شبكة ذي قار
عـاجـل











مع كتابة هذه السطور، لا يبدو أن العالم قد استفاق بعد من هول كارثة الوباء الفيروسي المتفشي عالمياً، والذي اصطلح على تسميته بالجائحة أو الكورونا Covid١٩ المستجدة،

وقد انتشرت في أكثر من ٢٠٦ دولة من دول القارات الخمس وحصدت ما فوق المليون من البشر مصاباً وثلاث وخمسون ألفاً متوفياً، في آخر الإحصائيات المسجلة مساء ٢ - ٤ - ٢٠٢٠ فيما الأرقام تزداد باضطراد يوماً أثر يوم وساعة بعد ساعة، ما يشير إلى أن الهلع سيستمر وأن تداعياته ستنعكس تفاقماً في الاضطراب النفسي والاجتماعي، فضلاً عن التدهور الاقتصادي المريع، إلى حين تحديد العلاج النهائي المشغول عليه في المختبرات وصولاً إلى اللقاح المناسب الذي لن يكتمل بأيام وأسابيع وإنما يحتاج إلى أشهر وربما يمتد إلى الأبعد من ذلك يقيناً،

وبالتالي، على العالم أن يتأقلم مع كل ما يصدر من إرشادات وقائية تجنباً للعدوى لمحاصرة الوباء والتقليل من ضحاياه، بالقدر الذي تحتاج فيه البشرية جمعاء إلى التحصن الذاتي أمام كل ما يُضخ على مسامعها ليلاً نهاراً من اجتهادات ووجهات نظر تحولت بمعظمها إلى مصدر قلق عوض أن تكون عامل تهدئة، سيما وأن في بعض ما يحكى عن حقيقة هذا الفيروس يحتاج إلى عقل مخابراتي جهنمي يفسر ما يلحق بهذا الوباء من روايات تتمحور جميعها ضمن منطقين متناقضين من الاجتهاد والتحليل :

الأولى، والتي تقول أن الفيروس ما هو سوى نتاج لاحتكاك بشري مع طائر الخفاش في سوق السمك بمقاطعة ووهان بالصين الشعبية ومن هناك انطلق الوباء الذي ما زال الرئيس الأميركي يطلق عليه الفيروس الصيني، وتلك هي الرواية التي صدرت عن الحكومة الصينية.

الثانية، والتي تبنتها حتى الآن أكثر من وسيلة إعلامية ومراكز أبحاث كبرى، بعضها من داخل الولايات المتحدة الأميركية، وتفسر ما يجري بأنه تسرًّب كبير وخطير لغاز السارين من أحد المختبرات الأميركية المختصة بالأسلحة البيولوجية الإستراتيجية التي تعمل عليها منذ زمن ليس بالقريب بالتعاون مع أكثر من مختبر دولي، وأن هذا التسرب قد أصاب عدداً من الجنود الأميركيين العاملين داخل إحدى الثكنات العسكرية، فأرادت الدولة العظمى التعمية على الأمر بتواطؤ عالمي أيضاً شاركت فيه أكثر من قوة دولية كبرى تورطت في التعتيم على ما جرى دون أن تستثني هذه الوقائع، منظمة الصحة العالمية في المشاركة وهي المتهمة كما يقال بأنها تدار من قبل الولايات المتحدة الأميركية.

أمام هاتين الروايتين، يجد العالم بأسره نفسه رهين ما يصدر عن الدول والخبراء الذين يوجهون حول كيفية مواجهة هذا الوباء، وتلك التوجيهات بدورها تتمحور ضمن حزمتين أساسيتين على الإنسان أن يصدق إحداهما :

الأولى، وتقول أن هذا الفيروس قد انتشر وتمدد وبالتالي تقتضي مواجهته بالالتزام بتعليمات الحجر المنزلي وعدم المصافحة واستخدام الكمامات والتعقيم وغسيل اليدين والتباعد المتري بين الأشخاص وغير ذلك،

إلى أن يتم تطويق الوباء والتقليل من تداعياته الصحية على البشرية وهذا قد يستغرق أشهراً وقد يمتد إلى نهاية هذا العام دون أن نغفل نظرية مناعة القطيع التي تقول أن البشرية ممكن أن تتأقلم وتتعايش مع الوباء وإن كانت تبشر بأن آلاف وآلاف قد يفقدون حياتهم جراء اكتساب هذه المناعة.

الثانية وترى أنه وطالما أن هذا الفيروس ناجم عن غاز السارين كما أسلفنا فإن المدة القصوى لتلاشي هذا الغاز في سماء المعمورة يحتاج إلى فترة زمنية لا تزيد عن الأربعة أشهر، وبما أن هذا الغاز قد تسرب في شهر كانون الثاني المنصرم فإن المدة القصوى لتلاشيه هي في أواخر شهر نيسان أو ربما في الأسابيع الأولى من أيار.

مقابل كل ما تقدم من خطورة وجهنمية، تجد من يطالعك بما هو أخطر وأكثر جهنمية، وتآمراً من هذه وتلك، ليس على البشرية وحسب وإنما على الأخلاق والقيم والمثل، لمصلحة ما يسمى بنظرية البقاء للأقوى، حيث يعزي الأمر في هذا المجال إلى النظرية الداروينية ( البقاء للأصلح ) والأصلح أوروبياً وأميركياً هم فئة الشباب والقدرات الشابة الصالحة لنهضة اقتصاديات هذه الدول وذلك لن يكون سوى بالتخلص التدريجي من أعباء صناديق التعويضات والإعاشة المعيشية لكبار السن الذين تصيب أعباءهم العديد من هذه الدول بالعجز السنوي المقدر بالمليارات لاسيما في القارة الأوروبية المسماة بـ ( العجوز ) دون أن نغفل أن مسألة الضمان الاجتماعي للأميركيين هي واحدة من المسائل الكبرى ا لمختلف عليها حتى اليوم بين الجمهوريين والديمقراطيين حيث يرفض الرئيس الأميركي نظام التأمين الصحي الذي وضعه سلفه أوباما لمصلحة النظام الصحي البديل الذي ترعاه شركات التأمين.

أمام كل هذه المعطيات الخطيرة والأكثر خطورة، يبقى السؤال الأهم : أين نحن إزاء كل ذلك وما العمل وهنا لا بد من التأكيد على الحقائق التالية والتي لم يختلف عليها أحد حتى الآن :

١ - أن الجهل بطبيعة هذا الفيروس وسرعة انتشاره وتسببه في كوارث تعدَّت الصحة فأحدثت انهيارات مالية واقتصادية في أقوى اقتصاديات العالم، تقتضي التعامل معه بجدية وعدم الاستهتار في مواجهته سواء في التهويل بأنه أخذ أبعاداً لم يعد بالإمكان احتوائها أم في تسخيف الأمر والتعامل معه كأي فيروس آخر عرفته البشرية وتم احتواءه فيما بعد.

٢ - حتى نظرية ( مناعة القطيع ) التي روجت لها حكومة بريطانيا العظمى، ما لبثت أن تراجعت عنها بعد الإصابات الهائلة بهذا الفيروس، فعادت وسلمت بمسألة الحجر الإلزامي وما يتطلبه من إرشادات صحية.

٣ - ثمة بصيص أمل في الاستعانة بأدوية معروفة سابقاً واستخدمت لمعالجة حالات المالاريا مضافاً إليها المضادات الحيوية، غير أن ذلك ليس حلاً نهائياً لعلاج ناجح من المفترض أن الأبحاث جارية على قدم وساق لتأمينه في القريب العاجل.

٤ - وحيث أن هذا الفيروس لم يكشف أسراره بعد لكل خبراء الجرثوميات، على حد قول أحداهم أطباء لبنان في هذا المجال، فإن إطالة الحجر الإلزامي بانتظار توفر العلاج يدخل في نطاق الوقاية التي هي خير علاج في هذا المرحلة وحتى إشعاراً آخر.

فالبشرية تنتظر الكلمة الفصل للعلم وليس غير العلم من بيده شيفرة الخلاص بالتأكيد.





الجمعة ١٠ شعبــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / نيســان / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة