تداولت بعض الصفحات في مواقع التواصل الإجتماعي قائمة طويلة عريضة تعدد ( إنجازات ) منسوبة لـ "عبد الكريم قاسم" ، تحتاج 30 سنة كحد أدنى لأتمامها ، وأموال أكبر من ميزانية الدولة العراقية لـ 30 سنة ، فقد كانت ميزانية الدولة تعتمد بشكل اساسي على نسبة العراق من عائدات النفط ، تلك النسبة كانت مثار خلاف دائم بين الحكومات العراقية وشركات النفط الاحتكارية ، حتى وصلت إلى 50% بموجب اتفاقية عام 1952 ، السبب الذي جعل شركات النفط الاحتكارية آنذاك تعمل على تخفيض الإنتاج ، ووصل إلى حدود متدنية في الفترة 1958 – 1960 ، وهذا يعني أن فترة حكم "عبد الكريم قاسم" كانت تعاني من مشاكل في العائدات المالية ، فمن إين جاء "عبد الكريم قاسم" بالأموال التي حققت كل هذه الإنجازات؟!، للعلم أن بعض من تلك الإنجازات المذكورة حصلت بعد انتهاء فترة حكم "عبد الكريم قاسم" باكثر من عقد ، مثل الشركة العامة للصناعات البتروكيمياوية في البصرة ، التي تأسست عام 1977 ، وبعضها بدأ العمل بها قبل وصوله للحكم بسنوات ، مثل سد دوكان وسد دربنديخان ، وأخرى مجرد عناوين ليس لها وجود على ارض الواقع ، مثل بناء ( 160000 ) مستوصف و ( 280000 ) مذخر ادوية!!،

فلو قسمنا عدد سكان العراق في تلك الفترة ، والبالغ عددهم ستة ملايين ونصف المليون ( حسب احصاء 1957 ) ، على عدد المستوصفات ومذاخر الادوية سنجد أن لكل 40 مواطن مستوصف!!، ولكل 23 مواطن مذخر ادوية!!، ولو فرضنا أن كل مستوصف يشيد على مساحة 2000م2 ، و1000م2 لكل مذخر ، فأن الشعب سيعيش بمراكب مستقرة في الأنهر ويترك اليابسة للمستوصفات والمذاخر!!.

المفاجأة .. ان كل مستوصف يحتاج إلى 15 فرد من مختلف الاختصاصات لتشغيله ، كحد ادنى ، ولكل مذخر 10 اشخاص ، وبذلك يكون عدد الموظفين الذين يديرون المستوصفات والمذاخر يتجاوز الـ ( خمسة ملايين ) ، يعني 85% من الشعب يعملون بالمهن الطبية!!، لكن السؤال هو .. مادام عدد المستوصفات والمذاخر والعاملين بالمهن الطبية كبير إلى هذا الحد ، فلماذا ظل محبي "عبد الكريم قاسم" يلجئون عند مرضهم لـ "السيد" بدلا من المستوصفات ، ويتعالجون بـ ( البصاق المبارك ) ويتركون ( الاسبرين ) في مذاخر الأدوية؟!.

بلال الهاشمي
باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي
 ١٤ / تشرين الثاني / ٢٠١٧