شبكة ذي قار
عـاجـل










تحت عنوان "التخاذل بحق طرابلس خيانة"

تنادت الهيئات والجمعيات الطرابلسية المنضوية تحت عنوان "المجتمع المدني"، إلى التلاقي والاعتصام والتظاهر رفضاً لاستمرار عمل مكب النفايات في طرابلس وعدم السعي الجاد والضروري لإيجاد الحلول السريعة والناجعة في معالجته والحد من الأذى والأضرار البيئية الناجمة عنه، حيث أن استمرار تمدد هذا المكب الذي تحول إلى ما يشبه الجبل ارتفاعاً، صار بمثابة القنبلة الموقوتة القابلة للانهيار التفجيري في أية لحظة بعد أن بدأت تتفاقم فيه الروائح الكريهة والحشرات التي تغزو المدينة في عمق أحيائها إلى مشارفها لتصل إلى مناطق الكورة وزغرتا وقضاء الضنية بشكل لم تعد فيه المسألة تنحصر في الأضرار البيئية وحسب، وإنما تعدتها إلى تفشي سلسلة من الأمراض والأوبئة، ولعل أخطر ما فيها السرطان الذي أشار إليه الخبير البيئي الدكتور منذر حمزة بالقول: "أن في كل عائلة في طرابلس إصابة سرطانية أو أكثر، وأن مثل هذا الأمر يحتاج إلى صحوة فعلية، فيما عصارة النفايات تتسرب إلى بحر المدينة وتلوث الحياة البحرية والحيوانية منه.

وزاد في الطين بلة ما شهدته المدينة من تراشق في الاتهامات ومحاولة التنصل من مغبة تداعي الكارثة تلك، وذلك من خلال ما تم كشفه عن أن الأمر لم يتعلق بجبل النفايات المذكور وحسب، وإنما يتعداه إلى معمل جديد تم افتتاحه منذ أشهر لفرز النفايات على مقربة من المكب الجبل، وهذا المعمل مناط به استقبال ما يقارب الاربعماية طن من النفايات يومياً فيعمل على فردهم وخلطهم ومزجهم يومياً وربما لعشرات الأيام في الهواء الطلق ضمن نطاق ما يسمى بالتسبيخ، وكل ذلك على مقربة من الأماكن السكنية وبالقرب من شاطئ البحر، أما الثمن الذي يُدفع لهذا المعمل فهو خمسة وعشرين دولاراً للطن الواحد أي ما يساوي أربعة ملايين دولار سنوياً،

في حين أن الشركة الأخرى المولجة بإدارة المكب تأخذ عشرين دولاراً للطن الواحد بدورها، أي ما مجموعه ملايين الدولارات المضافة سنوياً، دون التكفل بمعالجة الغازات الناجمة عن النفايات أو العمل بمصافي العصارة الناتجة عنها والمتوقفة منذ العام 2013، حيث لا تجد تلك سبيلاً لها سوى في التسرب إلى المياه الجوفية ومياه البحر لترمي فيه المزيد من المواد المسرطنة التي تأكلها الأسماك وتتحول بدورها إلى الاستهلاك الآدمي للبشر في المدينة.

كما أن رمي المسؤولية الإدارية في كل ما تقدم على اتحاد بلديات الفيحاء، لا يمكن أن يعفي بلدية طرابلس وبلدية الميناء من مسؤولياتهما وكلتاهما: يتولى رئيس الأولى رئاسة الاتحاد، والثاني نائب الرئيس وكأن جميع هؤلاء مع الشركات المتعهدة للطمر والتسبيخ، تراهن على الهاء المواطنين برمي المسؤوليات على بعضها البعض في ظل عدم إعلانهم حتى تاريخه عن حل بديل لكل ذلك بما فيه إقفال المطمر بطريقة آمنة وسليمة وإيجاد المعالجة الجذرية للنفايات المتراكمة يومياً بالأطنان والخروج على الناس بتحقيق فوري وعلمي لمعرفة مصدر الرائحة والحد من أضرارها ومساوئها.

تلك بالمختصر أهم العناوين الأساسية لما يكابده أبناء طرابلس لسنوات عدة، كانوا خلالها يعوِّلون على أن الدولة بحكوماتها المتعاقبة ووزراء طرابلس فيها، وونوابها سوف يسعون إلى مشاركتهم هذه الهموم وكل ما كان يصدر من عهود ووعود لا يلبث أن يتبخر، ولعل آخر الصدمات التي تلقاها الطرابلسيون على هذا الصعيد، هو انعدام أي بصيص أمل في تحقيق الوعد الحكومي بعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء اللبناني في سراي طرابلس للوقوف على حاجات المدينة المختلفة، هذه الجلسة التي سبق وتأجلت لأكثر من مرة، ويخشى أبناء المدينة أن ينقطع الأمل نهائياً بتحقيقها بعد الاستقالة المفاجئة للرئيس سعد الحريري من موقعه الرئاسي وبذلك الشكل الدراماتيكي الذي لم يكن ليخطر على البال ولينجح المعنيون بأزمة المكب، من تحويل الأنظار إلى التداعيات السياسية التي أحدثتها الاستقالة واعتبارها الأهم في هذه المرحلة، بينما كل المسائل الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وعلى رأسها مكب النفايات، سوف تُرمى في أدراج التأجيل والإهمال من جديد.

ولقد أشار مسؤول حزب طليعة لبنان العربي في الشمال الرفيق رضوان ياسين إلى تلك المعضلة الجديدة مخاطباً من يهمهم الأمر بالقول :
كيف السبيل اليوم لإنقاذ مدينة باتت من كثرة الالام ركاماً لا حياة فيها، مدينة أثخنتها الجراح وأضاف :

هل تنتظرون منا أن نجاملكم في سياساتكم التي أودت بالمدينة إلى المزيد من التهميش والإهمال، حتى أصبح جبل النفايات علامة فارقة يتبادل النتانة مع مواسير الصرف الصحي كقنبلة فيروسات متنقلة في أنحاء المدينة، فكفاكم أسفافاً وإفراطاً ومبالغة في التطاول على المدينة وحقوق أبنائها وصحتهم ومستقبلهم، وحيث لن ترحموا هؤلاء لن ترحمكم صناديق الاقتراع والأيام قادمة.





الخميس ٢٧ صفر ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة