شبكة ذي قار
عـاجـل










تفاءل بعض المحللين السياسيين بتشكيل حكومة عراقية تحكم المنطقة الخضراء في بغداد، وبنى بعضهم هذا التفاؤل على تأييد القوى السياسية المختلفة للكاظمي، لكن البعض الآخر وجد في تكليف الكاظمي وتشكيل الحكومة حلقة فارغة في اللعبة السياسية العراقية المعقدة أصلاً، ما ينبئ بوصول العراق إلى الوضع الضبابي الغير واضح الملامح مع هذا التشكيل.

الكَاظِمي، النُّسْخَةُ المُعَدَّلَةُ مِيلِيشيَاوِياً
الكاظمي هو النسخة الثالثة والمعدلة ميليشياوياً عن الزرفي وعلاوي، فهذا الذي يتحدث عن بناء عراق مستقر بعيداً عن أي صراع في المنطقة، أمريكياً إيرانياً أو غيره، سبق أن اتهمته بعض الميليشيات المسلحة أنه يتحمل المسؤولية عن اغتيال سليماني والمهندس، من خلال تمرير معلومات للجانب الأمريكي، وكان الشخصية المستبعدة من الأحزاب والميليشيات ذات الانتماء الإيراني، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : كيف رضيت به أطراف شيعية، وكيف رضيت به أمريكا وإيران؟

أَمريكَا وَإِيرانُ وَضَمَانُ المَصَالِح
الواضح أن خيوط اللعبة في العراق متشابكة بين طرفي الصراع الأمريكي والإيراني، فلا أمريكا عازمة على تغيير جذري للعملية السياسية في العراق، ولا هي قادرة أو مستعدة لهدم العملية برمتها على رؤوس لاعبيها، لتضمن مصالحها بعيدة عن تداخل المصالح الإيرانية معها.

حُكُومَةُ خَيَارِ الاضْطِرَار
فالكاظمي لا يمكن اعتباره الخيار الأفضل بالنسبة للعملية السياسية الاحتلالية، ولكنه كما يعتبره البعض، خيار الاضطرار، فهو قادم من خارج إطار العملية السياسية، التي دخلها بطريقة التزوير أو الغش، أو الضغط الاستخباراتي، والغير قادر على امساك العصا من المنتصف بين أمريكا وإيران، إذا اعتبرناهما خصمان، وبين الأحزاب الميليشياوية وبين الشعب المنتفض، إذا اعتبرناه ينظر لمصالح الشعب.

الكاظمي بالنسبة للشعب العراقي لا يختلف عن سابقيه بشيء، فما شهدته ساحات الثورة وميادينها، وبياناتها وإعلامها يدلل أن الكاظمي لا يمكن أن يكون خياراً قابلاً للاستمرار والمضي في الحكومة.

حُكُومَةٌ وُلِدَت في الظَّلاَمِ وَخَلْفَ الكَوَالِيس
إن المثير للريبة والشك، رغم أن كل اللعبة السياسية مثيرة للريبة والشك، هو سرعة التوافق التحاصصي على تعيين رئيس حكومة، لأن تاريخ العملية السياسية الاحتلالية لم تشهد اتفاقاً بهذه السرعة على شخصية رئيس الوزراء على مدى السبعة عشر سنة من عمر الاحتلال.

فهل كان الكاظمي خياراً أمريكياً إيرانياً تم الاتفاق عليه في الكواليس؟ أم أنه الخيار الأخير للميليشيات وأحزابها بعد أن تقطعت بها السبل في الاتفاق على مرشح آخر، وهي الفرصة المناسبة للهرب من السقوط المروع الذي ينتظرها بسبب ضغط الشعب العراقي، إضافة إلى التطورات العالمية بعد جائحة كورونا وتداعياتها، لأن كل التطورات والأحداث على الساحة العراقية والإقليمية وحتى الدولية تصب في مصلحة الشعب العراقي وفرصته في التخلص من العملية السياسية ورموزها إلى الأبد.

الكَاظِمِي سَيَكْتُبُ شَهَادَةَ وَفَاةِ العَمَلِيَّةِ السِّيَاسِيَّة
لن يتمكن الكاظمي أن يحقق ما تتمناه إيران وأحزابها من تجديد حيوية النظام والعملية السياسية، وإدامة وجوده وإنعاش أدواته وتسويقه لدى الشعب العراقي، لأنه سيكتب حتماً شهادة الوفاة لهذا النظام والعملية السياسية المهترئة، ليس لأنه يريد ذلك، بل لأنه ليس قادراً على المضي إلى الأمام متحدياً غضب الشعب وثورته الباسلة.
فنهاية العملية السياسية اقتربت، لأن إعادة تدوير النفايات لم تعد تنفع مع الشعب العراقي، الذي سئم العملية السياسية ونفاياتها.





الاربعاء ٢٠ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ناصر الحريري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة