شبكة ذي قار
عـاجـل










مقتطفات من كتاب رسالة الأمة العربية الرفيق (( شبلي العيسمي ))

بغداد - دار الشؤون الثقافية
العامة 1998 م

الرسالة وفق تعريف مبدئي .موجز، هي دور العرب النضالي التاريخي الهادف الى تبديل جذري شامل لواقعهم الضعيف المتخلف وإقامة المجتمع الاشتراكي الديمقراطي الموحد الراقي و القادر على الإسهام الفعال في تطوير الحضارة الإنسانية وتجديد قيمتها..

سماتها وآفاقها تتمثل بصورة عامة بكونها :
عربية، انسانية ، اخلاقية ، حضارية ، خالدة متجددة .

1- السمة العربية
عندما نقول ان الأمة العربية ذات رسالة خالدة،فمعنى ذلك ان هذه الرسالة تتسم بأنها عربية،وهنا لابد من توضيح المفهوم الحقيقي لهذه السمة التي تبدو وكأنها بديهية. انها تكسب الرسالة هويتها وملامحها وتعطيها خصوصيتها التي تجعلها مختلفة عن غيرها بصفات معينة أفرزتها تجربة الأمة العربية وأوضاعها وحاجاتها الخاصة بها ضمن إطار التجربة الإنسانية العامة .وقولنا بالرسالة العربية لايعني أننا ننكر على الامم الاخرى ان يكون لها رسالات .بل نرى أن كل ما أسهمت به أمة من الأمم على هذا الكوكب في مضمار الحضارة والتقدم البشري يعد معبرا عن رسالتها مفصحا عن جهودها وابداعها في صرح الحضارة البشرية ، بغض النظر عن حجمه ومداه . والرسالة تأخذ معناها الحقيقي عندما يكون لها طابع النزوع والطموح وترتفع إلى المستوى الحضاري الشمولي والإنساني،

وغني عن القول أن السمة العربية للرسالة والتي تعطيها هويتها وملامحها و تميزها عن سواها لا تتضمن الشعور بالتفوق والاستعلاء ،ولا تقود الى التقوقع والجمود والتعصب والانغلاق القومي ،لان الرسالة العربية وأهداف حزب البعث العربي الاشتراكي ، تؤكد بإلحاح واستمرار على محاربة كل أشكال التعصب القومي والعرقي والديني والإقليمي،وعلى تعزيز الجوانب الإنسانية والاشتراكية والأخلاقية ، وعلى ضرورة الانفتاح على الحركات التحررية العالمية، والتفاعل معها وتقوية التعاون والإخاء والمساواة بين الشعوب. .................

من المعروف ان التصرف على اساس التميز والاستعلاء باسم اسطورة ((العرق الآري)) كعرق مختار والتي استخدمها هتلر والنازية او الاعتقاد بشعب الله المختار لدى الصهيونية العنصرية او السلوك الامبريالي الذي جسدته بعض الدول الأوربية في القرن التاسع عشر تجاه الشعوب التي استعمرتها في آسيا وأفريقيا باسم رسالة التمدين ونشر الحضارة الراقية بين الشعوب المختلفة ، والتي حاول ريتشارد كبلج داعية الاستعمار الانجليزي تبريرها بأسطورة (عبء الرجل الأبيض ورسالته التمدنية المزعومة، نقول ان اي تصرف كهذا من امة او شعب او اية ذريعة او لافتة يؤدي من حيث النتيجة لتخريب العلائق الإنسانية الطبيعية ويشوه مبادئ الحق والعدل والمساواة بين الشعوب ، ويقود بالتالي الى الاندفاع نحو الظلم والاستغلال ويلتقي بشكل أو آخر مع نزعة التمييز العنصري.يقول الرفيق المؤسس رحمة الله عليه(( لسنا ندعي اننا افضل من غيرنا ،لكننا مختلفون عنهم وهذا الاختلاف هو الذي يجعلنا عربا ويجعلهم غير عرب))

وإذا سلمنا بوجود الأمة العربية الواحدة ، وبان سكان الأقطار العربية هم قوام هذه الأمة ، فمعنى ذلك ان مايقوم به الشعب في اي قطر من اعمال بطولية ومن ابداع وتطور حضاري هو جزء من رسالة الأمة العربية وليس وقفا عليه وحده رغم خصوصيته المحلية او القطرية .

2- السمة الانسانية :-
السمة الثانية الأساسية للرسالة العربية هي ان تكون ذات افق واهداف انسانية
ورغم أن هذه السمة تمتزج السمة الأخلاقية كما في الحرية ذات القيمة الانسانية المطلقة الى جانب انها قيمة أخلاقية تعني احترام ارادة الاخرين وصون كرامتهم نقول هذا ،فإننا سنفرد فقرة ثانية عن السمة الأخلاقية لأهميتها.

ولو رجعنا الى ماورد عن الرسالة في المبدأ الثالث من دستور حزب البعث نجد انها (( ترمي إلى تجديد القيم الإنسانية وحفز التقدم البشري وتنمية الانسجام بين الأمم.ولهذا فان حزب البعث يعتبر الاستعمار وكل ما يمت اليه عملا اجراميا يكافحه العرب بجميع الوسائل الممكنة ويسعون ضمن إمكاناتهم المادية والمعنوية الى مساعدة جميع الشعوب المناضلة في سبيل حريتها ، كما يعتبر الحزب ان الإنسانية مجموع متضامن في مصلحته مشترك في قيمه وحضارته ،فالعرب يتغذون من الحضارات العالمية ويغذونها ، ويمدون يد الاخاء الى الامم الاخرى ، ويتعاونون معها على إيجاد نظم عادلة تضمن لجميع الشعوب الرفاهية والسلام والسمو في الخلق والروح))

وفي المادة الثانية من سياسة الحزب الداخلية يؤكد على ان الرابطة القومية تكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية ، بينما يقرر في المادة الاولى من سياسته الخارجية ((ان رسالة العرب الخالدة ترمي الى المساهمة مع الامم الاخرى فى إيجاد عالم منسجم امن يسير في سبيل التقدم الدائم )) .

فاذا اضفنا الى هذا كله الاهتمام المركز الشديد على صيانة الحريات الفردية والإلحاح على التقيد بجوهر الديمقراطية وتطبيق الاشتراكية بكل ما تعنيه من ازالة الظلم والاستغلال والفروق الطبقية وصولا الى خلق الانسان العربي وتحقيق كامل شخصيته وإنسانيته ،وكذلك التشديد على الجانب الأخلاقي في العمل السياسي لإدراكنا الايجابية والآفاق الإنسانية والاخلاقية لمرامي الرسالة العربية ،وكيف انها اعمق واشمل من الحضارة ،وادراكنا في الوقت نفسه الواقعية والمشروعية في طموح الأمة العربية ورسالتها الإسهام الجدي في تجديد القيم الإنسانية التي شوهت كثيرا في السياسة الدولية القائمة على تحكم الدول الكبرى القوية ، واستغلال الامبريالية لثروات الشعوب الصغيرة والضعيفة.

وفي مسألة الحرية مثلا وهي اخطر مايتصل بحياة الإنسان ومصيره ،سعى الحزب في أدبياته الى تقديم مفهوم مختلف عن مفاهيم الأنظمة الشيوعية في حينها والراسمالية على حد سواء، وعلى هذا الاساس فان حزب البعث العربي الاشتراكي كان يؤكد دوما ضرورة تلازم الحرية والعدل الاجتماعي حيث يقول الرفيق المؤسس (( كانت حركتنا اول من نادى بالحياد و ربطته بفلسفتها ، فلسفة القومية التي ترفض الرأسمالية والديمقراطية الغرببة التي انجبت الراسمالية وترفض الشيوعية كنظام ، وتترك المجال حرا لظهور الثورة الحقيقية التى لاتعسف فبها ولااصطناع ، والتي تنسجم فيها الوسيلة مع الغابة .اذ ان الشيوعية لم تستطع المحافظة على حرية الانسان ))......

_______  يتبع  ______





الثلاثاء ٦ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / أيــار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب إعداد الرفيق / عبده سيف - اليمن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة