شبكة ذي قار
عـاجـل










۞ إحداهما ( مدنية ) ترتبط أحزابها بإيران لتنفيذ سياسة إيران الخارجية.

۞ والأخرى ( عسكرية ) ميليشياوية مسلحة ترتبط مع الحرس الإيراني.

۞ ماذا قال ( علي خامنئي ) بشأن المظاهرات في العراق.

۞ وماذا قال ( فالح الفياض ) بشأن هذه المظاهرات.

١ - منذ عام ٢٠٠٣ والمحاصصة التي رسخها الاستعمار الانكَلو - أميركي في العراق وهيكلها لنظام الدولة العراقية ، باتت تعني توزيع العراق حصصاً تأخذ شكل الوزارات والسفارات والمؤسسات والمنشآت ودوائر الدولة الخدمية بنظام المحاصصة ، فيما تتبع السلطات الرئاسية الثلاث هذا النظام المتفسخ أيضا ً .. فرئيس الدولة يجب أن يكون كردياً ورئيس الوزراء شيعياً ورئيس مجلس النواب سنياً ووزير الداخلية شيعياً ووزير الدفاع سنياً .. والسفارات والوزارات موزعة حسب ( الكوتة ) المثبتة رسمياً ، فهذه السفارة للكرد لا يقدم عليها أحد حتى لو تغيير السفير ، وهذه الوزارة للشيعة حصراً وتلك للسنة حصراً وحتى الدوائر والمدراء العامون والوزراء نوابهم شيعي وسني وصولاً بالمحاصصة إلى دوائر البلدية وسطوتها المطلقة على المناطق والأسواق والمحال التجارية وخرائط بناء المساكن والابتزاز والرشا والفساد بات ينخر في القاع !!.

تدير هذه الحكومة والحكومات السابقة سياسات خارجية أمريكية وإيرانية على وجه الخصوص حيث تظهر صوتاً متطابقاً مع الصوت الإيراني ومدافعاً عنه إذا ما واجه تصعيداً أو حالة اختناق مالية أو سياسية أو حالة طوارئ ، فمواقف حكومة العراق تعد نسخة طبق الأصل من السياسة الإيرانية ، فهي لا تخرج عنها ولا عن تصريحات قادتها السياسيين والعسكريين ، وتتلون حسب متطلبات المراوغة الإيرانية وخداعها ، وإذا ما ضاقت بطهران الحال هرعت حكومة بغداد إلى فتح خزائن نفطها لطهران لتخفف عن كاهلها عبء الضغوط الناجمة عن السلوك السياسي الإيراني المنحرف عن القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ، حتى بلغ الأمر بحكومة بغداد التي تدعي الاستقلال أن نذرت نفسها ( وسيطاً محايداً ) لتهدئة التوتر المسرحي بين واشنطن وطهران .. وهو إيعاز من حكومة طهران ومنها ما يتعلق بمقترحات إيران المغرضة الخاصة بأمن الخليج العربي ، والمفاوضات التي تريدها إيران مع دول الخليج تحت سطوة السلاح والتهديد باسنخدام القوة ، فيما كانت امدادات نفط كركوك تأخذ طريقها إلى كرمنشاه الإيرانية قائمة على قدم وساق في ظل العقوبات الأمريكية ، ونهب آبار نفط ( حقول مجنون ) و ( نفط خانة ) العراقية وآبار عديدة أُخرى تدعي إيران شراكتها - ولم نسمع عن ذلك في ظل الحكم الوطني - ، وحكومة العراق ساكتة بتواطئ على هذا النهب الممنهج والمنظم.

٢ - ولما كانت إيران لا تريد أن يعود الجيش العراقي الباسل - إلى مسرح الأحداث ، رغم أنه في ظل الاستعمار الأمريكي - الإيراني هو جيش ( دمج ) بمعنى خليط من العناصر العسكرية المهنية وغير المهنية وعناصر ميليشياوية - ولكنه يظل جيشاً نظامياً تخشاه إيران ، له سياقاته العسكرية الراسخة وهيكليته النظامية وعقيدته القتالية وسياقات تسليحه ، عملت إيران على تأسيس ميليشيات أحزاب مسلحة موازية للجيش انتشرت وأرهبت وقتلت وسلبت وهدمت منازل المواطنين وجرفت مزارعهم واستحوذت على الملكيات العامة والخاصة وباتت سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب بكل أطيافه .. ولكن الميليشيات هذه تريدها طهران أن تكون لها سيقاتها الخاصة تختلف عن الجيش ولها كيانات تختلف وهيكلية تنسجم مع هيكلية الحرس الإيراني لا تتلقى الأوامر من وزير الدفاع إنما من قائد الحرس الإيراني ومسؤول ما يسمى جيش ( القدس ) قاسم سليماني .. ومن هذا الواقع انبثقت فتوى ( علي السيستاني ) لتأسيس الحشد الشعبي وزجه مباشرة في معارك ( داعش ) الذي تدفقت عناصره من سوريا إلى الموصل بعد قرار القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء ( نوري المالكي ) بانسحاب قوى الجيش ( خمس فرق عسكرية وفرقة شرطة ) وترك المقرات وترك الأسلحة الثقيلة بالمليارات لكي يمكن داعش من الاستيلاء عليها والمضي نحو حزام بغداد .. هذا الواقع المخطط له إيرانياً وأمريكياً يعطي مسوغاً قوياً وذريعة لتأسيس الحشد الشعبي ويعزز قوته فيما يكرس في الوقت نفسه مفهوماً خاطئاً يوصف الجيش النظامي بالضعيف والمنهزم وحتى يوصف بالخيانة .. ومن هذا الواقع المرير عززت إيران من سطوتها عسكرياً على العراق من خلال الحشد الشعبي الذي يضم الميليشيات المسلحة الموالية لإيران وبعضها لولي الفقيه الفارسي لكي يكون الحشد الشعبي رأس الحربة تحت إمرة قاسم سليماني.

٣ - ماذا قال ( علي خامنئي ) للجماهير المنتفضة المظلومة في العراق ؟ : ( اقتحمو السفارة الأمريكية في بغداد وكر الإرهاب والمؤامرات ) .. ولم يقل شيئاً عن الضحايا الذين سقطوا بنيران قناصة الإرهاب التابعة لـ ( الخراساني ) والذين هم بإمرة ( عادل عبد المهدي ) و ( فالح الفياض ) .. ولم يذكر خامنئي شيئاً عن الفساد وانهيار الأوضاع العامة وضياع قيم الأخلاق ، وهو ( رجل دين ومرشد أعلى ويمثل ولاية الفقيه ) في الظاهر أما الباطن فهو السياسي الذي له مكانته في المحفل الماسوني في الشرق الأوسط.

٤ - ومثل ما قاله علي خامنئي قاله ( فالح الفياض ) رئيس الحشد الشعبي في بيانه السخيف الفاضح ( إن ما حصل في العراق مؤامرة خارجية يجب التصدي لها وإفشالها بكل الوسائل الممكنه لحماية الحكومة ومنجزاتها ) .. فيما كانت الضحايا من المتضاهرين يتساقطون بالعشرات برصاص القناصين الذين زرعتهم وحدة القنص التابعة لفالح الفياض وهم من تنظيم نخبة ( الخراساني ) الإيرانية وبعض قادتها من حماية عادل عبد المهدي رئيس الوزراء ، الذين سرقوا مصرف الزوية أيام كان وزيراً للنفط.

وهنا يتطابق رأي ( علي خامنئي ) بشأن المؤامرة المزعومة ، مع ما ردده ( فالح الفياض ) بوجود مؤامرة على حكومة العراق .. وهذا يعني أن لا علاقة للفياض بالعراق إنما يرتبط ارتباطاً مباشراً وقوياً بالنظام الإيراني وهو ارتباط مصير !!.

٥ - ومن أجل لملمة الفضيحة الإجرامية التي ندد بها العالم على بشاعتها ، أصدر عادل عبد المهدي عدداً من فتات الإجراءات التي لن تتحقق أبداً إنما جاءت في سياق لملمة أطراف الجريمة المروعة ، لأن الوضع لا يرتبط بتنفيذ مطالب كان ينبغي تنفيذها منذ ستة عشر عاماً ، إنما يرتبط ببنية النظام الفاسد والفاشل وبالأحزاب الموالية لإيران التي تستند إلى دستور ملغوم بالمحاصصة الطائفية والعرقية وبالولاءات الأجنبية .. فإذا لم تصحح المعادلة بصورة جذرية ، فلن يصححها توزيع فتات النهب العام لثروات العراقيين أبداً.

٦ - الجميع يعترف بأن الفساد المالي والإداري بلغا مستوى يصعب معالجته بحزمة إجراءات آنية ومتسرعة جاءت في إطار القتل بالجملة وفي إطار ميزانية موزعة حصصاً منذ البداية على أحزاب السلطة .. فكيف لسارق أو فاسد يعلن إصلاحه أو محاربته للفساد ؟ ، ومن يثق بهذا الفاسد المخاتل والمخادع أمام جملة من التجارب التي مرت على الشعب العراقي طيلة العقد والنص حيث الويلات والقهر والإذلال ومحاولات طمس الهوية وسحق الكرامة ؟ ، فالمشكلة غير المعقولة كيف للفاسد والفاسدين وهم على رأس السلطة محاربة الفساد والفاسدين ؟ ، وكيف يمكن أن تتحقق العدالة والمساواة ومحاربة الفساد والمحاصصة في إدارة الحكم ، والأحزاب السياسية لها القرار الأول والأخير في تعيين هذا الوزير وهذا السفير وتقسيم الميزانية على أساس حصة الأحزاب الحاكمة وكتلها النيابية وحصص الميليشيات المحسومة سلفاً ، فكيف لميزانية منهوبة أن تعالج مشكلة الكهرباء المأزومة منذ ستة عشر عاماً ؟ ، وكيف لحكومة الفساد أن يتحول رجالاتها الفاسدين إلى قديسين بين ليلة وضحاها نتيجة ضغط الشارع ؟ ، وكيف لحكومة الفساد أن تحقق ما يتوجب عليها تحقيقه وهي مطلوب منها إيرانياً تدمير العراق ؟ ، وإذا ما نطق المواطن يطالب بحقوقه المشروعة دولياً فتحت ميليشيات الأحزاب المجرمة النار عليه وملئت السجون بالمعتقلين ؟.

الخلاصة :

أولاً - حكومتان في عراق اليوم ، إحداهما مدنية تتعامل مع دول العالم بطريقة مراوغة وفاضحة ، وتعد أحد أقسام وزارة الخارجية الإيرانية.

ثانياً - والحكومة الأُخرى ممثلة بالحشد الشعبي الذي استقى ( شرعيته ) من حكومة فاقدة للشرعية أسبغت عليه المال والسلاح وعززت مقراته ومراكز تدريباته ومخازن أسلحته ، فضلاً عن هيكلته التي تؤكد على أنها معدة للتدمير ، فضلاً عن هيكلته التي تؤكد على أنها معدة لتهميش دور الجيش النظامي العراقي ، كما همش جيش الشاه في إيران ليحل محله الحرس الإيراني ، الذي وُكِّلت إليه مهمة تصدير الثورة وفرضها بالقوة العسكرية وبالأيديولوجيا الطائفية .. ومهمة الحشد الشعبي هي تصدير الأنموذج الإيراني السيئ إلى الدول المجاورة حين يقوى عوده ويتقوى مركزه وتتعزز هيكليته التي تضم مديريات ومراكز تدريب وتموين ومعسكرات تدريب وأكاديمية أركان لكي يكون الحشد أكبر من وزارة الدفاع تمهيداً لإلغائها حسب التخطيط الإيراني.

ثالثا ً - الحكومة المدنية فاقدة الشرعية في بغداد وتنفيذاً لقرار خامنئي بإفشال التظاهرات وتصفيتها عن طريق القوة المفرطة تنفيذاً لقرار خامنئي ، تولت ( وحدة القنص ) هذه المهمة ، فيما تولت حكومة عادل عبد المهدي تقديم الفتات من بقايا الأموال المنهوبة لمعالجة الحالة ، وهي حالة مستعصية لا تكمن فقط في الكهرباء وماء الشرب والرعاية الصحية والاجتماعية وانعدام المشاريع التنموية فحسب ، إنما تكمن في أزمة بنيوية في دستور البلاد الملغوم وبأحزابها السياسية الإسلاموية الطائفية والعرقية والمحاصصة التي دمرت العراق ونهبت ثرواته.

رابعا ً - الحكومتان المدنية الفاشلة والفاسدة والحكومة الميليشياوية الفاشيستية ، تتناغمان في سياسة خيوطها بيد ( علي خامنئي ) و ( أريج مسجدي ) و ( قاسم سليماني ) ، فيما يتولى تنفيذ الأوامر الإيرانية ( فالح الفياض - الحشد الشعبي ) و ( نوري المالكي - حزب الدعوة ) و ( قيس الخزعلي - عصائب أهل الحق ) و ( أكرم الكعبي - حركة النجباء ) و ( أبو آلاء الولائي - عصائب سيد الشهداء ) و ( أبو أكرم الماجدي - حركة الأبدال ) و ( علي الياسري - سرايا الخراساني ) ، هذه السرايا تكفلت بمهمة القنص بالتعاون مع عادل عبد المهدي رئيس الوزراء.

خامساً - تظاهرات الجياع المظلومين ليست مؤامرة خارجية .. إنها ولدت من صلب واقع المعانات ، من صلب المشهد الدامي الذي يعيشه العراقي الشيعي والسني على وجه التحديد وباقي القوميات والشرائح الوطنية الأخرى .. ما فعلته الحكومة والحكومات الطائفية السابقة من أحداث تراكمت وغدت أكداساً من المعاناة وإحصاءاتها تشير إلى أرقام مرعبة من الأرامل واليتاما والشهداء والمفقودين والمسجونين والمشردين والمعاقين والنازحين والذين هم تحت خط الفقر والذين يعتاشون على حاويات القمامة ، فيما تنهب الأحزاب السياسية الإسلاموية المليارات لتؤسس لها المكاتب والعمارات والفلل الفارهة والشركات والبنايات والأرصدة بالمليارات .. فهل أن ثورة الجياع مؤامرة ؟ ، من أنتم حتى تحاك ضدكم مؤامرة ؟ ، أنتم تخدمون إيران وأمريكا والكيان الصهيوني أيها العملاء المرتزقة ، فمن أين تأتي المؤامرة أيها اللصوص ؟.





السبت ٢٠ صفر ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تشرين الاول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة