شبكة ذي قار
عـاجـل










في عودة إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى 1914 1918 نجد أن دول الحلفاء التي انتصرت على دول المحور قامت بتوزيع ممتلكات الطرف الخاسر بينها وامتد نفوذها إلى أقطار أخرى وكانت الأرض العربية والتي كانت تحت السيطرة العثمانية على طاولة القسمة فسيطرت بريطانيا على العراق وفلسطين ومصر والسودان وأجزاء من شبه الجزيرة العربية وسيطرت فرنسا على سورية ولبنان وتونس والجزائر وموريتانيا بينما اصبحت ليبيا من حصة الطليان وبهذا أصبحت أقطار الامة وعواصمها تحت السيطرة الاستعمارية الأجنبية ، وقد شهد النصف الاول من القرن العشرين وما بعده حركة للتحرر العربي أخذت شكل الثورات والمقاومة أسفرت عن استقلال الأقطار العربية وطرد الاستعمار منها ، الا ان النظم السياسية لتلك الأقطار عادت إلى الارتباط بالدول الاستعمارية وبصيغة الاتفاقيات والمعاهدات فأصبحت منفذة بشكل او بآخر للسياسات الغربية والامريكية ومرتبطة بها ومحافظة على مصالحها ، وكان التحدي الكبير للأمة هو اقتطاع فلسطين واستيطان اليهود من مختلف شتات الارض فيها استنادا إلى وعد بلفور الصادر في الثاني من تشرين الثاني / 1917واعلان دولة إسرائيل في 15 / أيار / 1948 ، لكن في الوقت نفسه كان لظهور المد القومي الاثر البارز في رفض تلك التبعية والارتباط ومحاولة التخلص منهما ، وقد سعت القوى القومية في اقامة الوحدة التي تمثل النواة للوحدة العربية الشاملة لكن الاسباب الذاتية والموضوعية حالت دون نجاح وحدة عام 1958 واستمرارها بين مصر وسورية وعدم إعلان الوحدة الثلاثية بين مصر وسورية والعراق والتي أقرها ميثاق 17 نيسان / 1963 للوحدة الثلاثية ، وكان العدوان الإسرائيلي الصهيوني في الخامس من حزيران / 1967 واحتلال سيناء والجولان يمثل انكسارا وهزيمة للعرب القت بظلالها الثقيل على المفاهيم والفكر القومي والروح المعنوية للامة وعلى القضية الفلسطينية ، وفي العام 1979 وعندما قررت امريكا استبدال نظام الشاه محمد رضا بهلوي بنظام الملالي وسيطرة خميني على إيران ظهر التحدي الجديد القديم للنظام الإيراني في استهداف الامة العربية وفي المقدمة منها العراق وقد اعلن النظام صراحة مشروعه بتصدير ما يسمى بالثورة الاسلامية الى اقطار الامة العربية والدول الاخرى ، وكأن الاسلام مات ودفن واصبح من الماضي والخميني يريد احياءه من جديد ، وتوالت الانكسارات للأمة ولا نريد الخوض فيها لكن قمة التحدي للكيان العربي كان في احتلال العراق في نيسان / 2003 وباسناد ومشاركة عربية مع الجيوش الامريكية والبريطانية الغازية ، ومن بعد الاحتلال بدأت الانهيارات واضحة كان من نتائجها وفي إطار ما يسمى بالربيع العربي سقوط أنظمة تونس ومصر وليبيا واليمن وظهور داعش في العراق وبلاد الشام وقيام ما يسمى بدولة الخرافة الإسلامية وبدعم امريكي صهيوني ايراني غربي ، كما شكل الفساد المالي والاداري وطبيعة النظم السياسية القابضة على السلطة والقابعة على صدور الشعب تحديا خطيرا أهدر الثروات وبدد خطط التنمية والبناء مما اضطر الشعوب الى الثورة والانتفاضة على النظم السياسية التي جوعت الشعب واضطهدته وما المد الجماهيري الذي رفع لافتة التغيير ومحاسبة المفسدين في الجزائر وفي السودان والذي نجح في الإطاحة بالرئيسين عبد العزيز بوتفليقه وعمر البشير والإصرار على بناء النظام السياسي الذي يلبي طموحات الشعب ماهو الا خطوة على طريق الخلاص من الأوضاع السيئة وسلب الحقوق المشروعة للشعب ، وفي خضم هذه الاحداث طرحت الولايات المتحدة الامريكية برئاسة ترامب ما سماها صفقة القرن وهي تحدي جديد ايضا لما يترتب عليها من سلب الحقوق المشروعة من شعبنا العربي الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، وكانت البحرين هي المحطة الأولى للبدء بتنفيذ هذه الصفقة ، التي ادانها شرفاء الامة والوطنيين منهم ، ان حالة التمزق والتشرذم والانقسامات التي تعيشها اقطار الامة العربية تلقي بظلالها الثقيل على توحيد الجهود العربية للوقوف بوجه هذه التحديات وعرقلة اي مشروع او طريق عربي للخلاص من هذا الوضع المتردي الذي استطال فيه اعداء الامة وحققوا خرقا كبيرا في نظامها الوطني والقومي ، وإذا ما أرادت قوى الامة الحية ان تخطو خطوة جادة وصحيحة وذات تأثير على ما يجري في المنطقة واستقرارها وحل الأزمات التي تعصف بها فعليهم أن يفكروا جديا بخلاص العراق من الاحتلالين الأمريكي والإيراني الذي فاق في نتائجه الضارة والمدمرة على الاحتلال الأمريكي ، بعد ان أصبح العراق مقيدا واسيرا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من قبل إيران ، وتعد هذه الخطوة خطوة تحرير العراق هي الاولى على طريق تحييد تلك التحديات ومن ثم العمل على حلحلتها وانقاذ الامة من شرورها وبداية الاتفاق على الحد الأدنى في وحدة العمل العربي المشترك ومن ثم تعزيز هذه الخطوة بخطوات جوهرية مستفيدين بما حل بالامة وأقطارها من نكسات كبرى على مدى الستة عشر الماضية من عمر الاحتلال للعراق وما تعرضت اليه أقطار الامة الأخرى على يد داعش والمخططات الأمريكية والصهيونية والإيرانية للاستحواذ على مقدراتها والعمل على تفتيتها للوصول إلى هدفهم الذي حشدوا له كل الإمكانيات الكبيرة وهو نجاح مشروع الشرق أوسط الكبير وتبوأ إسرائيل الدور القيادي في قيادة هذا المشروع وتحقيق اماني بني صهيون في " دولتك يا اسرائيل من الفرات الى النيل " ولهذا فإن على قوى الامة بما فيهم الحكام الذين لا يابهون لتلك التحديات الا بالقدر الذي يحمي عروشهم والحفاظ على كراسيهم ان يفهموا ويعوا حقيقة أزلية وهي ان لا حياة كريمة حرة ولا سعادة شعبية ولا استقلال وسيادة ناجزين ولا قرار وطني وقومي مستقل ولا تدخل في الشأن الداخلي ولا بناء وتقدم وتطور مع ارتهانهم وتبعيتهم للاجنبي ، وان وجودهم طال ام قصر فسيكون الى زوال والى مزبلة التاريخ لان حركة الشعوب الحية وروحيتها في التغيير والتجديد من اجل البقاء الذي اساسه العدالة واحترام انسانية الانسان وسيادة الامن والنظام واقرار الحريات العامة سوف لن تموت في نفوس تلك الشعوب ، ولابد من ان تثور على حالة الاضطهاد والقهر والابتزاز والتسلط والطائفية وسرقة المال العام ، والاخطر من ذلك ارتباطهم بالاجنبي ، وان مهما أوتي به الاجنبي وعملائه من قوة وامكانيات مادية وتسليحية سوف لن تكون قادرة على كسر ارادة الامة وشعوب اقطارها في التحرير والتغيير ونيل حقوقها المشروعة عرفا وقانونا .

المركز الاعلامي للثورة العراقية ضد الاحتلال والتبعية والفساد " صوت الشعب العراقي "
 ٠٥ / تمــوز / ٢٠١٩





الجمعة ٣ ذو القعــدة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تمــوز / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المركز الاعلامي للثورة العراقية ضد الاحتلال والتبعية والفساد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة