شبكة ذي قار
عـاجـل










۞ أحمد شوتري : الصراع في الجزائر استراتيجي وخطير جدا
۞ الأزمة في الجزائر في طريق الحل بعد الانتخابات الرئاسية
۞ الجزائر أمانة اليوم بين أيدي الناخبين
۞ تأثير اللوبي الفرانكوفيلي على القرار السياسي كبير جدا
۞ نحن نعمل على تطبيع العلاقات ما بين دول المغرب العربي
۞ يمكن مواجهة ما يسمى "صفقة القرن" بالعمل الوحدوي

أجرى الحوار : علي المرعبي

لأن الجزائر في مرحلة تؤسس لمستقبل يتمناه الجميع، ان يكون المدخل السليم لبناء دولة المؤسسات و القانون و العدالة، مما يتيح أيضا فرص العمل للشباب الجزائري الذي يعاني من البطالة و التهميش، و يوصل الجزائر الى مواضع اكثر إشراقا، على الصعيد الوطني و المغاربي و العربي و الدولي.

هذه المقابلة تكتسب أهمية مضافة، بعد الإعلان عن فتح باب الرئاسيات الجزائرية، و لأن ضيفنا بات أحد المرشحين لهذه الانتخابات الهامة، و كان ترحيبنا كبيرا بالدكتور أحمد شوتري، الإنسان و الأكاديمي و المناضل الوطني و العربي .. فأهلا بك دكتور أحمد شوتري على صفحات "كل العرب" ..

ـ أولا، أتقدم بالشكر الجزيل لمجلة كل العرب، و ناشرها ورئيس تحريرها الأستاذ علي المرعبي، على الاهتمام بقضايا الأمة العربية والجزائر بشكل خاص، في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها.

ـ الى اي مسار يتوجه حراك الشعب الجزائري اليوم بعد هذه الأشهر من التحرك و إصرار البعض على تنحية كامل رموز النظام السابق؟

ـ الوضع في الجزائر الآن محكوم بثلاثة عوامل أساسية : العامل الأول داخلي، والثاني إرهاصات المتغيرات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، والعامل الثالث هو التدخل الفرنسي في الشؤون الجزائرية.

فالعامل الداخلي محكوم بالتراكمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أثرت بالسلب على الوضع الداخلي بسبب مدة حكم بوتفليقة الطويلة، ما أنتج منظومة سياسية واقتصادية فاسدة تحكمت في الوضع السياسي والاقتصادي في الجزائر تحت يافطة الإصلاحات تماشيا مع شعارات النظام الدولي الجديد، واليوم رموز هذه المنظومة في السجن في انتظار المحاكمة، والمعلومات التي تسربت من أجهزة الدولة حول هذه المنظومة الفاسدة صادمة، والتي تعكس ضخامة الفساد على حساب الشعب ومستقبل الوطن.

العامل الثاني، لقد تسببت التغيرات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة في ظهور شعارات وضغوطات ما أطلق عليه بالنظام الدولي الجديد والذي حمل شعارا كبيرا هو : محو آثار الحرب الباردة، ويعني إسقاط كل الأنظمة الاشتراكية وأحزابها ورموزها، مما كان له تأثير سلبي على الوضع في الجزائر، وشجع القوى المتماهية مع هذه الشعارات إلى الانقلاب على الرئيس الشاذلي بن جديد رحمه الله وإدخال البلاد في عشرية دموية، وصولا إلى مرحلة حكم بوتفليقة الذي صنع منظومة فاسدة تسببت في خراب الاقتصاد الوطني، على شاكلة ما حدث في روسيا في عهد الرئيس يلتسن.

العامل الثالث، هيمنت فرنسا على الجزائر بشكل أو بآخر سياسيا واقتصاديا وثقافيا منذ الاستقلال وإلى غاية وقت قريب، وأحيانا يظهر تحكمها بشكل واضح للعيان كفترة التسعينات، ومرحلة بوتفليقة، وحتى على القرارات المصيرية للبلاد عن طريق أتباعها المتموقعين في جميع دواليب الدولة، والذي يطلع على كتابات المؤرخ الخاص بالجيش الفرنسي ومذكرات الجنرال دوغول وابنه فيليب يعرف حجم الاختراق هذا.

ـ هل تعتقدون ان الحكومة و الجيش الجزائريين عملوا طيلة الأشهر الماضية على ارضاء الحراك و ان قرار اجراء انتخابات جاء بعد نفاذ كل المفاوضات و سبل الحوار؟

ـ بعد انسحاب الرئيس بوتفليقة من الحياة السياسية، وسقوط نظامه، دخلت الجزائر مرحلة جديدة تمثلت في التعاون القائم ما بين الجيش ومؤسسة الرئاسة على تطهير رموز النظام السابق الذي تسبب في الأزمة والفساد بإيداعهم في السجن تمهيدا لمحاكمتهم، وقد تطول هذه المحاكمات لشهور لكثرة وفظاعة الاتهامات الموجهة ضدهم، إلا أن الحراك تقوده قوتان رئيسيتان : الأولى هي بقايا نظام بوتفليقة ورئيس المخابرات السابق محمد مدين، المدعو توفيق، والتي تعمل على خلق الفوضى وزعزعة الاستقرار في البلاد بالتطرف في المطالب، والثانية شعبية قد تكون عفوية فيها الكثير من التيارات، تطالب بالتغيير الجذري للنظام وترفض أية إجراءات قبل رحيل رموز النظام، وهذه المطالب فيها ما يقال هي الأخرى.
المطالب الأساسية للحراك، أعتقد أنها توفرت برحيل النظام السابق والإعلان عن الانتخابات الرئاسية، وإبعاد الحكومة بتأسيس سلطة وطنية عليا مستقلة للانتخابات، وإعطاء ضمانات بأن الانتخابات ستكون حرة وشفافة.

ـ بعد الغائها مرتين، هل تتوقعون ان السلطة ستستطيع اقناع الشعب بنزاهة انتخابات ٢٢ ديسمبر؟

ـ أعتقد أن إبعاد الداخلية من العملية الانتخابية وتأسيس السلطة الوطنية للإشراف على الانتخابات ضمانات كافية لإقناع الشعب بنزاهتها، ولا أستبعد أن الطرف الآخر قد يحاول التشويش على الانتخابات باستخدام جانب من الشارع المؤطر من قبلهم، وحتى يوم الانتخابات.

فغالبية الشعب الجزائري، وكذلك الأحزاب السياسية تريد الاستقرار وتدعو إلى انتخابات رئاسية كمقدمة لاستكمال انتخاب المجالس الأخرى، كالولائية والبلدية.

ـ ما هو موقفكم من الانتخابات المقبلة و ما رأيكم في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و ماذا عن تعديل القانون العضوي للإنتخابات؟

ـ أولا عبرنا عن فهمنا لطبيعة الصراع في الجزائر منذ البداية، وأيدنا الحراك الشعبي، وتفاعلنا معه، فالصراع في الجزائر استراتيجي وخطير جدا، لأنه يدور بين بقايا فرنسا الذين كانوا مهيمنين على الدولة والاقتصاد منذ فترة طويلة، والقوى الوطنية في النخبة والجيش، وبعض الأحزاب المتمسكين بمبادئ الحركة الوطنية الجزائرية وبيان أول نوفمبر الذي يقوم على استقلالية القرار السياسي للجزائر، وشعبية النظام والعدالة الاجتماعية والخيار الحضاري العربي الإسلامي، وعليه فنحن مع الإجراءات الدستورية بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، ونعتقد أن السلطة الوطنية للانتخابات وتعديل القانون العضوي للانتخابات يضمنان بشكل كبير إجراء انتخابات حرة شفافة لأول مرة في الجزائر.

ـ هل تتوقعون ان الأزمة السياسية بالجزائر تشرف على نهايتها و ان المرور إلى جمهورية ثانية سيكون عبر طريق انتخابات ٢٢ ديسمبر؟

ـ نعم، نتوقع أن الأزمة في الجزائر في طريق الحل بعد الانتخابات الرئاسية التي حددت في ١٢ ديسمبر ٢٠١٩ تنفيذا لما نص عليه الدستور، وهو المخرج الوحيد للأزمة، بعد الحوارات التي تمت مع عدد كبير من الأحزاب والمنظمات الجماهيرية والشخصيات الوطنية رغم تحفظاتنا على نشاطها.

ـ هل هناك تدخل أجنبي بشؤون الجزائر الداخلية؟

ـ هناك محاولات محدودة من قبل فرنسا تحديدا للتدخل في الشؤون الداخلية للجزائر عن طريق عملائها في الداخل أو بضغوظ بوسائل أخرى، أما بقية دول العالم بما فيه الدول الكبرى، فأعتقد أنه لا يوجد إلى حد الآن ما يشير إلى التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر، وقد أعربت روسيا صراحة عن ذلك بالقول إن "ما يجري في الجزائر هو شأن داخلي".

ـ ما مدى قوة و تأثير جماعة الفرانكوفونية على التعليم بالجزائر و محاولة استهداف اللغة العربية؟

ـ إن تأثير اللوبي الفرانكوفيلي على القرار السياسي كبير جدا، سواء كان هذا القرار داخليا أو خارجيا، ومن مظاهره العمل على إبعاد الجزائريين عن عمقهم العربي الإسلامي، ومحاولات توجيه التربية والتعليم بإتجاه استبدال اللغة العربية باللغة الدارجة "العامية"، وشطب الكثير من الآيات القرآنية من الكتب المدرسية، وهذا يدل على حجم التأثير وقوته.

ـ كيف ترون إمكانية تطبيع العلاقات بين دول المغرب العربي، و تفعيل اتحاد المغرب العربي؟

ـ إن الخلافات الموجودة ما بين الجزائر والمغرب منذ سنوات، هي محاولات مشبوهة، لجر البلدين العربيين المهمين في المنطقة إلى صراع مفتعل وهو عمل تخريبي لخلق حالة من الفرقة بين أبناء الشعب العربي في المغرب، تماشيا مع ما يجري في المشرق العربي لإضعاف الأمة العربية لصالح الاستعمار والصهيونية وإقصاء مشروع الوحدة.

إمكانية تطبيع العلاقات ما بين دول المغرب العربي قائمة، وتتوقف على إرادة أبناء المغرب العربي، وأنظمتهم، والقوى الوطنية والقومية لديهم، ودورنا كبعثيين، أقول : نحن نعمل في هذا الاتجاه.

ـ كيف تنظر إلى مآلات الوضع بالسودان بعد تحقيق انتصار إرادة الشعب و قوى الحرية و التغيير؟

ـ نرحب بإنتفاضة شعبنا في السودان بقيادة قوى الحرية والتغيير التي أدى البعث فيها دورا رياديا، ولأول مرة تنجح القوى الحديثة في السودان بتحجيم القوى التقليدية المتخلفة والعاجزة من المشهد السياسي، والتي كانت أحد الأسباب لضعف السودان وتعطيل طاقاته.

ـ صفقة القرن و الشرق الاوسط الجديد كيف يمكن مواجهتها في ظل النظام الرسمي العربي الحالي؟

ـ يمكن مواجهة ما يسمى "صفقة القرن" والصراع في المشرق العربي والأمة ككل مع أعدائها، بالعمل الوحدوي، والتنسيق الجدي ما بين القوى الوطنية والقومية، ودعم الشعب الفلسطيني، وتحرير القرار السياسي العربي، ولعل ما حدث في السودان وما يحدث في العراق حاليا والجزائر، سيكون البداية الصحيحة للرد على المشروع الاستعماري الصهيوني في الوطن العربي.

ـ العراق و سوريا و لبنان و اليمن تحت هيمنة إيران .. ما هو السبيل للدفاع عن عروبة هذه الأقطار إزاء التوسع الايراني؟

ـ السبيل الوحيد للتصدي للهجمة الإيرانية على الوطن العربي، والتي استهدفت دولا مهمة فيه : كالعراق وسوريا ولبنان واليمن والسعودية، هو فضح المخطط الإيراني الذي يكمل المشروع الصهيوني وتعريته وتحجيمه ودعم المقاومة العربية في الأقطار المستهدفة، والبدء أولا في تحرير العراق بإسناد ثورته.

ـ بإعتبارك أمين سر قيادة قطرالجزائر لحزب البعث العربي الاشتراكي .. هل يمكن أن تعرف القارئ الجزائري و العربي عن مسيرة حزبكم بالجزائر؟

ـ البعث في الجزائر قديم، تمتد جذوره إلى الثورة الجزائرية المباركة، حينما شارك الكثير من مناضليه في الثورة وتبوء مواقع هامة فيها، وله شهداء كبار أمثال المرحومين علي الشكيري وعبد الكريم هالي على سبيل المثال لا الحصر، كما أن البعث ساهم في دعم التوجه العروبي للثورة وللدولة ومؤسسات الدولة المستقلة فيما بعد والدفاع عن اللغة العربية ومقاومة بقايا الاستعمار ومخططاتها لتحريف الثورة عن أهدافها، وما يزال البعث يعمل على حماية المشروع الوطني والدفاع عن عروبة الجزائر وخياراتها الحضارية الكبرى العروبة والإسلام.

ـ ترشحك للرئاسيات الجزائرية كانت خطوة هامة و جريئة، ما هي رسالتك للشعب الجزائري؟

رسالتي للشعب الجزائري : أولا أدعو الشعب الجزائري الكريم إلى الاهتمام والتفاعل مع حدث الانتخابات الرئاسية، والذهاب إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، وانتخاب الرجل الذي يرونه مناسبا لقيادة بلدهم، في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الجزائر.

ثانيا، أدعو الشعب الجزائري الكريم أيضا، إلى قراءة برنامجي الانتخابي بجد والتفاعل معه، ودعمي بقوة إن حاز على رضاه.

الجزائر أمانة اليوم بين أيدي الناخبين، لأن الجزائر في حاجة إلى الاستقرار والعمل والتقدم إلى الأمام، وإذا فزت في هذه الانتخابات إن شاء الله، أعدهم بالبقاء وفيا للجزائر وشعبها الكريم، ووفيا لأرواح الشهداء، وأعدهم كذلك ألا أدخر جهدا في بناء جزائر جديدة تنعم بالحرية والعدالة، والدفاع عن القيم النبيلة، والعمل على رفع المستوى المعيشي للمواطنين، والاهتمام بانشغالاتهم من خلال تنفيذ برنامجي النهضوي.
 





الجمعة ٣ ربيع الاول ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تشرين الثاني / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة