شبكة ذي قار
عـاجـل










سبعة أشهر مضين من الثورة العراقية في مشهد قل مثيله في تاريخ الثورات، تحمل فيها الثوار كل مؤامرات السلطة الجائرة ومخططاتها الخبيثة التي تمكنت إلى الآن من احتوائها وعدم احترام رأي الشعب أو الاستجابة لمطالبهم المشروعة، وعملت على تشويه صورتها ومبادئها التي أنتجتها هذه الثورة بوحدة الشعب العراقي ونبذ الطائفية ورفض كل أشكال المحاصصة والفساد، والأهم رفض الأحزاب التي جاءت مع المحتل وتعمل للمحتلين الأمريكي والإيراني.

طول مدة الثورة كان بسبب عدة عوامل أهمها المخططات الخبيثة للسلطة وأحزابها وتهديدهم للثوار والمعتصمين بالخطف والاغتيال والاعتقال والتغييب القسري، ومن العوامل أيضا انحسار أعداد المتظاهرين والمعتصمين بشكل كبير بسبب هذه التهديدات التي طالت بيوتهم وعوائلهم، إضافة إلى قلة الدعم المقدم للثوار من طعام وماء وأدوية ومستلزمات أخرى، ورفض المستشفيات استقبال جرحى التظاهر أو إجراء عمليات عاجلة لحالات الإصابة.

ومن أجل سحب البساط وركوب موجة التظاهر وبهدف القفز في الواجهة لقيادة الساحات، تمكنت السلطة والأحزاب من دس مجاميع في الساحة وتشكيل تجمعات تدعي أنها من صلب الثورة وتقودها بهدف سحب البساط من القيادات الحقيقية الموجودة سواءً بالترهيب أو الترغيب أو دفع مبالغ مالية بسيطة جداً لبعض المغرر بهم.

رغم كل المخططات الخبيثة للسلطة وأحزابها إلا أن الثورة مازالت متقدة لم تنطفئ جذوتها، ورغم الحظر الصحي والتهديدات الحكومية والميليشياوية بالقتل إلا أن الشباب المعتصم مازال متواجد وبقوة بل ويعمل على استقطاب الجماهير للحضور والمشاركة الفاعلة، وأكثر هؤلاء الشباب ومنهم من المحافظات مستمر بالاعتصام والتظاهر لفترة أكثر من ستة أشهر فمنهم من لم ير أهله طيلة هذه الفترة، وأغلبهم يعانون الفاقة المادية وانعدام كل فرص العمل والتعيين، وفيهم من يحمل شهادات عليا.

الدعم المادي للساحات أثر كثيراً على إطعامهم بسبب طول المدة وتهديد الحكومة والميليشيات للداعمين وعدم السماح بمرور الدعم بالسيطرات العامة وفي مداخل ساحة التحرير من جميع جهاتها، ومع هذا فهو لم يكن مستحيلاً عند البعض ممن آمن بالثورة وأهدافها النبيلة واستمر بالدعم من خلال التبرعات الطوعية التي ساهمت كثيراً بثبات الثوار في أماكنهم وعدم مغادرتها.

اليوم يتهيأ الجميع لاستعادة مجد الثورة التشريني واستعادة نشاطها ودورها في رفض النظام والمطالبة بإسقاطه ومنهم الكثير من يطالب بالتصعيد، ومن الواجب أن نقول إن التصعيد مطلوب في هذه المرحلة، ولكن بشرط التزام الوقاية الصحية أولاً وعدم الاندفاع وراء الدعوات المشبوهة بدفع الثوار لاقتحام المنطقة الخضراء لأنها مكيدة ومصيدة مدبرة لهم، وهو الأمر الذي لم يحن وقته بعد، ويحتاج إلى مشاركة جماهيرية كبيرة ودعم لوجستي مستمر.

أفرحني يوم الخميس الماضي موقف رجل ثمانيني ( أبو ضياء اللامي ) ذو اللحية البيضاء الوقورة وهو من أيقونات الثورة ويحمل دوماً عصا تعود لقوات الشغب أخذها منهم بالقوة حينما أرادوا ضربه وهو لم يتخلف عن أي تظاهرة ولم يتخلف عن الساحة منذ انطلاق الثورة، دخل الخيمة علينا الساعة الرابعة عصراً وهو بحالة صحية سيئة رافضاً أي دعوة لعودته إلى بيته حاملاً عصاه وحقيبة فيها صور كل شهداء الثورة ويقول : هؤلاء أبنائي كيف أنسى مواقفهم البطولية التي ضحوا بأرواحهم من أجلنا، حتى أن ابنته اتصلت عليه وأعطاني هاتفه لأجيبها وأبلغتها أنه وصل سالماً وهو بين أيدي أبنائه.

جاء هذا الرجل وهو صائم ليشارك في تظاهرة الساعة الرابعة عصراً التي تمت الدعوة لها ولا يريد التخلف عنها.

هذا واحد من مئات الحالات من الرجال والنساء، الذين لم يغادروا الساحة، والتي تحفز الشباب على الصمود والثبات والاستمرار بالثورة، ونقول إن الثورة مستمرة، وستستمر لحين طرد كل الفاسدين، واليوم شعارها الوحيد هو إسقاط النظام بأكمله ولا شعار لهدف لهم غيره وما النصر إلا من عند الله، ومن الله التوفيق.





الاربعاء ٢٠ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يونس ذنون الحاج نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة