شبكة ذي قار
عـاجـل










في هذا الوقت من كل عام، يعلّمنا الله درساً نأبى أن نتعلّمه ونطبّقه فعلياً في حياتنا، إنّه منظر الوحدة والجماعة، منظر الصف الواحد كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً، منظر الواقع الذي يجب أن تكون عليه هذه الأمّة.

عندما نراقب مشاهد الحج وشعائره في كل عام، تذهلنا هيبة المنظر، وتشرح صدورنا الألفة والوئام بين الأشقاء والأخوة من جنسيات وقوميات مختلفة، لكن وللأسف الشديد، كل تلك الوحدة والمحبّة تضمحل ويتناساها الناس بمجرد انتهاء شعائر الحج وانقضاء أيام العيد، فيعود المسلمون لتكفير وقتل بعضهم البعض، دون أن يوجهوا رصاصة واحدة إلى صدور أعدائهم الحقيقيين!!

متى سنتعلم الدرس الذي يكرره الله علينا في كل عام، متى سنفقه معانيه ودلالاته، متى سنتعظ من واقعنا الذي وصلنا إليه بفعل تشتتنا وتشرذمنا، والذي لا علاج له إلا بوحدة الصف، وحدة كتلك التي نراها كلّ عام في الحج، تسودها مودة واحترام ومحبّة، وتعاون مشترك وانسجام لا يعيقه اختلاف لونٍ أو لهجة، بل الكلّ في مركب واحد يجمعهم هدف واحد، وطريقٌ واحد لبلوغ ذلك الهدف، فلا تتفرق سبلهم ويتشتت جمعهم فتضيع كلمتهم.

كل مقومات الوحدة نمتلكها، بل إننا نحققها فعلاً في كلّ عام، ثم نفرط عقدها بأيدينا بعد أن نراها شاخصة أمامنا عياناً، فمتى نفهم الرسالة التي يريد الله إيصالها لنا من خلال الحج، إنّه يقول لنا إنّ الوحدة موجودة في داخلكم فعلاً، وما عليكم سوى تحقيقها على أرض الواقع، والدليل أنّكم تتوحّدون في كلّ عام وتذهلون العالم بوحدتكم وانسجامكم، فيهابكم أعداؤكم، ويخشون استمرار وحدتكم، فيكيدون لكم ويمكرون ليفتنونكم ويفتّتوا جمعكم!!

إنّ شعورنا القوي بالانتماء إلى الأمة والعمل الجاد على ديمومة وحدتها، بعد الحج كما في الحج، هما الجناحان اللذان سنحلق بهما صوب المجد والخلود، وفي بناء حضارة يقتدي بها باقي البشر.. عيد أضحى مبارك، وكل عام وأنتم بخير.





الجمعة ١٠ ذو الحجــة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أيلول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد الرشيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة