شبكة ذي قار
عـاجـل










في هذه الايام ونحن نعيش ثورة الشباب في العراق الذين يضربون اروع معاني الاقدام والفداء للوطن مدافعين عن حقه في الحياة الحرة الكريمة رافعين راية العروبة عالية خفاقة ليثبتوا اكثر من اي وقت مضى ان منهج الرواد الاوائل ومن تلاهم من المفكرين العروبيين ممن سخروا حياتهم للتنوير بقضايا امتهم والدفاع عنها وعن هويتها واستقلالها ، انما هو منهج حي باق ابد الدهر، تحمل رايته الاجيال تلو الاجيال باذلة في سبيل ذلك كل غال ونفيس.

من اولئك المفكرين العروبيين الاستاذ الدكتور جلال امين الذي جرى احياء ذكرى رحيله الاولى قبل ايام.

ولد جلال الدين احمد الامين في مصر عام ١٩٣٥م ، وكان الطفل السابع للعائلة التي كانت تسكن مصر الجديدة ، تخرج من الدراسة الاعدادية بمعدل ٨٣.٥ % ، وكان هو الاول في القسم الادبي على عموم مصر العربية التي كانت تسمى { المملكة المصرية } ، الامر الذي قاده لاخيتار كلية الحقوق – جامعة القاهرة لدراسة القانون والتي تخرج منها عام ١٩٥٥ ، وحصل على الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة لندن.

شغل عدة مناصب، من بينها أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، في الفترة بين عامي ١٩٦٥ إلى ١٩٧٤، كما عمل مستشاراً اقتصادياً للصندوق الكويتي للتنمية ١٩٧٤ إلى ١٩٧٨، وأستاذاً زائراً للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا ١٩٧٨ إلى ١٩٧٩، وأستاذاً للاقتصاد بالجامعات المصرية منذ ١٩٧٩ وحتى ما قبل وفاته بفترة قليلة.وله عدد كبير من الكتب والمؤلفات

من اهمها :

١. ماذا حدث للمصريين

٢. وصف مصر في نهاية القرن العشرين.

٣. عولمة القهر.

٤. عصر الجماهير الغفيرة.

٥. عصر التشهير بالعرب والمسلمين.

٦. خرافة التقدم والتاخر.

٧. مصر والمصرين في عهد مبارك ١٩٨١ ـ٢٠٠٨.

٨. كشف الاقنعة عن نظريات التنمية الاقتصادية.

٩. فلسفة علم الاقتصاد.

١٠. رحيق العمر.

١١. العولمة.

بالاضافة الى ماتقدم من نتاج فكري فان للمفكر الراحل الكثير من الدراسات والبحوث والمحاضرات والمقالات واللقاءات التلفزيونية.

التحق المفكرالراحل جلال امين بصفوف حزب البعث العربي الاشتراكي في الخمسينيات وكان اول شاب من مصر العربية ينتمي للحزب ، فمثلما كان متفوقا في دراسته الاعدادية وكان الاول على عموم البلاد ، فهو اول بعثي في جهورية مصر العربية ، كما وثقه في مذكراته التي تحمل عنوان { رحيق العمر } .

رفع الراحل شعار { الاستقلال الوطني } وكان امينا لهذا الشعار ، كما نادى باقامة المشروع الاقتصادي الوطني ، وكان من المناهضين للمؤسسات الدولية التي كانت تركز على { الخصخصة } ، ويعتقد ان الخصخصة تعني استئصال جزء من جسد المريض الذي من الممكن معالجته بلا استئصال.

لقد وصف عبد الله السناوي في مقاله بعنوان ( جلال أمين : ظاهرة فريدة لن تتكرر ) بأنه ظاهرة فريدة في الحياة الثقافية والفكرية المصرية، فهو مثقف موسوعي، مُدقق في فلسفة الحياة، يصعب تصنيفه سياسياً، لكن يمكن تصنيفه بأنه عروبي، ويميل إلى تيار اليسار، فبالرغم من أنه درس الاقتصاد، وأحد المفكرين القليلين في هذا المجال آخر ٤٠ سنة على الأقل، إلا أنه كان يهوى علم الاجتماع والظواهر الاجتماعية التي تحدث في مصر، فأحد مؤلفاته كتاب "ماذا حدث للمصريين؟" ترجم الى عدة لغات عالمية.وأكد أنه دائما كان يناقش الظواهر الاجتماعية التي تعبر عن حركة المجتمع، فكتاباته كانت تميل إلى النظريات الاجتماعية وهي التي أكسبته شعبية كبيرة في أوساط القراء.وأوضح السناوي، أن "جلال أمين" كان دائما يناهض الكيان الصهيوني، خاصة اتفاقية كامب ديفيد، كما رفض الهيمنة الاقتصادية والفكرية للولايات المتحدة الأمريكية فهو شخصية فريدة لن تتكرر، من حيث درجة الاهتمام والتفكير ونوعية الكتابات والاهتمام بالظواهر الاجتماعية.

كما وصفه ايضا الدكتور نصار عبد الله في مقاله بعنوان ( الدكتور جلال أمين : صورة من الذاكرة ) فيقول : الكثيرون من أبناء جيلي من خريجي قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية مدينون للدكتور جلال أمين بالكثير، فلقد أسعدنا الحظ فى عام ١٩٦٦ بأن يُدرس لنا لأول مرة فى تاريخ الكلية مادة : "تاريخ الفكر الاقتصادي"، .. .ومنذ المحاضرة الأولى شعرنا جميعا بأننا إزاء نموذج نادر يصعب أن يتكرر، ليس للأستاذ الجامعي فحسب، وإنما أيضا للمثقف واسع الثقافة، وكذلك للمفكر الحر النزيه الذى لا يقيم وزنا ولا يحسب حساباً إلا للحقيقة العلمية وحدها، وفوق ذلك وأهم من ذلك بالنسبة لنا أنه كان يقدم مادته العلمية في أسلوب بالغ الجاذبية والتشويق تجعلها أشبه ما تكون بالعمل الفني الممتع دون أن تفقد مع ذلك شيئاً من دقتها الأكاديمية!! .. وكثيراً ما كان يوجه إلينا أسئلة توقظ الذهن وتشحذ التفكير ولا تقل جاذبية عن الإجابات التي كان يقدمها لنا إذا ما عجزنا عن الإجابة".

القومية العربية في سفر الراحل :

في محاضرة للراحل المفكر العربي جلال امين عن القومية العربية يقول :

{ للقومية العربية معنيان من المفيد أن نميز بينهما منذ البداية، فتعبير القومية العربية ربما يستخدم للإشارة إلى العناصر والروابط المشتركة التي تجمع بين أفراد أو شعوب الأمة العربية، أو إلى شعور بالولاء الناتج من هذه العناصر المشتركة، لكنه قد يستخدم أيضاً بمعنى الحركة أو النشاط اللذين يُبذلان عمداً وعن وعي، لتحقيق مصلحة هذه الأمة، وخصوصاً فيما يتعلق بتوحيدها أو استقلالها.

أما القومية العربية اليوم، بكلا المعنيين، فهي في محنة، ذلك بأن الرابطة والولاء آخذان في الضعف والتدهور، كما أن الحركة والنشاط بهدف مقاومة هذا التدهور، أو بهدف توحيد أجزاء الأمة الممزقة، هما في خمول شديد، وقد بدآ يتراجعان.

والضعف في الناحيتين يغذي أحدهما الآخر :

فالضعف الذي يصيب الشعور بالولاء يزيد حركة التوحيد ضعفاً على ضعف، وما يصيب حركة التوحيد من ضعف يغري أفراد الأمة بالتمرد عليها يأساً وقنوطاً.

إن إسترجاع تاريخ القومية العربية خلال الخمسين عاماً الماضية لا بد من أن يقوي شعورنا بالقنوط. فبعد فترة من الازدهار بين أواسط الخمسينيات وأواسط الستينيات من القرن العشرين، من حيث ازدياد قوة الشعور بالولاء، أو ارتفاع درجة النشاط من أجل تحقيق الوحدة والاستقلال، أصيبت القومية العربية بضربات في النصف الثاني من الستينيات، ثم توالت عليها الضربات من كل اتجاه طوال الأربعين عاماً التالية، حتى كادت الدعوة إلى الوحدة، بأي صورة من الصور، تختفي من جداول أعمال السياسيين العرب وخطبهم، وأصبحت المقارنة بين مشاعر شبابنا اليوم من الوحدة، ومشاعر جيلي عندما كنا في مثل اعمارهم، تدعو إلى الأسى والدهشة في الوقت نفسه.

غير أنني أريد أن أزعم أن قراءة تاريخ القومية العربية لفترة أطول من خمسين عاماً، أي خلال قرنين كاملين، يمكن أن تخفف من هذا الشعور بالقنوط، وربما يستخلص منها أن القومية العربية، بكلا المعنيين، تمر بدورات من الإزدهار ثم الضعف، وأنها لا تسير بالضرورة، في تقدم مستمر أو انحدار مستمر، وإذا كان الأمر كذلك حقاً، فإن من المهم أن نفهم بالضبط عوامل الازدهار وعوامل الانحسار، لعلنا في هذا الفهم نستطيع وقف التدهور الراهن وإعادة الحيوية من جديد إلى الشعور بالولاء لهذه الأمة، وإلى الحركة الهادفة إلى توحيدها } .

الديمقراطية في سفر الراحل :

يعتقد جلال أمين أن التطور التكنولوجي أعطي سلطة وقدرة علي القهر لمؤسسات جديدة، منها الشركات متعددة الجنسية أو الشركات العملاقة أو الشركات التجارية أو كل من له مصلحة في غسيل المخ فأصبح القهر ألآن يأخذ صورة ليس من خلال البوليس وإنما من خلال وسائل أخري.فالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات أكذوبة يستخدمها العالم وتروجها تلك الدول العظمى ومؤسساتها لتحقيق أهداف أخرى غير التي تعلنها، وقد يتعجب البعض من هذا الرأي، لكنه حقيقي وأؤمن به ١٠٠%.لا توجد ديمقراطية ولا حريات في العالم كله، بل العكس تماما، فالعالم أصبح يسير بكل قوة في عكس اتجاه الديمقراطية.

يقول جلال أمين : { كم تغيرت الدنيا منذ كنا فى صبانا ومطلع شبابنا نتعلم ألف باء السياسة.كان هذا فى منتصف القرن الماضي، عندما اعتنقنا أفكارا عن الحرية والديمقراطية تبدو الآن ساذجة للغاية.لم يكن السبب مجرد صغر السن وقلة الدراية والتجربة، بل كان من الأسباب أن العالم كان مختلفاً جداً عنه الآن، فلم تعد الأفكار المقبولة ( بل والصحيحة ) حينئذ، مقبولة أو صحيحة اليوم

كنا نعتقد ( وهكذا قال لنا الكتّاب والمحلّلون السياسيون ) أن العقبات الأساسية أمام تحقيق الديمقراطية تتلخص فى حاكم مستبد، يفرض رأيه بالقوة، ويمنع أي معارضة، ويودع معارضيه السجون، إلى جانب شيوع درجة عالية من الفقر، تجعل الناس يقبلون الاستبداد في سبيل الحصول على لقمة العيش، ودرجة عالية من الجهل، تجعل الناس فريسة سهلة لأكاذيب الحكام.بل وتفقدهم القدرة على التمييز بين ما يحقق مصلحتهم وما لا يحققها.كان نظام الحكم في ظل الخلافة العثمانية حتى نهاية القرن التاسع عشر، أو فى ظل محمد على في مصر، في النصف الأول من ذلك القرن، مثالين واضحين للمعوقات الأساسية للديمقراطية : حاكم مستبد وفقر وجهل شائعان } .

ويؤكد على : { أنه مع حلول القرن العشرين أضيفت إلى عقبات الديمقراطية استخدام وسائل الإعلام فى خداع الناس وتضليل الناخبين.وكانت الأمثلة الصارخة على ذلك حتى منتصف القرن، استخدام جهاز جبار للدعاية من جانب ستالين فى روسيا السوفييتية، ومن جانب هتلر فى ألمانيا النازية، وموسولينى فى إيطاليا الفاشية.هكذا أصبح «غسيل المخ» أحد المعوقات الأساسية للديمقراطية، بالإضافة إلى ميل الحاكم للاستبداد، وإلى الفقر والجهل } .

ويسترسل في القول : { عندما بدأ وعينا يتفتح على ما يحدث فى العالم.كنا فى مصر ندرك أن هناك عاملاً آخر مهماً لابد أن يضاف إلى هذه العوامل، وهو الاحتلال الأجنبى، إذ كيف يمكن أن نتصور أن يسمح المحتل الأجنبي لشعب مستعمَر بأن يحظى بحكومة ديمقراطية تعبر عن آمال الناس التى لابد أن تتعارض جذرياً مع أهداف الاحتلال؟ } .

الاسلامويين في سفر الراحل :

يرى الراحل الدكتور جلال أمين : { أن ثَمَّ ‘تطور إلى الأسوأ قد لحق النظرة إلى العلاقة بين الدين والدنيا’ في خطاب التيار الديني بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، برغم اعترافه بأن هذه الثورة قد أسهمت في ‘كشف الغطاء عمَّا حدث خلال العقود الخمسة أو الستة الماضية من ازدواجية نمت وترعرعت داخل الطبقة الوسطى المصرية، ليس فقط في الزي وأنماط السلوك، بل أيضا في أماكن السكنى التي تداخل فيها الريف والحضر’، وعمُق الشرخ بين أنصار التيار الديني وأنصار التيار العلماني، على نحو ما نلمسه،مثلا، في طغيان قضية هوية الدولة ( الدولة الدينية والدولة المدنية ) على ما عداها من القضايا السياسية التي علا فيها صوت الداعية على صوت السياسي، وبرز فيها الخطاب الديني المحافظ الذي يُوظف في تجييش الأحقاد نحو القوى الليبرالية واليسارية والقومية بغية إقصائها، وفق ما صرَّح به يوماً أحد قيادات تلك الاحزاب بأنه يرفض " الفكرة الفلسفية للديمقراطية في أن الشعب هو مصدر السلطة التشريعية ".

لكنَّ هناك خطراً آخر يهدد الحياة السياسية المصرية، وينال من تماسكها وعافيتها، يأتي مما يدعوه د.جلال أمين " الإرهاب بالمصطلحات " ؛ حيث يعمد المتطرفون إلى تفسير بعض المصطلحات على هواهم، مستبعدين أي احتمال لتفسير مخالف، مستخدمين في ذلك درجة لا يستهان بها من العنف في فرض آرائهم على الآخرين، من خلال لغة متعالية خاوية من أي محتوى معرفي حقيقي } .

العولمة في سفر الراحل :

يشرح المفكر جلال امين حقيقة العولمة ومخاطرها قائلا : { انها تهديد لسعادة الانسان ورفاهيته وشعوره بالاستقرار والطمأنينة ، وشعوره بارضا عن نفسه المستمد من احترام هويته } . ومخاطر العولمة كما يعتقد تأتي من الثورة المعلوماتية التي تكتسح قيم المجتمع الاستهلاكي والتي تساهم في انتشار مايسمى بحضارة السوق التي تحول كل شيئ الى سلعة.

ويقول ايضا : { انتقادي للعولمة لا يعني بالضرورة أن لديّ بديلًاً، فالعولمة حتمية وفرضت التقارب الشديد في العالم، ومن ثم ضعفت أو محيت الهويات الثقافية.

ان حتمية العولمة لا تعني أن أحبها.كنت أتمنى أن الصلات ما بين أجزاء العالم لا تكون بهذا العنف الذي يجعل هوية تفرض نفسها على هويات أخرى بهذا الشكل.دعوتي مثلًاً للحفاظ على اللغة العربية محاولة لمقاومة ما أكرهه في العولمة }

دفاع الراحل عن الثقافة العربية :

في حوار طويل مع الراحل حول العقلية العربية والثقافة العربية والارهاب اجرته معه " دنيا الوطن" نقتطع اجاباته التي نرى انها مفيدة في هذا الوقت الذي يتعرض فيه العرب الى هجمة عالمية.

يقول الراحل : { لا يمكن الجزم بما يقال من أن العقلية العربية أكثر ميلًا بطبيعتها للفكر الغيبي والخرافي؛ فأوروبا في العصور الوسطى وحتى القرن الثامن عشر كان يسيطر عليها التفكير الغيبي، التفكير غير العلمي كان موجودًا في الغرب إذن وليس صفة في العقل العربي، مع ذلك عرف الغربيون كيف يتخلصون منه.يمكنني التأكيد على أن التخلف الاقتصادي تحديداً يجلب كل الأشياء السيئة ومنها حتى ضعف الإرادة وبالتالي نقطة البداية في رأيي تكون بحدوث إصلاح اقتصادي } .

ويقول ايضا : { أرى أن الأمرين على نفس القدر من الأهمية، لكن إصراري على نفي التخلف هو محاولة أعتقد بأنها مهمة لتجنّب ما أطلقت عليه “الشعور بالعار”، لأنه إن كان هناك خطأ فينا كعرب لن يكون هناك أيّ أمل.وللأسف كثير من مصلحينا عبر ما يقرب من مئتي سنة كان لهم رأي سلبي جدًا في العقلية العربية مثل زكي نجيب محمود الذي كان يحتقر العقلية العربية ويسعى لتمجيد أكثر من اللازم لكل شيء غربي، طه حسين كان أيضًا حريصًا على هذا الفكر لكن بدرجة أقل.والدي أحمد أمين أظن أنه لم يقع في هذا الخطأ وكانت لديه رغبة في الجمع ما بين الحسنيين؛ الأخذ بأساليب التقدم والتكنولوجيا دون أن نفقد الثقة في التراث، وأنا ميال إلى هذا الموقف لأن فقد الثقة بالنفس يفسد كل شيء } .

{ في الوقت الراهن يسيطر المستغربون على الثقافة العربية، هؤلاء الذين يقدّرون الثقافة الغربية بشكل زائد عن الحد.هذا لا ينفي أن لدينا الكثير من نقاط الضعف لكن نقاط الضعف تلك موجودة لدى كل أمة، والخطأ يكون بالاعتقاد أن ثقافتك هي الثقافة الوحيدة التي تستحق الحفاظ عليها، أو الاعتقاد بأنه لا بد من تقليد الآخرين.

لا بد من استعادة الثقة بالذات واحترام التراث الذي أعتقد بأنه لا توجد مشاكل فيه لكن المشكلة تكون في التمسك به لدرجة تعوق التقدم، ورغم وجود الانغلاق الهوياتي لدى البعض لكن ذلك لا يعني أنه نتيجة حتمية للتمسك بالتراث أو احترامه .والدي مثلًا وجيله من رواد الثقافة المصرية في القرن الماضي كانت لديهم فكرة الجمع بين التراث والمعاصرة، ودرسوا علوماً غربية وتراثاً واحترموا كليهما.

وفيما يتعلق بالموقف من الدين والهوية الدينية، هناك موقف عقائدي وموقف ثقافي؛ الموقف العقائدي يرى صاحبه أنه وحده يملك الحقيقة وما يطرحه غيره باطلًا، أما من الناحية الثقافية فكل دين يصبح جزءاً من التراث بلغته وقيمه الأخلاقية والاجتماعية إلى آخره.المتشددون والإرهابيون لا ينظرون للدين كمنتج ثقافي وإنما كعقائد ومسلمات، لكن ثقافياً يمكن النظر إلى الدين كجزء من التركيبة النفسية للشخص وهذا ما يجب الحفاظ عليه } ..

ويقول : { نعم أنا لازلت على قناعة بأن الإرهاب ليس صناعة محلية، ليس بالضرورة أميركية لكنها ليست عربية.الدول الكبيرة مثل أميركا لا تستطيع أن تعيش دون عدوّ.لقد اخترعوا الشيوعية في وقت سابق كعدوّ، بالطبع كانت الشيوعية موجودة لكنهم صنعوا منها شيئًا مخيفًا، وصوروا الشيوعيين على أنهم فزاعة، ولما انتهى الخطر الشيوعي اخترعوا الإرهاب.هذا يحقق لهم أهدفاً معينة تمكنهم من استمرار إنتاج الأسلحة وهو شيء مربح جدًا لتجار الأسلحة، كما تمكنهم من غزو بلد بحجة القضاء على الإرهاب أو السيطرة على دول مثل الخليج بحجة حمايتهم أيضا.كلمة إرهاب اختراع سخيف جدًا وسيء للغاية ويستخدم عادة لتبرير القهر.

فكرة تهديد الإرهاب للدول الأوروبية وللغرب عمومًا أجدها غير موجودة بشكل كبير، خصوصًا وأن ضحاياهم في الغرب ليسوا بنفس الكثافة العددية في الدول العربية } .

واليوم ونحن نحيي الذكرى الاولى لرحيل المفكر العروبي القومي جلال امين فاننا نستلهم من ثورة الشباب العربي في العراق والسودان والجزائر كل الثقة بأن المبادئ التي دعى اليها هؤلاء الرواد ستبقى حية تحملها الاجيال وهي تدافع عن هويتها العربية واستقلالها و حقها في العيش الكريم والديمقراطية الحقة.





الاحد ١٤ صفر ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / تشرين الاول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. فالح حسن شمخي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة