شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

- إستعراض العضلات في السياسة .. وإختبار للقوة .. الأهداف والأحتمالات :

- ثلاثي : أمريكا - الأتحاد الأوربي ( الناتو ) - روسيا .. مساحة للتحليل :

- ما الفارق الجوهري بين سياسة الأدارتين ( أوباما ) و ( ترمب ) ، وهل أنهما تكملان بعضهما بعضا ؟ :

1 - إستعراض العضلات في السياسة :

ترتبط معادلة القوة لدى الدولة بصناعة الدفاع، فيما تعتبر المعادلة أحد معاييرها الخاصة في إظهار القوة .. وإظهار القوة لا يبنى على فراغات إنما على قاعدة من تلك المعادلة .. هذه مسألة حسمتها السياسة، ولكن أحيانًا قد تلجأ الدولة إلى إستعراض القوة لتغطي ضعفًا أو تداوي نكسة سياسية أو تعطي جرعة محددة من معنويات أو إنها موجهة للأستهلاك الداخلي أو لتخويف الخارج الضعيف - كما تفعل إيران الآن - أو لتجعل إستعراض القوة بالون إختبار لقوى خارجية أخرى ولجمع ردود الأفعال وتحليلها لأغراض إستراتيجية .. ولكن المعطيات ( المتغيرة - الأقتصاد - التكنولوجيا ) الناتجة عن صناعة الدفاع تتأثر بعناصر معادلة القوة .. أما المعطيات ( الثابتة - التاريخ والجغرافيا - السكان ) للدولة فأنها تعكس صدقيتها في مسار النجاح أو الفشل .. فأستعراض إيران، على وفق معطياتها الثابتة ( التاريخ ) يشير إلى فشلها في محاولاتها العسكرية، لذلك هي تستعين أو تختبئ خلف قوى أخرى لتحقق لها أهدافها .. فقد سارت خلف سبارطة ضد روما ، وسارت خلف أمريكا في حملتها على أفغانستان، ( فحققت أهدافها ) ، وسارت خلف أمريكا وبريطانيا في حملتهما على العراق ( فحققت أهدافها ) ، وسارت خلف روسيا في توجهها نحو المنطقة ( سوريا ) لغاية تحقيق الأهداف بأداة شعوبية طائفية مسلحة، وهذا ما لم تستطع تحقيقه أبدًا لأعتبارات عديدة لسنا بصدد التطرق إليها.

فأذا كان المعطى التاريخي ( الثابت ) يقدم مؤشر فشل السياسة الأيرانية، فأن معطى الجغرافيا ( الثابت ) هو الآخر يؤشر الفشل، رغم أن النظام الفارسي قد جدد أداته الطائفية المسلحة للتمدد في خارج حدوده الأقليمية، فأن هذا المعطى ( الثابت ) اكتشفت نياته الخبيثة ودوافعه المقيتة وتعثر، رغم التعنت والغطرسة والأصرار، في سيره المخطط له، وها هو على أبواب الأنكسار المزري والفشل الذريع .. بسبب من أن معطيات ( الجغرافيا ) ليست دائمًا تخدم صاحب القرار .. مثلاً : كانت معطيات الجغرافيا الألمانية الهتلرية تؤشر لها فسحة ( المجال الحيوي ) فتمدد القرار الألماني واجتاح أراضي الآخرين بالجملة وأسقط العاصمة الفرنسية باريس، ولكن هل نجح ؟ كلا ، لقد إستولد فعل المجال الحيوي ( تحالفات ) أسقطت الرايخ الثالث ودفعت هتلر إلى الأنتحار وتقسمت عاصمة المجال الحيوي .. هنالك امثلة عديدة معروفة تؤشرها المعطيات التاريخية الثابتة، التي تنسحب على فرنسا ( نابليون بونابرت ) ومجاله الحيوي .. فالأمبراطوريات محكومة بمعطيات ثابته وأخرى متغيرة لا مجال لنسيانها أو تجاهلها، بيد أن ملالي طهران الذين جاءت بهم المخابرات البريطانية من سراديب ( قم ) العفنة، ربما، لا يدركون هذه المعطيات ويبتعدون عن بناء بلدهم ورفاهية شعوبهم ويتحاشون الغطرسة والتعنت الفارغ وقذارة التطلع الأمبراطوري المفلس.!!

 - فأيران وهي تسارع في إيجاد التوازن بين ( المعطيات الثابتة والمعطيات المتغيرة ) من أجل إيجاد إستراتيجية ( هجومية ) ستبوء بالفشل، لأن الثابت السكاني فقير ومشتت ( قوميات وعرقيات وديانات ومذاهب ويفتقر إلى الأستقرار ويتناقض مع النظام ومنهجيته الفقهية والسياسية ) ، ولا يعتمد على العامل ( القومي ) في الحشد إنما على العامل ( المذهبي - الطائفي ) ، وهو قليل بالمقارنة مع الفضاء الخارجي، الذي يتصدى لهذا التوجه ببسالة وبعقلية تتسم بالحكمة السياسية في حشد القوى وخلق التحالفات والتوازنات على المستوى التعبوي الأستراتيجي .. هذا الأتجاه تقوده السعودية بجدارة.

 - فأيران فشلت في حسم موضوعة ( الأمن ) و ( التنمية ) منذ عام 1979 حيث رجحت مسألة ( الأمن ) لتطغي على أي إتجاه تنموي عدا التسلح وتصنيع السلاح دون أي مبرر تهديد خارجي، وهو الأمر الذي خلق فجوة عميقة بين المؤسسة ( الدينية - المذهبية ) وبين الشعوب الأيرانية التي بدأت تستيقظ رغم القمع والأعدامات بالجملة من أجل التصدي لنهج الأنتحار الذي تستمر عليه الطغمة الحاكمة في إيران منذ عام 1979 ولحد الآن.!!

 - هذا الأتجاه غير المتوازن الذي يسمونه بـ ( الموازي ) لكل من 1 - القدرة الأقتصادية 2 - ومستوى التنمية التكنولوجية 3 - والحاجات العسكرية الضرورية، هو الذي يضع النظام الأيراني في دائرة الأرتباك والتخبط منذ إندفاعاته العدوانية في الحرب على العراق لثمان سنوات، وإندفاعاته الطائفية المليشياوية بالضد من دول المنطقة، وإندفاعاته الأرهابية التي طالت معظم عواصم الغرب على وجه التحديد التي لها مواقف بالضد من تمددها وتوسعها الراهن .

هذا النوع من إستعراض القوة ، يظل مجرد زعيق في فناء مظلم ، يأتي لتهدئة هيجان الشعوب الأيرانية التي تقول : إلى متى ، وإلى أين أنتم ذاهبون بإيران إلى الجحيم .. لماذا؟

إذن .. إن إستعراض إيران لعضلاتها في شكل تجارب صاروخية باليستية وتحوير غواصات أجنبية الصنع، وتقليد أسلحة صاروخية وأنظمة دفاعية وطوربيدات وسفن حربية وزوارق سريعة، وإجراء مناورات بحرية وبرية .. كل هذا، وكما أسلفنا، هو لعدد من الأهداف :

الأول - لتخويف دول المنطقة .. ودول المنطقة قادرة على أن تمحق مدن إيرانية بكاملها من على وجه الأرض .

الثاني - لأيهام الداخل الأيراني والموالين للنظام الفارسي بأن إيران قوة إقليمية لا تقهر فترفع من معنوياتهم .. وهو إستعراض للأستهلاك المحلي.

الثالث - لجس نبض القوى الأقليمية والدولية وإحصاء ردود الأفعال، والتي في ضوئها تعد إيران خطتها الأعلامية وركنها المخصص للحرب النفسية.

- إن أسخف ما يكشفه الأعلام الفارسي الفاضح يكمن في التصريحات الهسيتيرية والمتغطرسة المضخمة للذات الفارسية أولاً ، وفي ( البيادق ) التي تحركها إستخبارات النظام هنا وهناك في جولات وصور إستعراضية مثل بيدق أسمه " قاسم سليماني" .. وهو عباره عن ( ملهي الرعيان ) - ذلك العصفور الصغير الخبيث والمراوغ، الذي يخدع رعاة الأغنام ، من أجل أن تنفرد الضباع بقطعانهم ، كما أورد هذا التوصيف الرائع الدكتور عبد الكاظم العبودي في مقالته التي نشرتها البصرة وذي قار المناضلتين - .

دعونا نأخذ نماذج من هذه الأستعراضات الراهنة :

- الأعلان بأن إيران مستعدة عسكريًا للرد بنفس القوة .. إيران لديها القدرة على مسح ( إسرائيل ) من على الخارطة .. إن صواريخنا جاهزة للرد على أي صاروخ يصل إلى إيران .. إيران قادرة في غضون سبعة دقائق أن تمسح تل أبيب وحيفا من على الأرض .. طائراتنا جاهزة للأنتقام ( 37 ) طائرة من طراز فانتوم و ( 45 ) طائرة من طراز سوخوي لتنفيذ أكبر عملية جوية في العالم خلال ثلاثين عامًا الماضية .!!

- ويتماشى إستعراض العضلات الأيرانية الفارغ هذا مع إعلام الحرب النفسية لخلق هالة مزيفة تعكس مظاهر القوة الأيرانية للداخل الأيراني والموالين لإيران .. ولكن مثل هذا الخداع بات مكشوفًا ولن ينطلي على أحد .. فكلما تأزمت إيران طلبت من أبواقها من كتاب وإعلاميين النباح لزرع التشكيك في الحقائق وتقديم التفسيرات والتحليلات بإتجاه آخر مخادع وفاضح يأخذ إعلام قناة الجزيرة وقناة العربية وكتاب صحيفة القدس العربي والعربي اليوم وفضائيات إيرانية يبثها القمر الأصطناعي الأسرائيلي ( عاموس ) ، فضلاً الألغام الأيرانية المزروعة في الجسد العربي المعدة للتفجير في الوقت الذي تريده طهران مثل ( المؤتمر القومي العربي والأسلامي ) وقطر والأحتياط المضموم .. كل هذا لن ينفع طهران أبدًا .

- أما جس النبض من أجل إحصاء ردود الأفعال وجمع المعلومات للتحليل .. فهذا لن ينفع ايضا، لأن الصمت الراهن ينطوي على عاصفة هوجاء قد لن تبقي بلاد فارس ولا تذر.!!

2 - ثلاثي : أمريكا - الأتحاد الأوربي ( الناتو ) - روسيا :

- هل أن أمريكا عازمة فعلاً على استخدام القوة حتى عند الضرورة ؟، هذا الأمر إذن ، يحتاج ( شراكة ) إستراتيجية أوربية وغيرها .. وإذا كانت أمريكا قد تخلت عن أوربا بدوافع ( التمويل ) أو مساهمة أعضاء الناتو بنسبة 2% من ناتجهم القومي الأجمالي ( GNP ) ، فأن خيارات واشنطن الجيو - إستراتيجية لن تقف عند هذا الحد، إنما ستستخدم القوة عند الضرورة وهي تقوم بترميم أوضاعها الداخلية، ليس عن طريق العزلة أو الجلوس على التل والتطلع إلى العالم من أعلى لتراه وهو يتصارع ويحترق – حسب نظرية الجلوس على التل أسلم - إنما عن طريق ( دعم الصديق الأقليمي ليدافع عن نفسه مقابل مبيعات السلاح - وافقت أمريكا يوم 8/6/2017 على بيع طائرات حربية ( 72 ) طائرة لقطر تبلغ قيمتها ( 21.01 ) مليار دولار .. كما وافقت أمريكا على بيع طائرات مقاتلة للكويت ( 32 ) طائرة بمبلغ ( 10.1 ) مليار دولار .. واكدت امريكا ان قطر والكويت صديقتان إستراتيجيتان لدعم الأمن والأستقرار في المنطقة.!! ) .. أما الضرورة الأستراتيجية فأن إستخدام القوة عندما تتعرض المصالح الحيوية الأمريكية إلى الخطر، مثلاً .. بتعزيز مبدأ ( كارتر ) الذي حاول ( أوباما ) إلغاءه من الأستراتيجية الأمريكية ففشل .. والمعنى في ذلك، ( أن تبقى ساحات الصراع ( مفتوحة ) ومحتقنة ( سباق تسلح - مبيعات سلاح - تهديدات - إستنزاف أموال - وتوترات ومخاطر إندلاع حروب إقليمية مسيطر عليها ) .!!

- هذا المفهوم ينسحب أيضا على الأتحاد الأوربي و ( الناتو ) ، فأمريكا تتعامل على وفق ما ( تدفعه ) أوربا مساهمات في كلف التسليح والنفقات .. لهذا الحد دون تجاوز حدود المجازفة بقطعات ونشر جيوش لحماية القارة الأوربية .. بمعنى، على أوربا أن تدافع عن نفسها، وأمريكا مستعدة لدعمها بالسلاح مقابل تنفيذ الألتزامات الخاصة بالأنفاق و ( الأوربيون أجمعوا على أن يتولوا مصيرهم بأنفسهم بدلاً من الأعتماد على أمريكا – هذا الأتجاه تقوده ألمانيا بدعم من فرنسا وهما يشكلان محور ميزان معادلة القوة الأوربية ) .. عند هذه النقطة بالذات، هل تستطيع أمريكا أن تحقق ( الشراكة ) الأوربية؟ .. اتجاه أمريكا كان واضحًا هو أن الشراكة خارج أوربا تمثل بحشد القوى ( العربية والأسلامية ) على المستوى السياسي والعسكري لضرورات إستخدام القوة عند الضرورة .. فيما تعكس منطقة ( الشرق الأوسط ) كونها منطقة مصالح دولية متشابكة، لأوربا نصيب كبير في هذه الشبكة .. فكيف ستكون العلاقة الأوربية حيال واقع الحشد والأستقطاب العربي - الأسلامي لوقف خطر التمدد الأيراني.؟

- إذن .. يبدو أن تعامل أمريكا تجاه ( الشرق الأوسط ) هو الأتجاه ذاته تقريبًا مع أوربا مع إختلافات تعكسها الخلفية التاريخية للعلاقة .. ولكن .. ماذا لو رفعت أمريكا مظلة الحماية الأمريكية عن أوربا؟ ، عندها سيكون هنالك ( فراغ ) جيو - إستراتيجي تجد روسيا أنها قادرة على التأثير فيه .. وهي مقدمة لصراعات ليست من مصلحة الولايات المتحدة ولا العالم، قد تصل إلى ذروة الحرب التقليدية الشاملة.

- أوربا، حتى وهي ترغب أو تتطلع أو تدعو إلى الأعتماد على نفسها في دفاعاتها، وهي محقة على وفق مبدأ أوربا المستقلة، ولكن بناء القوة الدفاعية الكونية مكلف كثيرًا ويأخذ وقتًا طويلا كما يعتقد الخبراء الأستراتيجيون، وهذا يتلخص في أن تدفع أوربا ما عليها من إستحقاقات الأنفاق الدفاعي، التي وافقت عليها سابقًا، لكي تسهل عملية الحماية .. وهذا ما تدركه أمريكا ويقع في صلب مبدأ ( ترامب ) ذاته ( إدفع مقابل المساعدة .. إدفع مقابل الحماية ) ، والحماية تتم عن طريق التسليح والتطوير وليس عن طريق المشاركة في الجيوش والمشاركة في الحروب .. ولكن ماذا بشأن أمريكا إذا أضطرت إلى أن تسعى من أجل ( الشراكة الأستراتيجية ) لخوض حرب إضطرارية أو ضرورية لمصالحها الحيوية؟!

- أمريكا تريد أن تعدل ( ميزان مدفوعاتها التجارية، الذي يعاني من التراجع ) بسبب حربها على العراق .. وهذا ما قالته ألمانيا - ألمانيا تدفع أقل كثيرًا مما يجب في ميزانية الناتو وللألتزامات العسكرية .. والمطلوب أن يدفع أعضاء الناتو 2% من ناتج دخلها القومي الأجمالي للأنفاق العسكري .. وليس بمقدور أمريكا أن تتحمل وحدها 72% من ميزانية الناتو بإنفاقات تصل إلى ( 664 ) مليون دولار سنويًا، فيما تتحمل بريطانيا ( 60 ) مليون دولار وفرنسا ( 44 ) مليون دولار، أما ألمانيا فأن إنفاقها العسكري يصل إلى ( 42 ) مليون دولار سنويًا وهو ما يعادل 1% من الناتج القومي الأجمالي الألماني تقريبًا.

والملاحظ : أن أمريكا ومنذ عقود من السنين تعمل على أن تتصدر المؤسسات والمنظمات الدولية لتحتكر صنع القرار على وفق معادلة الأسهامات .. فالدولة التي إسهاماتها أكثر من نصف المجموع العام تحضى بثقل تمرير القرار، حتى أن نسب مساهماتها باتت أكثر من جميع الأعضاء والتي بلغت في منظمات ومؤسسات معينة بحدود 60% و 55% و 51% ، والسبب هو الرغبة الأمريكية في إحتكار صنع القرار في تلك المنظمات و المؤسسات .. وإن عدم دفع نسب إسهامات الأنفاقات العسكري في ( الناتو ) ، سببه هذا الترتيب الذي كرسته أمريكا سابقًا .. الآن أنقلبت أمريكا على نفسها وعلى هذا الترتيب بطريقة المقاول الذي يفسخ العقد.!!

 - بقية .. ثلاثي : أمريكا - الأتحاد الأوربي ( الناتو ) - روسيا :

 - ما الفارق الجوهري بين سياسة الأدارتين ( أوباما ) و ( ترامب ) :

يتبــع ..





الجمعة ١٤ رمضــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / حـزيران / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة