بعد الاحتلال الأمريكي الغاشم للعراق شكل المحتل مجلس الحكم على أساس المحاصصة الطائفية على حساب المصلحة العليا للعراق، وظل تسويق تلك المبررات في تشكيل الحكومات المتعاقبة العميلة جميعها بتلك الشكلية والتطبيق.
معروف أن حكومة الاحتلال هي : حكومة بلا سلطة حقيقية، إذ كان لكل طرف جانب في الحكومة، وخصوصاً أن الأطراف المشاركة في الحكومة تمتلك المال والإعلام والجغرافية، الشبه مقسمة، وهنا أصبحت الحكومة المركزية مجرد خيال دون سلطة مستقلة قوية وفاعلة، فسادت الفوضى والفساد الإداري والمالي، واحتل العراق المراتب الأولى في الفساد، ونتيجة لذلك انتشر الفقر والمرض والجهل في صفوف الشعب العراقي.
إن أبلغ وصف يمكن اطلاقه على الحكومة العراقية هي أشبه بوضع ركاب سفينة ( التايتانيك ) وهي تغرق رويداً رويداً، بينما كان ركابها يلهون بالرقص وسماع الموسيقى وكأن الأمور على سطح السفينة تسير على خير ما يرام، فالعتمة كانت تغلف الواقع السياسي البائس، ولا يختلف اثنان على القول بأن التعثر السياسي والتدهور الاقتصادي والمالي قد بلغ الذروة، وإن الأزمات موجودة على كل الصعد مما حدا بشباب العراق القيام بثورة تشرين الباسلة لإنهاء العملية السياسية برمتها وإنهاء كل أزماتها ومشاكلها، والمجيء بحكومة وطنية بعيدة عن الارتباط بالخارج والارتهان له، وبعيدة كل البعد عن المحاصصة الطائفية المقيتة.
لكن الحكومة الساذجة العميلة تعتقد بأن الوضع العراقي من الممكن أن يعود إلى ما كان عليه قبل تشرين الأول / ٢٠١٩م وأن من السهل إيقاف الثورة، متناسين مئات الشهداء وآلاف الجرحى.
إن أزمات العراق تزداد يوماً بعد يوم، وخصوصاً على المستوى السياسي والاقتصادي في ظل انخفاض أسعار النفط، فالوضع الاقتصادي خطير جداً لم يشهد مثيل له منذ سنوات الاحتلال فقد اعتادوا على أسعار النفط العالية وسرقوا كل ما دخل للعراق من موارد مالية لأنها حكومات عميلة غاب عنها الإحساس الوطني، ولم يضعوا العراق نصب أعينهم والانتباه لخطورة المرحلة وانشغلوا بتوزيع الوزرات والمناصب متناسين أن لديهم شارع متظاهر والذي يجب ألا يغيب عن أذهانهم العفنة وأن لا يستهينوا بثوار تشرين الأبطال لأنهم قبل غيرهم يعلمون التداعيات الكبيرة لهذه الثورة العملاقة، لأن ثوار العراق لن يتراجعوا عن ثورتهم مهما بلغت التضحيات وإن غداً لناظره قريب.
