكفي هذا للدلالة أن بشور ومؤتمره اللاقومي قد حرفوا البوصلة وتنكروا للعروبة ولضمائرهم (والقومية ضمير) وصاروا جزءاً من التحالف الشعوبي الطائفي الإيراني؟.

من يريد أن يصف موقفنا هذا بالتعصب فليكن.. نعم متعصب ومتعصب جداً. وأعطونا أمريكياً أو ألمانياً أو نايجيرياً لا يتعصب لقناعاته الوطنية والتكوينية الحياتية العضوية القومية ويدافع عنها بالسلم وبالحرب. التعصب في الدفاع عن الوجود وخيارات الحياة الكريمة هو ذروة ما يميز الإنسان عن سواه من الحيوانات وهو غير التعصب الظلامي الذي يقزم الآخر ويحتقره ويظلمه والعياذ بالله. التعصب هنا هو الغيرة الإنسانية النابعة من الضمير الحي ومن الحاجة الحياتية، حاجة البقاء والارتقاء.

ولنسأل الأخ الكريم خالد الدخيل لنجهز له مزيداً من أسلحة الحق الأبلج. هل يستطيع معن بشور نفي العلاقة العضوية بين حزب الله اللبناني وحزب الدعوة العراقي وباقي مكونات (الائتلاف الشيعي الحاكم منذ سنة الغزو للعراق) والولاء المطلق والعقيدة المذهبية السياسية المشتركة بينهم؟ ولأن لا بشور ولا بشار يستطيع فك الارتباط الحياتي بين هؤلاء فإن الأخ خالد والسيد بشور سيكونون أمام حقيقة التحالف بين هؤلاء وبين نظام الأسد القاتل. وهو حلف يعادي العرب (القومية) ومالاته الأساسية التي يسير نحوها حتماً هي سيطرة إيران على المشرق العربي بصيغة احتلال استيطاني.

ولنسأل بشور.. من الذي يقتل ضباط القوات المسلحة العراقية منذ عام ٢٠٠٣ وإلى يومنا هذا وهم ضباط محترفين في الجيش والقوة الجوية كطيارين؟ هل الشعب العراقي يقتل رجاله؟ وإذا سمعنا عن ادعاءات إجرام للنظام وللحزب روج لها الإعلام كما لم يروج لفرية مثلها في كل التاريخ فإن حقيقة الحقائق هي أن ضباط الجيش والطيارين لا يحتكون بعامة الشعب أصلاً ليسجل عليهم ثارات لا تنتهي.

إيران وأعوانها سيد بشور هم من يقتل رجالنا.. وإذا كنت لا تعرف السبب فدعنا نخبرك بكل سرور: إنهم يقتلون رجالنا لأن هؤلاء الرجال هم من جرع خميني السم.

وأخيراً ولكي لا نطيل ونحن مستعدون لمناظرات تلفازية مع بشور نثبت له أن إيران لن تستجيب لندائه الساذج بالأخذ بعين الاعتبار احتجاجات وقلق العرب من مشروعها التوسعي بل أن أركان النظام يضحكون بملء أشداقهم عليك لهذه الدعوة بعد كل دعوة غداء أو عشاء يقدمونها لكم في مطاعم طهران.. أخيراً نقول لبشور ولمؤتمره اللاقومي... اقرءوا رد خالد الدخيل بعناية وتفكر وفككوا مؤتمركم لأنه يمزق العرب (القومية) ويعاون إيران على مشروعها لاحتلال أرضنا وإذلال شعبنا. ونطالب بشور بمحاورة رسالة القائد الأمين العام للبعث والقائد الأعلى للجهاد والتحرير الأستاذ عزة إبراهيم التي وجهها لإيران مؤخراً عله يجد طريقاً للولوج إلى منصات التداخل الحضاري والاستراتيجي مع نظام ولاية الفقيه المستقتل لإخضاع العرب تحت يافطة المذهب مع أن المذهب وقبله الدين عربي وليس من صنع إسماعيل الصفوي الذي أسس مذهباً آخر مجوسي الطقوس.

ونأمل أن يدرك الجميع أن العرب كلهم قوميون بغض النظر عن معتقداتهم السياسية والدينية لأن القومية هي العرب وليس البعث أو الناصرية مثلاً سوى استلهام لروح العروبة وبشراكة واشتقاقات تاريخية معروفه بين الاثنين تفرض أصالتها وأرجحيتها حقيقة الظهور على الساحة القومية حيث ولد البعث في أربعينيات القرن الماضي.





الاربعاء ٢٢ رجــب ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة