شبكة ذي قار
عـاجـل










ينعقد في المنامة عاصمة البحرين، مؤتمر اقتصادي تحت عنوان، ورشة السلام من أجل الازدهار. هذه الورشة التي دعت إليها أميركا في 25 و26/ حزيران، الهدف منها وضع الأسس والبرامج والخطط الاقتصادية لما يسمى "بصفقة القرن".

هذه الصفقة التي يُروج لها غارد كوشنير،صهر الرئيس الأميركي ترامب ومستشاره، تنطوي على الرؤية الأميركية لحل أزمة الصراع العربي – الصهيوني وجوهرها القضية الفلسطينية والتي تطرح تحت عنوان أزمة الشرق الأوسط.
إن المدعوين إلى هذه الورشة هم الدول التي تملك إمكانات مالية وأيضاً الهيئات الدولية ذات الصلة بمشاريع الاستثمار الاقتصادي وشركات ورجال أعمال عرب وأجانب وبطبيعة الحال فإن العدو الصهيوني سيكون مشاركاً باعتباره أحد المعنيين بالإطارين السياسي والاقتصادي لمشروع الحل.

إن صفقة القرن التي يروج لها كأساس للحل، تتجاوز كل القرارات الدولية ذات الصلة، سواء تلك التي صدرت عقب إقامة الحركة الصهيونية لكيانها السياسي على أرض فلسطين، كقراري التقسيم وحق العودة، أو تلك التي صدرت عقب حربي 1967 و 1973 وأهمها القرار 242 والقرار 338. كما تقوم على ضم الأراضي التي أنشئت عليها كتل استيطانية، وعلى ترحيل (ترانسفير) جديد لفلسطيني الداخل من هو تحت الاحتلال عام / 1948، أو من هو تحت احتلال 1967، وعلى مبادلة أراضٍ لإسكان الفلسطينين المرحلين وإقامة بعض المنشاءات الخدماتية مع جعل القدس بكاملها تحت السيادة الإسرائيلية، فضلاً عن منع تأسيس جيش وطني فلسطيني وإبقاء الأجواء والحدود تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وأن الكيان الجديد فيسمى "فلسطين الجديدة".

إن إقامة هذا الكيان سيبدأ من الصفر، وهو بالتالي يحتاج إلى إمكانات اقتصادية كبيرة، وهذا لا تستطيعه الدول والهيئات التي تملك إمكانات مالية وقدرات اقتصادية وتقنيات فنية.

ولما كان الإطار السياسي قد حددت خطوطه في صفقة القرن يبقى المطلوب تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة، ولهذا كانت الدعوة إلى عقد مؤتمر المنامة تحت العنوان الذي جرت الإشارة إليه. إن تسمية مشروع الحل الأميركي بصفقة القرن، هو للتدليل بأن المشروع الذي بدأ التأسيس له مع وعد بلفور هو خطوة في مسار الخطوات الإجرائية لإكمال ما بدأ التخطيط له قبل قرن من الزمن. وأن ينعقد مؤتمر المنامة تحت عنوان اقتصادي "ورشة السلام من أجل الازدهار" فهذا ليس إلا استحضاراً لمشروع شمعون بيريز حول رؤيته لشرق أوسط جديد تكون "إسرائيل" جزءاً من بنائه الاقتصادي واستثمار المالي.

أما أن يعقد هذا المؤتمر في البحرين وهي دولة عربية، فهذا الاختيار لموقع عربي ليس عبثياً أيضاً بل هو محسوب بدقة لأجل خلق أرضية وبيئة للتطبيع العربي مع العدو الصهيوني من البوابة الاقتصادية بعدما استطاع العدوأن ينسج علاقات مباشرة وغير مباشرة مع العديد من الأنظمة العربية، وارتقت في الآونة الأخيرة إلى مستويات متقدمة بعد زيارات مسؤولين صهاينة لبعض الدول العربية وأبرزها زيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان، ومؤتمر وأرسو الذي بُررت الدعوة له بأنه لمواجهة النظام الإيراني فإذ به يتحول إلى مؤتمر للتطبيع مع العدو الصهيوني.

إذاَ، أن مؤتمر المنامة، بمقدماته ونتائجه، هو مؤتمر شديد الخطورة على القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى وعلى الأمن القومي العربي بالدرجة الثانية أن لم يكن بنفس المستوى، لاعتبار أن فلسطين هي قضية قومية بقدر ما هي قضية وطنية، ولهذا، فإن التصدي لعقد هذا المؤتمر ومقاومة الاتجاهات الخطيرة التي ينطوي عليها وعقده على أرض عربية، هو مهمة وطنية فلسطينية، كما هو مهمة قومية عربية.

وإذا كان بعض من يحضر هذا المؤتمر يمثل بعض الأنظمة العربية المتواطئة والمتآمرة، فضلاً عن رجال أعمال فلسطينيين، فهؤلاء كلهم، لا يمثلون الأمة ولا موقفها ولا مزاجها الشعبي بل أكثر من ذلك هم في موقع الإدانة لمواقفهم بدءاً من حكومة البحرين وكل من يوفر التغطية لها من النظام العربي.

وإذا كان حجم الاعتراض السياسي والشعبي لم يحل دون عقد المؤتمر، فإن إسقاط نتائج هذا المؤتمر هو ما يجب التركيز عليه، وهذا يتطلب حركة اعتراض عربي، سياسية وشعبية، بدءاً من دائرة الفعل الفلسطيني في الداخل المحتل ومروراً بكل الساحات العربية.

إن إسقاط نتائج مؤتمر البحرين، يسقط أهم المرتكزات التي تعول عليها أميركا لتمرير صفقة القرن، فهذه الصفقة يجب إسقاطها بكل السبل والإمكانات المتاحة، لأنها تشكل تصفية موصوفة للقضية الفلسطينية. وإسقاطها بإطارها السياسي ومضمونها الاقتصادي هي مهمة القوى الجماهيرية والقوى الحية في هذه الأمة، وعليه يجب إطلاق فعالياتها على المستوى القومي لتوجيه ثلاثة رسائل الأولى للنظام العربي الرسمي الذي يتواطئ وبتآمر على القضية الفلسطينية، والثانية، لإثبات أن فلسطين ليست قضية للاستثمار السياسي، وثالثاً "لإسرائيل" وحاضنتها الأميركية، بأن هذه الصفقة لن تمر طالما بقيت قوى هذه الصفقة عاجزة عن انتزاع اعتراف فلسطيني وقبول شعبي عربي بها.

إن الرفض الوطني الفلسطيني والرفض الشعبي العربي، هو الأساس الذي يبنى عليه لمقاومة هذه الاتجاهات التي تعمل على تمرير حلول تصفوية للقضية الفلسطينية، وهذا الرفض هو نقطة القوة التي بالاستناد إليها يؤسس لفعل نضالي متقدم يترجم بتصعيد المقاومة على أرض فلسطين ويقطع الطريق على كل من يلهث للتطبيع مع العدو الصهيوني.

لا لصفقة القرن ... لا لمؤتمر المنامة .





الجمعة ١٨ شــوال ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / حـزيران / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر السياسي لموقع طليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة