شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد أن لخص الرفيق القائد عزة ابراهيم سلسلة المحن والمعضلات التي سلطت على أمتنا بـ :

أولاً : اغتيال وحدة مصر وسوريا التي كانت بداية انطلاق المشروع القومي الوحدوي العربي.

ثانياً : اسقاط تجربة مصر الناصرية القومية الوحدوية.

ثالثاً : اغتيال سلطة البعث في سوريا في ردة الثالث والعشرين من شباط.

رابعاً : تطويق المقاومة الفلسطينية لإنهاء دورها المفصلي في تحرير فلسطين.

خامساً : اتفاقات كامب ديفيد ١٩٧٧ التي رسمت نقطة انطلاق التطبيع الباطل الحرام مع الكيان الصهيوني.

سادساً : فرض الحصار على العراق عام ١٩٨٩.

سابعاً : غزو العراق واحتلاله وتسليمه للاحتلال الإيراني.

وعلينا أن نقف هنا لنؤكد أن هذا ليس سرداً مجرداً وضعه القائد لأحداث جسام مرت بها الأمة بل هو يحمل جوهر عقيدة البعث التي ترى فيما تعرضت له الأمة في مختلف بقعها الجغرافية على أنه كل مترابط غير معزول الأهداف والغايات والأدوات، من جهة، ومن جهة أخرى فهو يلخص أيضاً وحدة التتالي الزمني للأحداث وتصاعدها تماهياً مع تصاعد همة العرب وازدياد وعيهم بحقوقهم وارتقاء وسائلهم الميدانية والتي كانت أعظمها تجربة العراق الوحدوية الثورية التقدمية الاشتراكية.

لم يكن التآمر وحلقاته معزولاً ولا بصيغة استهداف فردي ضد قطر بعينه بل كان مصمماً ضمن حلقات مترابطة ولمواقع تمثل وزن الأمة الأثقل كمصر وسوريا والعراق التي لولا تلك المؤامرات وتنفيذها العدواني لكانت قد اتحدت ولصار للأمة شأن آخر، من بين ملامحه الأهم تحرير فلسطين، ولذلك كان التآمر على المقاومة الفلسطينية هو تتويج للتآمر على أقطاب الأمة الثلاث وبؤر وعيها وفعلها القومي، فتحجيم المقاومة الفلسطينية وانهاؤها هدف يعزز سياسات عزل مصر والعراق وسوريا القومية واستهداف حراكها الشعبي حيثما بان منه ما هو مخيف لقوى التعاضد والتساند ضد الأمة، ألا وهي الامبريالية والصهيونية والفارسية المجوسية، ثم كان على الثلاثي المجرم أن يصل إلى ذروة التحطيم بحرب إيران على العراق ومحاصرته تمهيداً لغزوه واحتلاله.

وفي الوقت الذي يرسم فيه القائد رؤيته العلمية العميقة لما حل ويحل بالأمة فإنه لا يكتفي بالتشخيص لمواضع العلل والكسور المركبة المضاعفة بل يمضي قدماً ليستكمل شروط العلاج والمواجهة، لأن الأمة لا تستسلم ولا تخنع، فتأتي الوصفة من العراق، أي من القلعة التي ظنوا إنهم قد هدموها والسد الذي ظنوا، واهمين، أنهم ثقبوا قلبه ليمضي السيل جارفاً مغرقاً كل الجسد العربي.

إنه مقاومة البعث في العراق ونضاله وجهاده الذي يمثل بكل جدارة الرد الوطني والقومي على حزمة العداء والتآمر بكل توصيفاتها المترامية على زمن بدأ بمؤامرة افشال الوحدة وانتهى بغزو العراق، فالبعث هو الأمة، ليس لفظاً يردده عشاق البعث والأمة، بل هو واقع يتجسد بوجود البعث منافحاً ومناضلاً ومجاهداً في كل محطات ووقائع العدوان على الأمة ولأنه حمل السلاح في يوم دخول الغزاة إلى بغداد الحبيبة ليطلق المقاومة العراقية المعجزة، ولأنه الحزب الذي لم ينشأ مثل باقي القوى التقليدية الباحثة عن النفوذ والسلطة ومغرياتها بل لتحقيق آمال العرب وطموحاتهم في الوحدة والحرية والاشتراكية.

والحزب الذي يناضل لتحقيق مثل هذا الثالوث المقدس لا تعنيه السلطة وتبديل الحكام، بل يعنيه صناعة الواقع النقيض لما هو سائد ويتسم بالتخلف والانحطاط والرداءة، إننا نقول برسالية البعث وهدفه الأسمى بإقامة دولة العرب الواحدة، وهذا هو بالضبط ما يقوم به البعث ويقدم من أجله التضحيات الجسام حيث إنه يعلن عن استمرار وجود الأمة وأهدافها الإنسانية السامية العظيمة، ليس ببيانات ولا اجتماعات وندوات بل بعمل ميداني بدأ ولن يتوقف ويتصاعد ذروة بعد ذروة وقمة بعد قمة.

ودعونا نطالع معاً هذا المقطع من خطاب الشيخ العراقي العربي المقاتل المجاهد المؤمن الذي رسم فيه ما نهلناه من موجه البعثي الهادر في سطورنا أعلاه :

(( أيها الرفاق المناضلون، يا أبناء أمتنا العربية المجيدة :

كلُ تلكَ المؤامرات والتحديات والمواجهات كانت مصممة لإيقاف واجهاض أي نهوض عربي تقدمي تحرري حضاري إنساني ينهي حالة التخلف والتشرذم ويمهد لقيام كيان عربي موحد وقوي في عالم لا يرحم الضعفاء.

من هنا أيها الرفاق تفرضُ علينا ضَرورات المرحلة وخطورتها وتحدياتها المصيرية ونحن في العراق بفضل الله وبأصالة شعبنا وعمقه التاريخي والحضاري نخوض معركة الأمة كلها، علينا أن نُعيدَ التذكير بمسارات الخلاص الوطني والقومي، فنقولُ إن البعث العربي الاشتراكي لم يكن ظُهورهُ حاجةً سياسية مرحلية كغالبية الأحزاب السياسية التقليدية التي كانت ولا زالت تَظهرُ مَرحلياً ثم تختفي، أما حزبنا فقد كان وسيبقى حزباً رسالياً خالداً أبد الدهر لأن الرسالية تعني الديمومة ما دامت الأمة العربية، وتعني التطور والتجدد والانبعاث والنهوض الحضاري الإنساني الشامل والعميق للأمة وحسب متغيرات البيئة الوطنية والقومية والدولية، وهكذا يبقى البعث الرسالي ملبياً لتطلعات الأمة بكلِ عُمقِها وشمولِها وفق ضرورات ومتغيرات العصر، ولذلك يجب على الحزب الثوري الرسالي أن يضع استراتيجيات لمراحل مُتعددة وفي جَميعِ الميادين للتنفيذ وانجاز المهام الملحة وفقاً لعقيدته ومبادئه وأهدافه، وأن يضع استراتيجية عامة بعيدة المدى تحدد الخطط المرحلية المطلوبة ما دام الصراع بهذا المستوى من التعقيد والخطورة ولا يتحمل الهبات والمواقف الآنية المجتزأة، ولهذه الحقيقة فإن بعث الأمة الرسالي الحضاري الإنساني اليوم يناضل ويكافح ويجاهد ويقدم التضحيات السخية ليس من أجل استبدال نظام بنظام، وليس من أجل الترقيع والتلميع لأنظمة بالية أكل عليها الدهر وشرب، بل من أجل التغيير الشامل والعميق لواقع فاسد ومتخلف ومريض، وأمراضه مزمنة، وصولاً إلى إقامة حياة سليمة ومتجددة وناهضة نحو التطور والتقدم والازدهار، فالبعث ووفقاً لما تقدم ووفقاً لعقيدته حدد هدفه الأساس الرئيس وهو انبعاث الأمة من رقادها وسباتها الطويل والمخيف والقاتل الذي تعج فيه الأمراض والفساد والتخلف والتفتت والعمالة والخيانة والتسليم المطلق المذل المهين للأجنبي والاستسلام له، وأعلموا أيها الرفاق أن أهداف البعث وطبيعته وسمته الثورية التحررية الرسالية هي التي حددت أعداءه وخصومه وأصدقاءه وحلفاءه ومؤيديه، فالأعداء والخصوم هم من يتضرر ويخشى ويخاف حد الرعب من تحقيق أهداف البعث الرسالية، ومن استئناف الأمة العربية لدورها الحضاري الإنساني بين الأمم، تلك الأهداف السامية التي حددها البعث بدقة وعن علم ووعي وحكمة، وهي الوحدة العربية والحرية والاشتراكية، ثالوث البعث المقدس، إن أهدافَ البعث في وحدة الأمة الشاملة من محيطها إلى خليجها وحسب معطيات التطور الإنساني والبيئي والحضاري لمسيرة الانسانية، ثم حرية الأمة وتحررها واستقلالها، وحرية أبنائها، ثم نظام حياتها الشامل القائم على العلم والمعرفة وتجارب الأمة وتجارب الأمم الأخرى، وكل ذلك كفيل بتسريع مسيرة الأمة نحو استعادة دورها الحضاري الإنساني بين الأمم )) .
 





الاربعاء ١٣ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة