شبكة ذي قار
عـاجـل










على وقع طبول الحرب التي تقرع والتي تختلف التحليلات والتأويلات بشأنها ، ان كانت ستندلع ام لا ، تجري التحضيرات لعقد ورشة عمل في البحرين في ٢٥ و٢٦ ايار تحت عنوان ( السلام من اجل الازدهار ) . هذه الورشة التي تستضيفها البحرين تروج لها الادارة الاميركية وتطرحها باعتبارها ورشة عمل اقتصادية سيشارك فيها قادة حكومات لم تحدد هوياتهم حتى تاريخه اضافة الى مؤسسات المجتمع المدني وهي ايضاً لم تزل غير محددة النسب فضلاً عن قطاع الاعمال وبحسب الولايات المتحدة الاميركية الراعي الرسمي لهذه الورشة بأنها ستكون فرصة لتبادل الافكار والاراء من خلال طرح مستفيض لرؤى طموحة من اجل مستقبل مزدهر للشعب الفلسطيني والمنطقة. هذة الورشة التي سعت اميركا لعقدها للبحث بمسقبل الشعب الفلسطيني لم تدع اليها السلطة الفلسطينية ولم يتم التشاور معها ولا مع اي من الفصائل وهذا ماصرح به رئيس الوزراء الفلسطيني. اذن ،كيف يبحث بمستقبل مزدهر للشعب الفلسطيني ولايتم التشاور مع ممثليه؟ ان الجواب أتى من راعية الورشة ،بأن هذه الورشة تمثل الجزء الاول من تنفيذ خطة السلام الاميركية التي باتت تعرف بصفقة القرن.

وبحكم ان المدمرات وحاملات الطائرات التي تمخر عباب البحار وتلك القريبة من المنامة وارتفاع نبرة الخطاب السياسي التي تديره بروبغندا اعلامية يهدد بالثبور وعظائم الامور ، تجري التحضيرات لعقد الورشة دون صخب سياسي واعلامي. وبطبيعة الحال ان عقد هذه الورشة في البحرين والتي سيشارك فيها صهاينة على صلة بمركز القرار في الكيان الصهيوني ليست المرة الاولى التي تستضيف فيها المنامة هكذا فعاليات ،اذ سبق ان استضافت مؤتمر ريادة الاعمال والذي شارك فيه رجال اعمال صهاينة رغم مطالبة قطاعات شعبية وسياسية الحكومة الى عدم عقد مثل هذه المؤتمرات في البحرين ،لكن دون جدوى. واليوم يتكرر الامر نفسه اذ تواجه الدعوة لعقد هذه الندوة بمعارضة شعبية وسياسية ويقود التجمع القومي في البحرين حملة سياسية وشعبية ضد هذه الورشة وضد عقدها في البحرين او على ارض عربية لان ذلك يندرج في سياق تنامي خطوات التطبيع مع العدو الصهيوني والتي ترفضها الجماهير العربية ومع ذلك تصر حكومة البحرين على استضافة الورشة غير آبهة برد الفعل الشعبي.

ان الاصرار الاميركي على عقد هذه الورشة في البحرين وتحت العنوان المحدد لها وفي هذا الوقت بالذات لايترك مجالاً للتأويل بأن كل الصخب السياسي والاعلامي الذي يخيم على الاجواء انما هولصرف الانظار عن تسارع الخطوات لطرح الرؤية الاميركية لما تسميه اميركا ( صفقة القرن ) والتي تقوم بالاساس على منح اسرائيل كامل السيادة على فلسطين التاريخية . ان هكذا مشروع يحتاج الى تغطية سياسية والى دعم اقتصادي ، واذا كانت التغطية السياسية تستطيع اميركا ان توفرها بما تملكه من عناصر التأثير والضغط على المجتمع الدولي والنظام الرسمي العربي الذي يهرول نحو التطبيع مع العدو فإن التغطية الاقتصادية لتمرير هكذا مشروع يحتاج الى امكانات كبيرة ودول الخليج العربي هي التي سيطلب اليها تمويل هذه الصفقة اضافة الى بعض الدول الاجنبيةكاليابان مثلاً وبعض الدول الاوربية.

ان كل ماتقوم به اميركا حاليا وان كان يبدو ظاهرياً بإنه لمواجهة ايران بعدما انتفخ دورها وخرج عن نظام السيطرة وفق ماهو مرسوم اميركيا انمايهدف الى احتواء النظام الايراني تحت عنوان تغيير سلوكه وليس اسقاطه. من هنا فإن الهدف المركزي للاستنفار الاميركي هو تصفية القضية الفلسطينية وكل الجهد الاميركي يركز في هذا الاتجاه ،وهذا مابدا واضحاً يوم دعت الى عقدمؤتمر وارسو تحت حجة مواجهة النفوذ الايراني فإذ به يوجه نحو جعله مؤتمراً للتطبيع مع العدو الصهيوني. واليوم تحت عنوان مواجهة التهديد الايراني وتحشد لاجل ذلك الاساطيل تدعو الى ورشة عمل لتأمين الارضية الاقتصادية لصفقة القرن والتي هي تتويج سياسي لقرن من بدء التنفيذ لمشروع اغتصاب فلسطين ..

لو كانت اميركا تعطي الاولوية لمواجهة النظام الايراني لكانت حصرت كل اهتمامها بهذا الامر ،اما ان تسارع خطواتها لتمهيد الارضية السياسيةوالاقتصادية لتمرير لصفقة القرن والتي تقول انها ستطرحها بعد رمضان ،فإن كل مايجري انما لإجل ان توظف نتائجه في خدمة المشروع الذي وعد ترامب بتفيذه واوكل امره الى صهره ومستشاره كوشنير من هنا فان اميركا التي تستعرض قوتها العسكرية لتفعيل حصارها الاقتصادي كانت وستبقى محكومة في استراتجيتها باولوية امن الكيان الصهيوني. وهذا الامن لن يتحقق الا اذا قوضت مرتكزات القوة في الامة العربية والكل يدرك كم كان الدور الايراني بيناً في هذا المجال وبرعاية اميركية وخاصة في العراق. كما أن هذا الامن لن يتحقق الاإذا استنزفت ثروات الامة العربية وخاصة النفطية منها في ابتزاز مفروض عليها من جهةوفي تمويل مشاريع اقتصادية تديرها الكارتلات الدولية الكبرى في ظل سيادة نظام العولمة المتوحشة من جهة اخرى.

من هنا فإن ورشة العمل التي ستستضيفها المنامة يجب مقاومتها ليس لكونها تندرج في اطار عمليات التطبيع مع العدو بل لكونها تندرج أيضاً في اطار التحضيرات لصفقة القرن تحت وقع طبول الحرب التي لن تقع لان الطرفين الخصمين في هذه المواجهة وان بديا متناقضين في الظاهر الاانهما متلاقيين في الباطن وهذا التلاقي حاصل على حساب الامة العربية وامنها القومي وهذا مايجب على الجميع ان يدركه من الذين يزينون لموقف النظام الايراني الى الذين يتلحفون بالغطاء الاميركي. فاميركا ليست جمعية خيرية وايران ليست دولة عربية والصراع مع المشروع الصهيوني هو مشروع قومي عربي بامتياز بقواه والياته وابعاده. هكذا كان وهكذا سيبقى.
 





الاربعاء ١٨ رمضــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / أيــار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة