شبكة ذي قار
عـاجـل










الخوض في البديهيات صعب جدا وتأكيد المؤكد ليس عملا إيجابيا في الأعم الأغلب. فعقيدتنا القومية التي جربها العرب كلهم تقول إن العراق بلد كل العرب، وكل الأرض العريية هي للعراقيين أيضا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الظروف التي واجهت العراقيين والعراق منذ عام 1980 وإلى يومنا هذا وهي ظروف معروفة باستثنائيتها وصعوباتها الكبيرة قد شابهتها تقريبا ظروف لشعبنا في سوريا وليبيا واليمن وقبلها واجه الفلسطينيون والأحوازيون كوارث وفواجع.

وأدت هذه الظروف إجمالا إلى هجرة العراقيين مثلما أدت إلى هجرة ملايين العرب الآخرين إلى بلاد عربية أو إلى سواها من بلدان العالم.

التساؤل الذي طرحناه في العنوان مبني على ثوابتنا الوطنية والقومية والتي تفرض حالها على كل العرب في كل أنظمتهم سواء من كان منهم مؤمنا بها ومطبقا لتبعاتها وما يترتب عليها أو من كان من الناكرين.

وعلينا أن نتذكر أن الأنظمة العربية التي حجبت حق الإقامة والدخول إلى أراضيها على العراقيين هي بالأخص التي شاركت بالعدوان على العراق فصار بذلك الإنسان العراقي خصما تخشاه وليس عربيا تقتضي البديهة أن يدخل ويعيش بكرامة وأمان وبلا تعقيدات ذلك لأن التصرف والسلوك العدواني يفضي إلى نتائج وسلوك عدواني وإلى وضع الشعب في دائرة العداء تحت طائلة مخاوف أمنية مصدرها مشاركة تلك الأنظمة في العدوان على العراق.

نؤكد هنا أن الشراكة في العروبة يجب أن يكون هو الفيصل وليس السياسات وتناقضاتها ولا حتى الحروب التي قد تحصل بين الأشقاء وهو ما يحكم علاقة الإنسان العربي بالأرض العريية دخولا وخروجا وإقامة.

استقبلت سوريا والأردن ومصر ولبنان واليمن والسودان والبحرين وقطر والإمارات أعدادا متفاوتة من العراقيين بعد غزو العراق وبعدد أقل بلاد المغرب العربي.

وفي هذا السياق نذكر الحقائق الآتية :

* أولا : النظام السوري هو النظام الوحيد، على حد علمنا، الذي رفض استقبال بعض العراقيين وقام بتسليم آخرين إلى الاحتلال وسلطته.

* ثانيا: لم نسمع عن عمل عدواني صارخ ولا إساءات من قبل النظام المصري والأردني واللبناني ضد العراقيين عموما.

* ثالثا: اليمن كان متميزا في تعامله مع العراقيين حيث رفض الرئيس علي عبد الله صالح رحمه الله اعتبارهم لاجئين بل سماهم ضيوف اليمن، وطرد هوشيار زيباري حين كان وزيرا لخارجية سلطة الاحتلال مرتين حين زار اليمن ليطلب منه تسليم من أسماهم زيباري بالعراقيين المناوئين للعملية السياسية.

ولحد اللحظة ظل العراقيون في اليمن ضيوفا ولم نسمع عن أي عمل ضدهم. والكثير من ضيوف اليمن حصلوا على عقود عمل وبعضهم حصل على راتب إستضافة وسكن مجاني وخاصة قبل الظروف التي شهدتها اليمن بعد عام 2011 واغتيال المرحوم علي عبد الله صالح.

* رابعا: السودان منح العديد من العراقيين الإقامة والجنسية وجوازات سفر ولم نسمع عن إساءات ضدهم.

لقد كان العراق حضنا رؤوما لملايين العرب قبل الغزو حيث كانوا يدخلون بلا تأشيرات ويقيمون بعز وارتياح يشتغلون ويحولون بالدولار حتى مع الظروف القاهرة التي عاشها العراق في سنوات رد العدوان الإيراني والحصار الجائر.

وكان الطلاب العرب يدرسون مجانا ويمنحون سكنا ومرتبات وتذاكر سفر سنوية، وبعض العرب شاركوا العراقيين حتى في الحصة التموينية التي كانت تدبيرا عراقيا لمكافحة المجاعة التي سببها الحصار المجرم.

العراقيون في الأقطار العربية يعيشون في بلادهم ويتوجب على الأنظمة العربية معاملتهم باحترام وتسهيلات ومعاونة في معيشتهم وأن يرفض علنا تسليم أي عراقي إلى سلطة الاحتلال في بغداد وعدم إبعاده أو مضايقته في إجراءات الإقامة والحياة الطبيعية.

إن هكذا إعلان من شأنه أن يقطع الطريق على محاولات المجرمين من سلطة الاحتلال والأحزاب والمليشيات العدوانية الموجهة ضد العراقيين الذين هاجروا حفاظا على دينهم وأعراضهم وحياتهم وطلبا لمصدر عيش بعد الغزو والاحتلال وتسلط أحزاب ومليشيات وفرق الموت الإيرانية المتوحشة على العراق بحماية أمريكا وبريطانيا والصهيونية العالمية وكيانها المغتصب لأرض فلسطين.

إن توفير الحماية وكل عوامل الأمان للعراقيين النازحين إلى أصقاع أمتهم العربية هو واجب قومي وإنساني وديني خاصة وأن النظام العربي برمته يعرف حقيقة سلطة الاحتلال الإجرامية وتعطشها للدماء والفساد والجريمة وأنها تقوم يوميا بقتل العراقيين حتى لمجرد مطالبتهم سلميا بحقوقهم الطبيعية في العيش والماء والكهرباء.

ونأمل ألا تخضع الأنظمة العربية للإغراءات الاقتصادية التي تستخدمها سلطة الاحتلال لجر بعض تلك الأنظمة إلى التخلي عن أصول الضيافة والأخوة والقوانين الدولية المعمول بها تحت عنوان فضفاض مضلل هو تبادل المطلوبين، فعدد العرب الذين يزورون العراق أو يقيمون فيه بعد عام 2003 عدد قليل جدا ولا يذكر وأغلبهم من الذين يذهبون لزيارة العتبات المقدسة في كربلاء والنجف ويشكلون في جلهم مصادر لسلطة الاحتلال ولإيران لبث الطائفية في بلدانهم.





الثلاثاء ١٩ ربيع الاول ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة