وفي السابع من نيسان ١٩٤٧ ولد حزب البعث العربي الاشتراكي بعد مخاض استمر من ١٩٤١-١٩٤٧م حيث كانت المرحلة التمهيدية والتي ظهرت كتابات ودعوات العديد من المفكرين القومين وانتهت بنشؤ الحركة العربية الثورية (( حزب البعث العربي الاشتراكي )) حيث تم التشديد على المنطلقات الآتية :-

١- اعتبار القومية حقيقه كامنه وراء ركام التجزئة والتخلف والاستغلال والاستعباد يكشفها الانسان العربي كلما تكامل وعيه وادرك هويته الاجتماعية وكانت له مواقف صادقه من الحياة

٢- القومية العربية هي المحرك النضالي للامة العربية في هذه العصر

٣- وهي ادرام للعلاقة بين ماضي الامة العربية وحاضرها ومستقبلها ووعي لوحدة شخصيتها فهي كما يقول القائد المؤسس في عام ١٩٤٠(( تذكر حي )) وهي (( حب قبل كل شيء )) وهي (( حب وتضحية ))وهي (( قدر محبب )).

ففي الصعيد الايديولوجي استطاع فكر الحزب الثوري ان يكشف عن اخطاء وانحرافات النظرات الاصلاحية اليمينية والنزعات القومية العنصرية والمنطلقات الاقليمية القطرية والحركات الرجعية والمفهوم الاممي الستاليني وجميع النظريات والافكار التي تفتقر الى المفهوم القومي الانساني التحرري والى المضمون الاجتماعي الاشتراكي. التقدمي والى الايمان بدور الجماهير .

واستطاع هذا الفكر الثوري الجديد ان يثبت من خلال الصراع الايديولوجي الطويل في الفكرة العربية الثورية التي تتميز بالربط الجدلي بين الوحدة والحرية والاشتراكية . وعلى الصعيد السياسي النضالي والاجتماعي شهد تاريخ البعث هذه المرحلة صراعا بين الحركة الثورية التي جسدت فكرة البعث والتخلف والاستغلال وشهد ملاحم رائعة للكفاح ضد انظمة الحكم وسلطاتها القمعية المسلطة ضد الجماهير والمناضلين الثوريين والكفاح ضد الدكتاتورية والاحلاف الاستعمارية والاتفاقيات الاستسلامية مع الاستعمار وشهدت المرحلة صورا مشرقة للتضحية والفداء في كل زاوية من الوطن العربي ولازالت هذه الصور تتكرر يوميا والى يومنا هذا في العراق وليبيا وسوريا ولبنان والسودان واليمن وتونس والجزائر وفي كل قطر عربي.

وان شاب هذا التاريخ ما شاب الحركات الثورية في العالم الثالث من محاولات التشويه والتزوير والتخريب الداخلي وانتابه ما انتابها من علل واخطاء ومر به ما مر بها من تجارب سلبية ومن مؤامرات خارجية تستهدف القضاء على التجربة العربية الثورية فان هذا التاريخ قد سجل حقيقة راسخة وهي ان حزب البعث العربي الاشتراكي باقي بقاء العروبة والاسلام ويملك القدرة التاريخية على الصمود وعلى التجدد والتطور وعلى الارتفاع دائما دايما فوق ذاته وفوق كل التناقضات المحيطة به او المزروعة في طريقه.

وحين يعود البعثي الي المراحل الاولية السابقة التي تشكل ماضي حركته الثورية التاريخية ويستعرض مواقف الكفاح ضد التجزئة بجميع اشكالها وصورها ضد الاستعمار والرأسمالية الاحتكارية العالمية وضد الاستغلال بكل اشكاله والوانه فعندما نتلمس هذ النضال في الخمسينات والستينات والسبعينات والى يومنا هذا على الصعيدين الفكري والعلمي في توحيد الفكر العربي الثوري وفي ربط الثورة العربية الشاملة وفي تحريك الجماهير العربية من المحيط الى الخليج ضمن اطار وحدة النضال العربي وفي تحقيق المكاسب الاشتراكية التقدمية .

عندما نتذكر ذلك كله يدرك لماذا نحتفل بالسابع من نيسان ولماذا كانت الانتصارات والمد الشعبي الثوري ملازما للتمسك بالمنطلقات الاساسية لنشؤ حركة البعث كما اننا ندرك في الوقت نفسه لماذا النكسات التي رافقت حركة النضال كما نستطيع من خلال هذا التحليل ان نحدد الاخطاء وان نستكشف ابعاد المرحلة المقبلة وان ندرك متطلباتها .

ونحن نحتفل بالذكرى الواحد والسبعون لذكرى السابع من نيسان ذكرى ميلاد الحزب ذكرى التأسيس علينا التفتيش في ركام التجارب على عوامل الصمود الكامنة في تلك التجارب لان فيها تكمن القوى الحقيقية للمستقبل العربي الثوري وسنلاحظ ان الصمود البعثي خلال ادوار نموه ومراحل تطوره بالرغم من كل المؤامرات التي تجمعت عليه يرجع الى مجموعه او جمله من الحقائق هذه الحقائق عرف بها البعث وولدت معه وهي تحمل سرها وهي سر قوته وتتمثل في :-

١- الفكرة العلمية الثورية القائمة على نظرية العلاقة الجدلية بين الوحدة والحرية والاشتراكية (( قانون تطور الامة العربية ))
٢- التزام خلقي عميق وتمسك بوحدة الوسيلة والهدف.
٣- تنظيم قومي يتجاوز التجزيئية والاقليمية ويمثل العمل الوحدوي ومفهوم القيادة القومية الواحدة .
٤- ايمان بالشعب وبدور الجماهير وبخط النضال الشعبي .
٥- استقلالية متميزة اصيله ليست مقلدة ولا تابعه ذات طابع ثوري تقدمي يعبر عن الحاجات التاريخية لكل المراحل للأمة العربية .