شبكة ذي قار
عـاجـل










هذه الحقيقة التي تعلن عن نفسها كل يوم بمظاهر مختلفة جائرة بحق الشعب الفلسطيني، الذي ما يزال يقاوم الأحتلال الصهيوني المركب منذ عام 1948. فقد استخدم الأستعمار الأسرائيلي وسائل القمع والتعذيب ما عجز فكر العصور الوسطى الهمجية من إبتكاره مصحوبًا بنزعة سادية يصعب تخيلها حين تتلذذ سلطات الأحتلال الأسرائيلية بتعذيب الأسرى والسجناء في سجونها دون الحد الأدنى من المتطلبات الأنسانية، والتي تؤكد عليها المنظمات الأممية المعنية بالسجناء والمعتقلين السياسيين وشروط إعتقالهم .

فمنذ عام الغزو الصهيوني لفلسطين 1948 والشعب الفلسطيني يقاوم سلطات الأحتلال، فيما تستمر هذه السلطات في سلوكها الهمجي في القتل ونسف البيوت وتهديمها وتشريد شعبها وإرغامهم على تركها بالترغيب والتهديد وباتت المستوطنات تزحف على المزارع والقرى والأحياء السكنية في المدن لأقتلاع الفلسطينيين وتشريده، وبناء الأسوار العنصرية الفاصلة .. حتى أن الأمم المتحدة قد اضطرت إلى اصدار قرارها التاريخي رقم ( 3379 ) في 10 / 11 – 1975 يعتبر فيه الصهيونية التي يمارسها الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة شكل من اشكال العنصرية والتمييز العنصري، التي- حسبما جاء بالقرار- تشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين .. حيث يرى، أن النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة، والنظام الحاكم في زيمبابوي وجنوب أفريقيا، ترجع إلى أصل إستعماري مشترك، وتشكل كيانًا كليًا، ولها هيكل عنصري واحد وترتبط ارتباطًا عضويًا في سياستها الرامية إلى إهدار الكرامة الأنسانية ) .

وعلى الرغم من أن هذا القرار، الذي اصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ( غير ملزم ) حسب منطق صلاحيات الميثاق المجحفة، إلا أنه كشف قبح وعنصرية العقيدة الصهيونية.. ومع ذلك فأن ( إسرائيل ) وأمريكا وكافة القوى غير المنصفة قد حشدت قواها، مستخدمة كافة وسائل الترغيب والتهديد والأبتزاز والعقوبات، حتى تمكنت من إلغاء القرار بقرار آخر رقم ( 46/86 ) وتاريخ 16/ 12/ 1991، حيث ( تغيبت ) عن حضور جلسة التصويت من الدول العربية كل من ( مصر والمغرب وتونس والبحرين والكويت وعُمان ) .!!

فيما تحولت ( إسرائيل ) بعد إلغاء هذا القرار من ( دولة ) عنصرية إلى ( دولة ) تمارس ( الفصل العنصري ) أمام العالم وبطريقة ابتلاع الأراضي الفلسطينية عن طريق المستوطنات وتهجير الفلسطينيين ومحاصرتهم عنصريًا، ريثما يتم الزحف الأستيطاني من أجل إجلائهم.

عرفت الصهيونية بأنها"آيديولوجية - سياسية محددة تستهدف إقصاء الآخرين بناءً على كونهم من غير اليهود وإدخال مجموعات في تلك العملية السياسية بناءً على كونهم يهودًا .. فاليهودية، حسب منطق التعريف الرسمي للصهيونية، مرجعية عرقية لا دينية، أي أن اليهود يشكلون مجتمعًا متعدد القوميات بحاجة إلى ( دولة يهودية ) فقط .. وإن برنامج الصهيونية هو تحقيق هذا الهدف عن طريق عملية مزدوجة .. جلب الكثير من اليهود من مختلف مناطق العالم، وطرد أكبر عدد من السكان الأصليين ليحل محلهم اليهود .." وهذا هو ما حصل على مراحل منذ قيام ( دولة ) اليهود بوعد بلفور عام 1948، الذي ما تزال بريطانيا تتمسك وتعتز به لأنه أنشأ ( دولة إسرائيل ) حيث رفضت حتى الأعتذار عن إصدار هذا الوعد، وحتى الوقت الحاضر والكيان الصهيوني يفتش عن الشرعية العامة والشرعية العربية على وجه الخصوص بغية الوصول إلى ( الدولة اليهودية ) .!!

وللتذكير بالخطوات والمراحل التي قطعها الكيان الصهيوني للوصول إلى أهدافه غير المشروعة، معتمدًا على مساعدات الغرب لكي يبقى ومعتمدًا على نظرية الأمن ووسائلها التكتيكية لكي يؤسس كيانه وعلى النحو التالي :

- تبلورت نظرية الأمن الأسرائيلية بين 1948- 1956 ، والتي تضمنت :

- مبدأ التفوق النوعي.

- مبدأ الجيش العامل الصغير، والجيش الأحتياطي الكبير.

- رسم الدور الأمني للمستوطنات .. والتوسع على حساب الأراضي الفلسطينية.

- مبدأ نقل الحرب إلى خارج الأراضي الفلسطينية .

- صياغة العقائد التكتيكية الهجومية.

- سد النقص الجيو- بوليتيكي ( الدفاع في العمق ) بالأسلحة النوعية.

- تطوير بنية وعقيدة القوة الجوية الأسرائيلية.

- تكامل البناء الفكري لنظرية الأمن الأسرائيلية قبل عام 1956.

- التسليح الفرنسي لأسرائيل 1954- 1956 .

- توازن القوى كسياسة في خضم حرب 1956.

- أهمية التفوق النوعي الأسرائيلي على الكم العربي.

- إعتماد إستراتيجية الحرب القصيرة ( الأستباقية – الأجهاضية ) .

- مفاوضات ما يسمى عملية السلام وتحولات الصراع من صراع ( عربي إسرائيلي ) إلى صراع ( فلسطيني إسرائيلي ) .. فَقَدَ الصراع الفلسطيني عمقه الأستراتيجي العربي.!!

- إخراج مصر من دائرة الصراع .

- تحطيم نظرية الأمن الأسرائيلية بصواريخ العراق البالستية التي ضرب العمق الأستراتيجي الأسرائيلي .

- وضع العراق في دائرة الحرب وفتح جبهات لأضعافه وإنهاكه ومن ثم الأجهاز عليه عام 2003 ، بعد تحريض إيران والحرب عليه طيلة ثمان سنوات رافقها حصار دام ثلاثة عشر عامًا .

هذه الهوامش السريعة التي هي للتذكير، ترسم أن الكيان الصهيوني، رغم كونه مُستَعمِرًا وعنصريًا في نهجه وتطبيقاته، ما يزال يمارس جرائمه، وحماة القانون الدولي ومنظمة ألأمم المتحدة والقوى الكبرى والعظمى ساكتة على جرائمه المستمرة دون إنقطاع منذ عام 1948 وحتى الوقت الراهن.. فيما يثبت شعبنا الفلسطيني صلابته وتماسكه وثباته وتمسكه بحقوقة المشروعة غير القابلة للتصرف .

قال ( بوش الأب ) في 16/ كانون الأول- 1991 من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة حين قدم مشروع قرار يلغي القرار ( 3379 ) .. الذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، ( إن إلغاء ذلك القرار بدون شروط يعزز من صدقية الأمم المتحدة ويخدم الهدف الأسمى للمنظمة الدولية، وهو السلام ) .!!

ومنذ ذلك التاريخ زادت ( اسرائيل ) عنصرية وطغيانًا .. فهي تحكم مثلاً على طفل فلسطيني يحمل الحجارة بثلاث سنوات سجن كحدٍ أدنى، أما المستوطن الأسرائيلي فيحرق بيتًا فلسطينيًا أو يهدمه أو يطلق النار على من فيه، فلا تطاله سلطة الأحتلال الأسرائيلية .. والمعروف أن الكنيست الأسرائيلي قد شرع أكثر من ( 52 ) قانونًا ضد الفلسطينيين، ومع ذلك لم يتمكن مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة من محاسبة السلطة الأسرائيلية المحتلة على نهجها العنصري في التهجير كما لم ينفذ قرارًا واحدًا من قراراته.!!

فمنذ أن نشأت الحركة الصهيونية عام 1897 وهي تدفع بالهجرة لتحتل فلسطين ( ديمغرافيًا ) ، ويقابل هذا الدفع تهجير ( ديمغرافي ) للفسطينيين لكي تستطيع الحركة من أن تستوعب أراضي فلسطين كلها تدريجيًا وتفرض عليها سياسة الأمر الواقع.

إذن .. الهجرة الصهيونية المنظمة، والتهجير الفلسطيني المنظم معًا يشكلان العمود الفقري لسياسة الأبارثايد ( Apartheid ) ، وهي سياسة مدانه أصلاً من لدن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بقرارات معروفة وموثقة .. والهدف منها قلب معادلة ( أكثرية ) الفلسطينيين يجب أن تكون ( أقلية ) في ظل الدولة اليهودية - كما يحصل الآن في العراق طائفيًا حيث تعمل إيران على أن تجعل مذهبها الطائفي الفارسي يسود وتهجر باقي المذاهب والقوميات عن أراضيها أو تقتل-!!

فمنذ ( 69 ) عامًا وسلطات الكيان الصهيوني تمارس أبشع أساليب الجور العرقي والقمع على نطاق واسع .. ففي السجون الأسرائيلية يقبع الألاف من المواطنين الفلسطينيين - لا فرق في كونهم نساء أو أطفال أو شيوخ أو شباب - في أسوء حالات الأساءه البدنية والنفسية، وباتت عارًا على جبين كل أعضاء مجلس الأمن الداعر، لأنهم فشلوا بل تواطئوا على حساب قضية شريفة في معاقبة المحتل القاتل الأسرائيلي في فلسطين قرابة ( 69 ) عامًا من الكذب والدجل والتسويف والمماطلة، وشعبنا الفلسطيني يعاني القهر والتعذيب الجسدي والنفسي كل يوم.. وزادت هذا خطورة حين أقحمت إيران نفسها لتشق وحدة الشعب الفلسطيني المناضل وتشرذمه بالأشتراك مع الأسرائيليين بين قطاع غزة والضفة الغربية، بين ( حماس التي غيرت جلدها الآن، والجهاد الأسلامي في غزة ) وبين ( فتح في الضفة الغربية ) ، بدعم جهة على حساب جهة بالمال والسلام- ليس لسواد عيون ذلك الفصيل أو ذاك، إنما لمرامٍ إيرانية- إسرائيلة مشتركة خفية ) ، وليس مبررًا لأي فصيل فلسطيني أن يرتمي في أحضان إيران التي تشترط تنفيذ اجندتها السياسية والأمنية مقابل المال والسلاح.. ليس مبررًا أن يستمر في حضن الغير لكي يستمر على قيد الحياة.. تلك الأكذوبة الأمنية التي فرضتها القوى الأنانية، التي لا ترى إلا بعين واحدة، فيما يعاني الشعب الفلسطيني الأمرين في الداخل والخارج جراء الأحتلال .. وتناسى الجميع مسألة الأحتلال وضرورة وحدة الموقف الوطني والقومي رغم الأختلافات في وجهات النظر التي يمكن ( تجميدها ) إلى ما بعد التحرير.. نعم التحرير.!!

أيها العنصريون في تل أبيب وتابعوكم في عواصم أخرى قريبة وبعيدة .. أرفعوا أيديكم القذرة الملطخة بالدماء والأحتقار عن الأسرى الفلسطينيين وعن السجناء الفلسطينيين وكل سجناء ومعتقلي العراق .. وليسمع العالم .. أن لا مستقبل لهذا الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية، حتى لو بعد أكثر من ( 69 ) سنة أخرى قادمة، ومصيرهم العودة إلى الشتات ، إلى مجتمعاتهم إلى قومياتهم، ولن تعش دولة ( يهودية ) في قلب الوطن العربي أبدًا.





الجمعة ١٦ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أيــار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة