شبكة ذي قار
عـاجـل










لنيسان الخير والعطاء أثر كبير في نفوس أبناء الأمة العربية المجيدة من الذين حملوا هم أمتهم وشعبهم وتطلعوا إلى مستقبل يخلوا من الخنوع والتبعية والذل، فنيسان الخير والعطاء شهد مولد حزب البعث العربي الاشتراكي أي مولد أكبر حركة ثورية نهضت بها الأمة في تاريخها المعاصر فتحول سنويا إلى بلسم يعالج البعض من الجروح التي أصابت الأمة والشعب العربي الذي مثل احتلال العراق الجرح النازف في نفوسهم.

فالمؤتمر القومي الأول لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي انعقد عام ١٩٤٧في ( مقهى الرشيد الصيفي ) في سوريا ( لم يضم رجال طوال عراض ولا أسماء ضخمة، ولا أولو سمعة وصيت ملأوا الأرض ضجيجا حتى ضج منهم كل من عليها، ومع ذلك فقد كشف هذا المؤتمر لأعضاء الحزب ما عندهم من قابليات، وما في الحزب من إمكانيات ) ١

واليوم وبعد ٧٣ عام من النضال المستمر والخبرة المتراكمة والرموز الذين عرفهم أعضاء الحزب وعلى رأسهم القائد المؤسس و القائد الشهيد والقائد الميداني الامين العام للحزب الرفيق عزة ابراهيم حفظه الله ، نرى لزاما على البعثيين أن يحثوا الخطى باتجاه تحقيق أهداف حزبهم وامتهم بثقة عالية بالنفس والمستقبل رغم ما ترتب على الأمة من كوارث جراء الاحتلال الأمريكي والإيراني وانهيار الامن القومي العربي وما تعرض له من جرائهما ابناء العراق والامة وفي مقدمتهم كوادر الحزب ومناضليه من كوارث بدءا من الاغتيال والأسر والتعذيب والاستهداف والحرمان من ابسط الحقوق الإنسانية وتحت عنوان ما سمي باجتثاث البعث سيء الصيت الذي أصدره المحتل وطبل له العملاء، وقانون مصادرة ممتلكات الكادر المتقدم في الحزب وموظفي الدولة ممن خدموا شعبهم وساهموا ببناء نهضته التنموية وحققوا له الرفاهية والرعاية التي يشهد لها العالم كله حينها ، ذلك القانون الذي لم يشهد له التاريخ الحديث مثيل والذي سنه الرعاع الذين جلبهم المحتل من الخارج.

كان المؤتمر الأول لحزب البعث العربي الاشتراكي ( حدثا تاريخيا في حياة أعضاء الحزب وجماهير الامة العربية.فلقد أقر المؤتمر دستور الحزب الذي سجل ارقى وأجمل المبادئ التي تشبعت بها نفوس البعثيين والتي سيدعون بها العرب في أي قطر من أقطارهم إلى الانتظام في حزبهم ليحققوا به المجتمع العربي الذي صوره الدستور والذي يمثل هذا الحزب بحقيقته وتكوينه صورة مصغرة منه ) ٢

وأذا كان الحزب وعبر مؤتمره الأول قد رسم صورة الأمة نظريا في دستوره فقد ترجمها البعث عبر مسيرته العملاقة الى واقع حي واليوم يواصل الرفاق في حزب البعث ترجمتها الى واقع ملموس عبر النضال الذي يخوضونه لدحر وإجبار اكبر قوة غاشمة في العالم على الإقرار بالخطأ التاريخي الذي ارتكبته في احتلال العراق ويواصلون مسيرة التحرير من الاحتلال الايراني البغيض.

وفي هذا الظرف الحاسم الذي يجتازه الحزب ومناضليه بهمة وشجاعة فاننا نشهد اندحار العدو الاستعماري والطائفي وشعوره بالخيبة والإحباط ، نتيجة للثورة الشبابية التشرينية في العراق وثورة الشباب العربي في السودان والجزائر ولبنان ومعرفة أبناء شعبنا العربي وبخاصة في العراق حقيقة الكابوس الجاثم على صدورهم جراء ما حدث.ومن هنا يتحتم علينا اليوم أن نركز على أن معركتنا مع الاحتلال الإيراني والذيول والحكومات العميلة التي لا هم لها سوى سرقة المال العام.

علينا في مناسبة السابع من نيسان العطرة ان نعمل على الاستفادة القصوى من التجارب التي مر بها حزبنا وشعبنا العربي وان نحول هذه الدروس المستنبطة منها الى عناصر قوة تطور المسيرة وتدفعها الى الامام لضمان النصر وتحقيق الاهداف الكبرى.

لقد نهض الجيل الاول من الرفاق بمهام بدايات تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، وكان الشباب في سوريا ولبنان و العراق والاردن ومصر من السباقين إلى الانتماء إلى الحزب ثم تبعتهم الاقطار الاخرى ، وتميزوا منذ البداية بالإيمان المبدئي والعلمي بأهداف البعث في الوحدة والحرية والاشتراكية، وباندفاعهم وحماستهم للنضال على طريق تحقيقها.كما تميز تنظيم الحزب بالانضباط، فكان مثالا في الالتزام الفكري والانضباط التنظيمي.وها هم مناضلي البعث يؤكدون التزامهم العقائدي الذي تجلى بأروع صوره في رفضهم قيادة وقواعد التنازل عن الثوابت الوطنية والقومية والمبدئية للعقيدة رغم جسامة كل ما تعرضوا له من اعتقال وتعذيب يندى له جبين الانسانية واستشهاد البعض واستهداف ومصادرة والذي ما يزالون يتعرضون له الا ان صمودهم البطولي اصبح مضرب مثل لحركات التحرر في الوطن العربي والعالم.

لقد ولد البعث في الاربعينيات من القرن الماضي من رحم الأمة العربية ليتوّج حركة النهضة العربية المعاصرة والوعي الوطني والقومي الذي اخذ في التبلور منذ القرن الثامن عشر ، وليوجه العمل النضالي إلى غاية مثلى ويرتقي به إلى مفهوم قومي يعبر عن حاجات وطموحات كل الأمة العربية وأمانيها في التحرر لتأخذ زمام المبادرة كأمة عريقة حملت رسالة السماء ورسالة الحضارة الانسانية في آن إلى العالم.

ولد البعث في نيسان لينقذ شعبنا العربي من حكم المغامرين والعملاء والخانعين، ولد البعث ليعيد ثقة شعبنا العربي بنفسه ويؤكد إن هذا الشعب أهل لنوع أرقى بكثير من هذا النوع من القادة الذين يتحكمون بمقدراته، فالحكومات اليوم وفي ظل الهجمة الامبريالية الصهيونية الفارسية على أرضنا ومعتقداتنا وثوابتنا هم غرباء عنا لا يفهمون روحنا وقيمنا في الوقت الذي ينهبون فيه مواردنا ، فكانوا بذلك ليس اكثر من اذرع فتاكة تعمل على تدمير امتنا.

إن مفهوم البعث للعمل الحزبي يختلف عن غيره من المفاهيم، فالبعث كما ذكر القائد المؤسس يرى في الحزبية ( أنها تقوم على الإيمان بفكرة او عقيدة نعتبرها ممثلة لروح امتنا معبرة عن حقيقتها ملبية لحاجاتها متطلعة إلى غايتها، كما تعين لها هذه الفكرة وتلك الغاية أسلوبا معينا وخطة محكمة في العمل الاجتماعي والسياسي.فأسلوب عملنا أذن، نستمده أولا من فكرتنا القومية وثانيا من المرحلة التي تعيشها امتنا، فالعمل عندنا مرتبط بالفكرة تراقبه ويلازمها، وهو ثابت أيضا من الواقع الحسي، يجيب على ضرورات المرحلة التاريخية التي نجتازها، مرحلة ضعف وانحراف، وبدء يقظة لابد أن تزيل من وجهها العثرات، فاتجاهنا لا يقوم على أشلاء جامدة وقيم ميتة ولا بد له من أن يستقر في أعماق الأرض وأعماق المجتمع وهذا لا يكون إلا بتهديم كل الأوضاع والمفاهيم القائمة.} ٣

ولقد ناضل البعث دوماً لتهديم القيم السلبية التي عانت منها الأمة والتي يستند عليها كل مشروع استعماري لتفتيتها وخاصة في هذه المرحلة ومنها الطائفية والعرقية والنفعية والشعوبية اضافة الى ممارسة التجهيل المنظم لابناء الامة ولا سيما الشباب منهم تحت غطائها.فسعى البعث بالمقابل الى استنهاض كل ما هو ايجابي وموحِّد وعصري في حياة امتنا لتحفيز عناصر الوحدة والنهضة.

ان البعث كحزب هو ليس غاية في حد ذاته بل هو وسيلة لتحقيق غاية ابناء الامة المتطلعين لتحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية، وحمل رسالتها الخالدة من جديد.

المصادر :
١ـ نضال البعث ، الجزء الرابع ، دار الطليعة للطباعة والنشر ـ بيروت.
٢ ـ المصدر نفسه.
٣ـ نضال البعث ، مقال للرفيق المؤسس ميشيل عفلق ، دار الطليعة والنشر ـ بيروت





الجمعة ١٠ شعبــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / نيســان / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. فالح حسن شمخي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة