شبكة ذي قار
عـاجـل










قام الطلاب النازحون من مدينة الموصل بإطلاق صرخة مناشدة باسم جميع طلبة العراق، خلال الأسبوع المنصرم، يطالبون فيها بالقضاء على الفساد والفاسدين، وتوفير كتب وأدوات دراسية لهم، حرصاً على مستقبلهم الذي هو مستقبل العراق .. راجين نقل صوتهم وإيصال رسالتهم ليعلم العالم حجم الظلم الواقع عليهم، ومقدار المعاناة التي يعاني منها جميع طلبة العراق على حدّ سواء، والنازحون منهم على وجه التحديد.

لخصّت لنا هذه المعاناة، الصحفية والإعلامية فاتن طارق بقولها : منذ عام ٢٠١٤ توقف الدوام الدراسي في جميع المدارس والكليات والجامعات في مدينة الموصل، وذلك بسبب الظروف الامنية التي واجهت المدينة وسقوطها بيد داعش، وقد توقفت الحياة في كل القطاعات والدوائر الحكومية وغير الحكومية ..وكل ذلك قد ساهم في ابادة عدد كبير من سكانها .. اما بسبب الجوع او القصف والمعارك او بسبب الظلم الذي استخدمه داعش ومارسه على اهل المدينة .. ولكن بعد كل تلك المعاناة، وتسليماً لقضاء الله وقدره، وبعد الخسائر البشرية والمادية، وبعد انهاء سيطرة داعش على المدينة يتعرض اليوم شريحة مهمة من اهلها وجيل المستقبل وشبابها الى داعش سياسي من قبل المسؤولين والفاسدين في التربية والمدارس والجامعات ... وعلى رأسهم وزارة التربية المتمثلة بوزيرها ابن المدينة التي نحن في صددها، ومن هذا الظلم :  

١. ضياع ثلاثة اعوام من عمر كل الطلاب وخاصة طلبة الصفوف المنتهية في المتوسطة والاعدادية،
وكذلك طلبة الكليات والمعاهد، فكل شخص بعد استعادة المدينة من داعش، عاد الى مرحلته دون ان يحاولوا ايجاد حلول لهم واخذ السنين التي فاتت من عمرهم على محمل الجد او مراعاة الحالة النفسية والمعنوية بل المادية ايضا، لأن اغلب السكان قد فقدوا اعمالهم وبيوتهم، ومن ضمنهم اهل هؤلاء الطلبة!

٢. تصفير المراكز الامتحانية في مناطق جنوب الموصل، بعد ماعاناه اهلها من ظلم وقتل وتهجير من قبل داعش!

٣. عدم توفير الكتب والمستلزمات الدراسية للطلبة قبل الامتحانات، خاصة بعد ان احرق داعش عند سيطرته على المدينة المناهج الدراسية واستبدلها بمناهج تخدم مصالحه، حتى انه استخدم الاعدام لكل من يعترض على هذه المناهج سواء من الاستاذة او الطلبة!

٤.عدم اعادة وتأهيل المدارس التي هدمت وتضررت جراء المعارك التي شهدتها المدينة، وهذا ما يجعل المدارس والصفوف مزدحمة لدرجة انه لا يستطيع الاساتذة ان يتحملوا العدد الكبير، او ان يصلوا بالمعلومات اثناء الشرح لكل الطلبة المتواجدين، وما يلحقه ذلك من اضرار معنوية ونفسية بسبب ظروف الوصول الى تلك المدارس بسبب انعدام اغلب الجسور والطرق بعد تعرضها للانهيار التام!

٥. فقدان اغلب الوثائق الدراسية للطلبة بين المدارس اثناء عملية النزوح من الجانب الايمن الى الايسر واجراءت مشددة بحق من يريد ان يستحصل على وثيقته الرسمية من قبل التربية من اجل ان يكمل دراسته او يشمل في العبور الذي اقرته التربية، لكن كل يوم تأتي بقرار جديد تضيفه الى قرار العبور كأنهم يريدون تصعيب الامور، ولا يشمل اغلب الطلبة، تحت عدة مسميات واسباب وحجج، الغرض منها فقط محاربة الطالب وعدم شموله بقرار العبور ( اي كالذي يفعل شيء ويندم عليه ويحاول ان يتراجع عنه لكن بطريقة دبلومسية وحضارية كي لا يتحمل أيّة مسؤولية )!!

٦. عدم توفر مقاعد دراسية شاغرة في جامعة الموصل بعد الانتهاء من مرحلة الاعدادية اي يبقى الطلاب بعد كل تلك المعاناة ينتظرون ان يتوفر لهم مقعد دراسي في جامعة الموصل ... وهذا بشكل عام تقريبا يشمل كل الكليات التي في الجامعة، والاسباب تعود الى أن اغلب المباني تعرضت الى الازالة بسبب القصف!!

• معاناة دونما توقف !!

لا يخفى على احد تلك المعاناة التي مر بها المواطن العراقي الذي نزح من منطقة سكناه او حتى الذي بقي فيها يرزح تحت ظلم الارهاب الذي جاء عابرا للحدود وعابرا لكل القيم المدنية والانسانية والدينية ليجبر سكان تلك المناطق على العيش في عصور من الظلام الحالك، وليذيق من نزح من تلك المناطق اقسى انواع النزوح الداخلي فكل من ترك منطقة سكنه قد ترك ايضاً عمله ومصدر رزقه وماله وبيته واملاكه ودراسته وذهب نحو مستقبل مجهول، ومن بقي لم ينل الافضل بل كان الامر اسوأ.

ومن بين تلك المآسي تلوح معضلة الطلبة النازحين، فمن بين ثلاثة ملايين ومائتا الف نازح هنالك خمسمائة الف طالب نازح يعودون لخمسة محافظات ( المحافظات التي احتلها الارهاب )، تركز نزوح هؤلاء الطلاب لوسط وشمال العراق، حيث تم تسجيل نصف هؤلاء الطلاب فقط ضمن التعليم النظامي وضمن مدارس نظامية.. اما الباقي فتم ادراجهم ضمن صفوف علاجية ضمن مخيمات النزوح.. وفي ذلك صرّح لنا عضو المكتب التنفيذي لهيئة طلبة وشباب العراق في الخارج، مسؤول فرع الهيئة في استراليا، الأستاذ قيس أكرم : كان العراق سفينة محملة بكنوز الدنيا وعلى حين غرةٍ سرقها قراصنة البحار فقتلوا من في السفينة ونهبوا كنوزها ومن ثم لم يبقَ الا إغراقها بمن بقي فيها! وها نحن نرى عراقنا يغرق شيئاً فشيئاً..

نحن نعلم ان لا خير في من يتسلطون على رقاب العراقيين بل على العكس هم ليسوا الا أدوات بل دمىً رخيصة هيأتها دوائر الغرب المتصهين بالتعاون مع دول إقليمية في مقدمتها بلاد فارس!!

الحل يكمن بيد العراقيين في ان يثوروا بركاناً ضد هذه العصابة العميلة لإنقاذ ما تبقى من بلاد الرافدين!!

انها مهمة الشباب، بل معركة الشباب العراقي الواعي في ان يتسلح بالوعي الوطني ونبذ الطائفية وان يمتلك الإرادة الحرة في نشر وتثقيف الجماهير من اجل ثورة شاملة كبرى!!

ينبغي ان لا ننسى ان نظام التربية والتعليم بكل مراحله قد تعرض للتخريب والتحريف المتعمد من اجل سلخ العراق من عروبته.. فكان التدمير شاملا من شمال العراق الى جنوبه وغربه وشرقه لتفريس الثقافة العراقية العروبية وليصبح العراق تابعاً ذليلا لبلاد فارس الحاقدة !!! فأصبحت الجامعات العراقية منطلقاً لممارساتهم الطائفية والتي لا تمت بصلة للعلم والمعرفة ومثلها ايضا المدارس الابتدائية والثانوية ...

الحلول الناجعة لا تتأتى بين ليلة وضحاها ولكنها مسؤليتنا كشباب واعٍ همه تحرير الوطن وانتشاله من الغرق حيث لا مغيث الا شباب العراق بعد الاتكال على الواحد القهار والإيمان بقدرة وطاقة الشباب الخلاقة!

ومن هذا المنبر الحر نحن شباب العراق نناشد منظمة اليونسكو والامم المتحدة وكل احرار العالم للوقوف، بل لدعم جماهير وشعب العراق والضغط على من يتسلطون على رقاب العراقيين من اجل توفير فرص التعليم لمن هجروا ونزحوا من مدنهم بسبب الارهاب الدولي والحكومي!

• كيفية التعليم بالنسبة للطلبة النازحين !!
المحظوظون في هذه الحالة هم من يدرجون ضمن المدارس النظامية، فعلى الرغم من الاكتظاظ في الصفوف الدراسية، والمقعد الدراسي الذي يخصص لشخصين يتم اشغاله من قبل اربعة، اثنان منهم نازحين، ويكون توقيت الدوام مسائي بعد الساعة الرابعة عصرا لينتهي مساءا بعد حلول الظلام، والسبب هو عدم توفر مدارس كافية، ولان اغلب الطلاب يعملون صباحا ليسدوا متطلبات العيش، وان كانوا لايتجاوزون العاشرة من عمرهم، ويكون المعلم متعبا لانه قد اعطى نفس المادة لثلاثة مرات سابقة خلال نفس اليوم، للدوام الصباحي والظهري والعصري واخيرا المسائي، وهذه قمة الرفاهية إذا قارنا حالهم بحال طلاب المخيمات نفسها.. فطلاب المخيمات يدرسون في كرفانات غير مخصصة كصفوف تعليمية، والمدرسين هم متطوعون وليسوا مختصين، اضافة الى ان من يشرف على عملية التعليم ضمن المخيمات هي المنظمات الانسانية وليست وزارة التربية، وبالتالي فإنّ التعليم يكون (ضمن ادنى معاييره في الازمات ) وهذا مبدأ العمل وليس الاستثناء، اي ان التعليم يكون ضمن ادنى لمعايير ليتم تغطية المشكلة لحين حلها (على افتراض ان الازمات وان طال زمنها فهي مؤقتة ).

وبالتالي فإنّ النوعين من الطلبة، لم يتلقوا التعليم المناسب خلال فترة نزوحهم، ناهيك عن ظروفهم الصعبة التي عاشوها من تمييز عنصري وطائفي وانعدام مصادر الدخل الثابت الخاص بذويهم، والانعكاسات النفسية للنزوح والعيش في غير مسقط رأسهم والتعرض للعديد من المخاطر والتي لاحصر لها سواء كانت الناتجة عن العيش في اماكن غير مخصصة للعيش البشري او المخاطر الناتجة عن الاختطاف والاساءة الجنسية وغيرها، وبعد كل هذه الصعاب يتسرب الطالب من المدرسة ليدخل ضمن دوامة جديدة وهي نقص التعليم .. وتعقيباً على ذلك قالت الكاتبة الشابة سماح علي: وسط حالة من الفساد وتدهور الواقع التعليمي والخدمي الذي تشهده البلاد نرى اليوم نقصاً كبيراً في كادر التدريس والمستلزمات الدراسية وهذا قصور من قبل المسؤولين وينم عن عدم كفاءة اصحاب المناصب وعدم شعورهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، وغياب العملية التربوية في توفير اللازم واتخاذ الاجراءات اللازمة لسد هذا النقص.. ولحل هذه الموجة من التدهور نحتاج القضاء على الفساد والمفسدين وإشغال المناصب بأشخاص ذي قدرة وكفاءة عالية، وتوفير المستلزمات الدراسية من قرطاسية والمناهج التعليمية وتوفير كادر تدريسي جيد من اجل تخريج باقة مثقفة تنهض بمستقبل البلاد نحو الأفضل اقتصادياً واجتماعياً تعود على البلد والمجتمع والأسرة بالفخر والمجد والعلى.

• ماذا تقول الارقام؟!
بعد موجة النزوح الكبيرة التي حصلت عند دخول الارهاب، ونزوح اكثر من نصف مليون طالب نحو الشمال والوسط عانت المحافظات المضيفة من عدم توفر مدارس كافية لأستيعاب الطلبة النازحين، بالاضافة إلى اختلاف لغة التدريس في مدارس الشمال عن لغة الطلبة النازحين، مما اضطر السلطات لاستحداث مدارس مؤقتة للطلبة لتفادي الازمة، حيث تم استحداث احد عشرة مدرسة تدرس للطلبة النازحين فقط في محافظة اربيل، وضعف العدد في محافظة دهوك لأن العدد اكبر من النازحين القادمين من سهل نينوى ومن مدينة الموصل، اما محافظة السليمانية فقط استوعبت مائة وخمسة وعشر مدرسة خمسة واربعون الف طالب نازح.. هذه الأعداد الذي نتكلم عنها في سطور بسيطة وكلمات قليلة يمثل مستقبل العراق وعماده، وركائز تطوره، ومع الاسف لم يتم مراعاة ظروفهم ولا كان هنالك قدرة حكومية على ادارة تلك الازمة بشكل صحيح ليتم تحصينهم ومساعدتهم لتجاوز تلك الازمة بشكل سليم لا يؤثر على مستقبلهم الذي هو بالمحصلة مستقبل العراق.

• ما حال من بقي في المناطق المحتلة ؟!
كما تم الاشارة في بداية التقرير فأنّ الذين آثروا البقاء او لم يستطيعوا النزوح من المناطق التي سيطر عليها الارهاب لم يكونوا اوفر حظا، فقد اغلقت العديد من المدارس او تم اجبار الطلبة على ترك مقاعد الدراسة وتحديدا الاناث، اما من نجا من هذه وتلك، فقد اضطر للبقاء في مقاعد دراسة تلقن اقسى انواع الارهاب وحشية، واكثر المبادئ شذوذا في الكون، واضطر العديد من الطلبة الباقين مجاراة مناهج التطرف، فقط لكي لا يخسروا مستقبلهم، ولكي يستمروا في رحلة العلم، كي لا يكونوا رقما صفريا في عالم يعتمد العلم في كل شيء.

• واقع الحال :
( تحررت ) كل المناطق التي سيطر عليها الارهاب وبدأت بعض العوائل بالعودة، لكن بدأت تظهر مشاكل من نوع اخر، ولكلا المجموعتين، سواء الذين بقوا في مناطقهم، حيث اعلنت وزارة التربية العراقية بأنها لن تعترف بأي شهادة صدرت خلال فترة سيطرة الارهاب، مما سيضطر الطلبة لإعادة الدارسة لاربعة سنوات قادمة وبأثر رجعي، فالذي اكمل اخر مرحلة ثانوية سوف يبدأ من الصف الثالث المتوسط وهكذا، اما من درس في بعض مدارس النزوح ووصل للمرحلة للثانوية فهو كأنه لم يدرس شيئا ابدا، لأنه وكما ذكرنا، بأنّ الدراسة كانت ضمن المعايير الدنيا، والمرحلة الثانوية هي مرحلة تحديد مصير واغلب الطلبة لا خلفية تعليمية جيدة لديهم بسبب الظروف التي مروا بها.

بالاضافة إلى كل هذا، هنالك النوع الذي ترك الدراسة كليا وعاد اليوم ليجد نفسه مضطرا للدراسة بصفوف ليست ضمن عمره الحالي فمثلا هو اليوم يبلغ ثمانية عشر سنة ولكن الصف الدراسي الذي يستوعبه هو ثاني متوسط او ثالث متوسط، مما سيسبب له الاحراج ومشاكل نفسية كثيرة، وبالتالي تعليمية، سوف تؤدي الى عثرات وكبوات يضيع معها مستقبل الشباب والشابات، ليضيع معها اهم ركيزة ومصدر يستند عليه الوطن في ازدهاره!!

ختاماً قد أطلق عضو المكتب التنفيذي لهيئة طلبة وشباب العراق في الخارج، مسؤول فرع النمسا، محمد الخطاب الناصري، مناشدةً لإنقاذ واقع الحال هذا، الذي يعاني منه طلبة وشباب العراق، جاء فيها: إلى جميع أهلنا الأحرار والشرفاء في وطننا الجريح العراق، وإلى منظمات المجتمع المدني والهيئات غير الحكومة، وإلى منظمات حقوق الانسان، نناشدكم باسم طلبة وشباب العراق ان تنقذوا التعليم في بلادنا بعد أن ساد الفشل في هذا القطاع المهم، وكثر بين أبنائه الطلبة المخدرات التي تصلهم عن طريق شيطان العالم الاكبر ايران، فاليوم طلابنا يتعاطون المخدرات في كثير من الأماكن العامة، بالإضافة إلى إهمال واضح ومقصود لمستقبلهم الدراسي، ناهيك عن نقص المستلزمات الدراسية من القرطاسية والكتب والدفاتر وحتى المقاعد الدراسية ( الرَحلات ) و ( السبورات )، ولم نرتقِ لنكون كأيّة دولة نامية، بعد أن كان العراق من بين الدول المتقدمة في التعليم قبل احتلاله عام 2003، ونناشدكم بالاهتمام بطلبة المحافظات التي سقطت بيد داعش الاجرامي الارهابي، كما وصلتنا معلومة بأنّ الدراسة للدور الخارجي في محافظه صلاح الدين قد تم الغائها من قبل وزاره التربية، ولا نعلم السبب، نرجو اعادة الخارجي لهذه المحافظة المنكوبة أسوة بباقي المحافظات، والاهتمام بواقع الطلبة، كما وردتنا معلومات تفيد أنّ مدير تربية محافظة الانبار الدكتور نافع حسين المحلاوي، هو من اكبر رموز الفساد في هذه المحافظة، ويقوم بمساومة الطلبة، وبأنّه واحدٌ من أكبر المرتشين، ولا نعلم اي حزب يمسك ظهره، فنرجو تطهير التعليم منه ومن أمثاله حفاظاً على المستقبل التعليمي للطلبة.. إن كنتم تريدون بناء دولة حقيقية، عليكم الاهتمام بأمرين، اولهما القانون، وثانيهما التعليم، وكلاهما مفقودٌ في بلدنا، فلا قانون ولا تعليم !!





الاحد ٢٧ ربيع الثاني ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / كانون الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد الرشيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة