شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

الأمراض التي تركت تتفشى في جسد النظام الدولي، الذي صنعته الحربان العالميتان الأولى والثانية .. قد أتنتجت إضطرابات في السلوك السياسي الخارجي للدول المنتصرة في الحرب الأخيرة .. ومن أبرز هذه الأمراض إنعدام العدالة التمثيلية على مستوى قيادة المنظمة الدولية، وإنعدام الديمقراطية الحقيقية، وإنعدام الأنصاف في التعاملات الدولية .. وبالتالي إنعدام القوة العادلة لتحقيق العدالة للشعوب والأمم .!!

- مقاربات خطرة على تخوم الأستفتاء الكردي .. كيف ؟ بقيـــــة .

- اضطراب العلاقات الدولية .. هو إنعكاس لأضطراب المنظمة الأممية وضعفها وشللها .. من أين يبدأ الأصلاح؟ :

- توازن القوى وتوازن المصالح .. هل يتحقق هذان التوازنان ؟ :

- بقية .. مقاربات خطرة على تخوم الأستفتاء :

التقرب التركي الأيراني الذي تم على أساس المقولة الأيرانية ( مجابهة المخاطر المشتركة ) ، هي مقولة معروفة أهدافها، تسعى إيران من خلالها إلى التدخل العسكري أولاً وفك عزلتها الدولية والأقليمية ثانيًا .. فيما تكشف نيات أنقرة عن مقاربة ذات دلالات خطرة طالما لوحت بها بصورة غامضة ومبهمة .. حيث صرح أردوغان يقول ( أن أي تقسيم لدولة العراق والتي رسمت حدودها بموجب اتفاقية لوزان لعام 1923 ، سيعني نهاية هذه الاتفاقية وإعادة ولآية الموصل القديمة بمحافظاتها الكردية وكركوك إلى تركيا ) .. والمقاربة التركية الخطرة هنا تتمثل بالآتي :

 (( إذا تقسم العراق بظهور دولة كردية على وجه التحديد .. ستلغي أنقرة إتفاقية لوزان لعام 1923 .. عندها ستجتاح تركيا الموصل حتى كركوك لتضم أكراد العراق إلى أكراد الأناضول )) .. وهذا يعني بوضوح ، إن الأجتياح العسكري التركي لن يأتِ إلا إذا تقسم العراق، والسياسة التركية تعكس أن عيونها تظل على الموصل وإن اشترط حالة تقسيم العراق .. أما إيران فيترك لها تحديد خيارات في نطاق المصالح ، والتي قد لا تكون مشتركة .. وإن مثل هذه التقاربات المشروطة على تخوم الأستفتاء الكردي الذي هو إستفتاء غير واقعي، لن تنجح، لأنها تتسبب بأختلالاًت أكثر عمقًا في توازن القوى، يخسر فيها الجميع .. وأول الخاسرين شعبنا في الشمال الذي هو جزء من شعبنا العراقي العظيم الذي يتمسك بخيار وحدة نسيجه الأجتماعي ووحدة ترابه الوطني .. أما قوى التقسيم والتفتيت فمآلها التراجع والخسران لأن حقائق الواقع وحقائق التاريخ هي عكس رياح سفنها الخائبة .

1 - اضطراب العلاقات الدولية .. إنعكاس لأضطراب المنظمة الأممية :

- القوى الكبرى والعظمى ارتكبت اخطاء استراتيجية فادحة بحق نظام الأمم المتحدة وميثاقها، وذلك بالخروج عليها وفرض إرادات بعض أعضائها على قراراتها في إطار إحتكار القوة والتهديد بإستخدامها، إذن .. هل الحاجة الى محاسبة هذه القوى في ضوء القانون الدولي لكي يتم، من ثم، ارساء قاعدة للعلاقات الدولية قائمة على الالتزام واحترام سيادة الدول واحترام خياراتها وتفعيل ( أدوات فرض القانون الدولي - الفصل السادس والسابع في ميثاق الامم المتحدة ) ؟

- إن فرض الأرادات الأنفرادية قد همش الأمم المتحدة ووضعها في دائرة العزلة الدولية في ان تعبث بالأمن الاقليمي والدولي مثل امريكا في العراق وسوريا .. وروسيا في اوكرانيا والقرم وسوريا .. وإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن وعموم المنطقة .. وكوريا وتهديدها للعالم .. وتصرفات التدخل السياسي والعسكري من شأنها ان تهدد مصير دول وكتل بالتفكيك مثل دول المنطقة العربية والاتحاد الوربي .. وازاء حالة مرضية من هذا النوع يتوجب تشخيص مسبباتها وتحديد آثارها تمهيدًا لمعالجتها وإصلاحها .. كيف يمكن لمن خرق القانون الدولي ونظام الأمم المتحدة أن يتولى ويعلن إصلاح النظام الأممي ؟ :

- أمريكا ذهبت إلى العراق بارادتها الأمبريالية وبالضد من المنظمة الدولية التي لم تخولها استخدام القوة .. مع ذلك فانها احتلت العراق ودمرته تدميرا شاملا .. ثم اعترف قادتها السياسيون والعسكريون بخطأ احتلال العراق .. ألا يرتب هذا الأعتراف اجراءات على الأمم المتحد إتخاذها بالضد من أمريكا وبريطانيا بإعتبارهما دولتان قد إخترقتا القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ؟ ، تراكم أثار العدوان على العراق يرتب إستحقاقات يتوجب على مصلحي المنظمة الدولية مراعاتها لضروراتها في معالجة جرائم الأختراق ومنع تكراره في المستقبل .

- اندحرت أمريكا في العراق بقوة المقاومة العراقية فأوكلت إيران بإدارة مصالحها في العراق وتركت لطهران العنان للعبث بمقدرات العراق البشرية وثرواته وأمنه واستقراره .. والآن تماطل على تخوم الملف النووي الأيراني بسياسة مقززة وفاضحة وفاسدة ومريبة .

- ذهب ( الناتو ) ومن خلاله ذهبت أمريكا الى ضرب ليبيا واسقطت نظامه السياسي واحتلته ومزقت شعبه وتركته لحد الان عرضة للتفكك والتفتيت .. وكان الناتو قد لعب لعبته المخادعة القذرة في خارج المنظمة الدولية .. وما جرى لليبيا جرى قبله في تونس تحت يافطة رفعها الصهيوني "بيرنار ليفي" مهندس ما يسمى ( الربيع العربي ) .!!

- الأمم المتحدة تضم 193 دولة عظمى وكبرى وصغرى ومجهرية في حسابات الحجوم والقوة .. هذه المنظمة وحسب ميثاقها لا تجيز لأحد أعضاءها الأنفراد باستخدام القوة إلا بتفويض من مجلس أمنها حصرًا .. وإن فرض قراراتها يتم عن طريق الأجماع بإستخدام ( الفصل السادس ) أو ( الفصل السابع ) ، بعد استنفاد الوسائل السلمية في حل المنازعات التي تحصل بين أعضائها .. ألا أن أمريكا قد خرقت ميثاق الأمم المتحدة - التي تريد الآن إصلاح نظامها - وعليها الأعتراف بخرقها للميثاق أولا قبل إقدامها على تقديم أي مشروع للأصلاح وتعترف رسميًا بأنها مسؤولة عما جرى ويجري للعراق وللعراقيين جراء عدوانها الغاشم على العراق، ليس فقط إحتلالها عام 2003 إنما منذ عام 1991 فضلاً عن الحصار الشامل، الذي قتل من أطفال العراق فقد مليون ونصف مليون طفل خلال أكثر من ثلاثة عشر عامًا .

- بعض القوى الدولية العظمى، التي تمتلك حق النقض ( الفيتو ) قد أضعفت دور الأمم المتحدة .. والسبب إن حق النقض الذي تمتلكه حق ( مطلق ) لم يأتِ في إطار ( شروط ) أو كوابح قد تأخذ شكل التدرج دون استخدام النقض كعصى غليظة لشل ماكنة القرارات وعلى اساس ذرائع ( المصالح ) و ( الأمن القومي ) .. لأن هنالك مصالح دولية هي أكبر، كما أن هنالك أمن دولي هو أكبر لا يجوز تجاوزهما .

- مبررات إستخدام القوة الدولية القائمة لدى الأمم المتحدة لفرض قراراتها الأممية، هي قوة متروكة لمساهمات حجم المشاركة من عدمها، يتم في ضوء مصالح الدولة ذاتها وتوازناتها .. وهنا يكمن الخلل الواضح في تلبية الحاجة إلى القوة لحسم أو تطبيق قرارات المنظمة الدولية، الأمر الذي يستوجب أن تكون القوات الدولية معدة لهذا الغرض قائمة وثابتة ومُقَره ومهيئة لتنفيذ أهداف المنظمة الدولية أو قرارات مجلس الأمن الدولي دون تدخل أو عرقلة من أي دولة .. لأنها تصبح قوة دولية خالصة ولا تنفذ سياسات دولها أو تستمع أو تميل إلى خلاف ذلك .. وهي جاهزة في معسكرات دولها ، وتستدعى فورًا كلما دعت الضرورة إليها .. وميزانيتها مستقلة ومكفولة، وضمانات نجاحها مدعوم بمساعدات الدول من أجل تيسير القرارات المشروعة التي تبت فيها الأمم المتحدة.

النظام الدولي .. يعيش حالة فراغ القيادة :

- التدخل الأمريكي في العراق قد قصم ظهر الاقتصاد الأمريكي ودفع به إلى العجز الذي بات أكبر عجز في الحساب الجاري في العالم .. وفي الوقت الذي تتدهور فيه امريكا اقتصاديًا تحاول أن تستخدم سياسة تمركز القوة في أوربا وفي العمق الآسيوي .. يبدو أن المانيا والصين تجنيان الفوائد، إلا أن المانيا في طريقها لكي تتسيد اوربا بالتوافق مع فرنسا اللتين تمثلان العمود الفقري للاتحاد الاوربي سواء كان بانكلترا او بغيابها .. كما تبدو أمريكا مرتبكة سياستها في المنطقة حيال ملفاتها وخاصة الملف النووي الأيراني - والمربك في هذا الشأن هو تأثير اللوبي الأيراني الذي مايزال يتعاطى مع القيادة الأيرانية وفي مقدمة عناصر هذا اللوبي "جون كيري" وزير الخارجية السابق و"محمد جواد ظريف" وزير خارجية إيران وبعض أعضاء الكونغرس الأمريكي - . أما الصين فهي لا تريد ان تتبوأ مكانة امريكا دون تحالفات او شراكات من شأنها ان ترفع بها الى مكان القيادة العالمية .. كما ان الصين لم يكن لها الاعتماد فقط على نمو ( الاقتصاد ) وحده ، رغم أهميته، لضمان المكانة السياسية التي تتعزز بنمو ( القوة ) المرافقة لتعزيز التجربة القومية الصينية عبر سياسة خارجية صينية متوازنة .

- إن أي نظام دولي يظهر هو في حقيقته، نتيجة تحولات مفصلية في بنيته السياسية والأقتصادية والعسكرية والثقافية والفكرية والأجتماعية، ويعبر عن نمط لتوزيع القوى بين اللآعبين الرئيسيين في العلاقات الدولية .. ومن الصعب الحديث عن سيادة العدل في اطار ثنائي او احادي القطبية، لأن كلتيهما قد تم تجربتهما دون ان تظهر معالم العدل حيال القضايا الجوهرية التي تعاني منها الشعوب .. وفي مقدمة هذه القضايا قضية فلسطين المحتلة.

أما مسئلة ( الضوابط ) التي تحكم التفاعلات الدولية فلم يتبق منها في ظل القطبية الأحادية شيئًا سوى حالة ( الردع ) المتبادل الشامل المؤكد .. وإن صراع القوى الراهن يتمثل بالآتي :

أولاً - امريكا تريد ان تستبقي على قطبيتها الأحادية المتآكلة، في ظل اقتصاد يتراجع بعد الحرب العدوانية على العراق واحتلاله .. وباتت قدراتها المالية والنقدية قاصرة الى درجة الفراغ في القيمة النقدية للدولار من جهة، فيما باتت أمريكا تتخبط في علاقاتها حتى مع اصدقائها وشركائها الاوربيين - رغم انها عززت بسلاح متطور الاتحاد الاوربي كمفصل مهم وحيوي في الاستراتيجية العظمى الامريكية، كما عززت اصدقائها باسلحة متطورة في العمق الآسيوي - في اطار البراغماتية الكاملة التي تباشرها كأستراتيجية في علاقاتها الخارجية .

ثانيًا - روسيا تريد أن تتبوأ مكانة قطب ( ثنائي ) تتربع من خلاله الموروث الأستراتيجي السوفياتي .. في ظل إنعدام القاعدة الأقتصادية الضرورية المنتجة من جهة، والأعتماد على عامل ( الردع ) النووي المتبادل .. وهذا لا يخلق ما يمهد للقطبية الثنائية لأنعدام الشروط الموضوعية .

ثالثًا - المسعيان الأمريكي والروسي لن يصلا إلى نتيجة في ظل تراجع الأقتصاد الأمريكي وعدم تكامل وضع الأقتصاد الروسي، في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها مناطق العالم المختلة ومنها على وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط جيو - سياسيًا .

- الصراعات عادة هي عامل استنزاف للموارد والقوى، سواء كان ذلك في صيغة حرب تقليدية ام حربًا باردة .. ومع ذلك فأن اليابان مثلاً ، ما تزال يحكمها عامل العزلة وعدم التفاعل مع التحولات التي تجري في العالم الذي يعاني من ( فراغ ) القانون الدولي وبالتالي خواء النظام الدولي الراهن .. أما الأتحاد الاوربي، فبالرغم من النزعة الامريكية الجديدة للأبتزاز، إلا أن طبيعة الصراع الأمريكي - الروسي تقتضي التوجه الامريكي نحو ( شراكة إستراتيجية ) أمريكية أوربية، ولا مفر من هذه السياسة .. فيما يقع على عاتق ألمانيا وفرنسا إعادة ترتيب البيت الاوربي بعد خروج بريطانيا وتكريس جوهر القطب الأوربي - حسب الخبراء - عن طريق التحالف الاستراتيجي وجعل محور قاعدة القوة الاوربية تحت الرعاية الالمانية - الفرنسية .. التوجه هذا تنظر إليه واشنطن بعين الشك والأرتياب.

- ستظل موسكو في وضع الاستنزاف المالي ما لم تفكر في طريقة الابتعاد عن المحاور، إعتقادًا منها بأن مثل هذه المحاور ( البراغماتية ) ستعزز دورها للوصول إلى ( التنافس المتكافئ ) الذي يسمح لها بالعودة الى موروث الاتحاد السوفياتي على أساس ( القطبية الثنائية ) .

- ومن الصعب الأعتقاد بأن الصين لم تبلغ تقريبًا درجات القطبية، طالما استطاعت ان تستكمل العوامل والمقومات التي تضعها في دائرة القطبية، ومن أهم هذه الشروط اتساع قاعدتها الأنتاجية التي تجاوزت خط الأنتاج الرابع .. إلا ان مسألة كشف البرهان على قطبيتها بالأنخراط في الأزمات والقضايا ولعب الدور المناسب في مساراتها، فهذا يحصل بصورة بعيدة عن الضجيج وبصورة شديدة الحذر وتجنب الأنغماس في الصراعات الأقليمية، وترتيب أولوياتها على وفق مصالحها الأستراتيجية .. فيما تبرع روسيا في التهور دون اكتراث لردود الافعال وحتى نتائج الاستنزاف، طالما هناك تفاهم بين ( موسكو وتل أبيب ) .!!

- توازن القوى وتوازن المصالح .. هل يتحقق هذان التوازنان ؟ :

- ( أوراسيا ) ومعضلة الأمن ( Security Dilemma )  في المشرق والخليج العربي :

- منطقة ( الشرق الأوسط ) .. تناقضات وسياسات نحو التصادم :

يتبـــع ..





الجمعة ١٥ محرم ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / تشرين الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة