شبكة ذي قار
عـاجـل










وهل ينساك أبناؤك والرفاق حتى يتذكرونك من جديد أيها القائد الشهيد !

غير أنه وفي يوم رحيلك باتت شهادتك محطة نضال لم تعد ملكاً لهم وإنما صار يتظلل بها المئات من ملايين العروبة وأحرار العالم وأنت الذي ارتقيت بشهادتك إلى مصاف الأئمة والأبرار الصالحين، ذلك المصاف الذي لا يطمح إليه سوى من يعرف قيمة الشهادة والعطاء وأنت صاحب مقولة "الشهداء أكرم منا جميعاً" يا من تحولت أميراً للشهادة وسيداً للأكرمين في هذه الأمة دون منازع، ذلك بشهادة الخصوم قبل المقربين والأحباب، سيما أولئك الذين شحذوا سكاكين حقدهم ليغرزوها في خاصرتك فباعوا أنفسهم للشيطان الغاصب مسهلين له الاحتلال وتعبيد الطريق إلى عراقك الحبيب وإذا بهم اليوم يتلون فعل الندامة، ولات ساعة مندم كما تقول العرب.

ماذا أقول في ذكراك الحادية عشر وأنت تتربع اليوم في عليائك ساخراً من غباء الحاقدين وتهور الساقطين وسذاجة من توهموا أن في غيابك طمأنينة لثبات عروشهم، وأن وجودك في نعش يحقق لهم ذلك،

وما كانوا ليدرون أن الأيام ستدور عليهم وسيموتون في اليوم الواحد جزعاً وخوفاً بقدر المرات التي حرضوا فيها عليك وعلى نظامك الوطني، وباتوا لا يُحاطون سوى بـ كلاب مسعورة تنهش في لحومهم بقدر ما تقاسهم "قصعتهم" فلا هذه "القصعة" دائمة بعد اليوم، ولا لحمهم الممزق المتآكل سينبت من جديد.

ها هم اليوم وقد سقطت أقنعتهم جميعاً، وبانت وجوههم الكالحة، ولم يعد يكفي عريهم الأخلاقي والسياسي أمام رعاتهم الإقليميين والدوليين لاستحواذ رضا هؤلاء عليهم وتجرُّع ما امكن لهم من أيام نعيم مزيف، وورقة التوت التي كانت تستر أخر ما اخفوه على الناس قد سقطت، وهم يتبادلون تهم الخيانة فيما بينهم غير متساوين في المواجهة سوى مشاركتهم في العمالة والخسة يوم اجتمعوا عليك ويبحثون اليوم في كل المحيطات والبحار ليجدوا فيها ما يغسل لهم فعلتهم فلا يقدرون!

لا أكتب اليوم، وفي ذكرى شهادتك، كي أزيد على مدح الرفاق والأحباب مديحاً، ولا لأعدد صفات لم تلِق إلا لك، وعجز أعداؤك أن يقلدونك بها وما زالوا.

ولكنني وبكل راحة ضمير أقول :
حسبك أنك كنت صادقاً مع شعبك وفياً لمبادئك، مخلصاً لأمتك، فلم تخن أو تنحرف أو تستسلم.

أنت الذي لم تساوم في عز الحصار عليك وكان بإمكانك أن تقول "نعم" وتساوم على كرامة أمتك وشعبك، غير أنك فضلت السماء على الأرض، والسماء لا يليق بها سوى النسور التي تعيش في القمة ولا تموت سوى في أعلاها،

أنت الذي لم تهتز جوارحك أمام الحبال الغليظة وبقيت قدماك ثابتتين دون ارتجاف، وفي ابتسامتك للجلادين كنت تلقنهم معنى الرجولة وهم أشباه الرجال،
كنت الأقوى والأكبر والأقدر على المواجهة بدون سلاح وبرغم القيود، ملقياً الرعب في افئدتهم، مرحباً بالشهادة التي ظفرت بها، وأنت تنطق الشهادتين معلناً الولاء للأمة وللعراق ولفلسطين قبل أي ولاء آخر.

حسبك أن الرفاق على العهد وهم يحملون جمر القضية في أياديهم وخطواتهم وما تعبوا أو دب فيهم اليأس والقنوط.

حسبك أن كل من تآمر عليك، تخطيطاً وتنفيذاً وشيطنة وتشويهاً وافتراءاً أو تشفياً،
هو اليوم في طريقه إلى مزبلة التاريخ فتبرأ منه الدين والعقل والضمير قبل أن تتكشف حقيقته أمام الإتباع والمضلَلَين.

حسبك أنك الرابح الأكبر، اليوم وغداً، كما بالأمس في كل دروب هذه الجلجلة وأنت ترى في عليائك كل تلك الغيوم السوداء التي تخيم على عراقك وعروبتك، وكل تلك المناجاة التي تبتهل إلى الباري عز وجل ليعود العراق والأمة إلى أيامك وأيام الرفاق النشامى، والجميع يخاطبك وأنت في السماء، فلا يغادرون الأرض التي صمموا على تحريرها متشبثين بمبادئك وقيمك ومعاني رجولتك وشهامتك،
لقد فزت ورب الكعبة، وخسر المتخاذلون
لقد فزت ورب الكعبة، وبقيت قضيتك حية لا تموت.





الاثنين ٧ ربيع الثاني ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / كانون الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة