شبكة ذي قار
عـاجـل










الأخوة ممثلي الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية
الأخوة ممثلي فصائل الثورة الفلسطينية
الأخوة ممثلي الهيئات النقابية وهيئات المجتمع المدني
العائلة الكريمة، الأصدقاء والرفيقات والرفاق
الحضور الكريم

كم يجد المرء نفسه في وضع صعب، وهو يقف مستحضراً ذكرى رفيق رحل، قضى ردح حياته مناضلاً في صفوف حزبه الذي وهبه أغلى ما يملكه الإنسان إلا وهي الحياة.وإذا كان الموت حق في مفردات الإيمان، إلا أن الفراق صعب في مفردات الحياة، صعب على الأسرة الصغرى، وصعب على الأسرة الكبرى، والثانية أشد وطأة لأن مساحتها أوسع، ولأن خسارة الحزب بفقد مناضليه، إنما هي خسارة مركبة، خسارة المناضل بذاته الإنسانية، وخسارته بتجربته النضالية التي تشكلت بعمل تراكمي بات يملأ حياة الحزب ومسيرته بكل معطياتها الإنسانية.

من هنا، فإنه في كل مرة نفقد رفيقاً، نشعر بعبء الفراغ الذي تركه، خاصة أولئك الذين تميزوا بأدائهم النضالي وسلوكهم الاجتماعي ومعها تحولوا إلى رموز في بيئتهم ودائرة فعلهم.وإن هذا الترميز الاجتماعي والوطني أضفى على الرفاق حضوراً ارتقى فوق التباينات السياسية وفرض نفسه ليس على من كان في الموقف المؤيد وهذا بديهي بل على من هو في موقع الضد ، وهذا لا يستطيعه إلا الذين كان سلوكهم و كانت مواقفهم محكومة بضوابط المبادئ.

هذا هو حال رفيقنا "أبو بشار" الذي نحي مناسبة مرور أربعين يوماً على وفاته كما حال رفاق آخرين، افتقدهم الحزب كما أسرهم وأخرهما الرفيقان حسن البعلبكي من قرية المرج في البقاع الغربي، والرفيق جهاد كرم.

فالرفيق حسن البعلبكي، الذي خاض كل معارك الحزب النضالية وقضى في الاعتقال في السجون السورية نيفاً وثلاث سنوات، بقي حتى الرمق الأخير من حياته يكافح في صفوف الحزب في نفس الوقت الذي كان يقاوم المرض الذي نهش جسده، وهو رغم الظروف الصعبة والقاسية التي مر بها لم يهن ولم يفت عضده بل بقي حاضراً حيث تطلب الواجب النضالي حضوره.

وبالأمس القريب فارقنا رفيق عزيز، هو الرفيق المناضل المحامي والسفير جهاد كرم، الذي واكب مسيرة الحزب منذ بدايات التأسيس، ويوم مثل العراق سفيراً فوق العادة، كان سفيراً قومياً للأمة بقدراً ما كان سفير للدولة الوطنية العراقية وهو على مدى العقود التي أرخت لانضوائه في صفوف الحزب بقي دائماً في جانب الشرعية الحزبية رغم بعض الظروف الملتبسة التي عبرها الحزب في بعض محطاتها، وإذ نفتقده اليوم فإنما نفقد رفيقاً جسد حالة ضميرية في الحزب قلما أن تتكرر

بفقدان هؤلاء الرفاق، فإنه من الصعب تعويض هذه الخسارة في زمن الشح الوطني، حيث يطبق الخطاب الطائفي والمذهبي على البيئات المجتمعية، وفي زمن تتحول الطائفية من ثقافة سياسية لأطراف المنظومة السلطوية إلى ثقافة شعبية،هي أدت وتؤدي إلى تضييق مساحة الانفراج الوطني خاصة في البيئات التي باتت مغلقة وواقعة تحت تأثير خطاب أحادي الجانب.

إننا إذ نقف في هذه المناسبة لنحي مناسبة أربعينية الرفيق المناضل قاسم، فإننا نقف على هذه المنصة لنقول له ولكل الرفاق الذين فقدهم الحزب وهم يسيرون درب الجلجلة النضالية أن حزبكم الذي انخرطتم في صفوفه في سني مبكرة من عمركم وترعرعتم في مدرسته وكبرتم سناً ونضالاً وفارقتم الحياة وأنتم قابضون على جمرالموقف المبدأي سيبقى ينظر إليكم باعتباركم منارات نضالية، وأن إرثكم النضالي سيبقى خزيناً يغذي الحزب في مسيرته النضالية لتحقيق الأهداف التي ناضلتم من أجلها، أهداف الأمة في الوحدة والتقدم والتحرير وإنهاء كل أشكال الاستلاب الاجتماعي والقومي.

في ذكرى أربعين الرفيق أبا بشار الذي اكتسب حضوراً مميزاً في بيئته نعيد التأكيد بان الحزب سيبقى على ثوابت موقفه في نسج علاقات التحالف الوطني مع الرفاق والأخوة الذين نأتلف وإياهم في إطار الحراك الشعبي للإنقاذ.

هذا الحراك الذي نشدد على تفعيل حضوره السياسي والميداني، فلأن منظومة الفساد التي تمسك بمفاصل السلطة ما تزال تمعن في نهجها القمعي للمطالب الشعبية المحقة، وفي نهجها القائم على تعميم وتشريع ظاهرة الفساد السياسي والإداري، عبر نظام المحصاصة الطائفية الذي حول الدولة ومؤسساتها إلى محميات طائفية بحيث بات كل فريق يتحصن ضمن جدرانها ويحارب حتى الاستماته دفاعاً عن الامتيازات التي يحظى بها أمراء الطوائف مع بعض من زبانيتهم المنتفعين الذين تتوزع عليهم المغانم من الصفقات المشبوهة وغض النظر عن وضع اليد على الأملاك البحرية والتغاضي عن التهريب وتشريع التهرب الضريبي واستفحال ظاهرة الهدر في المال العام والأنفاق على الوفود الخارجية التي تحولت إلى وفود سياحية تجول العالم على حساب المال العام الذي "يحوش" من جيوب الفقراء وذوي الدخل المحدود.فهل يعقل أن يكون وفد لبنان إلى دورة اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة ٧٧ عضواً ووفد الصين الدولة العظمى ٢٠ عضواً، حقاً أن الذين استحوا ماتوا!!

وأما مشروع الموازنة العامة التي أحيلت إلى مجلس الوزراء، فهي وأن لم تسرب بما تنطوي عليه من أبواب، إلا أنها تبدو نسخة مستنسخة عن سابقتها، فهي بقيت بعيدة عن ملامسة مصادر الهدر الفعلي، وأبقت على النمطية السائدة في التعامل مع أبواب النفقات والإيرادات، ومعه فإن تخفيض العجز الذي اعتبر إنجازاً في الموازنة السابقة لا يعدو كونه سوى تخفيضاً دفترياً، لأن العجز ما يزال قائماً، ولأن تثقيل المالية العامة سيبقى قائماً بسبب سلف الكهرباء والتلزيم بالتراضي، وحماية مصالح حيتان المال والسياسة والكسارات والنفايات الذين باتوا يشكلون قيادة الظل للحكم مع لوبي المصارف.

من هنا، نقول أنه لا مجال لسد عجز في الموازنة العامة مع هذه الطبقة الحاكمة، ولا مجال لتغذية كاملة بالكهرباء مع هؤلاء الذين يقبضون على هذا الملف، ولا مجال لإعادة هيكلة القطاع العام وفق المعايير القانونية والموضوعية مع سلطة تتجه لخصخصة القطاع العام وتغليب التوظيف الانتخابي والزبائني على حساب معايير مؤسسات الرقابة وخاصة مجلس الخدمة المدنية والتفتيش بكل فروعه.

إنه لا مجال لإصلاح سياسي واقتصادي مع هذه الطبقة الحاكمة لأن فاقد الشيء لا يعطيه وأن هذه الطبقة بكل أطرافها أعادت إنتاج نفسها عبر قانون انتخابي هو الأسوأ في القوانين الانتخابية في العالم، ومعه ساد الفساد استشراء وبات لبنان يحتل المرتبة المتقدمة بين دول الفساد الإداري والسياسي في العالم ولا يحل بعده إلا العراق.

على هذا الأساس، فإن الطريق العام للإصلاح السياسي أن لم نقل التغيير لأجل حماية المال العام من السرقة ولتأمين سلة الضمانات الأساسية للمواطنين في المسكن والطبابة والتعليم والشيخوخة وتوفير فرص العمل والحد من هجرة الشباب، هو بإعادة تكوين السلطة على أسس وطنية ومدخلها سن قانون انتخابي وطني على أساس النسبية والدائرة الوطنية الواحدة وخارج القيد الطائفي وإسقاط الشرعية القانونية عن الأحزاب والتشكيلات الطائفية والتي هي تقسيمية بطبيعتها أياً كانت الشعارات والمواقف السياسية التي تتلطى وراءها.

من هنا، نقول أن لا خيار أمامنا، نحن قوى الحراك الشعبي للانقاذ، وأمام الهيئات النقابية وهيئات المجتمع المدني وكل القطاعات المتضررة من هذه النهج السلطوي إلا النزول إلى الشارع وتحويل الميادين إلى ساحات اعتصام شعبي للضغط على المنظومة الحاكمة وحتى لا تمرر مشاريع القوانين التي تزيد من إفقار الفقير وغني الغني وللحوؤل دون تفلت سوق العملات الذي بات ينذر بأوخم العواقب ذات الانعكاسات السلبية على القوة الشرائية للعملة الوطنية.

أما العنوانان اللذان نقاربهما أيضاً في هذه المناسبة، فهو ملف التعامل مع العدو الصهيوني وملف حقوق العمل للفلسطينيين في لبنان.

في ملف التعامل مع العدو الصهيوني ، فإن هذا الملف يجب التدقيق به جيداً وعدم مقاربته من منظار المطالبة السياسية القائمة على المقايضة مع ملفات أخرى.فهذه المسألة تختلف بطبيعتها عن الملفات الأخرى لأنها تتعلق بالأمن الوطني.ولذلك يجب التشديد في تطبيق الإجراءات العقابية والردعية لمن يثبت أنه تعامل مع العدو بملء إرادته واختياره واندمج في الأجهزة العسكرية والأمنية والاستخبارية الصهيونية.فمثل هؤلاء لا يستفيدون من أية أسباب تخفيفية ولا تسقط جرائمهم بالتقادم لثبوت ارتكابهم جرائم التعذيب والاخفاء القسري وهذه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومن يثبت اكتسابه جنسية دولة "إسرائيل" وهي دولة عدوة وفي حالة حرب مع لبنان تسقط عند الجنسية اللبنانية لأن مكتسب الجنسية الأجنبية يقسم يمين الولاء للدولة مانحه الجنسية، وعامر الفاخوري الذي هو قيد التوقيف لدى المحكمة العسكرية يجب أن يعاقب سنداً للمادة ٢٧٣ / ع وعقوبتها الإعدام لأنه ارتكب جرم الخيانة العظمى فهو خائن وليس عميلاً وحسب، وحتى يكون عبره لغيره وحتى لا تتحول الخيانة إلى وجهة نظر ويسود منطق التطبيع مع العدو.

أما العنوان الثاني وهو ملف حقوق العمل للفلسطينيين ، فإن هذا الملف لا يقارب من زاوية توفر شروط الإقامة التي تمنح لمن ينوي الاقامة في لبنان أو لمن تمنح له الإقامة لسبب أو لآخر لأن الوجود الفلسطيني في لبنان لا يندرج ضمن إطار اللجوء الإنساني والسياسي أو النزوح، إنما يقع تحت توصيف اللجوء الوطني لشعب طرد من أرضه التي اغتصبت منه وهو يناضل لأجل العودة وتمسكه بحق العودة. وطالما أن هذا الوجود يخضع لنظام خاص به ترعى قواعده جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة والاتفاقيات مع الدول المضيفة، فإنه يخضع لقواعد خاصة لجهة شروط العمل التي يجب توفرها لعمل المواطن الفلسطيني.ولهذا فإنه حق للفلسطينيين أن تتوفر له كل الظروف التي تمكنهم من ممارسة حقوقهم المدنية ومنها حق العمل.ولهذا فإن لهم الحق بممارسة العمل في إطار تنظيم نقابي خاص بهم وخاصة المهن المعتبرة مهناً حرة.

أما أن تطرح قضية العمالة الفلسطينية في سياق الضغوط التي تمارس على الفلسطينيين في مناطق الشتات ومنها لبنان وتتوقف دول وهيئات عن تقديم مساهماتها في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، فهذا لا يخدم قضية الفلسطينيين في تعزيز صمودهم برفض شروط الابتزاز عليهم للقبول بصفقات التسوية التي تصفي القضية الفلسطينية ومنها صفقة القرن وتضيف تعقيداً إلى العلاقات اللبنانية والفلسطينية والطرفان بغنى عنها.

أيها الرفاق، أيها الأخوة والأصدقاء

في هذه المناسبة العهد لرفاقنا الذين افتقدناهم أن يبقى حزبهم ورفاقهم على العهد النضالي، عهد الدفاع عن قضايا الجماهير في معترك النضال الوطني الديموقراطي، وعهد الدفاع عن الأرض في وجه مغتصبيها وفي مقاومة الاحتلال أياً كانت هويته وعنوانه، وأن نعيد التأكيد، بأن الأمة العربية التي تهددها المخاطر من المداخل والداخل من الشرق القريب والغرب البعيد، لن تستسلم ولن ترمي راية الكفاح وهي ستبقى تتصدى لكل من يهدد الأمن القومي العربي وكل من يحاول أن يسقط عن هذه الأمة هويتها القومية، الهوية الجامعة، التي بها تعرف وبها تثبت أنها عصية على الصهينة والأمركة والتفريس إنها العروبة هوية الأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة

تحية لكم وتحي للعائلة الكريمة وشكراً لكن من شاركنا إحياء هذه المناسبة والسلام عليكم.

بيروت في٢٧ / ٩ / ٢٠١٩





الجمعة ٢٧ محرم ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / أيلول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة