شبكة ذي قار
عـاجـل










هو أمير المؤمنين علي بن ابي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ويكنى بأبي الحسن الهاشمي القرشي.

كان علي بن أبي طالب ذا مكانة عالية من الحكمة، والمعرفة بما يتعلق بأسرار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان المرجع الأساسي للمسلمين في أمور القضاء والفتوى، إذ كان له رأي في أغلب المسائل المتعلقة بأمور الشريعة، كما أنه حظي بمكانة مهمة عند كبار الصحابة، ومن تبعهم، إذ يستشهدون بأقواله، بالإضافة إلى أنه عرف ببلاغته وعلمه الكثير وفراسته وفطنته، فقد كان أكثر الناس علماً في زمانه، إلى جانب أنه امتلك المقدرة على فهم الكلام الغامض، ولغة الوجه، وتميز بسرعته في الرد القوي السليم.

وكان عليه السلام من أكثر الصحابة معرفة بأمور القضاء، فقد ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم علي بن ابي طالب ) ، فالصحابة إذ كانوا يرجعون إليه ويستشيرونه، فقد استشاره أبو بكر الصديق في أهل الردة، فقال له علي : إن الله جمع بين الصلاة والزكاة، ولا أرى أن تفرق بينهما، كما أخذ بمشورته عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما.

وقد كان الزهد معلماً بارزاً من معالم شخصية أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام فقد قضى حياته كلها في الزهد والعزوف عن ملذات الدنيا والانشغال بالآخرة، حتى صار زهده مضرباً للأمثال، ولا يكاد أحد أياً كان أن ينكر زهد الإمام علي سواء أيام حكومته أم قبلها، ولو أردنا ذكر الشواهد على زهده لطال بنا المقام، وسأذكر واحدة منها، بلغ الإمام علي أن عامله على البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري قد دُعي إلى وليمة قوم من أهلها، فبعث له الرسالة ( ألا وإن إماماً قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد، فوالله ما كنزت من دنياكم تبراً، ولا ادخرت من غنائمها وفراً، ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً ).

أما عبادته، كان أعبد الناس، وسيد المتهجدين، وزين الناسكين، رغم كثرة مشاغله وتزاحم المهام عليه، فكانت جبهته كثفنة البعير من كثرة مماسته الأرض وطول سجوده !!
وإذا تأملت دعواته ومناجاته ووقفت على ما فيها من تعظيم لله سبحانه وتعالى وإجلاله وتعظيمه له، وما يتضمنه من الخضوع لهيبته والخشوع لعزته، عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص، وفهمت من أي قلب خرجت، وعلى أي لسان جرت.

أما عفوه وحلمه، لم يكن أمير المؤمنين يدعو إلى العفو في كلماته فقط، بل كان قمة في العفو والحلم، حتى عن خصومه ممن تجاسروا عليه، وقال أستحي أن يغلب جهلهم علمي وذنبهم عفوي، ومسألتهم جودي.

أما حسن خلقه، كيف لا تكون أخلاق الإمام علي في قمة الحسن، وهو ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صاحب الخلق العظيم الذي أدبه الباري تعالى فأحسن تأديبه، عاشر النبي كظله واتبعه كما يتبع فصيل الناقة أثر أمه.

أما فصاحته، لا يكاد أحد ينكر بلاغة وفصاحة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فهو سيد البلغاء وإمام الفصحاء، وقال معاوية عنه ( فوالله ما سن الفصاحة والبلاغة لقريش غيره ).

وأما جهاده، فحياته كلها جهاد في سبيل الله تعالى، في مرحلة الدعوة وبعد قيام الدولة الإسلامية، وإذا كان قد وقى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مبيته على فراشه في ليلة الهجرة المباركة من أجل أن يصرف عنه شر عتاة الجاهلية، فإن علياً تحولت حياته بعد الهجرة إلى المدينة المنورة إلى حلقات متسلسلة من الجهاد النوعي، فشارك في جميع غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي اقتحم حصون خيبر ودخل عليهم عنوة، ففتح على يديه حصون اليهود الرهيبة، فكان سيفاً صارماً على أعداء الإسلام، يطحن الرؤوس ويدك الشجعان ويرعب الأبطال حتى شهد له مناوئوه ومحبوه بشجاعته وبطولاته.

لم يشهد التاريخ عهداً أعطيت فيه الحريات وتنعم الناس فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما شهده في عهد أمير المؤمنين علي عليه السلام، حيث أتاح الحريات في شتى الجوانب ولمختلف الناس حتى لأكبر معارضيه، وقدم للعالم الصورة الناصعة عن الحريات الإسلامية الأصيلة.

هذا هو الإمام علي عليه السلام، فمن يقول نحن نسير على منهجه يجب أن يلتزم بصفاته لا يسرق المال العام ولا يظلم الناس.
 





الاربعاء ٢٧ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زهراء الموسوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة