شبكة ذي قار
عـاجـل










بدءا لا بد من تأكيد الصلة العضوية الجدلية بين الشعب وبين طلائعه بمختلف توصيفاتها وبمختلف المهام التي تتصدى لها ضمن إطار المقاومة الباسلة لتحرير العراق من الاحتلال الايراني والامريكي وإسقاط العملية الاحتلالية المسماة جزافا وزورا باسم العملية السياسية . غير إن هذا الترابط العضوي الجدلي لا يسقط هامش إختلاف الواجبات المناطة بعامة الشعب والدور المفصلي الذي لا يمكن تصور التحرير من غير إضطلاع الشعب به وتلك التي تتولاها القوى الثورية والتقدمية الوطنية .

نحن نكتب في هذا العنوان في محاولة بسيطة مباشره ومتواضعه لكي نساهم ولو بقدر متواضع من الاضاءة المطلوبة في هذه المرحلة على لبس وغموض نطالعه للاسف الشديد بكثرة على وسائل التواصل والانترنيت ونسمعه من أفواه الكثيرين على القنوات التلفازية الفضائية . اللبس والغموض الذي يعاني منه البعض هو توجيه الادانة للشعب بسبب عدم إنجاز التحرير وطرد الاحتلال الايراني والامريكي رغم مضي خمسة عشر عام . ونؤكد هنا وبقوة على إن من شروط وضوابط وأخلاق النشر أن لا يعزل الناشر والمصرح والاعلامي والمثقف نفسه في خانة فوق الشعب وأن لا يقرر على الشعب واجبا هو بذاته وبشخصه قد تخلى عنه كلا أو جزءا . 

فهل يتحمل شعبنا مسؤولية عدم التحرير أم تتحمله الطلائع المتصدية أم إن هناك واقعا موضوعيا يتوجب علينا فهمه بعمق والانطلاق منه في توصيف المسؤوليات الوطنية عند الحديث عن الاحتلال وبقاءه وإحتمالات التحرير وكيف السبيل اليه .؟

هل إن ما حل في العراق إحتلال فقط بالصيغ التقليدية المتعارف عليها أم هو أمر مختلف ووقائع قذرة في أجرامها ولؤمها وخبثها ؟ 

في الأجابة على هذه التساؤلات تمهيد للوقوف الثابت على حقائق لا يجوز تجاهلها عند دراسة وتقييم وتقويم الشأن العراقي والذي من شأنه أن يوقف التجاوزات التي تصدر من البعض تحت ستار الحرص على العراق والتوق الى تحريره وأنقاذه وما يعنينا منها هو الجانب الأخلاقي وأنعكاساتها المتأتية من سعة إنتشارها في الميديا المتاحة الان وإحتمالات أن تكون مبرمجه في خطط خفض وإنهاك معنويات شعبنا .

لقد خاض شعبنا حرب الدفاع المجيدة ضد العدوان الايراني لثمان سنوات قدم فيها تضحيات من الشهداء والجرحى والمعاقين بالملايين من شبابه حتى كللت تضحياته بالنصر المبين بفضل الله وبفضل قيادته التاريخية الباسلة في ٨-٨-١٩٨٨. وتركت هذه الحرب الطويلة آثارا يصعب على أي دارس ومحلل تجاهلها , منها ما هو أيجابي وعميق الاثار , ولكن منها أيضا ما قد إنعكس على الناس بمردودات سلبية تتناسب ودرجة الوعي الوطني والبعد عن التأثيرات الوافدة من ايران .

ثم ما لبث شعبنا أن خاض المواجهة الخالدة ضد عاصفة الصحراء التي قادتها أميركا ومعها ٣٣ جيش وقدم العراق فيها تضحيات جسيمة وخاصة في عمليات الغدر الأمريكي الاجرامية لقواتنا المنسحبة بعد قرار وقف إطلاق النار . وكان لتلك الحرب أيضا نتائج ومعطيات جيدة غير إن نتائج خطيرة أخرى قد ترتبت عليها نتجت عن خسائرنا في البشر والمعدات أضيفت فورا الى كلفتها الكبيرة النتائج الكارثية لصفحة الغدر والخيانة التي إستشهد فيها الاف العراقيين ودمرت البنى التحتية لاربعة عشر محافظة . 

وفي الوقت الذي كانت الارادات الوطنية لقيادة العراق الباسلة وشعبه البطل تتجه لاصلاح الخراب الناتج عن العدوان الكوني على بلدنا المسمى بعاصفة الصحراء وشعبنا فرضت الامبريالية والصهيونية ومن خنع لارادتهما من العرب ودول العالم الحصار الجائر الذي أمتد لاربعة عشر عام وكسر ظهر العراق والعراقيين جوعا ومرضا وفي اثاره الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المدمرة .

قد يقول قائل إن هذه الأحداث قد ذكرت كثيرا في مقالات ويعرفها القاصي والداني ونحن نقول نعم هو كذلك لكن الكثيرين , وبغض النظر عن وصفهم العام والخاص , يعتدون على هذه الاحداث الجسام ويتجاهلونها عند تقييمهم لشعبنا العظيم ويتعاملون مع جانب فيه قدر من الخبث يتعاطى مع وقائع اللحظة ويتناسى الأمس بل يغييبه أو يحذفه من خارطة التأثير .

لم يتعرض شعب في التاريخ الى حرب ضروس لثمان سنوات تلتها مواجهة لحرب كونية شارك فيها ٣٣ جيش من أقوى جيوش العالم ولدول هي الاعظم والاكبر في قدراتها التكنولوجية والاقتصادية والاعلامية استمرت لأكثر من سنة تلاها غزو ايراني مجرم أحرق الاخضر واليابس ودمر المصانع وهدم الدوائر واعتدى على الاعراض والارواح وهو يحمل رايات طائفية بغيضة ويستخدم خلايا نائمة وطابور خامس قذر في صفحة الغدر والخيانة ثم تعرض هذا الشعب وطلائعه الثورية الوطنية والقومية التقدمية لحصار لم يعرف له العالم بكل تاريخه مثيل حطم الاقتصاد وأجبر الالاف على الهجرة ورفع نسبة الجهل والأمية والفقر وقتل ملايين من أبناء شعبنا مرضا وجوعا ومصحوب بردات عدوانية بالطائرات والصواريخ ومصحوب بعزل إجرامي لاجزاءه الجغرافية والبشرية وبعد ما يربو على أربعة عشر عام من هذا الحصار تحركت روح العدوان من جديد وحشدت أميركا ما يزيد على ٣٠ جيش لتغزو بلدنا وشعبنا وتستهدف طلائعه وبعد الاحتلال تباشر بنشر الفتن والبغضاء والارهاب والجريمة . فهل يوجد شعب في الكون وهل توجد قيادة وطلائع في الدنيا قدمت وانتصرت وصمدت كما فعل العراق وشعبه وطليعته ؟ .

وعودة الى عنوان موضوعنا :
الشعب بسواده فيه ربات بيوت ماجدات وكبار سن وفيه صغار , فيه قناعات ورؤى متنوعه وعليه تأثيرات داخلية وخارجية موروثة ومتجددة وعاش مخاضات بناء عملاق تحت ظل ثورة تموز ١٩٦٨ المجيدة وقيادة البعث العظيم كانت عرضة للعدوان والاستهداف منذ سنواتها الاولى وبعد بروز عقيدتها القومية الاقتصادية التحررية الوحدوية المستقلة . الشعب فيه تنوع وتفاوت فكري وثقافي وفيه تفاوت معيشي ومالي وإقتصادي . الشعب فيه تنوع وتضاريس قومية عرقية ودينية ومذهبية وبالتالي فان من غير المعقول أن يدان كله وان ينتقد بصيغ جمعية شمولية أو بصيغ تستهدف هذا الطيف أو ذاك ونحن نتصدى لهذا الاتجاه في التوصيف و التقييم لانه خطر جدا ويمهد لهزائم وطنية قادمة إن لم ينته وينشر الوهن والاتكالية ويقدم فرصا للبعض للتنحي عن المسؤولية الوطنية ولاخرين فرص ممارسة إدانة غيرهم وهم قاعدون. 

إن دور الطلائع معروف وثابت من ثوابت الاوطان والشعوب . واذا قال قائل ان العراقيين بلا قيادة ولا طليعة فاننا نزعم إن هذا التوصيف ناقص ومشبوه إن لم يقترن بالمبادرة لخلق الطليعة مع يقيننا وعلمنا ومعايشتنا لطلائع عراقية لم ولن تتخلى عن دور القيادة والتصدي للاحداث والمعضلات والمحن حتى لو أجبرتها الظروف الموضوعية لتبني تكتيكات واستراتيجيات قصيرة ملجئة طبقا للظروف . 

ان الشعب هو الرحم الذي يلد الطليعة أو الطلائع الثورية وهو قادر على تغذية القائم منها بنسغ لا ينقطع مثلما بوسعه أن يلد غيرها لتكون نور على نور ورديف لرديف . والصلة الجدلية هذه تحركها عوامل متداخلة وظروف عامة وخاصة لا تغيب عن تراث القوى الحية ولا عن محركاتها الثورية المؤسسة على حق الشعب وحقوق الوطن.

بقي أن نقول أمرا في غاية الأهمية يصب في ذات الاتجاه الا وهو إن الاحتلال الامريكي للعراق بعد غزوه عسكريا لم يكن كغيره من الاحتلالات ولا يشبه أي إستعمار اقتصادي وسياسي وثقافي لانه جمع كل هذه العناوين وأضاف لها عوامل أخرى من بينها إستخدام وبث ونشر الفتن الطائفية والعرقية وإعتماد الارهاب وفتح منافذ المشاركة الاقليمية التي وصلت الى حد المشاركة بالاحتلال أو الاحتلال بالنيابة تحت الشروط الامريكية كما حصل في تمكين النظام الايراني في العراق هو وأزلامه . كما إن الاحتلال الامريكي قد عمل ما لم يعمله إحتلال قبله في تصفية الاحرار والقوى الوطنية والقومية تصفيات جسدية ومعنوية حتى إن ساحات عراقية واسعة وخاصة جنوب بغداد قد صارت تعاني من شحة أو إنعدام لاية قدرة وطنية وقومية على الحراك .

نحن نثق إن طلائع شعبنا ستنتج التحرير وإن شعبنا سيكون وسيبقى هو الرحم المنتج والحاضنة الرحيمة والابية والمنتخية بأعلى وأرقى درجات الشهامة والنسغ المغذي أبدا . وكلمة أخيرة لكل من يصف شعبنا ويتوقف عند محنته الراهنه أن يقول خيرا فالكلمة الطيبة صدقة . 





الاحد ١٦ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة