شبكة ذي قار
عـاجـل










في علم وطب زراعة الأعضاء يجري الاهتمام بالتوافق بين العضو المنقول والجسد المستقبل على نحو كبير جداً لأن النقل الذي تعوزه كل إثباتات التقبل والاستعداد العضوي لأداء الوظائف سيكون له مردودات وخيمة تنتهي بموت المستقبل وضياع استثمار الناقل. الموت في هذه الحالة خسارة مركبة فالعضو المنقول ثمنه باهظ والمستقبل حياته مهمة ولولا أهميتها لما دفع الثمن الباهظ للعضو المنقول وتكامل القيمة المادية والمعنوية هو الذي يقرر مردودات الاستثمار.

انتقينا هذا التشبيه لأنه يتعلق بالحياة التي هي أهم ما خلقه الخالق جل في علاه وجعل التعامل معه أهم وأخطر ما يمارسه الإنسان وباقي الكائنات الحية. فاحتلال العراق بالغزو العسكري لعشرات الدول لم يتم إلا لأن العراق مهم لمن غزوه وبقاءه حياً ضرورة حتمية للعملية السياسية التي نقلت إلى جسده.

هل توفق الفريق الناقل للعملية السياسية من دراسة توافق الجسد العراقي لها ومعها؟ الجواب القطعي، كلا، لم يوفق بدليل أن الجسد العراقي إجمالاً لم يتقبل ولم يتفاعل عضوياً وظل العضو المنقول ينبض في حالة حرجة رغم مضي ١٤ سنة . وما نراه اليوم هو عملية احتضار للعملية السياسية التي أقحمها الأمريكان وحلفاءهم على الجسد العراقي ولا العملية التحمت ولا الجسد العراقي تقبل هذا الزرع الخبيث الإجرامي المقيت.

لماذا رفض الجسد العراقي عملية النقل؟
أولاً: لأن العراق بلد عربي. عربي بعربه وعربي بأقوامه غير العربية التي انصهرت في عروبته منذ الأزل. الاحتلال حاول زرع قلب أعجمي للجسد العربي العراقي فظل يرفضه ويرفسه بل يوجه له الطعنات المميتة حتى استحال هدف أن يقر له قرار.

ثانياً: لأن الشعب العراقي في عمومه الأعم يرفض الطائفية السياسية ويستنكف أن تتحول إلى بديل لنسيجه الاجتماعي المتآخي والمتصاهر والمتسم عموماً بالوعي وفهم الأهمية الاستثنائية للتجانس الفكري والثقافي في بقاء واستقرار وأمن المجتمعات.

ثالثاً: الشعب العراقي عموماً شعب أبي يقف على أعلى قمم الكرامة والعز والشموخ ولا يمكن أن يرضى، في الحالات النهائية للأمور، بأن يحكمه أجنبي. ودليلنا على ذلك هو ما آلت إليه أوضاع العراق بعد مجيء الاحتلال بأقوى قوى العالم العسكرية والاقتصادية والإعلامية غير أنه لم يتمكن من بسط سيطرته على كيلومتر مربع واحد من العراق رغم مضي ١٤ سنة . يقول المجرم توني بلير في اعترافه بإثمه وخطاياه في قرار مشاركة بريطانيا في عملية غزو العراق ما معناه: لقد حسبنا الأمور غير أن ما حصل لم يكن في حساباتنا. ويكرر ترامب القول منذ ترشيحه وفوزه وتوليه الرئاسة: إن إسقاط النظام الوطني العراقي كان أكبر خطأ ترتكبه أميركا في تاريخها.

رابعاً: إذا تمكن حزب الدعوة الإيراني وشركاءه من التواجد في سلطة الخضراء تحت حماية أميركا والاحتلال الإيراني لبلدنا فإن شعبنا سيمزق هذا الحزب وكل من جاء معفراً بأتربة بساطيل الغزاة أربا فور تخلي أميركا عن العملية السياسية والتخلي هذا بات الآن يبحث عن مخارجه. آخر محتل في الكون يمكن أن ينجح بإذلال العراقيين هم الفرس وأعوانهم. العراقي بحكم الجيرة والتاريخ والاختلاط يعتبر العجمي نكرة ووسخ وخبيث ومجرم وحاقد ولا يمكن لعراقي أن يقبل بسلطة فارسي عليه. تصاعد الوعي عند شعبنا بكون سلطة أحزاب العملية السياسية إنما هم فرس يجعل من هتاف العراقيين الآن في كل مكان: إيران بره بره .. بغداد تبقى حره.
خامساً: الفشل الذي آلت إليه العملية السياسية الاحتلالية وما مارسته من إجرام وإرهاب ونهب للمال العام وإفقار وإذلال للشعب وانعدام مخزي للقدرات الإدارية وغياب الرؤية الاقتصادية والتنموية وتمزيق المجتمع والوزارات وطوئفة الجيش والقوى الأمنية والاجتثاث وانحطاط التعليم والصحة والخدمات وتفشي الفساد الأخلاقي كلها علامات تؤكد صحة ما ذهبنا إليه بدءاً من أن القلب المنقول لا يصلح للعراق الذي اجتث قلبه.!!!

سادساً: جملة ما أنتجه الاحتلال من دستور وقوانين وممارسات شكلت إهانة للإنسان العراقي. وإذا بدا للبعض أن بلع الإهانة من قبل بعض العراقيين سيستمر إلى ما لا نهاية فهم على وهم كبير.

سينتزع شعبنا العضو الذي حاول الغزاة وقردتهم زرعه في جسدنا فجلب له البلاء والوباء والالتهابات التي لا دواء لها إلا بإخراج المنقول وسحقه في قمامات بيوتنا في كل حارة وقرية عراقية.

إن الغزو والاحتلال ومن ارتزقوا عليه قد تصرفوا بما هو مخالف لجدل التاريخ وإرادة الدين وحضارة وثقافة شعبنا وإذا كان البعض يرى أن فكرة أو فلسفة أو نهج فرض الأمر الواقع على شعبنا ستنجح فإننا ومن بين جموع سواد شعبنا نقول: مقاومتنا ستسقط الزرع الخاطئ في الأرض الخاطئة ولن يحكمنا الأمر الواقع المفروض من الخارج قط.

ونحيل من يراهنون على قوة المليشيات والحشد إلى آخر تصريحات نوري العجمي التي ظهر فيها مدافعاً عن جرائم الحشد وممارساته الإرهابية وهي تصريحات تثبت أن العراقيين الذين ظنوا أو صدقوا أن الحشد مقدس وأنه حامي الحمى قد نفضوا أيديهم وهم الآن من يعري الحشد ويفضح خطاياه وجرائمه في الموصل وغيرها من مدن العراق التي استباحها الحشد كقوة احتلال إيرانية.





الخميس ١ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة