شبكة ذي قار
عـاجـل











رغم اهتمام العالم قاطبة بمواجهة تسونامي الكورونا، الذي يجتاح الكرة الارضية ويحصد المزيد من الضحايا وهو ظاهرة طارئة ، تبقى قضايا الشعوب التي تواجه قهراً جماعياً ، قضايا تستحق الاهتمام وتسليط الاضواء عليها ، وحتى لاتطمسها انشدادات الانظار الى الظواهر الطارئة.ومن بين القضايا التي كانت ويجب ان تبقى موضع الاهتمام ، قضية شعب فلسطين الذي يعيش تحت ضغط الظروف القاسية التي تولدت عن اغتصاب ارضه واقتلاعه منها ودفعه الى عالم الشتات ، وما تبقى من هذا الشعب متشبثاً بأرضه ، بقي يتعرض لضغوطات متصاعدة ومتعددة الاشكال ، من التضييق المفروض على سبل النقل والانتقال ، الى المنع من السكن والتملك في مناطق محددة ، ومن مصادرة الاراضي الى هدم الاحياء السكنية وفرض التهجير والترحيل بغية تغيير التركيب الديموغرافي للمدن والقرى والاحياء التي يقطنها العرب في فلسطين المحتلة.

هذه السياسية التي يعتمدها العدو الصهيوني ليست حديثة العهد ولا بدأ تنفيذها مع اعلن ( يهودية الدولة ).بل تعود الى اليوم الذي بوشر به قبل اكثر من قرن من الزمن ، وتحول الى سياسية رسمية للحركة الصهيونية بعد اقامة دولتها على ارض فلسيطن.واذا كانت الحركة الصهيونية قد لجأت الى ارتكاب المجازر بحق سكان المدن والقرى العربية ،خاصة بعد١٩٤٨، ومجازر دير ياسين وكفر قاسم ليست الا نماذج ، فإن هذه السياسية التي تعتمد الترهيب للسكان لدفعهم الى النزوح ، بقيت تشكل نهجاً ثابتاً لحكومات العدو المتعاقبة، وقد ارفقته باجراءات تدمير بيوت الايواء واماكن العمل لدفع السكان الى النزوح وصولاً الى افراغ فلسيطن ممن تبقى من شعبها متشبثاً بارضه.وكما شكلت ايام ارتكاب مجازر كفر قاسم ودير ياسين وعلى سبيل المثال لا الحصر، اياماً سوداء في تاريخ الحركة الصهيونية ،كما الايام التي سبقت اعلان الاغتصاب ،وما حصل في سياقاته والتي نفذتها عصابات الهاغانا وغيرها ، فأن اليوم الذي حاولت فيه حكومة العدو بدء تنفيذ ترحيل سكان الجليل والناصرة وكل شمالي فلسطين ، —عبر مصادرة الاراضي وتنفيذ المرحلة الثانية من التراسفير الذي نفذ مع اعلان الاغتصاب مباشرة عام ١٩٤٨ ،وبعض منه بعد الاحتلال١٩٦٧ —، تحول الى يوم مشهود عبر ردة الفعل الفلسطيني ، والتي حولت ذاك اليوم في الثلاثين من اذار عام ١٩٧٦ ، الى يوم وطني ، ردت فيه جماهير فلسطين على اجراءات العدو ،برفع علم فلسطين على ناصيات البيوت وحيثما تواجد فلسطيني عربي في ارض فلسطين، فكان ذاك اليوم ،يوم الارض.يوم الارض ، تحول مذاك التاريخ الى يوم وطني ،يتم احياؤه سنوياً اسوة بكل الايام العظيمة التي حفل فيها التاريخ العربي في قديمه وحديثه.هو يوم بات يؤرخ له ،كيوم انطلاقة الثورة الفلسطينية في ال٦٥ ، وكيوم اعلان الاضراب الشهير في ال٣٦ الذي استمر ستة اشهر في عموم فلسيطن ، وهو ككل ايام الصمود الفلسطيني وايام انطلاق الانتفاضات الشعبية التي اسست لها انتفاضة الحجارة في ال ٨٧.يوم الارض تكمن اهميته ، انه اعاد استحضار الهوية الوطنية الفلسطنية في داخل الارض المحتلة ، وفيه اثبات ان الارض العربية في فلسطين، وان وقعت تحت الاحتلال، الا انها بقيت منشدة الى جذرها الوطني المغروس في تربة فلسطين ،ولم تستطع محاولات الحركة الصهيونية منذ تاريخ الاغتصاب وما سبقه ،أن تتنزع من شعب فلسطين هويته الوطنية.ان يوم الا ض يكتسب اهميته ايضاً ،كونه اعاد تسليط الضوء على حجم الوجود العربي في فلسطين ، والذي يتكاثر بحيث بات العرب يشكلون ثقلاً بشرياً بدأ يفرض وجوده في مجرى الحياة العامة.

وهذا الوجود الذي يتمسك بهويته الوطنية ، قادر على لعب دور كبير في خلخلة ركائز الاستقرار السياسي الداخلي للكيان الصهيوني، بحيث اذا ماتكاملت عوامل التأثير من الداخل، مع عوامل التأثير من المداخل عبر تطوير وتفعيل فعاليات المقاومة بكل اشكالها ، تكون المواجه مع العدو قد دخلت في مرحلة جديدة ، تحت عنوان اولٍ ،هو التصدي للتوسع والاستيطان ، باعتبار ( اسرائيل ) ، هي دولة قائمة بالاحتلال ومنتهكة للمواثيق الدولية التي تنص على حق الشعوب في الاستقلال وتقرير المصير.وتحت عنوان ثانٍ، هو التصدي لعنصرية الكيان الصهيوني الذي يقوم على التمييز العنصري خاصة بعد اعلانه واقراره يهودية الدولة.واذا كان العنوان الاول ، امر موكل لقوى الثورة ، فإن العنوان الثاني موكل الى الذين رفعوا علم فلسطين قبل اربعة واربعين سنة خلت في كل ربوع فلسطين.ولاجل تفعيل هذين العنوانين ،مطلوب توفير الدعم المادي والسياسي والمعنوي لشعب فلسطين في داخل الارض المحتلة وخارجها.فكما النضال من الخارج مهم ، فإن النضال من الداخل لايقل اهمية ، وفيه استحضار لمقدمات اسقاط النظام العنصري في جنوب افريقيا ،الذي تمت مواجهته باعتباره نظام ابارتهايد ، وان تراجع الامم المتحدة بضغط اميركي عن قرارها باعتبار الصهيونية شكلاً من اشكال العنصرية ، لايغير من طبيعة النظام الصهيوني العنصرية وبما يجعل من دولة ( اسرائيل ) دولة ابارتهايد.ومن يلعب الدور الاساسي في التصدي لابارتهايد كيان العدو لاسقاطه من الداخل ،هم عرب فلسطين الذين رفعوا علمها في يوم الارض ،والذي بات يوم فلسطين.فتحية لهم في يوم انتفاضتهم ، وتحية لنضالهم السياسي على قاعدة الترميز المعاكس.





الاحد ٥ شعبــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / أذار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر السياسي لطليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة