شبكة ذي قار
عـاجـل










إن آخر ما يصح عليها من تسميات هو تسمية عملية سياسية.
العملية السياسية تهندسها عقلية وطنية وتديرها كذلك عقلية وطنية تعرف معنى الوطن وتنتمي له بإخلاص ووفاء وصدق وأمانة وشرف وتحترم استقلاله ووحدة شعبه.
وهذه الاشتراطات غير متوفرة فيما يجري في العراق منذ يوم الغزو المشؤوم.

فالذي صمم وهندس العملية الاحتلالية هم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصهيونية ومن أخذ على عاتقه التوظف فيها هم مجموعة أشخاص وأحزاب جاء بها الاحتلال من خارج العراق وهي الجهات التي اتفقت مع أمريكا ومع بريطانيا على خطة غزو العراق وتعاونت معهما بمختلف الوسائل مقابل توظيفها في حكومة الاحتلال وأهم أهدافها هو إخضاع العراق لسلطة الولي الفقيه الإيرانية.

العملية الاحتلالية ليس لها هدف أو أهداف محددة كما هو حال أي عملية سياسية بل إنها مفتوحة الأهداف ومتجددة الغايات طبقا لما تقرره الدول المصممة والحامية لها، غير أن للعملية الاحتلالية خطوطا عريضة تتفرع منها المتغيرات المتواصلة هي:

- الدستور الصهيوني.
- الطائفية المسلحة الموغلة في الغلو والأحقاد والبغضاء والضغائن.
- المحاصصة التي تمكن الدول المحتلة ( أمريكا - بريطانيا - الكيان الصهيوني والجهة المنفذة والراعية لتأمين الساحة كشريك عضوي تم تصعيده إلى مرتبة المحتل الأول عام 2011 وهو إيران ).

من هذه الخطوط الرئيسية التي ترتكز عليها العملية الاحتلالية المخابراتية تنتج وتتفرع التطبيقات الميدانية القائمة وتلك التي تستحدث لتدمير ما تبقى من العراق ومنها:

المليشيات وبأعداد كبيرة رغم أن صبغتها ( شيعية طبقا للوصف الذي تتبناه ).

المليشيات كلها تابعة لإيران وتتحرك بأمرها لكن تعدد راياتها وأسمائها أمر مبيت في طيات العملية الاحتلالية، ونحن نظن أن أهم أهدافها هو حماية العملية الاحتلالية ومسك الأرض لإيران وقمع العراقيين وإرهابهم ( إن بوسع أي باحث أن يسجل بطرائق مختلفة نوع الرعب الذي يعيشه أبناء محافظات بغداد والفرات الأوسط والجنوب من المليشيات وسطوتها الإجرامية المجربة بكل تأكيد .. وإن أي مواطن عراقي في تلك المحافظات تتحاور معه سيرد عليك بصوت هاتف: إنها المليشيات، إنها المليشيات التي لا ترعوي في الله ذمة ولا خطيئة ولا أثم ولا عرض ولا حتى قرابة )..

نعم، فجرائمها عصية على الوصف وضحاياها من العراقيين بالملايين من الأبرياء ومنهم مئات الآلاف قتلوا في بيوتهم وهم نيام ولا أحد يعرف لهم من ذنب إلا كونهم ( ليسوا شيعة ).

( العملية السياسية لا تتضمن ميليشيات إلا في العراق المحتل وهذا يعني أنها عملية إجرامية تقاتل القانون والنظام وتهدر دم الإنسان، والعراقيون عموما لا يعلنون رعبهم من أي من القوات الأمنية التي أسسها الاحتلال لكن الرعب يدب في قلوب الناس عموما من المليشيات التي تحمي العملية الاحتلالية بحجة حماية المذهب وسلطة المذهب ).

ولكي يصح تسميتها ( سياسية ) يتوجب أن تكون أدواتها حزبين أو ثلاثة أو حتى عشرة أحزاب. أما أن يكون عدد مكوناتها الحزبية والمليشياوية لا يقل عن 200 فهذا ليس عبثا وضحكا على الذقون فقط بل إنه تشتيت وتوجيه للحياة وللمجتمع وللدولة نحو هاويات لا قرار لها. وهذا هو ما يجري في العراق.

ومن خواص العملية السياسية أن ترمم نفسها وتنقي كيانها ومساراتها من اللوثات والفساد والفشل، غير أن العملية المخابراتية في العراق ليس بوسعها إلا أن تغوص بمزيد من الفشل والفساد مع كل دورة تدخلها وأخرى تخرج منها.

لقد عجزت عملية الخضراء البائسة عن إنجاز شاخص واحد في طول العراق وعرضه خلال 15 سنىة يمكن أن يؤشر على أنه ناتج عن عملية سياسية تحترم بعض ماء وجهها.. فلا سد ولا طريق سريع ولا مصنع ولا محطة كهرباء. وإذا وجد العراقيون حديقة أو مول أو فندقا فهو من الاستثمارات الخاصة وليس من تخطيط ولا من إنتاج العملية السياسية.

السياسة تتطور وتبني على إيجابيات كما تبني على عبور السلبيات في الانتخابات مثلا، إلا أن عملية الخضراء التدميرية تنتقل من انتخابات صورية مزورة هادرة للمال العام وموطنه للطائفية والعرقية والمحاصصة والتشرذم إلى ما هو كارثي في سوئه و فشله وتراجعه.

ماذا جنى العراق والعراقيون من الغزو والاحتلال وعمليته غير التدمير؟
مصانع أزيلت من على وجه الأرض.
وخدمات بلدية وماء وكهرباء تحولت إلى كوابيس.
وزراعة وري ماتت خضرتهما وافتقدت صفرتهما وغاب طعم لذيذهما.
وأمن صار مرتبطا بانتاج حاذق للموت والإرهاب.
وسيادة بلد تقاسمتها أربع دول على الأقل تتقدمها الآن ولاية الطائفية وعمامة الغدر الفارسية.
وعلاقات عربية ودولية صارت محض ذكرى تحركها الدول الأخرى طبقا لمقتضيات أدوارها ومصالحها متى شاءت وتضع الوسائد على منخرها متى شاءت.
واقتصاد تجمد كما الصخر الصلصال.
العراقيون غابت عراقيتهم واستبدلت بالمذاهب والأعراق والعشائر والولاءات الخارجية.
وملايين المقصيين والمهمشين والمهجرين والمجتثين.
وملايين المتقاعدين دون عمر التقاعد بسنوات.
كفاءات عسكرية ومدنية طوتها سيوف الغدر وثارات فارس المجرمة.
على هذا ننصح باستبدال اسم ما يجري في العراق من ( عملية سياسية ) إلى ( عملية تدميرية إفنائية إرهابية ).
فالعملية التي تعتبر أي معارض لها قولا أو فعلا هو إرهابي يعتقل ويطارد ويقتل ويجوع وينفى هي عملية إرهابية بامتياز وليست أبدا سياسية.





السبت ٢٥ رمضــان ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / حـزيران / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب البروفيسور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة