شبكة ذي قار
عـاجـل










الوحدة في فكر البعث ومفهومه النضالي هي الهدف الأول من أهدافه التي يسعى لتحقيقها، وقد ضمنها في دستوره ونظامه الداخلي ودعا إليها في بياناته.

وقد أدرك البعث أن الأمة العربية عبر تاريخها الطويل ما نهضت وسادت على الأمم إلا وهي موحدة خلف كيان سياسي واحد وراية واحدة، وما ضعفت وتخلفت عن ركب الأمم الصاعدة إلا وهي منقسمة تحكمها كيانات سياسية متناحرة فيما بينها.

ولم تخلو دعوات البعث إلى الوحدة وكفاحه في سبيلها من انتقادات أعداء الأمة وتشكيكهم في جديتها، فقد اتهمت التيارات الشعوبية في العراق الحزب أنه وقف ضد دعوة نظام عبد الكريم قاسم للاتحاد الفيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة داعياً للوحدة الاندماجية، ثم أنه تخلى عنها بعد وصوله للحكم ودعا للاتحاد الفيدرالي.

وفي الحقيقة، فإن الحزب قد دعا للوحدة الاتحادية بين مصر وسوريا منذ عام 1956، ولكن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أصر على الوحدة الاندماجية وحل الأحزاب في سوريا كشرط لقبوله الوحدة عام 1958، ومع حماس الشعب السوري للوحدة ومزايدات القوى السياسية المناوئة لحزبنا وادعائها أن البعث يقف حجر عثرة في طريق الوحدة اضطر الحزب إلى سحب مشروعه كي لا يكون عقبة في وجه الوحدة المنتظرة.

وقد أثبتت الأيام صحة مخاوف الحزب حيث ظهر الانسداد السياسي وتغول أجهزة المخابرات واستبداد الحكم القائم بعد الوحدة، فدعا البعث إلى أن يحمل العراق الذي حررته ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 من الحكم الملكي العميل لواء تصحيح مسار الوحدة والتكافئ بين أقاليم الجمهورية العربية المتحدة وديمقراطية النظام السياسي في الدولة.

ولكن ثبت أن دعوة عبد الكريم قاسم وقيادة الحزب الشيوعي العراقي للاتحاد الفيدرالي الذي كان أقرب ما يكون للاتحاد الكونفدرالي كانت للتحايل على دعوات شعب العراق وقواه السياسية التقدمية وضباط جيشه الباسل الأحرار للوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة، فما إن تمكن عبد الكريم قاسم من إقصاء رفاقه والقوى القومية من السلطة حتى تخلى عن دعواته السابقة وأصر على أن العراق جمهورية خالدة لا تدخل في وحدة مع أي قطر عربي أبداً؛ كما تنكرت قيادة الحزب الشيوعي العراقي لدعواتها السابقة وأصرت أن العراق كيان خالد ولا يمكن أن يكون إقليماً في أي وحدة عربية.

وبعد أن قوض البعث بثورته المجيدة في الثامن من شباط عام 1963 الحكم القاسمي الشعوبي الحاقد، وأسهم في إسقاط الحكم الانفصالي الرجعي في الثامن من آذار عام 1963 الذي كان قد انقض على الوحدة المصرية السورية في الثامن والعشرين من أيلول عام 1961، بدأت قيادته في التفاوض مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لتحقيق حلم الجماهير في الوحدة الثلاثية.

وقد ألح البعث في الدعوة للوحدة الاتحادية والابتعاد عن الأخطاء التي تسببت في انقضاض القوى الرجعية على الوحدة السابقة، فاستجاب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ووقع الرفيق الأب القائد أحمد حسن البكر على ميثاق الوحدة الاتحادية بين العراق ومصر وسوريا في القاهرة في السابع عشر من نيسان عام 1963 بحضور الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق.

وقد ثارت ثائرة الدوائر الامبريالية الاستعمارية بعد توقيع ميثاق الوحدة الاتحادية، فحركت طابورها الخامس الذي يقوده صلاح جديد وحافظ أسد المندس في تنظيم البعث في القطر السوري لاستفزاز الناصريين الذين وقع قسم منهم في الفخ وقاموا بتمرد الثامن عشر من تموز عام 1963 المسلح الذي تسبب قمعه بانسحاب النظام المصري من ميثاق الوحدة في الثاني والعشرين من تموز عام 1963.
وقد حاولت سلطة البعث في العراق إعادة المياه إلى مجاريها بين مصر وسوريا، ولكن هذه الجهود أحبطتها ردة الثامن عشر من تشرين الثاني عام 1963 التي اغتالت ثورة شباط الخالدة.

وبعد ثورة 17 - 30 من تموز العظيمة عام 1968، دعت سلطة البعث في العراق لإحياء ميثاق الوحدة الاتحادية من جديد، وقد عرض الرفيق الشهيد القائد صدام حسين على حافظ أسد وأنور السادات بعد زيارته لسوريا ومصر عام 1972 إعادة تفعيل ميثاق 17 نيسان الوحدوي ولكن أسد والسادات رفضا العرض.

ويواصل صناديد البعث مسنودين من جماهير الأمة المناضلة كفاحهم الملحمي لتحرير الأقطار العربية وتوحيدها على أسس ديمقراطية شعبية، مثل ما بشر بذلك الرفيق القائد المجاهد عزة إبراهيم.
إن النصر آت لا محالة بهمة الثوار والمجاهدين.

وما ضاع حق وراءه مطالب.
 





الاثنين ٢ رمضــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيــار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب فهد الهزاع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة