شبكة ذي قار
عـاجـل










تعرضت العقائد المهاجرة وفي مقدمتها ( الأفكار ) التي حملتها الأحزاب الوافدة من مناشئها ( أوطانها الأصلية ) إلى العراق، تعرضت إلى آثار التغيير في نظمها الفكرية وتجربتها في الوسط الجماهيري الجديد الذي يتكون من ( النخب العربية ) التي واجهت هي الأخرى أحكام ( القيم النقدية ) على الصعيد الثقافي والإيديولوجي التي تنادي بها هذه العقائد الوافدة من خارج الوطن العربي.

وتعرضت بعض المشاعر القومية العربية من أخلاق وقيم واتجاهات إلى تفاعل العقيدة المتجسدة فيما عقد عليه القلب والضمير وما تدين به الإنسان واعتقاده والمعتقد الذي يسمو بالاعتقاد أو ما يعتقد الإنسان به من أفكار حتى ( ظهر الأدب المهاجر ) في الفكر القومي في العراق والوطن العربي.

وجراء تفاعل هذه العقائد والمعتقدات في كتابات المفكرين والأدباء والكتاب ظهرت ثقافة جديدة هو ما اصطلح على تسميته بالأدب المهاجر الذي كيفت مفرداته الفكرية وتفاعلت مع أزمة الفكر القومي العربي الذي يواجه معضلات كثيرة من أهمها مفردات الانتماء العربي للأدب المهاجر في العراق.

إن جذور أزمة الأدب المهاجر للعراق وأثرها على الفكر القومي ظهرت كقناعات قام ببلورتها المثقفون الذين نقلوها إلى العراق من خلال رسائل المثقفين الحضارية التي تهدف إلى تسييس بعض الحقائق الثقافية وتغريبها في المحيط الاجتماعي في العراق.

وتوزعت جذور الأدب المهاجر بين النخب الحاكمة والمثقفين في العراق والحركات الشعبية المتمثلة في التيار الحداثي المدني والتيار الديني التقليدي.

لقد غلب على الأدب المهاجر الطابع السياسي وظاهرة احترام ثوابت الواقع في العراق واحترام مقومات الأمة العربية والشرعية الشعبية واحترام مقومات القوميات الأصلية في العراق والاعتماد على جيل الوسط واحترام المستقلين في بلاد وادي الرافدين.

إن التطور العقائدي للجنس البشري وتوفر ظواهر الاستجابة في الفكر القومي العربي سواء كان في العراق أو أي مكان من أرجاء الوطن العربي وتوفر حالات القبول به أحياناً لوجود تقارب في بعض المقومات الفكرية القومية الواردة وتوافقها مع الأصلية هو الذي خلق اتجاهات متعددة في مجالات الأدب والشعر والقصة كما وسمت بها بعض المناحي الحديثة الأخرى في العراق.

وإذا اعتبرنا أن الأدب المهاجر قد ولد من رحم إيديولوجيات أخرى فإن مؤثراته يمكن تحديدها كنتائج وفي مقدمتها الحروب الإقليمية والنزاعات الداخلية، وتعدد مناطق الهجرة في داخل الوطن العربي وعدم استقرار مناطق الهجرة وتنامي الإدراك العربي القومي تجاه الأخطار المهاجرة إليه وتعدد الاتجاهات في الخطاب العربي ضد الأدب المهاجر في حين انه قد تكون معه أو ضده والعمل على فصل الحضارة العربية عن واقعها وجعلها أقل تنازعيه ليحل محلها حرب باردة أو سلام بارد.

ومن هذا المنطلق فإن تكريس الأدب المهاجر في العقلية الجماهيرية في العراق الذي تتعدد فيه الأطياف والقوميات والمعتقدات التي آلت على نفسها التزام أفكارها والدفاع عنها مهما كانت النتائج التي قد تقودها إلى التجزئة في العقل العراقي الذي تراجع باتجاه النكسة التي أضعفت المشاعر القومية وصولاً إلى الأزمة في الفكر القومي العربي في العراق الذي يواجه تحديات تستهدف الانتماء العربي الذي تأرجح بين ثبات مقومات الفكر القومي العربي الذي تعرض إلى التدفق الإعلامي الموجه إلى العقل العراقي بهدف تكوين خريطة لاتجاهات التغيير الحقيقي المتمثلة بالحركات الشعبية وفق مؤشرات منها المطالبة بعصرنة الدولة العربية حسب ما أشار إليه أحمد بهاء الدين شعبان في موضوعه الحراك السياسي في المنطقة المظاهر والمبررات خريف ٢٠٠٥ وسيطرت على النخب الميدانية للجماهير التي تشبعت عقولها بالأدب المهاجر الذي شكله في الميدان العربي ظاهرتان الأولى / بروز الثقافات ذات العقائد والثقافات ذات المعتقدات .. وبتفاعل الاثنين ظهر ( التغريب ) الواضح في الفكر العربي في العراق الذي تعرض لأبشع انهيار في التاريخ الحديث بعد الاحتلال الغربي بزعامة أمريكا لبلاد الرافدين.

وإذا كان عقل الظاهرتين أعلاه قادراً على اجتراح الحلول الواقعية الدقيقة لكل عناوين أزمة الفكر القومي العربي فإن خطاب التغريب يصاحب مسيرة الجماهير في العراق سواء كان اتجاهها وطنياً أم سائرا في ركب السلطة الحاكمة أم خلاف ذلك، ولم يكن هذا الخطاب قادراً على تطويع الواقع العربي باتجاه مرتكزاته الفكرية الوافدة معه أو تطويرها وفق اتجاهاته الوافدة من خارج الواقع العربي.

وأثارت ظاهرة التغريب في اتجاهات الفكر القومي في العراق مفاهيم استبدال القيم والمعتقدات الثقافية التي تحظى بحضور واسع في وعي وذاكرة الأجيال وقد تؤدي إلى تحويل الثقافات التي تمثل حالة انتماء المواطن العربي من تاريخ وحضارة وأرض لها وفق المفاهيم الوافدة للعراق من بلدان المهجر.

كما استبدلت بعض القيم الأخلاقية والأسرية والتربوية ذات القيم الكبيرة ببعض المفاهيم التي حلمت بها بعض الشرائح الاجتماعية بها جراء الانتماء الذي توفرت بوادر نموه في العقل العربي سواء كان في العراق أم بعموم الوطن العربي.

وأثارت ظاهرة الاغتراب كذلك عمليات الاختراق الفكري في جدار التصلب السياسي الذي التزمت به بعض العقائد التي نشأت في الواقع العربي في العراق.وظهرت ( ثقافة الخوف والاستجابة ) عند العديد من الشرائح المثقفة ( المتحزبة ) التي اقتنعت بها كذلك بعض المراجع السياسية التي كون لديها ( الوعي ) قناعة وضعت الأدب المهاجر في حرب لا يعرف أهدافها القائمون على الحكم قبل الاحتلال الأمريكي البريطاني عام ٢٠٠٣ للعراق.يضاف إلى ذلك بروز مبدأ محاربة ( القيم ) في أذهان أناس يريدون الصراع ضد أشكال العدوان الذي يهدد أزمة الفكر القومي العربي ( أمنياً ) في العراق.

كما ظهرت بوادر جديدة في ثقافة الأدب المهاجر أدت إلى تكوين أفكار تدمير ( العرب بالعرب ) أو مواطنو البلد ببعضهم البعض انطلاقاً من اعتقادهم بتعدد الاتجاهات التي اعتنقوها ويحافظون عليها ( أمنياً ) كذلك.

لقد أثر تعدد ثقافة الأدب المهاجر على تشتت الفكر القومي والموقف السياسي العملي المنطلق منه وتراجع الرأي العام الواعي في ظروف المحن والشدائد أمام تنامي خطاب ( وباء الطائفية ) وآثاره على الفكر القومي العربي في العراق.

ورغم تكون ( المناعة ) السياسية عند الجماهير في المجتمع العراقي للأوبئة الطائفية.إن انعدام بعض الأصول العرقية والاجتماعية والتي تحولت إلى بؤر للعنف والجريمة والتوتر النفسي وتكون اضحتً لظهور العديد من الأمراض والظواهر الاجتماعية الأخرى التي تحولت إلى ظهور ظاهرة الأطماع التوسعية والجرائم الانتقامية حتى تحويل المجتمع إلى مجتمع الجريمة.

ومن آثار الأدب المهاجر فساد الضمائر وتدمير الأخلاق وطمس معالم القيم الروحية ومن ثم تفتيت نظام الأسرة في العراق.كما حملت رياح الأدب المهاجر في ثناياها انتشار أفلام تتسم بالخلاعة والمجون وتدعو إلى المفاسد وإغراق العالم بصحف تفيض أعمدتها بالرذيلة والصور الخلاعية ليفسدوا ويحكموا العالم العربي ومنه العراق بالجنس والدولار.

وجسد الفكر القومي العربي في العراق ( أزمة الاغتراب ) في الموقف السياسي العملي الذي تنوعت فيها الاتجاهات التي ادت الى ( ظهور طبقة تسعى إذلال العراق و ( ظهور طبقة تعمل على رفض الوحدة الوطنية ) و ( ظهور طبقة ترفض التحريض على الانقسامات العرقية والطائفية ) و ( ظهور طبقة ترفض الاحتلال الغربي للعراق ) و ( ظهور طبقة تراجع عمليات النهوض الحضاري ) و ( ظهور طبقة انحسار النضال الجماهيري ) و ( تراجع المطالب الجماهيرية أمام رهانات أعداء الفكر القومي العربي في العراق ) و ( وضعف الطبقات الأخرى ذات الأفكار والاتجاهات القومية الحقيقية في العراق ) ..

ونخلص بالقول الى إن هذه الانقسامات في المجتمع العراقي أدت بالأعداء إلى ( استغلال الثغرات والخلافات الداخلية ) التي كونت التراجع الملموس في الوعي العام الواعي تجاه المحن التي مزقت العقل العربي الذي تراجع هو الآخر أمام هذه الهجمة الشرسة التي استهدفت كيانه القائم منذ قديم الزمان.

ولم يبق للفكر القومي العربي في العراق من ( مناعة ) تؤهله للوقوف في وجه الأوبئة الطائفية التي تنامت أفكارها بين أطياف العراقيين وأدت إلى النكسة والتراجع والانهيار في الفكر القومي العربي قبل الاحتلال الغربي للعراق.

هكذا أثرت ظواهر الاغتراب على المسار الحقيقي للفكر القومي العربي رغم ثبات معطيات الواقع العربي الوطنية والقومية أمام ثبات التيارات التي حملت الأفكار الجديدة وعلى سبيل المثال ( التيارات الماركسية والقومية والاصولية والليبرالية ) التي استهدفت تغيير الأوضاع السياسية في البلدان العربية ومنها العراق ( المتعدد القوميات ( العربية والكردية والتركمانية ) وبعض ( الطوائف ) التي تتعايش جميعها على تراب وادي الرافدين منذ أقدم العصور.





الاربعاء ١٣ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد الرفاعي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة