شبكة ذي قار
عـاجـل










أيتها الأخوات والأخوة
أيها الرفاق والأصدقاء
الحضور الكريم
عندما نقف في حضرة الشهداء، نقف خشوعاً، كمن يقف في محراب يتضرع إلى الحق المطلق مغفرة ومكرمة ورحمة. وكيف لا، والشهداء هم الأكرم منا جميعاً، كما قال سيد شهداء هذه الأمة القائد صدام حسين.

وإذا كان الشهداء يتساوون في المرتبة الاعتبارية استناداً إلى قاعدة الحق الإنساني في الحياة، إلا أنهم يتمايزون بمعطياتهم الشخصية، ورفيقنا العزيز تحسين الذي نكرمه في ذكرى استشهاده بحضور هذه الكوكبة الخيرة أولاً، وبإطلاق اسمه على القاعة الكبرى في هذا المركز ثانياً، فلأنه يستحق ذلك وهو المخلد أساساً في نفوسنا ونفوس كل رفاقه وأصدقائه ومحبيه، في نفوس أبناء هذه المدينة المناضلة التي أنجبت مناضلين أوفياء لقضايا شعبهم وأمتهم، وأعطت لمسيرة النضال الوطني القومي هامات عالية هم خالدون في وجدان شعبهم وهم وأن فارقوا جسداً إنما يبقون أحياء في ذاكرة محبيهم ومريدهم ورفيقنا الدكتور عبد المجيد الرافعي هو النموذج الحي الذي أغنى تجربة النضال الوطني والقومي بعطاءاته وتضحياته.

أبو علي تحسين، أبن العائلة الكريمة، ابن هذه المدينة المناضلة، ابن هذه الأمة التواقة إلى الوحدة والتقدم والديموقراطية، ابن الحزب، حزب البعث العربي الاشتراكي، كان علامة فارقة في محيطه المجتمعي، محيط رفاقه، ومحبيه وزملائه في نقابة المحامين التي ما حادت يوماً عن عنوان "الحق والعروبة"، وتميزه كان يستند إلى مبدأيته وصدقيته، ودماثة خلقه ومكارم الأخلاق التي تحلى بها. ولهذا أحبه رفاقه وأصدقاءه وكل من عايشه وعاش معه.

أبو علي تحسين الذي استشهد قبل ثمانية وثلاثين عاماً، كتب رثاء في رفيق دربه موسى شعيب، ولو صادف أن استشهد تحسين قبل موسى، لكان الأخير كتب نفس الرثاء معنوناً ما كان ليقتلني العرب".

ان الاثنين كانا سيقولان نفس الشيء، لأنهما كانا يقرأن في كتاب واحد، ويجمعهما هم وطني وقومي واحد، ولأن قاتلهما واحد.

لم يقتل العرب موسى ولا تحسين وكل الثائرين على الظلم والقهر والطغيان وهنا نقتبس قولاً لتحسين: الردة تقتلنا كل يوم، تحالف الردة والشعوبية، ينسل سيف الفرس المسموم في جسد الوطن، فيهتف أحفاد صهيون. والنعاج المساقة للذبح، جزار حاقد لا يرتوي. ويبكي الوطن. الردة تقتلنا كل يوم. تبيح الوطن لكل بغاة الغرب وزناة الشرق وصعاليك المراحل الهجينة.

نقتل في فلسطين وأطفالها يواجهون النار الصهيونية بالحجارة واللحم الحي، نقتل في العراق، وقد نحر على مذبح التحالف الصهيوني الإمبريالي الشعوبي، نقتل في سوريا وشعبها يبحث عن ملاذات آمنة، وقلبها النابض بالعروبة تفت عضلاته، نقتل باليمن وعين الفرس على باب المندب، نُقتل في لبنان والناس يتجمعون حول حاويات القمامة، نُقتل في وطننا العربي الكبير، لأن الأمة العربية في حالة انكشاف قومي، ولأن دول الإقليم تحاصر العروبة في داخلها ومن على مداخلها.

أبو علي تحسين، بعد ثمانية وثلاثين عاماً على استشهادك، الأمة ليست أحسن حالاً، لأن ما قسم في سايكس بيكو لم يعد يكفي لاستمرار الهيمنة والسيطرة على مقدرات هذه الأمة ومصيرها، بل طال المكونات المجتمعية العربية، لإبراز الهويات الدينية والطائفية والمذهبية والأثنية والقبلية والجهوية على حساب الهويات الوطنية والهوية القومية الجامعة.

فلا المقاومة في فلسطين والعراق تجد حضناً دافئاً، والنظام الرسمي العربي الذي ترعرع في ظل الانقسام الكياني سقطت ورقة توت عن عوراته، وباتت القصور الرسمية العربية تفتح أمام الصهاينة وتقفل أمام المناضلين والمقاومين العرب.

ولبنان الذي يكتوي بنار الأزمات على اختلاف عناوينها، يرتهن لقوى المحاصصة الطائفية ولتأثيرات قوى الخارج الإقليمي والدولي، وهذا ليس إلا انعكاساً لأزمته البنيوية والتي ما كان لها أن تزداد تفاقماً لو قامت دولة المؤسسات وانتظمت الحياة العامة تحت سقف الشرعية على قواعد المساواة في المواطنة ولو طبقت أحكام قانون الاثراء غير المشروع وقوانين المحاسبة والمساءلة لكل من يسرق ويهدر المال العام.

في هذه المناسبة التي تصادف الذكرى الماسية لاستقلال لبنان نقول لشهيدنا الكبير أن الآلية والعقلية التي تدار بها البلاد هي التي تجلب الكوارث على العباد، ولا سبيل للخلاص إلا بإعادة تكوين السلطة على أسس المواطنة عبر إلغاء الطائفية السياسية وعلى أساس قانون انتخابي خارج القيد الطائفي والدائرة الوطنية الواحدة، وعندها يمكن القول أن البلد دخل مرحلة بلورة الهوية الوطنية الجامعة على حساب الهويات المذهبية والطوائفية.

تحية لصاحب الذكرى الشهيد أبو علي تحسين، وتحية لكل شهداء الحزب وقوى النضال الوطني اللبناني والفلسطيني

تحية لفلسطين وانتفاضتها وشهدائها، وتحية للعراق ومقاومته وتحية لقيم الحق والعروبة التي هي شعار اتحاد المحامين العرب، وشهيدنا كان علماً من إعلامه.

عشتم وعاش لبنان.

 

رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
المحامي حسن بيان
طرابلس في  ٢٥ / تشرين الثاني / ٢٠١٨





الثلاثاء ١٩ ربيع الاول ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة