شبكة ذي قار
عـاجـل











الذين ركبوا قارب السلامة وتقنعوا بأقنعة العقلانية والحكمة وفلسفة التوافق مع الأمر الواقع العقيمة فقبلوا بالتعاطي مع تجزئة سايكس بيكو لأمتنا العربية هم من يتحمل مسؤولية كل الكوارث التي حلت ولا زالت تحل بالأجزاء التي ولدت من رحمٍ يناصب العربَ العداء، التي صارت دولاً قاصرة في كل شيء، وأخطر مكونات قصورها هو انعدام قدرتها على حماية أمنها وأمن العرب من أهلها، لقد قزم هؤلاء الأمة، وقزموا الأجزاء التي احتفوا بها على أنها بقع مستقلة وهي ليست مستقلة تقزيماً مركباً.

وَرَثَةُ سَايْكِس بِيكُو مُسْتَعِدُّونَ لِلتَّقْسِيم
إن القوى السياسية التي قبلت وتعاطت مع تقسيمات سايكس بيكو هي ذاتها، أو الوارثون لها ولجبنها وقصور مديات قدرتها على الإبصار، هي التي تتحمل كل ما حل بأمتنا، وكل ما يحل الآن وما سيحل بها بما في ذلك جريمة الاستعداد لإعادة تقسيم المقسم سواء بصيغة الأقاليم كغطاء للتقسيم أو بصيغة الانفصال تحت أي عنوان ديني أو عرقي أو مذهبي.

حِينَ فَقَدْنَا الوَحْدَةَ فَقَدْنَا أَجْزَاءً مِنْ أُمَّتِنَا
الرجعية العربية كانت ولا زالت تتحمل الوزر الأول في فقدان العرب لعنوان وجودهم وهيبة حضورهم وسفينة عطائهم الحضاري المتمثل بالوحدة، فسايكس بيكو لم تكن تأسيساً لدول كما يتصور البعض بل كانت تهديماً للدولة العربية التي تمتد جغرافيتها وتتنوع ثرواتها ويبزغ أبناؤها علماً وتمدناً وإنسانية، فتكون ( لو كانت ) هي الدولة الأعظم والأقوى في عالم الدول العظمى والكبرى، ولما تجرأت الصهيونية على فلسطين، ولا الفارسية على الأحواز، ولما ضاعت جزر الخليج والجولان وسبتة ومليلة و لواء اسكندرون، وفوق كل هذه وتلك لما ضاعت كرامة العربي، وصار أوهن مخلوقات الله في الأرض رغم إنه يحمل كل سمات وخصال الشجاعة والكرم والكرامة والعزة والإباء والشموخ.

الطَّبَقَةُ السِّياسِيَّةُ تَتَحَمَّلُ الوَهَنَ والقُصُورَ
إن تخلف وقصور الطبقة السياسة العربية وخيانتها وعمالتها وجشعها وقصر نظرها وانسداد أفقها الفكري والعقائدي في الحديث والمعاصر من الأزمنة هي التي ضيعت الكل الشامل الجامع كما خلقه الله، المالك للقوة والمنعة ( دولة العرب الواحدة ) ، وهي التي تتحمل وهن وضعف وقصور الدول القطرية التي تسابقت للقبول بها والعمل تحت كينونتها المقزمة.

أَحْزَابُ اليَسَارِ والإِسْلامِ السِّياسِي تَجْحَدُ قَوْلَ الله
من الموجع لقلب كل عربي، في ما مضى وفي ما هو قائم الآن، أن تكون بعض أحزاب الأمة التي تطلق على نفسها صفة اليسار تؤمن بوحدة المنظومة الشيوعية وتتنكر لذاتها، فتعادي الوحدة القومية العربية، وإنه لمن سخرية الأقدار أن تكون الأحزاب التي تسمي نفسها إسلامية وهي تتنكر وتجحد قول الله جل في علاه في محكم كتابه المجيد : { إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } [الأنبياء : ٩٢]، وقال جل وعلا : { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } [المؤمنون ٥١ - ٥٢].

أُمَّتُنا أَكْثَرُ الأُمَمِ الَّتي تَمْتَلِكُ مُقَوِّماتِ الوَحْدَة
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [آل عمران : ١٠٢ - ١٠٣]، إذ يبحثون وينظرون لأمة إسلامية لا نعرف لها مقومات من مقومات الأمة ( الجغرافية والاجتماعية والتاريخية والثقافية والحضارية ) مع كامل احترامنا لالتقائها في عامل واحد هو وحدة الخالق جل في علاه، ويناضلون ويُنَظِّرون ضد وحدة الأمة العربية التي تقوم على كل المقومات المطلوبة للوحدة بين الأمم والشعوب بما في ذلك الوحدة في توحيد الخالق سبحانه بل إنهم يكفرون روادها ويجرمونهم ويتعاونون عليهم مع الأجنبي الكافر!وتجدهم أول المتفاوضين وأول المتباحثين على تقسيم الوطن الواحد البسيط إلى أقاليم.

تَثْوِيرُ النَّهْجِ القَوْمِي هُوَ الطَّريقُ إِلَى الوَحْدَةِ
إن على العرب أن يعودوا إلى وحدتهم القومية بضرب وإسقاط القطرية والرجعية واليسار المزيف والعمالة والخيانة وإعادة الاعتبار للقوى التقدمية الثورية الوحدوية، وتأسيس المزيد منها في كل أقطارهم، لتثوير النهج القومي، فمن خلال الوحدة فقط يمكننا أن نعلن ونمارس إيماننا الحقيقي العميق الأصيل وقوتنا السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية، ونحقق الديمقراطية والنماء والازدهار والتقدم ونردع التآمر والاحتلال والعبث بمقدراتنا من القريب ومن البعيد.





الاربعاء ٢٣ رجــب ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / أذار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة