شبكة ذي قار
عـاجـل










في واحدة من أقذر وأبشع عمليات النصب على الشعب اللبناني في خضم ثورة الشعب على فاسديه ومسؤوليه منذ ما يقارب الشهرين ونيّف،

وفي تحدٍ مباشر لوزير الاقتصاد اللبناني الذي "شمَّر" عن زنوده أمام الرأي العام مؤخراً مؤكداً أن سعر رغيف الخبز لن يُمس ولن يسمح برفعه تحت طائلة العقوبات والقوانين التي تسمح له بذلك،

وأمام سوريالية المشهد الاجتماعي – الاقتصادي – المالي المتردي الذي بدأ يرزح تحته كل لبنان،

لجأ بعض أصحاب الأفران، وتحايلاً على قرار الالتزام الرسمي للخبز الأبيض المحدد بـ ١٥٠٠ ليرة للكيلوغرام الواحد، إلى ما تم وصفه اعلامياً بـ ( البدعة ) المتمثلة بتسليم المحال التجارية والسوبر ماركت ربطات من الخبز الأبيض من الحجمين : الصغير ( ٣٧٠ غراماً ) والوسط ( ٤٠٠ غرام ) بسعر ١٠٠٠ ليرة بدل ربطة الخبز العادية ذات الحجم الكبير المحددة رسمياً بألف غرام ثم تقلصت إلى ٩٠٠ غرام.

وبذلك فأن سعر الألف غرام أو الكيلو الواحد من رغيف الخبز بات يتراوح بين ٢٥٠٠ و ٢٨٠٠ ليرة وفق ما أعلنت عنه نائبة رئيس جمعية "حماية المستهلك" الدكتورة ندى نعمة التي أشارت إلى تلقي الجمعية شكاوى تتعلق بعدم توفر ربطة الخبز العادية في محال السوبر ماركت مما يجبر المستهلكين على شراء ربطتي خبز من الحجم المتوسط،

وقد أشارت الدكتورة نعمة إلى أن الطحين المدعوم في الخبز الأبيض هو نفسه المستخدم في الربطات الأخرى، الأمر الذي يعني أن أصحاب الأفران يخالفون القانون ويجنون أرباحاً على حساب المواطنين، وهذه الممارسات ليست إلا وسيلة لفرض الزيادة على الأسعار التي كانوا قد وعدوا بعدم اللجوء إليها ( المصدر الوكالات ٢١ / ١٢ / ٢٠١٩ ).

هذا على صعيد الخبز، وما يسحب بنفسه على مختلف المواد الغذائية المكدسة في المحال والسوبر ماركت والتي لجأ التجار والمحتكرون إلى رفع أسعارها أيضاً بما يزيد عن الثلاثين بالمئة من سعرها الأصلي بحجة نفاذها، في حين أن ما تم كشفه في هذا المجال يرتقي إلى مستوى الفضيحة المجلجلة إذ أن هذه المواد لم تزل مخزنة في المستودعات في الوقت الذي لجأ أصحابها إلى عرض مثيلاتها من المنتهية الصلاحيات بإضافة تاريخاً جديداً لها مستغلين حاجة الناس في هذه الأيام العصيبة.

إلى ذلك، فوجئ اللبنانيون، أن السلطة التي تعلن جهاراً نهاراً حرصها على إجبار الجميع للبيع بالليرة اللبنانية وبالسعر الرسمي المحدد وسطياً به قد ١٥٠٧ ليرات،

هي السلطة التي غضَّت النظر عن إدارة السوق الحرة في مطار بيروت التي وضعت اعلاناً عاماً حددت فيه بيع جميع منتجاتها وفق سعر محدد للدولار بـ ١٧٥٠ ليرة لبنانية، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً فاضحاً لكل ما تصدره السلطة وإعلامها ووزاراتها المعنية من بيانات يومية على الناس ثبت أنها لم تعد تثمن ولا تغني في شيء.

من هنا، فإننا نقدر عالياً ما أقدمت عليه المجاميع الشعبية الثائرة في أكثر من منطقة لبنانية، وخاصة طرابلس، لدى قيامها باعداد ( كبسات ) فجائية لعدد من المحال التجارية الكبرى والسوبر ماركت مطلِّعة على ما رفعته من نسب مئوية على المواد التي تبيعها، حيث أصرت هذه المجاميع على اصطحاب مندوبين من جمعية حماية المستهلك وأفراد من القوى الأمنية اللبنانية لمعاينة ذلك من قبل الجميع وحيث أسفرت هذه المبادرة على تسطير العديد من محاضر الضبط والغرامات بحق المخالفين وهذا ما يدعونا إلى عدم إيقاف هذه المبادرات واللجوء إلى التشهير بكل المخالفين وفضحهم أمام الرأي العام اللبناني، إضافة إلى تسمية من يتعامل بنزاهة في عمليات البيع وتشجيع الجميع على دعمهم تقديراً لنزاهتهم وعدم استغلالهم لحاجات الناس.

إن الغذاء والدواء وكل ما يتعلق بالضرورات المادية للحياة اليومية للناس، تندرج تحت خانة الخط الأحمر للأمن الاجتماعي والاقتصادي والمالي للبنانيين، والمس بها لا يدخل سوى في خانة الثورة المضادة التي تلجأ إليها السلطة وكل المتضررين من محاربة الفساد بغرض تيئيس الناس والتهويل بتجويعهم سواء بالتحكم بلقمة عيشهم أو التذرع بالظروف الأمنية لدفع نصف ما يستحق لهم من رواتب وأحياناً الثلث كما فعلتبعض المؤسسات التربوية دون أن نغفل أن عشرات وعشرات المصانع والمؤسسات قد بدأت تقفل أبوابها وتسرح عمالها بينما وزارة العمل لم تزل مكتوفة اليدين إزاء ما يجري شأنها شأن وزارة الاقتصاد وفوق هذه وتلك مصرف لبنان المركزي التي بدأ بمصادرة إبداعات اللبنانيين ليسددها لهم عبر المصارف بالتقطير وبمعدل محدود جداً كل أسبوع، من المبالغ التي لا تسد جوعاً ولا تكفي لشراء دواء أو تسديد قسط مدرسي أو سند مستحق.

فهل يتدارك كل المعنيين نذر شؤم الكارثة الاقتصادية القادمة إذا استمر شجع التجار المحتكرين واستغلالهم لقوت الناس، قبل سقوط الهيكلّ

أم أن أمام الثوار الغاضبين مهمة عاجلة لمنع حصول ذلك بتشكيل لجانهم الشعبية التي تراقب حركة السوق التجارية يوماً بيوم!

إنها لقمة العيش التي لا صمود بدونها، فحذار حذار من مصادرتها،

حذار حذار من صولة الكريم إذا جاع، فكيف بشعب عن بكرة أبيه يجوع!






السبت ١ جمادي الاولى ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / كانون الاول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة