شبكة ذي قار
عـاجـل










تحن علينا السماء ، ويمنحنا القدر بين الفينة والأخرى كأفراد وأمم ، وهو ما نستنبطه مما تمر به الأمم من أحداث بطلها رجال ليس كمثلهم رجال في العصر الذي يعيشون فيه ، يحفرون أسماءهم في صخر المعاناة التي تعيشها أمتهم ، ويخطون طريقاً غير مسبوق للأخذ بيد الأمة للخلاص مما هم فيه من ويلات ونكبات ، وتجزأة وتخلف وتبعية ، فميلادهم لايأتي كل يوم ، ولكن مما يؤشر عليه أن في كل مئة عام تقريباً تطل علينا مثل هذه الشخصية المتميزة .

ميلاد رجل عظيم كصدام حسين كان في ظروف يعيش فيها العراق والأمة مرحلة من أسوأ المراحل ، اتصفت بالتجزأة والتبعية والتخلف بعد أن هيمنت عليها قوى يمينية متخلفة ، حرمتها من حقها في الحياة الحرة الكريمة ، وسدت كل منافذ النهوض التي يمكن للأمة أن تنفض عنها غبار التاءات الثلاث التي إنتكبت بها .

كان الميلاد عيداً لما صنعته شخصية هذا الرجل العظيم ، وقد زاد من عظمة هذه الشخصية أنها امتزجت بفكر الأمة ، شكلت درعاً حامياً للامة ، والمسؤولة عن خلاصها في دعوة الوحدة والحرية والاشتراكية ، فكان صدام هبة البعث للأمة ، البعث الذي آمن به صدام حسين وهو بعد يافعاً ، أدى بجرأة وشجاعة واحدة من أجرأ وأجسر عمليات المواجهة مع طاغية العراق وديكتاتوريتها ، لما لهذه الديكتاوترية من خراب في بث الفكر الشعوبي ، ولما اقترفت يداه بدم الشهداء من أبناء العراق الابطال .

صعد صدام حسين للسلطة ، فكانت السلطة رخيصة في نفسه ، لم تلوثه كما لوثت الكثيرين ممن فتنتهم ، وأدت لإنحرافهم عن المبادئ التي كانوا يؤمنون بها ، فلم يسمح لها أن تهيمن عليه فكان سلوكه متطهراً منها ، لأنه كان يرى منها الوسيلة لتحقيق المبادئ والاهداف ، فامتلك ناصيتها ، وحقق الكثير من الإنجازات الوطنية والقومية بكل جرأة واقتدار ، فكان الشخصية المهيوبة ، وكان العراق الوطن الشامخى ، وكانت مشاركاته القومية الفارس الذي عندما يحضرتغيب كل الاصوات أمام صوته ، وكما قال احد الزعماء العرب عندما يحضر صدام وكأن على رؤسنا الطير، فهذه هي الشخصية الوطنية القومية التي تتلهف لها منطقتنا العربية .

لو لم تكن شخصية صدام حسين شخصية معجونة بأهداف الأمة ، هذه الاهداف التي تحاربها الامبريالية والصهيونية والطائفية الفارسية والرجعية العربية ، فما كان العدوان الفارسي الذي جاء بعد العدوان الداخلي ، الذي قاده عملاء موسكو من احزاب العهر اليساري ، بالتحاف مع عملاء الجيب العميل عملاء الامبريالية الامريكية والكيان الصهيوني ، وبعد هزيمة هؤلاء وأولئك في الداخل وعلى الحدود العراقية الفارسية ، جاء العدوان الامريكي الصهيوني المباشر ، وكشف زيف وحقيقة أطراف النظام العربي في مصر وسوريا والخليج عندما اجتمعوا في حفر الباطن ، ولكن القيادة الوطنية بشخص صدام ورفاقه صمدوا في العدوانين : حفرالباطن والحصار الظالم ، مما أوغر صدر الامبريالية والصهيونية العالمية ، ومعها نظام الملالي والرجعية العربية للاجهاز على العراق في أبشع عملية غزو واحتلال .

صدام الذي لم يعشق السلطة ، فقد كان يؤمن أنها وسيلة لا غاية ، بكل سهولة إنتقل وحزبه من السلطة لخندق المقاومة ، فقد أكد بقيادة هذا الحزب أنه البطل الحقيقي الذي لم يتوانى في الدفاع عن تجربته ، وليس كما هرب اليسار الطفولي الذي إنهارت تجربته أمامه وعمرها سبعون عاماً دون أن يقدم شهيداً واحداً ، ولكن البعث وصدام تقدموا صفوف المقاومة ، وحفروا أسرع مقاومة في التاريخ ، وصدام نفسه امتلك عن جدارة سيد شهداء هذا العصر ، حتى وهو يواجه الموت لم يتخلى عن مبادئه ، وعن غرس روح بعث هذه الامة في فلسطين المغتصبة ، فلا أحد في هذه الدنيا يستطيع المزاودة على صدام وحزبه بالتضحية ، فقد ضحى بنفسه ، وبأغلى ما يملك الإنسان من ولد وجاه وسلطة .

في ذكرى ميلاد رجل عظيم بعظمة صدام حسين نستذكر المبادئ التي عاش من أجلها صدام وضحى بسببها ، فهي مبادئ أمة تتوق لأن تأخذ دورها في هذه الحياة ، أمة تريد أن تبني دولتها وتنعم بالحرية والعدالة ، أمة تواجه اسوأ ما في البشرية من بشر كما هي الامبريالية والصهيونية والفارسية المجوسية ، ومن يتبع هؤلاء مقابل ثمن رخيص في مستوى نفوسهم المريضة الرخيصة التي باعوها .

صدام حسين سيد شهداء هذا العصر ، عاش بطلاً ومات شهيداً ، فمن كمثله واجه أقسى الظروف في سبيل المبادئ ، ومن كمثله قبض على جمر التضحية والفداء ، ومن كمثله باع الدنيا وداس على السلطة من أجل المبادئ ، ومن كمثله حفر اسمه في التاريخ العربي بطلاً شجاعاً مناضلاً عفاً شريفاً لم تلوثه السلطة ، ولم يسمح للسلطة ولا مفاتنها أن تحرفه عن خط المبادئ ، والسير على الطريق الذي كان طريق الخلاص لأمته التي آمن بها وضحى في سبيلها .

لله درك يا سيدي فقد كنت وما زلت العظيم في حياتك ، والشريف النقي العفيف النظيف في سلوكك ، وكنت البطل الشجاع حتى في أقسى الظروف وأشدها مواجهة، فقد عشت بطلاً ومت شجاعاً شهيداً ، فمن كمثلك نال ما نلته في الدنيا والآخرة .

dr_fraijat45@yahoo.com





الجمعة ٢ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة