شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد نيف وسبعة أشهر عل انطلاقة الانتفاضة الشعبية في السودان توصلت قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، إلى التوقيع بالأحرف الأولى على الإعلان الدستوري الذي مر التوافق على بنوده بمخاضات عسيرة استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر إلى أن حصل الاتفاق برعاية وساطة الاتحاد الافريقي.

هذا الإعلان حدد مهام الإطارات الثلاث التي يناط بها إدارة الوضع السياسي في السودان في المرحلة الانتقالية والتي حددت مدتها بثلاث سنوات وثلاثة أشهر.

في القراءة الأولية للإعلان الدستوري، فإن قوى الحرية والتغيير استطاعت أن تفرض ضوابط على صلاحيات وأداء المؤسسات الثلاث المجلس السيادي والحكومة والمجلس التشريعي. فالمجلس السيادي يشكل مناصفة وسيكون رئيسه مدنياً وهو بمثابة السلطة العليا، والحصانة هي إجرائية وليست حصانة مطلقة كما كان يطالب بها المجلس العسكري، كما أن الحكومة تتألف من عشرين وزيراً ومن كفاءات وطنية وتختار أعضاءها قوى الحرية والتغيير وبها تناط السلطة التنفيذية. وأما المجلس التشريعي والذي كان المجلس العسكري يماطل ويعارض تشكليه، فتم الاتفاق أن تسمى قوى الحرية والتغيير 3/2 أعضائه والثلث الباقي من القوى غير المنضوية في تحالف قوى الحرية ومنها الحركات المسلحة التي انضمت إلى الاتفاق باستثناء فصيل واحد.

إن ما تحقق في السودان بعد أشهر من النضال الجماهيري يعتبر إنجازاً وطنياً هاماً بكل المقاييس والمعايير وأهمية هذا الإنجاز الذي وضع السودان على سكة التحول الوطني الديموقراطي أنه جاء نتيجة ضغط جماهيري انطلق حراكاً ثم ما لبث أن تحول إلى ثورة شاملة. وهذه التجربة التي خاضتها جماهير السودان اعادت الاعتبار للحراك الشعبي العربي وأثبتت أن الجماهير الشعبية أنها إذا ما تهيأت لها القيادة القادرة على ضبط حراكها وخطابها فهي قادرة على تحقيق أهدافها بوسائط التعبير الديموقراطي.

لقد استطاعت قوى الحرية والتغيير أن تقدم نموذجاً راقياً في العلاقات الجبهوية لقوى متعددة الطيف السياسي، إلا أن وحدة القوى يجب أن تبقى قائمة ومتينة، لأن القوى المتضررة من التغيير لم ترم سلاحها وهي أن انحنت أمام العاصفة الشعبية، إلا أنها لن تفوت فرصة الانقضاض على الإنجاز الذي تحقق، وبالتالي فإن تحصين الخطوة السياسية التي تحققت يجب أن يكون باستمرارية قوى الحرية والتغيير على تماسكها السياسي حول البرنامج الذي على أساسه قادت الشارع وعلى أساسه شاركت في تظهير مخرجات الحل السياسي، وإليه يستند الحل بعناوينه الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وإذ يعول أهمية على ما أفرزه الحراك الشعبي في السودان، فلأنه بات يقدم تجربة ناجحة في إسقاط أنظمة سياسية وإقامة أخرى بالاعتماد على النضال الجماهيري السلمي، والذي حاكى قضايا الجماهير بكل معاناتها كما حاكى الاتجاه الوطني داخل المؤسسة العسكرية، بحيث أدت دوراً إيجابياً في أحداث التغيير السياسي والذي أكد الإعلان الدستوري أن مهمة الجيش هو حماية الأمن الوطن، ولا شأن له بإدارة الحياة السياسية بعد المرحلة الانتقالية والتي ستضع الأسس لبناء الدولة المدنية وهي كانت واحدة من الأهداف الرئيسية للثورة الشعبية.

الذي تحقق حتى الآن هو خطوة هامة وتطويرها يحتاج إلى استمرار التماسك الوطني والى تحصين الساحة من اختراقات القوى المتضررة من الداخل والخارج وهي كثيرة، لكن الثقة تبقى قائمة بشعب السودان وقواه الوطنية.





الاربعاء ٦ ذو الحجــة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / أب / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر السياسي لطليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة