شبكة ذي قار
عـاجـل










يُعَدُ جون بولتون ، من الصقور Neoconservatives ، تنقل من وظيفة إلى أخرى ، وآخرها التجريد أو الإرغام على ترك الوظيفة .. الأولى كانت ممثل الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة والثانية مستشار الأمن القومي الأميركي ، وقبل هاتين الوظيفتين ، عُينَ مساعدأ لوزير الخارجية لشؤون نزع السلاح وقضايا الأمن القومي.

ومحـمد جواد ظريف ، وهو من ( الحمائم ) ، جاء من صلب مخابرات الحرس الإيراني ، ليتسقر به المقام منفذاً لسياسة صانع القرار الأوحد المطلق ( علي خامنئي ) في وزارة الخارجية الإيرانية ، والحقيقة ، لا شأن له بهذه الوزارة إنما للحرس الإيراني قناته الخاصة التي ترسم لنظام طهران سياسة خارجية ارهابية ينفذها ظريف وهو في مسيرته بات مجرد فقاعة تطفو على سطح الأحداث ولم يتبق له من قيمة اعتبارية سوى تلك الإبتسامة الصفراء السمجة التي تفوح منها الكراهية والحقد الثأري ، وقاعدتهما فقه ( التقية ) المخادعة والمخاتلة والماكرة !!.

جون بولتون له ماضٍ أسود تجاه الإنسانية وتجاه القضية الفلسطينية على وجه التحديد ، فقد قاد حملة سياسية ودبلوماسية عارمة في الأمم المتحدة عام ١٩٩١ انتهت بإلغاء القرار ( ٣٣٧٩ ) لعام ١٩٧٥ ، الذي يعتبر الحركة الصهيونية حركة عنصرية ، وهو القرار الذي صدر استناداً إلى حقائق واقعية وقررات سابقة اصدرتها الأمم المتحدة عام ١٩٦٣ تدعو فيها دول العالم الى القضاء على كل اشكال التمييز العنصري .. وقرارها لعام ١٩٧٣ الذي دانت تحالف العنصرية مع الصهيونية، وكذلك إعلان المكسيك عام ١٩٧٥ .. هذه القرارات تؤكد ضرورة القضاء على الاستعمار وتعاونه مع الصهيونية في قاسم مشترك وهو الأستعمار والاستعباد والتمييز العنصري ضد الإنسانية .. وما تؤكده الأحداث منذ إلغاء قرارعام ١٩٧٥ ولحد الآن ، كيف عمل الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ، وكيف انتهك الاراضي الفلسطينية ، وكيف شرد شعب فلسطين ، وكيف يمارس في ظل الاحتلال التمييز العنصري بصورة واضحة ومدانه عالمياً.

جون بولتون ، كان له ماضٍ أسود في التمييز العنصري الذي تمارسه سلطات الكيان الصهيوني ، من ابتلاع ارض فلسطين بطريقة زحف المستعمرات وتدمير مزارع شعب فلسطين بالجرافات وتحويلها الى أراضٍ مهيئة لبناء المزيد من المستعمرات اليهودية.

كلاهما ، جون بولتون و محـمد جواد ظريف ، مجرما حرب ، الأول يمارس التمييز العنصري ، والثاني يمارس التمييز الطائفي ، وبينهما قواسم مشتركة في الجوهر ومختلفة في المظهر .. دعونا نفصل سلوك كلا منهما :

جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي : عنيف في تصريحاته وحاد في مفاوضاته وعنيد في فرض آرائه ، فهو بهذا السلوك لا يصلح اساساً على رأس قيادة وخاصة الأجهزة الدبلوماسية حتى والأمنية ، لأنه يورط بلاده بمواقف يضخمها وبمواقف يستهين بها وبمواقف يهملها.فهو في كل الأحوال لا يصلح على رأس مؤسسة سيادية.

أما محـمد جواد ظريف وزير الخارجية الايراني : فهو ناعم أملس كالأفعى ظاهرياً ، وعنيف في التمييز الطائفي لحد نخاع العظم باطنياً - ويشبهه في هذه الصفات والسلوك حسن روحاني رئيس إيران الإرهابية - ويمارس اسلوب التوهيم المغلف بالكذب ، وهو مناور ومخادع يسلك طريق العناد في تصرفاته ، يأخذ ولا يعطي شيئاً ، يستثمر الموقف ويحوله إلى ورقة مضادة يطالب بها ويعاند ويجادل عليها ، وهي جدلية من أساسها لا شيء .. أمثلة على ذلك ( - فرضت أميركا حزمة عقوبات ومنها نفطية على طهران لكي تغير سلوكها العدواني على جيرانها ، وكذلك إعادة النظر بالملف النووي الايراني لسد ثغرات متعمدة فيه لها مخاطرها على العالم من جهة ، وإيقاف تطوير برنامج صواريخها الباليستية وتجاربها الصاروخية ، لأنها تتعارض مع نصوص المعاهدة النووية التي وقعت عليها إيران - ) ، عملت إيران على تدوير هذا الأمر واستثمار واقع العقوبات الاقتصادية والنفطية إلى مطلب ، ( ارفعو العقوبات لكي أفكر في موضوعة التفاوض .. ادفعو لنا ١٥ عشر مليار دولار لتمشية وضعنا الاقتصادي لكي نتمكن من التفاوض .. وإذا لم تتحرك أوربا لارغام أميركا على القبول بالمطلب الإيراني فسنقلص إلتزاماتنا الثابتة في الملف النووي ونصعد تخصيب اليورانيوم لدرجة صنع السلاح النووي ) ، وينطوي المنطق الإيراني هذا على الاعتراف ضمنياً بأن إيران ماضية في التخصيب حتى تصل إلى النتيجة وهي صنع السلاح النووي للتخويف والابتزاز السياسي ، ليس للدول العربية والإسلامية فحسب ، بل لكل دول العالم التي لا تتماشى مع النهج أو السياسة الإيرانية أو تتحفض عليها ولا تسايرها أو تعترض على توسعها في سياستها الخارجية ذات الطابع الإرهابي المزعزع لأمن المنطقة واستقرار العالم والمهدد للتجارة العالمية .. وإذا ما رضخت أوربا لهذا المطلب الايراني فما الذي سيقدمه النظام الايراني وما الذي سيخسره ؟!.

قلنا ، إن النظام الأيراني لا يقدم شيئاً ، إنما يريد كل شيء .. فهو ضعيف ويهدد ، ضعيف ويكابر ، ضعيف ومتغطرس .. تتصور هذه الشخصية وهي بهذه المواصفات المتناقضة ، أن العالم الخارجي الذي تتعامل معه ضعيف ولكنه سيستجيب ما دامت ايران في وضع الهجوم ، وكما نرى كيف استجاب الأوربيون ( ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ) لتهديدات ظريف وروحاني وتخويف جنرالاتهم الذين يزعقون ليل نهار ونباح أحدهم يقول ( القواعد وحاملات الطائرات الأمريكية تقع في مرمى صواريخنا ) !!.

إيران تنفي مسؤوليتها عن ضرب آرامكو السعودية ، والعراق ينفي أن تكون الطائرات المسيرة قد انطلقت من أراضيه - وهو ليس لديه أية سلطة على فصائل الحشد الشعبي المسلحة والمبرمجة إيرانياً ، ولم يتمكن من ردعها لأنه جزء أساسي من التكوين السياسي المذهبي الإيراني ما دام يدور في فلك إيران وطغمته الفاشيستية الطائفية ، فيما يوجه ( علي خامنئي ) الحوثيين بإعلان مسؤوليتهم عن الهجوم على نفط السعودية .. إذن : مَنْ له مصلحة في هذا الجريمة التي تمس عصب الصناعة والتجارة العالمية ؟ ، والجواب هو أن إيران لها مصلحة مباشرة ومؤكدة رسمت لها استراتيجية خاصة تحت تسمية صراعات النفط في الخليج ، تقول ( اضرب ناقلات النفط في مياه الخليج .. اضرب منشئات النفط السعودية .. واغلق الممرات بوجه الملاحة العالمية ) ، إعتقاداً من صانع القرار الايراني بأن الأمر سهل ويسير بهذه السهولة التي يؤذي بها السعودية وربما الامارات والكويت والبحرين في قابل الأيام .. ولكنه لا يدرك أبعاد ( توقف النفط الخليجي ) ، ماذا سيحصل ؟ ، هل سترفع امريكا العقوبات عنها وهل ستقوم ايران بتصدير نفطها وبطاقته التصديرية القصوى ؟ ، ايران بعملها هذا تستهدف الآتي :

١ - أن تجر المنطقة بكليتها إلى حرب إقليمية طاحنة.

٢ - أن تجعل اعتماد أميركا والغرب وغيرهم على نفطها بدلا من نفط السعودية ونفط الخليج بعد إيقافه أو تدميره.

٣ - أن ترفع اسعار النفط الى مستويات تعينها على سد جزء من إحتياجاتها.

٤ - أن تغري اكثر الدول الغربية في سوق إيرانية واعدة.

٥ - أن تتخلص من ضغط العقوبات قبل ان ينفجر ضغط الشعوب الايرانية.

٦ - أن تنفذ جزءاً خطيراً من مخطط التصعيد نحو هاوية الحرب ، كلما اقتربت ساعة موت النظام الايراني سريرياً.

السيناريو الايراني هذا فاشل من أساسه لماذا ؟ ، لأن مسببات الصراع لم يكن النفط، إنما مسببات الصراع هي السلوك الإيراني العدواني على دول المنطقة وخارجها ، وخروجها على بنود اتفاقية الملف النووي بتطوير صواريخها البالستية وتجاربها المتكررة وعدم التزامها بشروط الاتفاقية التي فيها ثغرات تهدد العالم في المستقبل إذا لم تعالج سريعاً.

فأسعار النفط قد ارتفعت نسبياً الى ٢٠% ، فخام نفط برنت ارتفع بنسبة ١١% وخام تكساس بنسبة ١٠% ، ومع ذلك فأن احتياطات السعودية من النفط تكفي لتعويض الامدادات النفطية لدول العام والتي تبلغ أكثر من ١٨٨ مليون برميل .. وهذا الأسلوب سيف ذو حدين طرفه يحز في رقبة النظام الايراني الفاشيستي المتهور لحد الموت ، والآخر يعطل مؤقتاً إمدادت النفط للعالم ولا يرتب نتائج سلبية قاتلة.

قرار استهداف الدول العربية ، عبر عقود ، ليس موجوداً على طاولة الرئيس الايراني أو وزير خارجيته ، إنما موجود على طاولة خميني ومن بعده خامنئي والذي سيأتي من بعده مرشداً يمسك بمسارين مخادعين هما :

١ - مسار الثورة وتصديرها الى الخارج بالطائفية والقوة.

٢ - ومسار الدولة التي تدار بالخداع والتضليل والمناورة والمراوغة والنفس الطويلة .. هاذان المساران تحكمهما استراتيجية ثابتة اساسها الإرهاب وإرهاب الدولة الفارسية.

التسليح ومخازن السلاح الثقيل الايرانية ، والتهديد المستمر بالرد ، ومساعي تأسيس قوة جوية للحشد الشعبي ، وطلب الحشد الشعبي المتكرر من روسيا تزويدها بالمضادات الجوية أرض - جو وإغرائها باستثمارات إحياء انبوب ( كركوك – بانياس ) النفطي بدلا من خط انبوب ( كركوك – جيهان ) ، وتعزيز قواعد الحشد الشعبي القريبة من الحدود السعودية والأردنية ، كل هذا يؤكد تفعيل إيران لجبهة العراق وتسخينها بدلا من الساحة اليمنية التي تضائل تأثيرها والسورية كذلك واللبنانية بعد تشديد العقوبات على ايران ، والتساؤل هنا هل تكفي إدانة السلوك الايراني الاجرامي ، رغم اهميتها سياسياً واعلاميا والنظام الايراني لا يكترث بكل شيء سوى مصالحه الفارسية ، والجواب ، إنها لا تكفي ويراد فعلا جمعياً يضع النظام الايراني الارهابي في دائرة المسؤولية الجنائية على المستوى الدولي .. وعلى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والأمم المتحدة ان تقود حملة قانونية من هذا الطراز لتشديد الحصار الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي وأية إجراءات من شأنها ان توقف عدوان دولة خارجة عن القانون والعرف الدوليين !!.





الجمعة ٢٧ محرم ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / أيلول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة